في عام 2003 وبعد أن احتل الجيش الأميركي العراق وفككت الدولة العراقية، صرح وزير الخارجية السعودي الأسبق سعود الفيصل بتصريح أثار غضب الأميركيين، وهو أن أميركا "قدمت العراق لإيران على طبق من فضة"، وهو ما أغضب على وجه خاص وزيرة الخارجية وقتها كونداليزا رايس التي اتصلت به مطالبة بالتراجع عن هذه التصريحات، لكنه رفض.
يرى مؤلف كتاب "الخليج العربي - عربستان الأحواز في الوثائق البريطانية والفارسية" أن هذه التصريحات كانت دقيقة، "ولكن السياسة الغربية تجاه المنطقة العربية كانت ولا تزال غير نزيهة واستعمارية"، وهو ما يمهد لفكرة كتاب الباحث والكاتب حامد الكناني المقيم في لندن، الصادر عن الدار العربية للموسوعات في لندن، في 352 صفحة من القطع الكبيرة وسبعة فصول مدعمة بالمصادر العربية والأجنبية، خصوصاً بعض وثائق الأرشيف الوطني البريطاني التي رفعت عنها السرية في العقد الأخير.
مهر الكناني مؤلفه بإهداء إلى روح شقيقه (أبو علي) و"شهداء الأحواز الذين كتبوا بدمائهم وأرواحهم الطاهرة سطوراً من الكرامة في التاريخ"، مضيفاً "المحررون لا وجود لهم، والشعوب وحدها هي من تحرر نفسها"، وهي عبارة استشهد بها للثائر الشهير تشي جيفارا.
وهو إهداء كاشف يشير إلى جوهر القصة التي نحن بصددها، وإلى جوهر البحث الذي يلخصه المؤلف في "تبيين الحقائق التاريخية التي اندثرت تحت تزاحم القضايا العربية ليطلع عليها أبناء الشعوب العربية من جانب، ودحر المزاعم التاريخية والمعلومات المضللة التي تستهدف الوجود العربي في المنطقة العربية"، ساعية إلى مصادرة حقه التاريخي وإرثه الحضاري. وبين الكاتب ذلك من خلال بحثه، مستنداً على الوثائق البريطانية والإيرانية الرسمية، ليكشف عن الطريقة التي توسعت بها إيران جنوباً بعد أن كانت محصورة بين جبال زاجروس من الجنوب وبحر قزوين من الشمال.
مصادر عديدة وحقائق أقل
وإذا كان هناك العديد من المصادر والكتب والدراسات التي تطرقت لقضية الأحواز أو القضية الأحوازية خلال العقود الماضية، إلا أن قليلاً منها كما يرى الكناني اعتمد على وثائق رسمية ورسائل خطية، كما أن الكتابات في الغالب كانت تتأثر بالمصالح السياسية التي تفرضها الدول والعلاقات مع إيران، والكتاب الإيرانيون لاسيما الفرس كتبوا من وجهة نظرهم ذات الدوافع السياسية "وأحياناً عنصرية" - بحسب المؤلف - لهذا فإن كتاباتهم جاءت تفتقد للمهنية والحياد.
يذكر رضا خان بهلوي في مذكراته "كان الشيخ خزعل أميراً مستقلاً داخل حدوده، ليس لحكومة طهران أي سلطان عليه. ومضت عليه أعوام من دون أن يدفع الخراج السنوي لبلاد فارس، غير أنه كان أحياناً يرسل بعض الهدايا إلى شاه إيران شخصياً"
انطلق المؤلف من فرصة فتح الأرشيف الوطني البريطاني ليصل إلى معلومات ورسائل ذات طابع سري، ليجيب من خلالها عن الأسئلة المعلقة التي كانت مثار استفهام ولم يكن لها من إجابات واضحة. وهي الأسئلة التي حددها المؤلف في 10، هي التي حددت إطار البحث وأهميته، وتلخصت هذه الأسئلة في الكشف عن تاريخ الأحواز، ولماذا وهي مهد الحضارة العيلامية نسبت إلى حضارة لشعوب غازية، وهل كانت تاريخياً جزءاً من ممتلكات فارس؟ وكيف استبدلت الأسرة القاجارية في إيران بالبهلوية، ومتى ظهرت نظرية العرق الآري ومن هم الآريون في إيران؟ وصولاً إلى دور المراجع الشيعة في دعم الدولة القومية في إيران، إلى استفهام كبير حول "هل الأحواز دولة خليجية محتلة؟"، ختاماً بالاستفهام الذي يطرح سؤالاً مستقبلياً، هل تغيرت سياسات طهران تجاه المنطقة بتغيير النظم، أو هل ستتغيير بمعنى آخر.
لم تكن الوثائق بحسب الكتاب سواء بريطانية أم إيرانية أم مدونات أخرى، إلا مجرد دليل إرشادي لما ساقه الكاتب من تحليل ورؤى في محاولة لاستخلاص الحقائق الغائبة أو المفقودة، فعبر التاريخ قد تتغير أمور كثيرة وتضيع حقوق أو تنسج سرديات مختلفة عن أمر ما في حين أن الحقيقة أمر مختلف. لهذا فإن فك رموز الوثيقة يلعب دوراً في الوصول إلى المنسي والغائب والمجهل في التاريخ، بما يصحح المفاهيم برؤية الكاتب، الذي وجد نفسه أمام كم هائل من المؤرشفات التي يمتد عمرها لأربعة قرون ماضية، تغطي كل شيء تقريباً من الشخصيات إلى القبائل إلى الموظفين الإداريين البريطانيين، هنا يطرح الكناني وظيفته التي لخصها في "توفير المصادر الدقيقة والموثقة لمن يريد أن يكتب عن قضية بلاد عربستان الأحواز بأمانة وإخلاص".
تحديات رحلة غير ممهدة
ثمة تحديات واجهت المؤلف في عمله هذا، فالرحلة لم تكن ممهدة، لاسيما أن التاريخ الأحوازي كتب أغلبه من الأجانب، مما جعل الموضوعية محل شك، ما عدا الأميركي وليم سترنك مؤلف "حكم الشيخ خزعل بن جابر واحتلال إمارة عربستان" وغيره، الذي يرى المؤلف أنه كان موضوعياً في الطرح، فالبقية من عسكريين غربيين مثلاً كانوا يديرون في فلك المصالح ومواءمة السياسات الخاصة ببلادهم، من ناحية ثانية فإن ما سطره الدبلوماسيون الأجانب الذين عملوا في المنطقة، كانوا يتعمدون إخفاء دور بلادهم في ضياع الأحواز، لهذا "لا يمكن الركون" إلى مؤلفاتهم إلا بعد التمحيص.
يبقى الإشارة للنتاج العربي الذي جاء بحسب المؤلف من مصادر غير أحوازية أو تأثر بمواقف بلادهم السياسية تجاه إيران، لهذا فقد ركزوا على الجزء الشمالي من الأحواز متناسين الجزء الجنوبي، أي الساحل الشرقي والجزر التابعة له، يشير الكاتب هنا إلى "أن النسيج السكاني في الساحل الشرقي لا يتجانس ثقافياً ومذهبياً مع التركيبة السكانية في الأحواز والجنوب العراقي، بل يأتي امتداداً طبيعياً للتركيبة السكانية في الضفة الثانية من الخليج العربي".
أيضاً من تحديات البحث إشكالية البحث في المصادر الفارسية، وهنا يشير الكناني إلى التزوير الذي حدث في المصادر التاريخية، حيث اختفت النسخ الأصلية وتغيرت النصوص والحقائق في الطبعات الجديدة "ضمن خطط حكومية مدروسة وممنهجة بغية غلب التركيبة السكانية على حساب السكان الأصليين وهم العرب"، ويوضح بأن أغلب دور النشر الإيرانية لم تقف عند حد حذف التسميات العربية بل أيضاً النصوص التي تطرقت بنوع من الموضوعية للأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية التي كانت رائجة في الأحواز، ومن أبرز دور النشر المتلاعبة دار نشر "خرمشهر"، على رغم ذلك التزييف نجد أن الشاعر الفارسي أبو القاسم فردوسي، ذكر الأحواز مراراً في قصائده بجانب إيران والروم، وتعامل معها كدولة مستقلة ما يخالف ما تم لاحقاً من تلاعب بالتاريخ. أيضاً الكاتب الإيراني هو أسير الغمامة السياسية وما تحكيه في البلاد، فمثلاً الفترة من 1941 إلى 1953 حدث فيها كثير من الأحداث بالأحواز في ظل غياب سلطة مركزية وقتذاك، على رغم ذلك بقيت القضية الأحوازية وفقاً للكناني "مغيبة بشكل واضح في التوثيق الفارسي لتلك الحقبة بسبب طابعها التحرري والسعي لإعادة استقلالها".
يبقى السؤال عن المؤلف والكاتب الأحوازي ماذا فعل؟ هنا يسوقنا الكتاب إلى مشهد يفيد بأن الظروف الاقتصادية والأمنية لم تمنع من محاولة كتابة التاريخ بعيداً من الرواية الحكومية، لكن وجود هؤلاء الكتاب داخل إيران وخضوع دور النشر للرقابة، فإن ذلك حال دون قول كل شيء. وانعكست الرقابة على استخدام التسميات الفارسية للمدن والمواقع الأحوازية، وحلت محل التسميات العربية، كذلك اختفى الحديث عن فترات الاستقلال التي شهدتها الأحواز في عقود ماضية، كما تم تحجيم حروب الدفاع التي خاضها شعب الأحواز عبر التاريخ ضد الغزاة، أيضاً تم التلاعب بنسبة العرب في الأحواز وإيران لتصل رسيماً إلى خمسة في المئة في حين أنها على أقل تقدير ليست أقل من 12 في المئة.
كان ثمة تخوف إنجليزي من تصدير الثورة الشيوعية شرقاً إلى الهند وإلى الخليج العربي غرباً، فعمل الإنجليز على محاصرة المد الشيوعي الذي بدأ التحرك باتجاه إيران، وذلك من خلال تغيير النظام السياسي في بلاد فارس
هناك مسألة أخرى يتوقف عندها المؤلف، وهي خريطة الأحواز في المصادر العربية، ففي الخريطة التي نشرت في السبعينيات من القرن الماضي من جبهة تحرير عربستان، تظهر مساحة الأحواز بحدود 370 ألف كيلومتر مربع، وهو ما تبناه العديد من التيارات والأحزاب الأحوازية، بشكل عفوي من دون مراجعة وهو ما التقطه الكتاب العرب، يرى الكناني أن المساحة لا تتناسب مع الإقليم التاريخي، وينسج المسوغات لذلك والشواهد بالتفصيل.
توسع بلاد فارس والدور الاستعماري
تشير خلاصة البحث إلى الوضع السياسي للأحواز والساحل الشرقي في العهد الإسلامي إلى الوقت الراهن، مروراً بالأحداث التي وقعت في ظل حكم الشيخ خزعل ابن جابر آل مرداو (1897 – 1925)، متطرقاً إلى الظروف التي أدت ببلاد فارس ودفعتها إلى التوسع جنوباً واحتلال الأحواز وفرض سيطرتها على إمارات الساحل الشرقي والجزر التابعة وغرب بلوشستان.
أيضاً يلقي الكاتب الضوء في الخلاصات على الدور الاستعماري البريطاني بالتحديد، حيث يقول وكيف أن هذا الدور ساعد في توسيع بلاد فارس جنوباً تعويضاً لها عن الأراضي التي فقدتها في الشمال، ويضيف بأن الاستعمار كرس تسمية "خليج فارس" نكاية بالعثمانيين، كما عملت بريطانيا لاحقاً على منع روسيا وفرنسا وألمانيا من الوصول إلى منطقة الخليج العربي ومنافستها اعتقاداً منها بأن الخليج العربي وهضبة بلاد فارس يشكلان البوابة الطبيعية للوصول إلى الهند. ويمضي بنا إلى ظهور الدولة الفارسية التي أطلق عليها إيران عام 1935 والسياقات التي أدت إلى ذلك من خلال سرد يتتبع المسارات الاستعمارية، إضافة إلى تأثيرات العوامل البيئية والقحط والمجاعات وغيرها من العوامل، وهنا لابد من الإشارة إلى الثورة البلشفية عام 1917 وكيف انعكس ذلك على الجار الجنوبي إيران، إذ سقطت بعض المحافظات الشمالية من بلاد فارس بيد البلشفيين الروس، وكان ثمة تخوف إنجليزي من تصدير الثورة الشيوعية شرقاً إلى الهند وإلى الخليج العربي غرباً، فعمل الإنجليز على محاصرة المد الشيوعي الذي بدأ التحرك باتجاه إيران، وذلك من خلال تغيير النظام السياسي في بلاد فارس القائم على ولايات شبه مستقلة إلى نظام مركزي شمولي يقوده العسكر عرف باسم دولة إيران الحديثة التي توسعت من الجهات الأربع على حساب الشعوب غير الفارسية في مواطنها التاريخية، وفرضت القومية الفارسية ولغتها وثقافتها على أقاليم غير متجانسة من حيث اللغة والتاريخ والجغرافيا وحتى المذهب.
نشوء الدولة الإيرانية وقضية الأحواز
في استعراض لفصول الكتاب يتطرق الفصل الأول إلى الدولة الإيرانية ونشؤوها ومراحل توسعها، ويناقش مواضيع مثل الوجود الفارسي في المنطقة العربية وأصول الفرس مروراً بصراع المصالح بين البريطانيين والروس في الأحواز في مطلع القرن الـ20، إذ اقترب الطرفان من المواجهة أكثر من مرة، وترد في هذا الفصل نصيحة أميركية وبريطانية لشاه إيران حول قضية الأحواز ما ورد في إحدى الوثائق السرية لوزارة الخارجية البريطانية، في إطار ملف النزاع بين البحرين وإيران في الفترة بين فبراير ومارس 1969. ينصح وزير الخارجية الأميركي لدى الأمم المتحدة وليام بي. روجرز، للسفير الإيراني لدى الولايات المتحدة هوشنك أنصاري بعدم نقل ملف النزاع المذكور إلى مجلس الأمن أو مجلس الأمن، تجنباً من أن الدول العربية (يحتمل الجزائر) قد تطرح في المقابل عرض قضية الأحواز (عربستان) وعروبتها على المجلس وعندئذ تدعمها روسيا، وكان هناك أيضاً موقف شبيه للبريطانيين. يلقي الفصل أيضاً الضوء على نشوء الدولة الإيرانية، كما يربط ذلك بمرجعيات تاريخية حول تسمية إيران بدل بلاد فارس وبرشيا، كما يتطرق إلى نظرية تفوق العرق الآري ودورالنازية في التسمية الجديدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الفصل الثاني من الكتاب نقف عند جغرافية الأحواز والساحل الشرقي والإشارات إلى الأهمية من خلال الثروات الطبيعية الهائلة التي تشكل مدخراً مستقبلياً، ويتطرق بتوسع لمزاعم إيران التوسعية، وكيف أن واحداً من أحلام الأسرة البهلوية تعلق باحتلال الخليج العربي وجنوب العراق، أما الفصل الثالث فيضعنا أمام مشهد الحضارات السامية في الأحواز بما في ذلك إلقاء الضوء على أبرز القبائل العربية، فيما ينقلنا الفصل الرابع إلى تاريخ الأحواز في العهود الإسلامية وتحريرها على يد المسلمين، وفي الفصل الخامس يضعنا المؤلف أمام أبرز الإمارات العربية في جنوب عربستان وشمالها، ويناقش الفصل السادس الإمارات العربية في شمال الأحواز وإمارة بني أسد العربية، فيما خصص الفصل السابع لإمارة آل رداو (1812 – 1925) ويتطرق إلى الشيخ خزعل بن جابر الذي لعب دوراً في تحقيق الأحواز استقلالها الداخلي والخارجي وكيف أنه كان يتمتع بعلاقات وطيدة مع ملوك العرب والفرس وأوروبا، ووصل الأمر إلى أن المراكب الأجنبية تطلق له مدافع التحية.
الشيخ خزعل... الأمير العربي المستقل
أهمية الشيخ خزعل أنه جاء في فترة شهدت فيها الأحواز أحداثاً غاية في الأهمية، من تفجر النفط الذي لفت انتباه العالم وبلور المصالح الدولية، كذلك قيام الحرب العالمية الأولى وانهيار الدولة العثمانية، والثورة البلشفية، وانهيار الحكم القاجاري في إيران وظهور رضا شاه البهلوي وأتاتورك في تركيا. يذكر رضا خان بهلوي في مذكراته "كان الشيخ خزعل أميراً مستقلاً داخل حدوده، ليس لحكومة طهران أي سلطان عليه. ومضت عليه أعوام من دون أن يدفع الخراج السنوي لبلاد فارس، غير أنه كان أحياناً يرسل بعض الهدايا إلى شاه إيران شخصياً"، وأورد في ذكره الكاتب اللبناني أمين الريحاني في كتابه "ملوك العرب" قال "فهو من أمراء العرب وإن كانت إمارته تابعة لبلاد فارس".
يتساءل الكاتب هل كان الشيخ خزعل زعيماً قبلياً؟ ويورد أن بعض النخب القبلية في الأحواز كثيراً ما اتهمته بالمسؤولية عن ضياع السيادة الوطنية من الأحواز عام 1925، ويرد المؤلف هنا "الواقع هو أن الشيخ خزعل لم يفكر بعقلية شيخ قبيلة إطلاقاً بل عقليته وبحسب المصادر الموثوقة كانت عقلية رجل سلطة ورجل دولة".
في إحدى مذكرات سيدة بريطانية وهي زوجة السفير يوردها الكتاب تشير السيدة لري لورين، التي كانت ترافق زوجها إلى ذلك المشهد المهيب للشيخ خزعل عند وصوله إلى عقد اجتماع مع الإنجليز، تقول "كان يشبه مسرحية ساحرة. كانت الوجوه عنيفة ومخيفة، وحين دخل الشيخ خزعل امتلأ المكان بالعرب".
ماذا حدث عام 1925؟
إذا كان الكتاب بشكل عام مثقلاً بالوثائق والاستشهادات فمن الصعب أن نقول عنه كل شيء، ولا بد أنه يشكل مرجعاً جديراً بالقراءة والاقتناء للمهتم بالشأن الأحوازي وهذه القضية، فإذا كان ثمة كثيراً مما كتب إلا أنك هنا ستقف على سياحة وتنقل مشفوع بالمرجعيات المتنوعة ما بين عرب وفرس وأجانب وأحواز وغيرهم، وهم يقدمون السرديات المختلفة حول قصة الشعب الأحوازي، إلى الصراع الذي أدى إلى الاحتلال عام 1925، وهو لم يكن الصراع الأول بين الشيخ خزعل ورضا خان بهلوي، ويلفت المؤلف إلى دور السفير البريطاني في إيران السير بيرسي لورين في تقويض الحكم العربي في الأحواز في ذلك العام المذكور، كما لخصها المؤلف "عندما فضلت المصالح البريطانية حينها ضابطاً فارسياً دموياً، على أمير عربي مسالم كان مشغولاً بالبناء والتطوير ونشر العلوم الحضارية، ونفذت المؤامرة ضد شعب أعزل لم يكن العداء لأي عرق أو طائفة".
في الـ15 من يوليو 1925 تأتي رسالة تهنئة من البيت البريطاني في لندن إلى السفير البريطاني في طهران السير بيرسي لورين، بعد نجاحه في تنفيذ الخطة (ب) التي اعتمدتها الحكومة البريطانية آنذاك للحفاظ على مصالحها بتشكيل دولة فارسية مركزية، وتمكين رضا خان من احتلال الأحواز عسكرياً وسلب السيادة من العرب ختمت بالقول "لا يمكنني التعليق على استياء الشيخ ومعاناته، لأنني لا أعرف بالضبط طبيعة التأكيدات التي أعطيت له، لكنني أعتقد أنه لم يتم فعل أي شيء للإضرار بسمعة بريطانيا".