Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف سيؤثر التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية الأميركية في انتخابات 2024؟

استخدم الجمهوريون هذا الأمر على مدى عقد من الزمن لإحداث تغيير قوي في المشهد السياسي – فما الذي يمكننا توقعه في نوفمبر القادم؟

متظاهرون يحتجون خارج المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة، في الثالث من أكتوبر 2017، بينما تستمع المحكمة إلى الحجج المضادة للتلاعب بحدود الدوائر الانتخابية (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

"إن التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية هو أحد أكبر الأخطار، إن لم يكن أكبرها، على الديمقراطية في الولايات المتحدة. من الواضح أن ترمب يمثل مجموعة أخرى كاملة من الأخطار، لكن على المستوى الهيكلي، فإن التلاعب بحدود الدوائر يشكل خطراً بنيوياً على الديمقراطية"

لطالما جادل حاكم ولاية ويسكونسن الأميركية توني إيفرز بأن ولايته أرجوانية [تتقارب فيها شعبية الديمقراطيين والجمهوريين]. على المستوى الوطني، سجل التصويت في الولاية يثبت أنه على حق.

عام 2020، فاز الرئيس جو بايدن بالولاية بفارق بلغ نحو 20 ألف صوت فقط – أي أقل من نقطة مئوية واحدة. وعام 2016، فاز الرئيس السابق دونالد ترمب أيضاً على وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بالهامش نفسه تقريباً – أيضاً في حدود نقطة مئوية واحدة.

لكن إذا نظر المرء إلى مجلس الولاية التشريعي على مدار العقد الماضي من الزمن، سيرى ولاية حمراء [جمهورية] وبقوة.

يقول إيفرز لـ "اندبندنت": "كان من الواضح على مدى السنوات الـ 10 الماضية أن الخرائط الموجودة [للدوائر الانتخابية] لا تمثل رغبات الناس. دعونا نستخدم منافساتي الانتخابية كمثال: لقد ضمنت الفوز في سباق واحد بهامش 1 في المئة وفي سباق آخر بنسبة 3 في المئة [لكن] الجمهوريين حصلوا على غالبية ساحقة في مجلس الشيوخ وغالبية كبيرة في مجلس النواب".

عند انتخاب إيفرز عام 2018، فاز الديمقراطيون بالتصويت الشعبي في مجلس نواب الولاية بنسبة 53 في المئة في مقابل 45 في المئة للجمهوريين، لكن خرائط الدوائر الانتخابية المتحيزة بشدة لا تزال تمنح الجمهوريين غالبية بفارق 63 إلى 36 مقعداً.

"التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية هو أحد التهديدات لديمقراطيتنا"

كان هذا نتيجة التلاعب في حدود الدوائر الانتخابية – ممارسة ترسيم الدوائر الانتخابية بطريقة تزيد إلى الحد الأقصى مقاعد هذا الحزب أو ذاك. وسُمِّيت هذه الممارسة على اسم إلبريدج جيري، نائب رئيس الولايات المتحدة السابق، الذي وقع عام 1812، عندما كان حاكماً لولاية ماساتشوستس، على مشروع قانون لإنشاء منطقة ذات شكل يشبه السلمندر الأسطوري [salamander].

يقول أستاذ العلوم السياسية كريستوفر وارشو من جامعة جورج واشنطن لـ "اندبندنت": إن "التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية هو أحد أكبر الأخطار، إن لم يكن أكبرها، على الديمقراطية في الولايات المتحدة. من الواضح أن [الرئيس السابق دونالد] ترمب يمثل مجموعة أخرى كاملة من الأخطار برأيي. لكن... على المستوى الهيكلي، أعتقد بأن التلاعب بحدود الدوائر يشكل خطراً بنيوياً على الديمقراطية".

ويضيف: "كان الدافع المركزي [لـ]التلاعب بحدود الدوائر في معظم الأماكن، تاريخياً، هو التنافس الحزبي – حيث يسعى أحد الطرفين إلى الإضرار بالآخر. من المؤكد أن الدافع الآخر للتلاعب في العديد من الأماكن دافع عرقي، من جانب البيض الذين يسيطرون على مواقع السلطة [بغرض] إضعاف القوة التصويتية للأميركيين من أصل أفريقي والأقليات العرقية الأخرى إلى الحد الأقصى".

يُعَاد رسم الدوائر الانتخابية كل 10 سنوات بعد إجراء التعداد السكاني. وفي عام 2010، حقق الجمهوريون مكاسب كبيرة في الانتخابات النصفية. لقد استفادوا من هذا الزخم السياسي خلال عملية إعادة تقسيم الدوائر التي تلت ذلك، وعززوا نفوذهم لإعادة رسم خطوط الدوائر بطريقة مفيدة لحزبهم. حدث هذا وسط معارضة شعبية واسعة النطاق لقانون الرعاية الصحية الميسرة، المعروفة باسم "أوباما كير"، والرئيس الجديد الذي ارتبط المشروع باسمه.

"الطريق الوحيد" للمضي قدماً في ويسكونسن

في 22 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، قضت المحكمة العليا في ويسكونسن بأن خرائط الدوائر الانتخابية التي جرى التلاعب بها غير دستورية، لكن هذا الحكم لم يصدر إلا بعد فوز القاضية الليبرالية جانيت بروتاسيفيتش بمقعد في المحكمة، ما قلب الغالبية الأيديولوجية في المحكمة.

وفقاً لإيفرز، كان قرار المحكمة العليا في الولاية بإعلان أن الخرائط غير قانونية "السبيل الوحيد" للمضي قدماً.

وقد حصلت الخرائط الجديدة، التي وضعها إيفرز وفريقه، على موافقة كل من الجمهوريين والديمقراطيين في المجلس التشريعي بعدما اختاروها من بين أربع خيارات متاحة.

 

وقال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري فان وانغارد في بيان بعد المصادقة على الخرائط الجديدة إن "الجمهوريين واجهوا تحديات متعددة. كانت المسألة تتعلق باختيار بين تلقي طعنة أو التعرض إلى إطلاق للنار أو الخضوع إلى تسميم أو الانقياد إلى مقصلة. اخترنا أن نتعرض إلى طعنة، حتى نتمكن من العيش لكي نقاتل في يوم آخر".

يقول إيفرز: "كان هذا بياناً ذكياً، لكنني لست متأكداً من أنه كان دقيقاً. الخرائط الأربع التي ظلت مقبولة من المحكمة العليا كانت متطابقة تقريباً، لذلك لا أعتقد بأن الملاحظة حول الخيار بين تلقي طعنة أو الانقياد إلى مقصلة هي بالضرورة ملاحظة مناسبة".

ويضيف: "يعكس ذلك وضع ويسكونسن، إنها ولاية أرجوانية... عندما يكون المجلس التشريعي إما أحمر قليلاً أو أزرق [ديمقراطي] قليلاً، سيجبر ذلك المعنيين على التعاون إذا كانوا يريدون إنجاز شيء ما".

اللجان غير الحزبية ومبادرات الاقتراع

يأسف إيفرز لعدم وجود لجنة غير حزبية في ويسكونسن، مشيراً إلى أنه سيكون من الأفضل لمثل هذه اللجنة إنشاء الخرائط الجديدة بدلاً من تكليف مكتبه بذلك.

تقوم اللجان برفع مسؤولية إعادة رسم الخرائط من أيدي المشرعين، بهدف ضمان خرائط أكثر عدالة. ومع ذلك، فإنها توجد في المقام الأول في الولايات التي لديها مبادرات الاقتراع – أي الممارسة المتمثلة في إحالة قرار يتعلق بمسألة معينة إلى الناخبين.

يقول جون جونسون، وهو زميل باحث في جامعة ماركيت في ميلووكي، لـ "اندبندنت" إن مبادرات الاقتراع "اكتسبت شعبية في وقت لاحق من التاريخ الأميركي، ولذلك ترونها في الأغلب في دساتير الولايات الغربية" التي انضمت إلى الولايات المتحدة في وقت متأخر جداً مقارنة بالولايات الشرقية. وبالتالي "لإنشاء لجنة مستقلة في ولاية ويسكونسن، سيحتاج المشرعون من كلا الحزبين إلى دعم الفكرة. وبغض النظر عن الحزب الذي يمثله المشرع – فهم لا يحبذون هذه الفكرة".

"الولايات الجنوبية ذات المقاعد الكثيرة"

يقول مايكل لي من "مركز برينان للعدالة" لـ "اندبندنت": "ليس من المستغرب أن يستفيد الجمهوريون أكثر من غيرهم من التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية لأنهم يسيطرون على مجال أكبر بكثير ومقاعد أكثر بكثير على صعيد رسم الخرائط".

ويشير إلى أن كثيراً من الولايات الديمقراطية، مثل ولاية كاليفورنيا، "تحكمها [في هذا الصدد] لجان مستقلة، فلا تتعرض حدود دوائرها الانتخابية إلى تلاعب. أما الديمقراطيون فلا يملكون كثيراً من المقاعد حيث يمكنهم التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية". وفي الوقت نفسه، يسيطر الجمهوريون على "الولايات الجنوبية ذات المقاعد الكثيرة" حيث يمكنهم "تعزيز الأفضلية لمصلحتهم إلى الحد الأقصى".

يقول لي إن التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية لا يمنح أفضلية كبيرة إلى حزب واحد فحسب، بل يقضي أيضاً على المنافسة.

ويضيف: "لا يوجد في مجلس النواب الأميركي في الوقت الحالي سوى نحو 25 مقعداً عرضة إلى تنافس من أصل 435 مقعداً. قارنوا ذلك بعام 1998، عندما كان هناك 186 مقعداً تنافسياً... قبل ثلاثة عقود كانت المنافسة أكبر بكثير مما هي عليه اليوم – ويعود جزء كبير من ذلك إلى التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية".

لي رأى أنه "عندما رسم الجمهوريون خرائط الدوائر في تكساس، لم يجلسوا هناك ويقولوا: 'حسناً، دعونا نتخلص من هذا الديمقراطي'... لكن ما فعلوه هو أنهم نظروا في الخرائط التي أمامهم وقالوا: "يا إلهي، كما تعلمون، هذه المقاعد تنافسية حقاً، دعونا نجعلها غير تنافسية'. وهذا هو الخطير في الأمر".

ويلفت لي إلى أن معظم الأميركيين يعيشون في الضواحي، التي عادة ما تكون مناطق متأرجحة انتخابياً، ويجب أن تكون "الأماكن الأكثر تنافسية بغض النظر عن الولاية، ومع ذلك في معظم أنحاء البلاد، لا يحدث ذلك بسبب طريقة رسم الخرائط".

فاز الجمهوريون بغالبية صغيرة في مجلس النواب الأميركي عام 2022، وهي تقلصت أكثر منذ ذلك الحين بعد استقالات وانتخابات خاصة.

يقول لي: "لماذا نجري انتخابات كل سنتين؟ لأن تكوين الكونغرس يجب أن يتغير [عندما] يتغير مزاج البلاد. لكن هذا لا يحدث حقاً بالنسبة إلى معظم الناس". ويجادل بأن "الديمقراطيين سيحققون بطريقة أسهل غالبية في مجلس النواب إذا توافرت خرائط أكثر توازناً وأكثر تنافسية للدوائر الانتخابية" في ولايات نورث كارولينا وتكساس وجورجيا وفلوريدا.

"التلاعب العظيم بحدود الدوائر الانتخابية عام 2012"

لكن كثيراً من التقدم تحقق منذ انتخابات منتصف الولاية الرئاسية عام 2010.

يقول وارشو: "لن يحدد التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية من يسيطر على الكونغرس عام 2024 – هذا انتصار كبير للديمقراطية. لسنا في الموقع نفسه الذي كنا فيه قبل 10 سنوات، عندما... فاز الجمهوريون بالغالبية في مجلس النواب، على رغم فوز الديمقراطيين بغالبية الأصوات".

ويضيف وارشو: "وصف أحد الأكاديميين انتخابات عام 2012 بأنها 'التلاعب العظيم بحدود الدوائر الانتخابية لعام 2012'. وأعتقد بأن هذا الوصف دقيق حقاً إلى حد ما... كان التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية محورياً في تحديد نتائج الانتخابات خلال ذلك العقد من الزمن بدءاً من عام 2012. هذا صحيح الآن على مستوى كل ولاية على حدة – [لكن] على المستوى الوطني، لم يعد هذا صحيحاً".

ويشير جونسون إلى أن دراسة حديثة وجدت أن الديمقراطيين "يجيدون بما يكفي التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية في الأماكن التي سيطروا فيها فكانت النتيجة الرئيسة الصافية انخفاضاً في عدد المقاعد التنافسية، لكن ليس تغييراً كبيراً في التوازن الحزبي".

وفي ولاية متأرجحة انتخابياً مثل ويسكونسن، يعتقد الحاكم الديمقراطي بأن الخرائط الجديدة ستشجع "مزيداً من الناس على التصويت لكل من الحزبين".

يقول إيفرز: "نأمل بأن نسجل بعض الأرقام القياسية في ما يتعلق بعدد الأشخاص الذين يصوتون".

أحد الأمثلة على مكان تتطور فيه الأمور في الاتجاه المعاكس هو نورث كارولينا. للولاية حالياً سبعة ديمقراطيين وسبعة جمهوريين في مجلس النواب الأميركي، لكن بفضل الغالبية الجمهورية الجديدة في المحكمة العليا، قد ينقلب الوضع عام 2024 إلى 11 جمهورياً وثلاثة ديمقراطيين.

يسمي لي ذلك "انحرافاً جامحاً" في ولاية يتقاسم فيها الحزبان الولاء مناصفة.

يقول: "لديكم الآن خريطة ستوزع المقاعد بين 10 [للجمهوريين] وأربعة للديمقراطيين – ربما في الدورة الانتخابية المناسبة يمكن أن يسجل التوزيع 11 مقعداً إلى ثلاثة – وهذا غير مفيد لولاية تُعَد ساحة معركة رئاسية في كل دورة انتخابية".

في الولايات المتأرجحة وخلال العقد الثاني من القرن الحالي، كان لدى معظمها متلاعبون بحدود الدوائر الانتخابية "مؤيدون بشدة للجمهوريين" ما أدى إلى تحيزات جمهورية هائلة في المجالس التشريعية، وفق وارشو. "لذلك في أماكن مثل ولايات ميتشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا وأوهايو، تحققت أفضليات كبيرة للجمهوريين".

ويضيف: "الخرائط في هذه الأماكن كلها باتت الآن [أكثر إنصافاً]. شهدت أوهايو مبادرة اقتراع تتطلب خرائط أكثر إنصافاً وليست الخرائط المتوافرة هناك الخرائط التي رغب فيها مناصرو المبادرة – هي ليست منصفة تماماً. لكنها على الأرجح أفضل من الخرائط المقابلة – الخرائط التي كانت ستتوافر في غياب مبادرة الاقتراع هذه".

يتوقف شكل خرائط الدوائر الانتخابية على من يمسك بزمام السلطة عندما يحين وقت إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية. ويلاحظ وارشو أن الجمهوريين هيمنوا على انتخابات عام 2010 وتمكنوا بعد ذلك من "التلاعب بقوة بقدر ما يريدون بحدود الدوائر الانتخابية في العديد من الولايات" لكن في الانتخابات الأخيرة "فاز الديمقراطيون بمناصب الحاكمية في مجموعة من الولايات كانت الأكثر عرضة إلى التلاعب".

دور الحكومة الاتحادية

برأي لي "يسمح عدد قليل جداً من الولايات بمبادرات الاقتراع شرق [نهر] المسيسيبي. في حين لا تسمح أي ولاية جنوبية بهذا الإجراء تقريباً. وبالتالي يكون الجنوب، الذي لديه بعض أسوأ عمليات التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية، أيضاً المكان الذي يصعب فيه الإصلاح. وأعتقد بأن على الحكومة الفيدرالية أن تؤدي دوراً ما في نهاية المطاف".

ويضيف: "يتمتع الكونغرس بسلطة وضع قواعد إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية. قد يتطلب الأمر موقفاً منصفاً من الحزبين، ويتطلب استخدام لجان مستقلة – وحتى لو لم يتمكن الكونغرس من تحقيق ذلك، يمكنه أن يضع معياراً قوياً مناهضاً للتلاعب بحدود الدوائر الانتخابية لأغراض حزبية، وهذا أمر أعتقد بأنه بالغ الأهمية".

في الوقت الحالي، يُعَد إيجاد حل أمراً متروكاً لكل ولاية – إذا توافرت الإرادة السياسية بين المشرعين أو الجمهور.

يقول لي: "هناك كثير من الطرق للوصول إلى خرائط منصفة. لسوء الحظ، لا توجد في الطريق إلى هناك، في غياب إجراء من الكونغرس، سوى أنصاف الحلول".

يقول وارشو: "بالنسبة إلى ميتشيغان، تشكلت لجنة غير حزبية. في ويسكونسن، حصلت مقاضاة ومقاضاة مضادة وطرأت تغييرات في تكوين المحكمة العليا. وأعتقد أيضاً بأن تغييرات طرأت في المجال السياسي".

كيف يؤثر المكان الذي يعيش فيه الناس في رسم الخرائط

طرأت تغييرات في اللجنة المكونة من الحزبين أدت إلى وضع خرائط أكثر إنصافاً للدوائر الانتخابية في بنسلفانيا. عامل آخر كان العامل الجغرافي البسيط، وتحديداً في الغرب الأوسط الأعلى.

يقول وارشو: "في حين أن المناطق الريفية أصبحت أكثر تأييداً للجمهوريين والضواحي أصبحت أكثر تأرجحاً، سهّل ذلك قليلاً رسم خرائط منصفة وصعّب على الجمهوريين التلاعب الفائق العدوانية بحدود الدوائر الانتخابية".

وفي حديثه عن الخريطة الجديدة في ويسكونسن التي وضعها مكتب الحاكم وقبلها الجمهوريون على مضض في مجلس الولاية التشريعي، يقول جونسون إنها "لا تزيد في الواقع عدد المقاعد التنافسية كثيراً مقارنة بالخرائط القديمة التي جرى التلاعب بها. ما تفعله هو أنها تعزز منطلقات الديمقراطيين كثيراً وتخفض مستهدفات الجمهوريين كثيراً".

ويجادل قائلاً: "هي تمكّن العدد الصغير نسبياً من المقاعد التنافسية المتبقية من أن تقرر في الواقع الحزب الذي يسيطر على مجلس النواب. لذلك تُعَد المقاعد التنافسية المتوافرة مهمة للغاية. وبهذا المعنى، تُعتبَر الخريطة تنافسية. لكنها ليست خريطة تزيد من عدد المقاعد التنافسية. للمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمن، لا نعرف أي حزب سيسيطر على مجلس نواب الولاية بعد الانتخابات المقبلة".

عواقب الخرائط المنحرفة

عند سؤال إيفرز عما كان يمكن تمريره في ويسكونسن لولا التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية، يذكر توسيع برنامج "ميديكايد"، قائلاً إن الولاية "لم تتلق بمرور الوقت عدة مليارات من الدولارات... كانت ستقطع شوطاً طويلاً في توفير الرعاية إلى أنواع النتائج الصحية غير المتناسبة كلها".

بينما تمكن إيفرز من منع مبادرات الجمهوريين، يقول إنه قبل توليه منصبه في أوائل عام 2019، قرر الجمهوريون "تحييد نقابات المعلمين في ويسكونسن... ما يجعل العمل النقابي للمدرسين أصعب بكثير، وبصراحة، يقلل كثيراً من المزايا الجانبية، مثل الرعاية الصحية".

ويقول الحاكم لـ "اندبندنت" إن هذا الإجراء سحب "الأموال مباشرة من جيوب [المدرسين]" ولم تُحَل المشكلة على رغم مرور نحو عقد من الزمن.

ويقول جونسون إن مثالاً آخر يتمثّل في استخدام الماريجوانا لأغراض طبية، الذي "تدعمه الغالبية الساحقة من ناخبي ويسكونسن". وثمة "أعضاء جمهوريون في المجلس التشريعي يساندون هذا علناً. ومع ذلك، فشلوا حتى في طرح مشروع قانون كهذا على التصويت في المجلس التشريعي".

ويضيف جونسون أن الجمهوريين في ويسكونسن "لم يكونوا بحاجة إلى فعل أي شيء للحفاظ على غالبيتهم التشريعية – لم يكن هناك أي ضغط انتخابي عليهم للقيام بأشياء تحظى بشعبية أو الامتناع عن القيام بأشياء لا تحظى بشعبية في مجلس الولاية التشريعي".

"أصبح التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية أسهل من أي وقت مضى"

يقول لي: "تتجاوز آثار التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية المناطق التي يجري فيها التلاعب هي نفسها".

يعني وجود مقاعد غير تنافسية أن العديد من الناخبين لن تستهدفهم جهود التعبئة، ما قد يؤدي في النهاية إلى انخفاض نسبة الإقبال في مساحات شاسعة من البلاد، ما يدفع في السباقات الانتخابية إلى زيادة وانخفاض في الاقتراع.

يقول وارشو: "بسبب الاستقطاب والتكنولوجيا المتحسنة، أصبح التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية أسهل من أي وقت مضى. إذا كانت لدى طرف القدرة على التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية، ويريد رسم خريطة تثبت حزبه في السلطة، من السهل جداً القيام بذلك".

ولطالما استُخدِم التلاعب لاستهداف الأقليات العرقية. يقول لي: "الواقع الآن هو أن أي طرف إذا كان يحاول التلاعب بخريطة، فمن الأسهل بكثير استهداف المجتمعات الملونة للوصول إلى غرضه – وهذا صحيح سواء كان الطرف من الديمقراطيين أو الجمهوريين".

الأمر كله يتعلق بالفصل السكني. يلاحظ لي قائلاً: "لنفترض أن جمهورياً يمارس التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية. تكمن المشكلة في محاولة استهداف الديمقراطيين البيض في أنهم في كثير من الأحيان يعيشون بالقرب من الجمهوريين البيض – في المنزل نفسه أحياناً. ما لم يتمكن من إيجاد طريقة لرسم خط على سرير شخص ما للفصل بين زوجين، فتحقيق هدفه صعب حقاً".

ويضيف: "من الأسهل بكثير القول: 'أوه، حسناً، فلنجمع بين هذه الأحياء السوداء'، أو 'دعونا نفرّق بين هذه الأحياء السوداء ونعدّل التكافؤ الحزبي الخاص بالخريطة زيادة أو نقصاناً'"، في إشارة منه إلى تكتيكات التلاعب المعروفة باسم "الجمع والتفريق".

ويسأل وارشو قائلاً: "من الصعب فصل ذلك عن التنافس الحزبي بالنظر إلى أن الغالبية العظمى من الناخبين السود هم من الديمقراطيين – ما مقدار العداء العنصري في مقابل العداء الحزبي في هذه الخطوة؟". لكنه يضيف: "لو لم يكن لدينا قانون حقوق التصويت، لرأينا حرماناً جماعياً للناخبين السود من التصويت في أنحاء الجنوب كله".

ويشير جونسون إلى أن الناخبين السود واللاتينيين في ويسكونسن "هم المجموعات الوحيدة التي تعيش في تجمعات كبيرة بما يكفي لكي ينطبق عليها قانون حقوق التصويت".

ويضيف: "الغريب في ذلك هو أن متطلبات قانون حقوق التصويت والأهداف الجمهورية للتلاعب بحدود الدوائر الانتخابية متفقة في مكان مثل ويسكونسن – ينص القانون في شكل أساسي على جمع الناخبين السود واللاتينيين في مناطق ذات غالبية سوداء ولاتينية. ولأن الناخبين السود واللاتينيين يصوتون بقوة للديمقراطيين، ترقى الخطوة إلى جمع للناخبين الديمقراطيين بموجب القانون، وهو ما يتحمس الجمهوريون للقيام به".

"تحول في الغرب الأوسط الأعلى بأكمله تقريباً"

عند سؤال وارشو عن الولاية الأسوأ على صعيد التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية، قال: "حتى وقت قريب، كنت سأقول ويسكونسن، لكن الخريطة الجديدة تمثل تحسناً كبيراً".

ويضيف: "على الجانب الديمقراطي هناك إلينوي، ربما تكون هذه الولاية أسوأ ولاية باقية. بعد ويسكونسن على الجانب الجمهوري هناك أوهايو – إن الولاية، على رغم أن وضعها كان من المحتمل أن يكون أسوأ، لا تزال تعاني من تلاعب عميق".

يقول وارشو: "يحاول الإصلاحيون في أوهايو تمرير تشكيل لجنة غير حزبية حقاً، ستمثّل إصلاحاً ضخماً. إن وضع خرائط [أكثر إنصافاً] في أوهايو سيؤدي حقاً إلى تحول في الغرب الأوسط الأعلى بأكمله تقريباً مقارنة بعام 2012".

لكن في النهاية، عند التفكير في الانتخابات العامة في الخريف، يجادل جونسون بأن "كل شخص تقريباً لديه رأي حول جو بايدن أو دونالد ترمب. تلك المواقف تجاه المرشح الرئاسي هي التي ستوجه التصويت لمرشحين لمناصب أدنى أكثر من العكس. لذلك على رغم أن لدينا انتخابات مجلس الولاية التشريعي هذه الأكثر تنافسية في ويسكونسن، لا أعتقد بأنه سيؤدي إلى زيادة الإقبال على الانتخابات الرئاسية".

وفي تلخيص للتغيير على مدى العقد الماضي، يقول جونسون إن من الممكن أن يفوز ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن "لا يزال بإمكان الديمقراطيين الفوز بغالبية في مجلس النواب حتى في هذا السيناريو، وهو أمر رائع".

ويمضي الزميل الباحث في جامعة ماركيت ليقول إن التنافس الحزبي قد يحل محل التلاعب بحدود الدوائر الانتخابية، ما ينتج آثاراً مماثلة.

يختم جونسون: "ستتلخّص المشكلة المتزايدة في أن ناخبين كثيرين يصوتون بالطريقة نفسها كل مرة. هناك أشخاص كثيرون يصوتون فقط للجمهوريين أو يصوتون فقط للديمقراطيين إلى درجة أن المرء، حتى لو كان يحاول رسم خرائط غير محكومة بالتنافس الحزبي للدوائر الانتخابية، سينتهي به الأمر أيضاً إلى وضع لا تتوافر فيه مقاعد تنافسية كثيرة، ولا يتوافر مجلس تشريعي متجاوب للغاية لهذا السبب. أداء الحزبين سيء للغاية في التنافس على الأصوات – هما يبقيان قواعدهما مغلقة".

© The Independent

المزيد من تقارير