في أعقاب الكشف عن استراتيجية بوريس جونسون الجديدة، أخذت معركة بريكست الحالية تسيرعلى طريق التصعيد الى محكمة التمييز حيث ستكون المواجهة التي تحبس الأنفاس أواخر شهر أكتوبر المقبل، أي قبل أيام قليلة فقط على انقضاء مهلة الخروج من الإتحاد الأوروبي.
ويستعد الوزارء لخوض معركة قضائية كي يتفادوا مخالفة القانون بشكل صريح عندما يُفرض عليهم طلب مهلة إضافية جديدة لتنفيذ المادة 50، مع تجنّبهم في الوقت ذاته الامتثال لهذا الطلب.
وتمهد هذه "الخطة البديلة" الطريق لأزمة دستورية غير مسبوقة بعد 19 أكتوبر وهو التاريخ الذي حدده البرلمان موعداً نهائياً لتمديد المهلة الممنوحة لتنفيذ بريكست ، ويصبح بعدها التهديد بسَجن رئيس الوزراء بتهمة تحقير المحكمة احتمالاً واقعياً .
وبما أنّ المهلة النهائية للخروج من الاتحاد الأوروبي باتفاق أو من دونه تحلّ يوم عيد هالوين في 31 أكتوبر، سيكون هناك سباق مع الزمن من أجل إجبار جونسون على الذهاب إلى بروكسل قبل ذلك التاريخ ، أو إسقاطه من خلال تصويت بحجب الثقة عنه وإرسال بديل عنه.
وأدان حزب العمال الاستراتيجية واصفاً سلوك جونسون بأنه مشابه لسلوك "كل الطغاة المستبدين على الأرض عبر التاريخ" وطالبه بالامتثال "للواجب" الذي فرضه عليه البرلمان.
وتردد أن رئاسة الوزراء تدرس إحتمال توجيه رسالة الى الاتحاد الأوروبي لطلب تمديد مهلة تنفيذ بريكست، وذلك في محاولة للإلتزام بالشروط التي أقرها البرلمان هذا الاسبوع، على أن تبعث في الوقت نفسه برسالة إلى أخرى إلى الاتحاد توضح فيها أن الحكومة البريطانية لاتريد في الحقيقة أي تمديد لتلك المهلة. غير أن خبراء قانونين، بينهم المدعي العام الاسبق اللورد فالكونر، حذّروا من إرسال رسالتين من هذا النوع سيمثل انتهاكاً للقانون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فإذا تجاهل جونسون جزئياً أو كلياً شروط هذا القانون، الذي كان من المفترض أن يحصل على الموافقة الملكية يوم الإثنين الماضي، يمكن أن يؤدي تصرفههذا إلى طلب النواب مراجعة قضائية طارئة في المحاكم.
وفي هذه الحالة، ستبدأ هذه القضية غير المسبوقة في المحكمة العليا قبل أن تنتقل سريعاً بحسب التوقعات إلى محكمة التمييز ومن شبه المؤكد أن يحدث ذلك قبل 31 أكتوبر. وهذا ما دفع بوزير العدل روبرت بكلاند إلى إطلاق تحذير استثنائي بوجوب إطاعة "حكم القانون" في الوقت الذي نفى نيّته السير على خطى الوزيرة السابقة آمبر رود عبر تقديم استقالته.
وقعت هذه المواجهات قبل تعليق البرلمان لخمسة أسابيع بدءاً من نهاية يوم الإثنين الماضي، الذي شهد أيضاً فشل رئيس الوزراء مجدداً في ضمان عقد الانتخابات العامة التي يصبو إليها.
إنه صراع مرير حتى الموت بالنسبة لجونسون المؤمن بأنه وحزب المحافظين عرضةً للسحق على يد حزب بريكست في حال عدم الخروج من الاتحاد الأوروبي في نهاية أكتوبر المقبل، وهذا ما حدا به للقول بأنه يفضل أن "(تُلقى جثته) في خندق " على الرضوخ لإرادة البرلمان.
وتلخيصاً لأحداث يوم آخر من أيام أزمة بريكست الدرامية:
*حذّرت فرنسا من أنها سترفض تمديد مهلة تنفيذ المادة 50 إن لم تضع المملكة المتحدة حداً للفوضى السياسية وتخبر الإتحاد الأوروبي بما تريده؛
*قلّل المسؤول القانوني الأرفع سابقاً في بروكسيل من أهمية خطة رئيس الوزراء بعرقلة عمل الاتحاد الأوروبي كي يمسي ’غير قانوني‘، وقال إنها غير منطقية؛
*كشفت رود، التي حلّت تيريز كوفي مكانها كوزيرة للعمل ومعاشات التقاعد، أنّ الحكومة مُنعت من الحصول على استشارة قانونية في مسألة قرار تعليق البرلمان حتى 14 أكتوبر؛
*رفض وزير الخزانة ساجد جاويد استبعاد احتمال التحالف الانتخابي مع حزب بريكست من أجل ضمان الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، بعد اقتراح نايجل فاراج التوصل إلى هكذا تحالف؛
*إنتقم المحافظون من رئيس مجلس العموم جون بيركو عبر الإعلان عن عزمهم تسمية مرشح لمنافسته على مقعده في مجلس العموم خلافاً للأعراف والتقاليد؛
*تعهّد رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار بعدم تنازل بلاده في مسألة إقامة الحدود مع بريطانيا قبيل اجتماعه الأول مع السيد جونسون في العاصمة دبلن يوم الإثنين.
وكشف وزير الخارجية دومينيك راب عن الاستراتيجية الجديدة عندما أعلن نيته "اختبار حدود" القانون المشترك بين الأحزاب من أجل التصدي لتمرير بريكست من دون اتفاق وهو قانون كان من المفترض أن يحصل على الموافقة الملكية يوم الإثنين الفائت.
والقانون واضحٌ إذ ينصّ على ضرورة السعي إلى تمديد مهلة الخروج من الاتحاد الأوروبي بثلاثة أشهر على الأقلّ في حال لم يقرّ البرلمان أي اتفاق بحلول تاريخ 19 أكتوبر أو في حال لم يوافق النواب على خروج من دون اتفاق.
لكن راب قال خلال مقابلة له على برنامج صوفي ريدج يوم الأحد الماضي الذي تبثّه قناة سكاي الإخبارية "سندقّق قانونياً بتأن شديد، بما يقتضيه وما لا يقتضيه". وأضاف، في إشارة إلى المحاولتين القضائيتين لمنع تعليق البرلمان "نجحنا بالتصدي لمواجهتين قضائيتين الأسبوع الماضي".
وردّت عليه شامي تشاكرابارتي، النائب العام في حكومة الظل العمالية، قائلة "أعتقد أن هذا الموقف مستهتر ونخبوي، لأنه يعتبر بأنّ القانون الذي ينطبق على بوريس جونسون ورفاقه مختلف عن القانون الذي ينطبق على ما تبقى من الناس، وهذا مريع.. سبق لكل طاغية مستبدّ على وجه الأرض عبر التاريخ أن تحجّج بوقوف الشعب إلى جانبه كي يخالف القانون ويغلق البرلمان وما إلى ذلك".
إلى ذلك، بدأ النواب المعارضون لتنفيذ بريكست دون اتفاق بتشكيل فريق قانوني تحضيراً للتوجه إلى المحكمة من أجل إجبار جونسون على الذهاب إلى بروكسل إن اقتضت الحاجة.
وسيقدمون على الأرجح طلباً للحصول على أمرٍ قضائي يلزمه بذلك، وفي حال رفض جونسون الامتثال، سيكون من صلاحية القاضي أن يأمر بالموافقة الرسمية على طلب التمديد "بدلاً عن رئيس الوزراء".
في هذا السياق قال لورد مكدونالد، وهو مدير سابق للنيابة العامة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إنه يمكن سجن أي مواطن، بمن فيهم جونسون نفسه، في حال رفض "التراجع عن احتقار المحكمة".
وأضاف"أي رفض بعد ذلك يُعتبر احتقاراً للمحكمة ويمكن سوق ذلك الشخص إلى السجن بسببه".
© The Independent