ملخص
يشير تقرير لصحيفة "ذا إيكونوميست" إلى أن بريطانيا هي المكان الأكثر ملاءمة للعيش بالنسبة إلى المهاجرين في أوروبا على رغم كل ما تظهره الحكومة من محاولات لتقييد وصولهم إلى البلاد، منوهة إلى بطلان نظريات عدم اندماج الأجانب في المجتمع. كما تؤكد الدراسات أن السكان الأصليين أكثر الشعوب في القارة العجوز انفتاحا على العيش إلى جوار الوافدين من الخارج.
عام 2020 خرج البريطانيون من الاتحاد الأوروبي من أجل "السيطرة على حدودهم"، وبعد أقل من خمس سنوات أصدروا تشريعاً يجرم دخول البلاد بصورة غير قانونية ويسمح بترحيل اللاجئين غير الشرعيين إلى رواندا الأفريقية. على رغم ذلك، هل باتت المملكة المتحدة دولة منفرة للمهاجرين؟
يقول تقرير لصحيفة "ذا إيكونوميست" إن نسبة المهاجرين إلى إجمالي السكان في بريطانيا باتت أكبر من الولايات المتحدة، فواحد من كل ستة أشخاص في بريطانيا ولدوا من أصل مهاجر، وهذا النمو في نسبة المهاجرين جاء نتيجة فتح حكومة حزب المحافظين أبواب الهجرة أمام العاملين في مجالات مختلفة على رأسها الصحة، إضافة إلى الطلبة الأجانب واللاجئين من أوكرانيا وهونغ كونغ.
وتلفت الصحيفة إلى أن "حملة" الحكومة البريطانية على "مهاجري القوارب"، تخفي وراءها حقيقة أن الهجرة النظامية تجلب إلى البلاد أضعافاً مضاعفة مقارنة باللاجئين من فرنسا، حيث عبر القنال الإنجليزي خلال العام الماضي ما يصل إلى 30 ألف لاجئ فقط، بينما بلغ عدد المهاجرين بغرض العمل أو الدراسة أو الإقامة أكثر من 1.2 مليون شخص وفق بيانات يونيو (حزيران) 2023.
ما يثير الدهشة أكثر وفق "ذا إيكونوميست" أن بريطانيا تستقدم الأجانب للقيام بأعمال بسيطة. كما أنها تمنح التأشيرة لطلاب لا يتمتعون بكفاءات عالية، و"يمكن أن يعملوا لاحقاً في توصيل البيتزا". أما فرضية فشل التعددية في المملكة المتحدة وعيش المهاجرين في "تجمعات مغلقة"، فسقطت بفعل التأثير الكبير للأجانب في المجتمع، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.
ويشير التقرير أيضاً إلى أن فرصة الدارسين الوافدين من الخارج للعمل في دول الاتحاد الأوروبي تقل بنحو 10 نقاط مقارنة بالسكان الأصليين. أما في بريطانيا، فالفجوة نقطتان فقط، حتى إن أصحاب التعليم البسيط أو الضعيف قد يعملون بسرعة أكبر من البريطانيين أنفسهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتستطرد الصحيفة أن أبناء المهاجرين الذين لا يتحدثون الإنجليزية كلغة أولى، يتحصلون على درجات أفضل من البريطانيين في امتحانات الثانوية العامة بمادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية. أما في دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا، فإن حال الطلبة الأجانب أسوأ من أبناء الدولة نفسها، وفق نتائج اختبارات علمية أجرتها جهات متخصصة.
وتؤكد "ذا إيكونوميست" أن المهاجرين في بريطانيا لا يعيشون في "غيتوهات مغلقة"، بل هم موجودون إلى جانب السكان الأصليين في كل المدن والأرياف على امتداد المملكة المتحدة، إضافة إلى أن أبناء المهاجرين باتوا اليوم يشغلون أرفع المناصب السياسية في الدولة ويترأسون الحكومات في اسكتلندا وبريطانيا وويلز.
إلى ذلك، لا تعد بريطانيا بلد حرب ولا تملك حدوداً برية مع دولة أخرى، لذا لا يصل إليها كثير من المهاجرين غير الشرعيين. كما أن الإنجليزية التي يتحدث بها كثيرون حول العالم، يسهل على المهاجرين تعلمها، إضافة إلى أن سوق العمل في المملكة المتحدة تنطوي على فرص أكبر بكثير من أي سوق أوروبية أخرى.
بقيت نقطة أخيرة يستند إليها تقرير "ذا إيكونوميست"، وهي أن البريطانيين أكثر انفتاحاً على العيش مع المهاجرين من بقية الشعوب الأوروبية، إذ يشير مسح "القيم العالمية" إلى أن خمسة في المئة فقط من البريطانيين اعترضوا على مجاورة مهاجرين وأطفال الأجانب في المدارس أقل عرضة للتنمر من البريطانيين، وهذا يختلف عن كثير من دول أوروبا.
وتخلص الصحيفة إلى أن ليس في المملكة المتحدة "مهاجرون ضيوف" يحلمون بالعودة لديارهم، ولا يزال الرهان على الاندماج فيها رابح لأنها بيئة ملائمة للوافدين من أرجاء العالم.