Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتفاق على خط سكك حديد من ليبيا إلى الحدود المصرية

من المقرر أن يربط بنغازي ومرسى مطروح ويمتد مسافة 650 كيلومتراً وتنفذه شركة صينية

الحكومة الليبية التابعة للبرلمان في الشرق توقع الاتفاق على خط سكك حديد من ليبيا إلى مصر  (اندبندنت عربية)

ملخص

 يعتبر خط السكك الحديد المزمع تنفيذه من بنغازي الليبية إلى داخل الحدود المصرية الأول الذي يربط ليبيا بإحدى دول الجوار.

في خطوة غير مسبوقة أعلنت الحكومة الليبية التابعة للبرلمان في الشرق توقيع اتفاق مع ائتلاف شركات تقوده شركة السكك الحديد الصينية لإنشاء خط بطول 650 كيلومتراً، يمتد من مدينة بنغازي حتى مدينة مرسى مطروح المصرية، ليكون أول خط قطارات في التاريخ يربط بين ليبيا وإحدى الدول المجاورة لها.

ويعد هذا المشروع الأول من نوعه في ليبيا، ويُنتظر بحسب وزارة الاستثمار في حكومة أسامة حماد أن تجني من ورائه البلاد فوائد اقتصادية كبيرة، ليس في قطاع النقل والمواصلات وتسهيل حركة التنقل مع مصر فقط، بل أيضاً في تعزيز مستوى التبادل التجاري بين البلدين، لأنه سيتكون من خطين متوازيين أحدهما لنقل الركاب والثاني لحمل البضائع التجارية.

خط سير المشروع

وتسلّم ائتلاف الشركات العالمية الذي تقوده شركة سكك الحديد الصينية والمسمى اختصاراً (BFI) خلال المؤتمر الصحافي الذي جرى في بنغازي، البيانات الأولية الكاملة لخط سير المشروع ومواصفاته الفنية من وزارة الاستثمار في حكومة أسامة حماد وجهاز تنفيذ سكك الحديد الليبي، وسيعكف على درسها قبل البدء رسمياً بتنفيذ المشروع منتصف العام الحالي.

رئيس ائتلاف (BFI) في ليبيا صالح عطية قال لـ "اندبندنت عربية" إن "مشروع السكك الحديد الذي سينفذ بقيادة شركة السكك الحديد الصينية من بنغازي الليبية إلى مرسى مطروح في مصر سيكون مشروعاً استثمارياً بالكامل، ويموله الائتلاف في مقابل الحصول على عوائد استثمارية عند نهاية المشروع، وتسلمنا المعلومات الفنية من الحكومة الليبية، وسننطلق في درسها قبل مناقشتها مع الجهات ذات العلاقة في ليبيا، وتعديل ما يحتاج إلى تعديل منها قبل بدء الأعمال التنفيذية رسمياً".

وأوضح عطية أن "القطار الذي سيربط ليبيا ومصر سينفذ بأعلى المواصفات الموجودة، وسيكون من فئة ما يعرف بالقطار السريع، وسيتكون من خطين لنقل الركاب والبضائع".

 

15 محطة قطار

من جهته، كشف المدير التنفيذي لائتلاف الشركات الدولية المنفذة لمشروع السكك الحديد بين ليبيا ومصر البريطاني كولوم ويلسون أن "هناك شقاً مهماً يجب العمل عليه حالياً، وحسم كل الإجراءات التنسيقية الخاصة به بين ليبيا ومصر قبل انطلاق المشروع الذي سيعبر الحدود المصرية وصولاً إلى مدينة مرسى مطروح، وسيتم العمل بين الحكومتين في بنغازي والقاهرة للتفاهم على كل المسائل الفنية والاقتصادية، مثل نسب الأرباح التي ستحصل عليها مصر من الجزء الخاص بالمشروع في أراضيها مستقبلاً".

ومن الجانب الليبي، كشف مدير إدارة الهندسة في جهاز تنفيذ السكك الحديد الليبي أسامة الصادق عن أن "البيانات الفنية التي سلمها الجهاز لائتلاف الشركات الدولية المنفذة لمشروع السكك الحديد كانت خاصة بالخط الواصل بين بنغازي وطبرق (450 كيلومتراً) ومنها إلى مساعد آخر نقطة في الحدود الليبية مع مصر (145 كيلومتراً)، وهذا الخط سينشأ فيه 15 محطة قطار مكون من شقين نقل ركاب وشحن، وستكون سرعة القطر الذي يعبر في هذا الخط حوالى 250 كيلومتراً في الساعة"، وأوضح الصادق أن "انطلاقة المشروع ستكون طبرق في الاتجاهين شرقاً وغرباً لأسباب لوجيستية مهمة، لأن ميناء طبرق سيكون نقطة إمداد المشروع بالمواد اللازمة للتنفيذ".

تقليص نسب البطالة

وتوقع مدير إدارة الهندسة بجهاز تنفيذ السكك الحديد الليبي أن تكون للمشروع فوائد ضخمة لليبيا على أكثر من مستوى، قائلاً إن "هذا المشروع سيوفر آلاف فرص العمل للشباب الليبي والكوادر الفنية المحلية، مما سيؤدي إلى تقليص نسب البطالة في البلاد التي ارتفعت خلال الأعوام الماضية، وكذلك الشركات المحلية التي ستكون مساندة للشركات الدولية في المشروع، ويمكنها بالتالي من كسب خبرات كبيرة والتعرف على أحدث التقنيات في مجال السكك الحديد وخطوط القطارات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غياب طويل

وعلى رغم أن ليبيا تصنف من بين أغنى الدول العربية والأفريقية، فإن المفارقة أنه لا توجد أي سكك حديد عاملة في البلاد منذ عام 1965، أي في زمن المملكة الليبية، مع أن تاريخ خطوط القطار فيها قديم نسبياً حيث عرفت أول خط للسكة الحديد عام 1901، وكان خطاً قصيراً للغاية بناه العثمانيون لغرض النقل بين ميناء بنغازي ومحجر سابق لاستخراج الكلس من ضاحية البركة في وسط المدينة التي كان يسكنها الموظفون والمسؤولون الأتراك، كما استخدموه أثناء تنقلهم إلى وظائفهم.

وبعد الغزو الإيطالي لليبيا اهتمت إيطاليا ببناء خطوط للسكك الحديد في برقة وطرابلس، حيث قامت بين عامي 1914 و1927 ببناء ثلاثة خطوط للسكك الحديد في برقة، وهي خط مدينة بنغازي - الرجمة بطول 30 كيلومتراً، والذي دشن في الـ 20 من سبتمبر (أيلول) عام 1914 ومدّد إلى الأبيار جنوب بنغازي عام 1927، وخط بنغازي - المرج بطول 100 كيلومتر، وخط بنغازي - سلوق بطول 56 كيلومتراً، وافتتح عام 1921.

وفي طرابلس، دشن الإيطاليون عام 1913 خطاً حديدياً يربط بين مدينة طرابلس والعزيزية  بطول 20 كيلومتراً، كما أنشئ خط يمتد من طرابلس حتى زوارة في الغرب وطوله 100 كيلومتر.

وأشرفت على هذه الخطوط جميعها مصلحة السكك الحديد الإيطالية التي حتى عام 1922، حين تسلمتها حكومات الولايات في ليبيا.

 

أضرار خلال الحرب العالمية

وكانت شبكة السكك الحديد الليبية تضررت خلال الحرب العالمية الثانية مما أثر كثيراً في مستقبلها حتى اليوم، فيذكر مثلاً المستكشف جون آر دي في كتابه "Railways of Northern Africa" الذي صدر في لندن عام 1964 أن "السكك الحديد في إقليم طرابلس أصيبت بأضرار بالغة من الغارات الجوية الألمانية والإيطالية أثناء تقدم الجيش البريطاني الثامن في المنطقة، والضرر نفسه لحق بسكك حديد برقة التي تعطلت عن العمل، لكنها استأنفته أثناء فترة الإدارة العسكرية البريطانية في طرابلس وبرقة".

مشروع لم ير النور

وخلال نهاية فترة حكمه للبلاد، حاول الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي إنشاء خطط سكك حديد طويل يربط مدن البلاد ببعضها، وتحديداً عام 2003 حين صدر القرار الخاص بإنشاء "جهاز تنفيذ وإدارة مشروع الطرق الحديد"، وكان مقرراً أن يبلغ طول السكك الحديد المتوقع إنشاؤها في البلاد قرابة 3170 كيلومتراً، وعدد المحطات 75 محطة وعدد الجسور 168 جسراً، تربط في مجموعها بين بلدتي راس أجدير على الحدود التونسية وأمساعد على الحدود المصرية.

وتعاقدت الحكومة الليبية وقتها مع شركة السكك الحديد الصينية ذاتها لتنفيذ المشروع، وفق عقد بلغ قيمته حينئذ 2.6 مليار دولار، لكن المشروع تعطل بعد بدايته بأشهر قليلة لأسباب فنية ولوجستية وسياسية، وظل معلقاً حتى اندلاع الثورة الليبية عام 2011، حيث تعرضت مواقع الشركات المنفذة للنهب والتخريب، وبات من الصعب استئناف المشروع من جديد قبل حسم مسائل قانونية شائكة مع الشركات المنفذة، خصوصاً في الجانب المتعلق بالتعويضات المادية عن الخسائر المرتبطة بفترة توقف المشروع والمعدات المنهوبة.

المزيد من متابعات