شهدت البورصة الكويتية هذا الأسبوع واحداً من أسوأ الأسابيع منذ بداية هذه السنة، إذ نزفت الأسهم ما قيمته 1.2 مليار دينار، (نحو 3.7 مليار دولار)، وذلك في 5 جلسات عمل فقط.
وجاء ذلك بعد أن أُعلن رسمياً السبت الماضي عن وعكة صحية ألمّت بأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أدخلته المستشفى أثناء زيارته الولايات المتحدة الأميركية، ما أدى إلى تأجيل لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
فمنذ بداية الأسبوع، ظهرت موجة بيع مكثفة في البورصة، إذ اعتبر خبر تأجيل لقاء الأمير البالغ من العمر 90 عاماً مع ترمب ودخول المستشفى لحالة صحية حرجة مؤشراً سلبياً للمتداولين والمستثمرين.
انهيار المؤشرات
هوى المؤشر العام على مدار 5 جلسات فوق 200 نقطة، وبنسبة تفوق 3.5%، بينما هوى مؤشر السوق الأول الذي يقيس أكبر الشركات الكويتية من حيث السيولة والحجم بنحو 300 وبنسبة 4.5%.
وكانت البورصة الكويتية تعيش واحدة من أفضل السنوات منذ الأزمة المالية، حيث قفز مؤشر السوق الأول بنسبة 24% منذ بداية السنة وإلى الخميس قبل الماضي، أي ما قبل الأخبار الصحية لأمير الكويت، ليستقر أمس الخميس عند 19%.
أمَّا المؤشر العام فقد تجاوز 18% منذ بداية السنة وحتى الخميس قبل الماضي، لكنه تراجع أمس إلى 13% حسب بيانات شركة كامكو للاستثمار.
تعافي المؤشرات
وكان الانخفاض الحاد الذي شهدته جلسات البورصة من الأحد إلى الأربعاء، قد خفتت وتيرته أمس الخميس بعد الإعلان الرسمي بأن الأمير تعافى من الحالة الصحية.
ومع أن متوسط السيولة في البورصة ارتفع هذا الأسبوع عما كان عليه في الأسبوع السابق، إذ بلغ نحو 100 مليون دولار أمس، مقارنة مع 70 مليون دولار الأسبوع الماضي، إلا أن السبب خلف ذلك يعود إلى زيادة عمليات البيع في هذا الأسبوع بأسعار مخفضة للأسهم، ما دفع المضاربين إلى الدخول والشراء بهذه الأسعار مستفيدين من الوضع السياسي العائم.
وكانت هناك أحداث إيجابية في البورصة الكويتية هذا الأسبوع إلا أنها لم تغير من مسار التداولات، فقد أعلنت هيئة أسواق المال بداية الأسبوع طرحها 50% من شركة بورصة الكويت للمواطنين الكويتيين، اعتباراً من الشهر المقبل، لتصبح أول بورصة خليجية تُخصص نصف رأسمالها للمواطنين في طرح عام، وهي فرصة استثمارية جيدة، خصوصاً أن سعر الاكتتاب للسهم الواحد عند القيمة الاسمية 100 فلس، ومن دون علاوة إصدار.
ضبابية سياسية
يقول مصدر مطلع، فضل عدم ذكر اسمه، إن "هناك ضبابية سياسية في الكويت وحساسية لأي أخبار متعلقة بأمير البلاد والمستقبل السياسي فيما بعده. فليس هناك وضوح كيف ستكون عملية الانتقال السياسي في الإمارة، علماً أن ولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد (82 عاماً) يفترض دستورياً أن يتسلّم مسند الإمارة، لكن السؤال المعلق هو من سيتسلّم منصب ولي العهد الذي يفترض أنه الأمير المستقبلي".
وكانت الكويت عاشت وضعاً ضبابياً مماثلاً في العام 2006 عندما توفى الأمير السابق الشيخ جابر الأحمد، ولم يتمكّن الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح الذي كان ولياً للعهد من إلقاء القسم أمام البرلمان بسبب حالته الصحية الصعبة، ما دفع بمجلس الوزراء ومجلس الأمة إلى تعيين رئيس الوزراء آنذاك الشيخ صباح الأحمد أميراً للبلاد، علماً أن الإعلام الرسمي الكويتي لم يذكر أن الشيخ نواف يعاني أي وضع محرج يمنعه من أداء القسم.
تأثر سياسي
لكن السوق الكويتية تتأثر دائماً مع الأخبار السياسية السلبية، ولطالما انهارت على وقع الأزمات السياسية بين الحكومة والبرلمان على خلفية قوانين شعبية أو سياسية، وأدت إلى حل البرلمان غير مرة من قبل أمير الكويت، لتعاد الانتخابات البرلمانية من جديد، أو أن تستقيل الحكومة ويعاد تعيين أعضائها من جديد.
وفي الكويت، يوجد نظام سياسي يقضي بأن ينتخب الشعب البرلمان، بينما يعين أمير البلاد الحكومة، ما يجعل التوافق بين مخرجات البرلمان المنتخب وأعضاء الحكومة المعينة أمراً ليس سهلاً، خصوصا إذا جاءت غالبية النواب من المعارضة السياسية، وغالباً ما يشكّل البرلمان الحكومات في الأنظمة السياسية الديموقراطية، وترتبط أغلب الشركات المدرجة في البورصة، خصوصاً تلك التابعة للعائلات الكويتية المالكة للبنوك والشركات الكبيرة، بالإنفاق الحكومي الذي يشكل أساس الاقتصاد الكويتي المعتمد كباقي الاقتصادات الخليجية على النفط، لذا فإن المستثمرين يترقبون التغييرات الحكومية ومدى توافقها مع البرلمان لمعرفة إذا كانت قوانين اقتصادية معينة ستمر في البرلمان.
تحولات بورصوية
وكانت البورصة الكويتية شهدت ترقيات عدة لمؤشرات عالمية في العامين الأخيرين لمؤشر "فوتسي راسل" للأسواق الناشئة (FTSE) في سبتمبر (أيلول) 2017، وفي مؤشر الأسهم العالمية أس أند بي داو جونز (S&P) ضمن تصنيف الأسواق الناشئة في ديسمبر (كانون الأول) 2018، أفضى إلى دخول مليارات الدولارات من السيولة الأجنبية للصناديق العالمية التي تلحق هذه المؤشرات.
وجاءت هذه الترقيات بعد أن وضعت هيئة أسواق المال وبورصة الكويت وشركة المقاصة خطة لتحسين قواعد التداول وآليات العمل وتنظيم التداولات وفتح فرص استثمارية جديدة. وأهم هذه المشروعات: صانع السوق، وطرح خدمة المارجن، وطرح البيع على المكشوف، وإطلاق سوق السندات التجارية، وطرح الصناديق العقارية، وطرح مشروع اقتراض وإقراض الأسهم.