ملخص
تتناقض هذه الدبلوماسية المكثفة مع نهج بايدن في التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تجنبه منذ الحرب على أوكرانيا.
برز خلاف بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ خلال محادثة هاتفية، أمس الثلاثاء، في شأن القيود الأميركية على التكنولوجيا وقضية تايوان، لكنهما سعيا إلى إرساء استقرار في العلاقات المتوترة بين بلديهما، وسيتوجه وزيران أميركيان إلى بكين قريباً، وفق مسؤولين.
والمحادثة الهاتفية هي أول تواصل مباشر بين الرئيسين منذ قمة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 في كاليفورنيا أذنت بتخفيف حدة النبرة إن لم يكن التنافس الطويل الأمد، بين أكبر اقتصادين في العالم.
وستتوجه وزيرة الخزانة الأميركية غانيت يلين، الأربعاء، إلى الصين حيث تزور مدينة غواغنتشو الجنوبية، رمز الثقل الصناعي للصين، إضافة إلى بكين، فيما يتوجه إليها وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال الأسابيع المقبلة، وفق مسؤولين.
دبلوماسية التوترات
وقالت مسؤولة في إيجاز صحافي إن "المنافسة الشديدة تتطلب دبلوماسية مكثفة لإدارة التوترات ومعالجة المفاهيم الخطأ ومنع الصراع غير المقصود، وهذه المكالمة إحدى السبل إلى ذلك".
وأضافت أن المحادثات لم تكن تهدف لحل خلافات، وكان الرئيسان منفتحين في شأن الخلافات الحادة.
واتهم شي الولايات المتحدة بخلق أخطار اقتصادية من خلال الحظر الشامل الذي يفرضه بايدن على صادرات التكنولوجيا العالية، وحذر من أنه "إذا أصرت الولايات المتحدة على لجم تطوير التكنولوجيا الفائقة في الصين وحرمانها من حقها المشروع في التطور، فلن نقف مكتوفي الأيدي"، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي الصيني.
ورفض بايدن التحذير مؤكداً خلال المكالمة مع شي أن واشنطن لن ترفع القيود التي فرضتها على الصادرات التكنولوجية الى الصين، وقال البيت الأبيض إنه أبلغ شي بأن "الولايات المتحدة ستواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استخدام التكنولوجيا الأميركية المتطورة لتقويض أمننا القومي، من دون تقييد التجارة والاستثمار بصورة غير مبررة".
ملكية "تيك توك"
وأبلغ بايدن نظيره الصيني أن الولايات المتحدة تريد تغييراً لملكية منصة "تيك توك"، في وقت يناقش الكونغرس حظر التطبيق الرائج ما لم ينفصل عن مالكيه الصينيين. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي للصحافيين إن "الرئيس كرر مخاوفنا المتعلقة بملكية (تيك توك)"، وذلك عقب المكالمة الهاتفية بين الرئيسين.
وأكد كيربي أن بايدن "أوضح للرئيس شي أن المسألة لا تتعلق بحظر التطبيق، إنما بمصلحتنا في سحب الاستثمار، من أجل حماية مصالح الأمن القومي وأمن بيانات الشعب الأميركي". وعبر مسؤولون غربيون عن قلق إزاء شعبية "تيك توك" لدى فئة الشباب، معتبرين أنه تابع لبكين وأداة لنشر الدعاية لها، وهو ما تنفيه الشركة والصين.
ووافق مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة الشهر الماضي على مشروع قانون من شأنه إجبار "تيك توك" على الانفصال عن شركة "بايت دانس" الصينية المالكة له تحت طائلة حظره في الولايات المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأيّد بايدن المسعى وإن كانت حملته استخدمت "تيك توك" للوصول إلى الناخبين الشباب. وتتضاءل احتمالات إمرار مشروع القانون في مجلس الشيوخ، وقال عدد من أعضائه إن الولايات المتحدة تتجاوز سلطتها في مسألتي الحريات المدنية وملكية الشركات.
بدوره، عبر خصم بايدن في الانتخابات الرئاسية دونالد ترمب عن قلقه لكنه لم يندد بالصين.
محاورة الأعداء
وعزز شي، أقوى زعيم للصين منذ عقود، سلطته في الداخل واتخذ نهجاً صارماً في آسيا مع حملة على الحريات في هونغ كونغ، ومواجهات حازمة خلاصة الأسابيع الأخيرة مع الفيليبين في بحر الصين الجنوبي.
لكن مراقبين أميركيين يعتبرون أن شي حريص على تخفيف حدة الاحتكاك مع الولايات المتحدة في وقت تواجه الصين رياحاً اقتصادية معاكسة قاسية.
وخلال قمة كاليفورنيا وافق الرئيس الصيني على مطلبين رئيسين للولايات المتحدة، وهما فرض قيود على المواد الكيماوية الأولية للفنتانيل (مسكن الألم الاصطناعي المسبب لمشكلة الجرعات الزائدة في الولايات المتحدة)، واستئناف الحوار بين الجيشين لإدارة الأزمات.
وقد يرى شي أيضاً مزيداً من الفرص للتعاون مع بايدن الذي سيواجه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل دونالد ترمب الذي يعتبر الصين عدواً لدوداً.
وأبقى بايدن على بعض إجراءات ترمب الصارمة أو حتى قام بتسريعها، لكنه حدد أيضاً مجالات ذات اهتمام مشترك مثل مكافحة تغير المناخ.
وقال البيت الأبيض إن بايدن ضغط على شي لضمان "السلام والاستقرار" في مضيق تايوان قبيل تنصيب الرئيس المنتخب لاي تشينغ تي في الـ20 من مايو (أيار) المقبل.
وقد نددت الصين بلاي المؤيد لهوية منفصلة لتايوان التي تحظى بحكم ذاتي فيما تطالب بكين بالسيادة عليها، لكن مسؤولين أميركيين أبدوا تفاؤلاً حذراً بألا تتجاوز التحركات العسكرية للصين قبيل موعد التنصيب الممارسات السابقة.
تواصل روتيني
وخلال الاتصال الهاتفي أكد شي لبايدن أن قضية جزيرة تايوان "خط أحمر لا يمكن تجاوزه" بالنسبة إلى الصين، مضيفاً "لن نسمح بممارسة أنشطة انفصالية وتواطؤ خارجي دعماً للقوى الاستقلالية في تايوان"، وفق وسائل إعلام رسمية.
وبموازاة حفاظها على الحوار مع الصين، ركزت إدارة بايدن بقوة على دعم حلفاء لها، وسيقوم رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بزيارة دولة للولايات المتحدة، الأسبوع المقبل، فيما ينضم الرئيس الفيليبيني فرديناند ماركوس إلى محادثات ثلاثية في واشنطن.
وكان بلينكن زار مانيلا الشهر الماضي، إذ أكد مجدداً التزام الولايات المتحدة الدفاع عن حليفتها، كما سيقوم بلينكن ويلين بزيارتهما الثانية إلى الصين في أقل من عام، مما يشير إلى عودة التواصل الروتيني بين القوتين.
وكانت زيارة بلينكن العام الماضي الأعلى مستوى لمسؤول أميركي منذ خمسة أعوام عقب جائحة "كوفيد"، وتصاعد التوترات في عهد ترمب.
وتتناقض هذه الدبلوماسية المكثفة مع نهج بايدن في التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تجنبه منذ الحرب على أوكرانيا.
وأعرب بايدن عن قلقه إزاء مساع صينية متزايدة إلى مساعدة روسيا في إعادة بناء قاعدتها الصناعية العسكرية، معتبراً ذلك خطراً على الأمن الأوروبي، وفق البيت الأبيض.