قرر بنك اليابان المركزي خلال اجتماعه الأخير، الأربعاء الماضي، رفع سعر الفائدة للمرة الأولى منذ 17 عاماً، وأقر البنك الياباني كذلك التخلي عن سياسة الفائدة السلبية ورفع الفائدة إلى مستوى (+0.1) في المئة من المستوى السابق (-0.1) في المئة للمرة الأولى منذ عام 2007، وبذلك تكون اليابان آخر الاقتصادات التي تتخلى عن سياسة الفائدة السلبية في مسعى منها خلال الأعوام الماضية إلى تحفيز الاقتصاد الذي يعاني ركوداً طويلاً بعد انفجار فقاعة العقارات في اليابان عام 1990، ليدخل بعدها الاقتصاد في موجة ركود طويلة أجبرت صناع السياسة النقدية بالإبقاء على سعر الفائدة عند مستوى الصفر وأقل منه لفترات طويلة.
ويهدف البنك بهذه السياسة إلى تشجيع أصحاب الأموال للاستثمار في الاقتصاد الحقيقي نسبة لكلفة الإيداع، وهذه ضمن حزمة الإجراءات لمكافحة الركود العميق للاقتصاد مثل التيسير النقدي، إذ يعد بنك اليابان من أول البنوك المركزية في العالم تطبيقاً لسياسة شراء الأصول والأوراق المالية والسندات، إلى جانب استخدامه سياسة التحكم في منحنى العائد للسندات.
وكل هذه الأدوات استخدمها البنك لتحفيز الاقتصاد وهي تعد إجراءات استثنائية غير طبيعية تخلى البنك عنها الآن ليعود لاستخدام الأدوات التقليدية، وهي رفع سعر الفائدة عند كبح جماح التضخم.
وفي آخر قراءة للتضخم في اليابان فقد ارتفع المؤشر إلى 2.8 في المئة، وهو الارتفاع الأول خلال أربعة أشهر. ويعد مؤشر التضخم في اليابان، باستثناء أسعار الغذاء والطاقة، أعلى من المستوى الذي يستهدفه البنك وهو اثنين في المئة، وتزامنت هذه الارتفاعات في معدل التضخم مع زيادة في الأجور من قبل الشركات اليابانية، وهي زيادة سترفع شهية إنفاق المستهلكين وتزيد الطلب الداخلي، ونتج من ذلك تحرك معدل التضخم للأعلى ليسمح لبنك اليابان المركزي بالتخلي عن السياسة النقدية غير التقليدية، بما في ذلك التخلي عن الفائدة السلبية.
إنهاء الفائدة السلبية
ومنذ توليه مسؤولية بنك اليابان المركزي في أبريل (نيسان) 2023 تصدى المحافظ أويدا كازوو لمهمة إنهاء تقييد السياسة النقدية وبداية دورة جديدة خلفاً لنظيره هاروهيكو كورودا الذي كان يعمل على تحفيز الاقتصاد بتوفير تمويل معدوم الكلفة، مما تسبب في ارتفاعات كبيرة للأسهم ولكنه في الوقت نفسه ضعف عملة اليابان، وتسببت سياسته في ضغط كبير على القطاع المصرفي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان أويدا بين خيار الخروج الفوري من سياسة الفائدة السلبية وترقب وانتظار مسار مؤشرات الاقتصاد، أو الانتظار حتى توفر الظروف المناسبة لبداية تشديد السياسة النقدية، ولكنه اختار الخيار الأول وقام برفع الفائدة، والأسواق الآن تترقب الخطوات المقبلة لبنك اليابان المركزي.
الين يعود مجدداً كعملة تمويل دولية
إلى ذلك، يلعب الين الياباني هذا الدور مستفيداً من الانخفاض الشديد في سعر الفائدة مقارنة بعملات الاقتصادات المتقدمة الأخرى، وتحدث هذه العملية بأشكال مختلفة مثل الاستدانة بالين، وأيضاً من طريق سوق العملات الأجنبية، إذ يشترى الين مع بيع العملات ذات العائد المرتفع والاحتفاظ بالمراكز والتكسب من فروق الفائدة بصورة يومية بحسب أحجام العقود، وهذا ما يطلق عليه التداول المحمول الخطر الذي يترتب على هذه الإستراتيجية من قبل المتداولين، وهي ارتفاع سعر صرف الين الياباني في مقابل العملات الأخرى، مما يستدعي البنك للتدخل والحد من الارتفاع الكبير لسعر الصرف.