Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يغنينا الإنترنت الفضائي عن كابلات الألياف الضوئية؟

شركة "سبايس إكس" أطلقت حتى الآن 5438 قمراً من نوع "ستارلينك" إلى المدار

ظهرت الحاجة إلى استكشاف حلول مبتكرة يمكن أن تحدث ثورة في طريقة وصولنا إلى الإنترنت (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

لا بد من الإشارة إلى أن هناك بعض الفروقات الجوهرية بين الإنترنت الفضائي وكابلات الألياف الضوئية

شهد القرن الـ 21 نمواً هائلاً في اعتمادنا على الاتصال بالإنترنت، وبات الحصول على اتصال موثوق وسريع بالإنترنت أكثر أهمية من أي وقت مضى لا سيما وأننا نعتمد عليه في كل شيء بدءاً من الاتصالات والتعليم وحتى الترفيه والعمليات التجارية.

ومع تطور التكنولوجيا، ظهرت الحاجة إلى استكشاف حلول مبتكرة يمكن أن تحدث ثورة في طريقة وصولنا إلى الإنترنت. وهنا برز الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية باعتباره عامل تغيير في سدّ الفجوة الرقمية، خصوصاً في المناطق النائية والمحرومة. ومن خلال الاستفادة من الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض، تمكّن هذه التكنولوجيا الرائدة الأفراد والمجتمعات من الاستفادة من الإمكانات الهائلة للإنترنت، وتمنحهم فرصة الاتصال والتعلم والازدهار.

 

ولم يعد الإنترنت الفضائي ينحصر حالياً بالأقمار الاصطناعية الثابتة بالنسبة للأرض التي توفر خدمة بطيئة للغاية، إنما انتقلنا إلى عصر جديد من الأقمار منخفضة المدار التي تدور حول الأرض، والتي يمكن إطلاق المئات أو الآلاف منها إلى الفضاء على دفعات لتعطينا خدمة إنترنت أسرع بكثير من الشركات المشغلة للأقمار الاصطناعية الثابتة.

وتتصدر شركة "سبايس إكس" الأميركية هذا المشهد إذ أطلقت، حتى الآن، 5438 قمراً من نوع "ستارلينك" إلى المدار مع خطط لإطلاق ما يصل إلى 42 ألف قمر اصطناعي منخفض المدار، تليها شركة "ون ويب" التي تمتلك 634 قمراً اصطناعياً في المدار، بينما يخطط مؤسس شركة "أمازون" العملاقة للتجارة الإلكترونية جيف بيزوس، لإطلاق 3236 قمراً اصطناعياً في السنوات المقبلة من خلال مشروع "كايبر" الذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار.

ما الفرق بين الإنترنت الفضائي وكابلات الألياف الضوئية؟

أولاً، لا بدّ لنا من الإشارة إلى أن هناك بعض الفروقات الجوهرية بين الإنترنت الفضائي وكابلات الألياف الضوئية، إذ يعتمد الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية على الإشارات المرسلة من وإلى الأقمار التي تدور حول الأرض، بينما تستخدم تكنولوجيا الألياف الضوئية خيوطاً رفيعة من الزجاج أو البلاستيك لنقل البيانات من خلال نبضات الضوء.

 

ويُعرف الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية بمساحة تغطيته الواسعة، ما يجعله متاحاً في المواقع النائية والريفية حيث قد لا يكون مد كابلات الألياف الضوئية ممكناً. من ناحية أخرى، توفر تقنية الألياف الضوئية سرعات عالية بشكل لا يصدق وزمن وصول منخفض، ما يجعلها مثالية لتطبيقات مثل الألعاب عبر الإنترنت وبث الفيديو.

وعلى رغم تحقيق الإنترنت الفضائي تقدماً كبيراً في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا تزال هناك عوامل تمنح تكنولوجيا الألياف الضوئية ميزة، إذ تتمتع كابلات هذه الألياف بالقدرة على دعم سرعات أعلى بكثير من اتصالات الأقمار الاصطناعية، ويمكنها التعامل مع حجم أكبر من البيانات من دون تدهور. إضافة إلى ذلك، توفر تقنية الألياف الضوئية مزيداً من الاستقرار والموثوقية، فهي ليست عرضة للظروف الجوية وتداخل الإشارات كما هي الحال مع الإنترنت الفضائي.

هل يمكن الاعتماد حصراً على الإنترنت الفضائي؟

في المرحلة الحالية، لا يمكن للإنترنت الفضائي، بأي حال من الأحوال، التعويض عن كابلات الألياف الضوئية، فهو لا يشكل سوى واحد في المئة من حركة الإنترنت العالمية، ناهيك أن شركة "سبايس إكس" الرائدة في هذا المجال، والتي تغطي خدماتها 60 دولة، لا يتعدى عدد مشتركيها المليونين، وتعاني باستمرار من مشكلات تقنية.

وعلى المقلب الآخر، لا تغطي شركة "ون ويب" سوى 37 دولة مع عدد مشتركين يكاد لا يذكر، في وقت أطلقت شركة "أمازون" الأميركية أول نموذجين من أقمارها في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مشيرة إلى أنها ستباشر بتقديم خدمة الإنترنت الفضائي ضمن مشروع "كايبر" بصورة محدودة للغاية بحلول نهاية عام 2024.

أما بخصوص السرعة، فعلى رغم أن أقمار "ستارلينك" توفر سرعة إنترنت جيدة تصل إلى 150 ميغابايت في الثانية، وزمن وصول مريح، تتقدم كابلات الألياف الضوئية بفارق كبير عما يمكن أي اتصال بالإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في تحقيقه راهناً، فهي توفر سرعات جنونية، قد تصل إلى خمسة غيغابايت في الثانية، ووقت استجابة رائع، والأهم من ذلك كله، تتميز بعدم وجود حدود قصوى للبيانات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن ناحية كلفة الاشتراك الشهري، فلا يمكن للإنترنت الفضائي منافسة كابلات الألياف الضوئية اليوم، إذ إن رسوم الاستخدام الشهرية لأقمار "ستارلينك" تبلغ 110 دولارات للمشتركين العاديين، في حين أن رسوم الاشتراك بإنترنت الكابلات قد لا تتعدى 20 دولاراً في بعض البلدان.

وبينما توفر "ستارلينك"، بفضل مجموعاتها الضخمة من الأقمار الاصطناعية النشطة في المدار، قفزة هائلة في مدى إمكانية وصول الناس إلى خدمة الإنترنت، وتعد الحل الأمثل لكثيرين من الأشخاص المقيمين في أماكن نائية، أو لشخص يريد أن يحظى باتصال قوي بالإنترنت على الطريق أو حتى في البحر، فإنها تعتمد، مع ذلك، بشكل كبير على إنشاء قناة اتصال لاسلكي مع مجموعات أقمارها، وعند فشل هذا الأمر بوجود عوائق كالظروف الجوية والتضاريس الصعبة والعواصف المغناطيسية وغيرها، سيعاني حينها المستخدم من انخفاض سرعة الإنترنت بشكل دراماتيكي.

ونظراً لأن كابلات الألياف الضوئية يتم وضعها عادة تحت الأرض أو البحر، فإن الطقس والعوائق الأخرى ليس لها تأثير يذكر على الإشارة، كما أنه من الأسهل على مزوّد خدمة الإنترنت استكشاف أعطالها وإصلاحها بسرعة.

ماذا عن المستقبل؟

وبعد أن أشرنا إلى واقع الإنترنت الفضائي اليوم، ننوه إلى أن الخبراء يتوقعون أن يصل هذا النوع من الإنترنت إلى عدد ضخم من سكان الكرة الأرضية خلال العقد المقبل مع تطوير هذه التكنولوجيا وتوالي إطلاق الأقمار الاصطناعية منخفضة المدار.

وإلى جانب خطط "سبايس إكس" و"أمازون" و "ون ويب"، سيطلق الاتحاد الأوروبي شبكته للأقمار الاصطناعية "أيريس"، المكونة من 170 قمراً اصطناعياً، إلى مدار الأرض المنخفض بين عامي 2025 و2027.

بدورها، أعلنت الحكومة الصينية عن خطط لوضع 12992 قمراً اصطناعياً في المدار من أجل تشكيل شبكة اتصالات عالمية، وهذا ما سيسمح للصين بتفعيل شبكة وطنية تسمى "غوانغ".

ويخطط رجل الأعمال الأميركي غريغ وايلر، مؤسس شركة الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية O3B Networks، لإرسال 16 قمراً اصطناعياً صغيراً في السنوات المقبلة، وتهدف شركته للوصول إلى ثلاثة مليارات شخص في العالم غير متصلين بالإنترنت بعد.

وعند الحديث عن المنافسة في الصناعة والطلب المتزايد على الإنترنت عالي السرعة، فلا يتوقع خبراء التكنولوجيا أن يلغي الإنترنت الفضائي كابلات الألياف الضوئية تماماً، بل يتوقعون أن يخلق نوعاً من التعايش بينهما في المستقبل. وهكذا ستبقى الألياف الضوئية الخيار المفضل للمناطق الحضرية والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وسيسد الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية فجوات الاتصال في المناطق المحرومة والتي تسمى بـ "المناطق البيضاء"، الخالية تماماً من الإنترنت، والتي يقطنها أكثر من 50 في المئة من سكان العالم، أي حوالى أربعة مليارات شخص.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم