استبعدت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، حدوث المزيد من الخفوضات في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي في المدى القريب، وقالت إن ذلك يأتي في إطار تزايد الثقة وتدفق العملات الأجنبية إلى مصر، إضافة إلى عودة تحويلات المصريين في الخارج لسابق عهدها. وتوقعت الوكالة، أن يشهد سعر الصرف استقراراً واسعاً طوال الفترة المتبقية من 2024.
وتوقعت الوكالة في تقرير حديث، تحسن سيولة العملات الأجنبية لدى البنوك المصرية بدعم من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والقيمة الاستثمارية الضخمة لصفقة رأس الحكمة، لكنها حذرت من زيادة الضغوط على معدلات كفاية رأس المال لدى البنوك بسبب خفض قيمة الجنيه.
وقالت الوكالة، إن سيولة النقد الأجنبي في القطاع المصرفي المصري، سترتفع بصورة كبيرة عقب صفقة رأس الحكمة التي أبرمتها البلاد مع الإمارات العربية المتحدة بقيمة 35 مليار دولار، وخفض قيمة الجنيه بنسبة 40 في المئة، وإعلان اتفاق برنامج صندوق النقد الدولي بقيمة ثمانية مليارات دولار.
ومع ذلك، تتوقع "فيتش" أن تتعرض نسب رأس المال لدى البنوك لضغط عقب خفض قيمة الجنيه المصري، لكن بوجه عام، تعد كل تلك التطورات حيادية لتصنيف البنوك المصرية المقيدة بالتصنيف السيادي للبلاد عند مستوى B- مع نظرة مستقبلية مستقرة.
تحسن مستدام
الوكالة الدولية أشارت إلى أن مصر ستحصل على تدفقات كبيرة من التمويل الجديد خلال الأشهر القليلة المقبلة من حزمة الاستثمار الأجنبي المباشر الإماراتية والالتزامات اللاحقة من صندوق النقد الدولي وشركاء التنمية الثنائيين ومتعددي الأطراف، ما من شأنه، جنباً إلى جنب مع خفض قيمة العملة، أن يخفف من ضغوط السيولة الخارجية.
وذكرت "فيتش" أن تحويلات المغتربين انخفضت بنسبة 30 في المئة خلال عام 2023، لتصل إلى 22 مليار دولار، ولكن إذا أدت التطورات الأخيرة إلى زيادة الثقة، واستبعاد حدوث المزيد من خفض قيمة العملة على المدى القريب. وتتوقع المؤسسة، ارتفاع تحويلات المغتربين، ما يدعم سيولة النقد الأجنبي لدى البنوك المصرية.
ورجحت حدوث تحسن مستدام في ثقة المستثمرين، إذ أكدت السلطات المصرية، الاستمرار في التزامها بالإصلاحات الهيكلية والمضي قدماً في نظام سعر صرف مرن، ويعد ذلك مهماً لاستثمارات المحافظ الأجنبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبلغت حيازات غير المقيمين من أذون الخزانة بالعملة المحلية 12.6 مليار دولار في نهاية عام 2023، وتتوقع الوكالة ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الفترة 2024/2025 إذا قدمت السلطات إصلاحات هيكلية مواتية للسوق بموجب اتفاق صندوق النقد الدولي، ما من شأنه أن يدعم بصورة أكبر تراجع عجز صافي الالتزامات الأجنبية بالقطاع المصرفي، نظراً إلى الارتباط بين تلك الالتزامات وحيازات غير المقيمين من الأوراق المالية المحلية.
وأوضحت "فيتش" أن تحسن سيولة العملات الأجنبية تعزز نمو الائتمان والأداء الائتماني العام، إذ تواجه الشركات ارتفاع كلف المدخلات وشح سيولة العملات الأجنبية منذ عام 2022. وترى "فيتش" أنه تم احتواء الأخطار المتعلقة بجودة الأصول بعد خفض قيمة العملة، وذلك بسبب انخفاض حصة الإقراض بالعملات الأجنبية، وانخفاض قيمة العملة.
ومع ذلك، تظل نسب رأس مال البنوك حساسة للغاية لانخفاض قيمة الجنيه، وانخفضت نسبة رأس المال الأساسي من المستوى الأول في القطاع بمقدار 140 نقطة أساس، ويرجع ذلك جزئياً إلى انخفاض قيمة العملة، عندما تراجع الجنيه المصري بنحو 40 في المئة مقابل الدولار الأميركي في عام 2022.
تعديل التصنيف الائتماني
وقبل أيام، عدلت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لتصنيف ديون الحكومة المصرية إلى "إيجابية" من "سلبية"، وأكدت تصنيف إصدارات البلاد بالعملات الأجنبية والمحلية على المدى الطويل عند مستوى Caa1. ويأتي هذا التعديل انعكاساً للدعم الكبير الرسمي والثنائي الذي تم الإعلان عنه أخيراً من جانب الحكومة المصرية والبنك المركزي، والذي سيدعم إعادة التوازن للاقتصاد الكلي حال استمرارها.
وكشفت الوكالة أن الأخطار السلبية التي دفعت إلى تغيير نظرتها المستقبلية إلى سلبية في يناير (كانون الثاني) الماضي انخفضت بصورة كبيرة، إذ تعمل مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر "الكبيرة جداً" المقدمة من الإمارات على "تعزيز احتياطات الاقتصاد من النقد الأجنبي بصورة كبيرة لتغطية فجوة التمويل الخارجي التي تتوقعها وكالة "موديز" حتى السنة المالية المنتهية في يونيو (حزيران) 2026".
وأعلنت الوكالة في تقرير حديث، تعديل التصنيف الائتماني لخمسة بنوك مصرية وتغيير نظرتها المستقبلية من سلبية إلى إيجابية، إذ منحت بنوك الأهلي المصري وبنك مصر والبنك التجاري الدولي وبنك القاهرة وبنك الإسكندرية نظرة مستقبلية إيجابية.
وقالت إن خفض قيمة العملة وزيادة أسعار الفائدة، والتي إذا تم الحفاظ عليها، ستساعد مصر في الحفاظ على برنامج ضخم لصندوق النقد الدولي، مشيرة إلى أن التغيير إلى النظرة المستقبلية الإيجابية من السلبية في شأن تصنيفات الودائع طويلة الأجل يتبع إجراء تصنيف مماثل على التصنيف السيادي، وأعلن عن دعم رسمي وثنائي كبير وخطوات سياسية ملحوظة تم اتخاذها خلال الأسبوع قبل الماضي والتي من شأنها، إذا استمرت، أن تدعم الاقتصاد الكلي وتعيد التوازن للاقتصاد المصري.
وأوضحت أن الدعم الكبير في الاستثمار الأجنبي المباشر المقدمة من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة أسهم في تحقيق الاستقرار بصورة ملحوظة، إذ يعزز احتياطات الاقتصاد من النقد الأجنبي، في حين أن الانخفاض الكبير في قيمة العملة وزيادة أسعار الفائدة من المرجح أن يساعد مصر على الحفاظ على استقرارها وذلك تزامناً مع برنامج ضخم لصندوق النقد الدولي، والحد من أخطار تجدد تراكم الاختلالات الخارجية وتعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود في وجه الصدمات بمرور الوقت.
وتشير وكالة التصنيف إلى أن هذه التطورات سيكون لها أيضاً تأثير إيجابي في القطاع المصرفي، نظراً إلى التعرض السيادي المرتفع للبنوك، لا سيما في شكل سندات الدين الحكومية، التي تربط ملفها الائتماني بالملف الحكومي.
ووفقاً لوكالة "موديز"، فقد شكل ضخ رأس المال الجديد من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، الخلفية للتحول الملحوظ في السياسة الاقتصادية وإعلان الإجراءات الكبيرة خلال الاجتماع الاستثنائي للبنك المركزي المصري الأخير، إذ قام البنك بتعويم سعر الصرف الرسمي الذي تقارب مع السعر الموازي عند نحو 51 جنيهاً مصرياً للدولار الواحد من 30.9 جنيه للدولار ورفع سعر الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس إلى 27.25 في المئة.
وفي اليوم نفسه، أكد صندوق النقد الدولي الاتفاق على مستوى الخبراء مع السلطات المصرية، مما مهد الطريق أمام اتفاق زيادة برنامج صندوق النقد الدولي الأصلي من ثلاثة مليارات دولار إلى نحو ثمانية مليارات.
وقالت "موديز"، إن رفع سعر الفائدة من قبل البنك المركزي المصري يجعل السياسة النقدية أقرب إلى الحياد بعد فترة طويلة من أسعار الفائدة الحقيقية السلبية، في حين أن تشديد السياسة المالية، إذ ينبغي للسياسة مع مرور الوقت أن تعمل على خفض التضخم ودعم القدرة على تحمل الديون، مع تعزيز بيئة تمكن نشاط القطاع الخاص.
وتوقعت كذلك أن تؤدي إزالة تشوهات العملة إلى تعزيز تدفقات التحويلات المالية المتجددة من خلال القنوات الرسمية، وتحفيز الاستثمار الأجنبي وتدفقات المحفظة في المستقبل.