Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شرطيون بريطانيون يكابدون لتأمين المعيشة ويلجأون إلى بنوك الطعام

حصري: ضباط رفيعو المستوى يحاولون إنشاء بنك طعام للمجندين بعدما كشفت الأرقام مدى انعدام الأمن الغذائي بين أفراد الشرطة

شرطي تقدم بطلب اللجوء إلى بنوك الطعام لكنه رُفض. فبات يعتمد الآن على شراء الطعام عبر تطبيق يسهل إعادة بيع مواد غذائية بكلفة متدنية بعد انتهاء تاريخ صلاحيتها (رويترز) 

ملخص

عدد غير مسبوق من أفراد الشرطة البريطانية يلجأ إلى بنوك الطعام لتأمين حاجاتهم المعيشية.

علمت صحيفة "اندبندنت" أن ضباطاً قلقين في الشرطة البريطانية اقترحوا فكرة إنشاء بنوك طعام للمجندين.

وتشير أرقام إلى أن أعداداً قياسية من عناصر الشرطة يعانون الفقر الغذائي وقد لجأوا إلى بنوك طعام بسبب ركود الأجور في العام الماضي.

وبينت دراسة استقصائية أجريت على نحو ستة آلاف عنصر في الخدمة، أن فرداً من أصل خمسة، لا يتناول إحدى وجبات الطعام، وأن ما يقارب 10 في المئة لجأوا إلى بنوك الطعام في العام الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشكل ذلك زيادة بنسبة 50 في المئة تقريباً في الأعوام الثلاثة الأخيرة. ونتيجة لهذا الواقع، أشار أفراد في الشرطة إلى خفض معنوياتهم إلى أدنى مستوياتها، وإلى نزف في عدد العاملين في الأجهزة، بحيث يفكر شرطي من أصل خمسة بمغادرة السلك في السنتين المقبلتين.

تأتي هذه الأرقام بعدما اقترح ضباط رفيعو المستوى في "شرطة النقل البريطانية" British Transport Police (BTP)، إنشاء بنك طعام، لمساعدة المجندين الذين يعانون ضائقة مالية في كلية التدريب "سبرينغ هاوس" Spring House في إيسلينغتون، شمال لندن. وعلى رغم وضع دراسة أولية لهذا المشروع، فقد علمت صحيفة "اندبندنت" أنه لم تكن هناك متابعة له.

واستناداً إلى "اتحاد الشرطة في إنجلترا وويلز" Police Federation of England and Wales (PFEW)، فإنه في معدل وسطي، يبدأ عناصر الشرطة في إنجلترا وويلز خدمتهم براتب مقداره 23,556 جنيهاً استرلينياً فقط (29,681 دولاراً أميركياً)، على رغم أن أفراد السلك العاملين في لندن وفي "شرطة النقل البريطانية"، يحصلون على زيادة إضافية وفق جداول أجور مختلفة.

إلا أن الراتب الابتدائي يبقى أدنى بما يزيد على أربعة آلاف جنيه استرليني (خمسة آلاف دولار) من الأجر الذي كان يتقاضاه شرطي انضم إلى أجهزة إنفاذ القانون قبل عام 2013، وذلك بعدما طبقت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة تيريزا ماي سلسلة من إجراءات التقشف المثيرة للجدل، التي تضمنت تخفيضات في رواتب عناصر السلك.

وفي مقارنة مع رواتب الممرضات المؤهلات حديثاً في "الفئة الخامسة" Band-5 (من نظام الأجور لموظفي هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" NHS الذي يتألف من تسع فئات، ما عدا الأطباء وأطباء الأسنان وكبار المديرين)، فإنهن يحصلن على 28 ألفاً و407 جنيهات استرلينية (35,793 دولاراً)، ويرتفع المبلغ إلى 34,089 جنيهاً استرلينياً (42,952 دولاراً) في العاصمة البريطانية، المدرجة ضمن "ملحق المناطق مرتفعة الكلفة" High Cost Area Supplement (HCAS) (وهي دفعة إضافية تعطى للموظفين الذين يعملون في مناطق ذات كلف معيشية عالية).

ويتخوف خبراء من أن تدفع الأجور المنخفضة بمزيد من عناصر الشرطة إلى مغادرة الأجهزة، مع ترك أرقام قياسية منهم العمل في العام الماضي، ما من شأنه أن يعوق الجهود المبذولة لتعزيز المعايير في أجهزة إنفاذ القانون في المملكة المتحدة، وسط الفضائح المستمرة التي تورط فيها عدد من أفراد الشرطة.

ووفقاً لأحد المصادر في الشرطة تحدث مع "اندبندنت"، فإنه "يتم الطلب من المجندين الجدد إتقان عدد من المهارات وتغيير مشهد العمل الشرطي، وكل ذلك يأتي في وقت يجدون فيه صعوبات في الكلف المعيشية، ويضطرون إلى استخدام بنوك الطعام. فهل هذا مقبول حقاً؟".

أحد عناصر الشرطة كشف عن أنه على رغم تقدمه بطلب لاستخدام بنوك الطعام، فقد تم رفضه لأنه يتولى منصباً وظيفياً. ونتيجة لذلك، بات يعتمد الآن على شراء الطعام عبر تطبيق يسهل إعادة بيع مواد غذائية بكلفة متدنية بعد انتهاء تاريخ صلاحيتها.

ماثيو البالغ من العمر 49 سنة ويقيم في"ساوث أند"، يحصل على راتب سنوي بقيمة 32 ألف جنيه استرليني (40,320 دولاراً) لقاء عمله ستة أيام في الأسبوع في "شرطة العاصمة البريطانية" Metropolitan Police.

وعلى رغم ذلك، فإن هذا الموظف يجد صعوبة في تحمل كلف العيش في العاصمة، وهو ينفق أكثر من 200 جنيه استرليني (252 دولاراً) شهرياً على التنقل ما بين "ساوث إند" الكائنة في مقاطعة إيسيكس والعاصمة لندن.

وأفاد بأن أكثر من نصف راتبه الشهري يذهب على بدل الإيجار، بحيث يبقى القليل منه للفواتير والطعام والنفقات الأخرى الضرورية. وقال لـ"اندبندنت": "أضطر في كثير من الأحيان إلى تخطي وجبات طعام أثناء نوبات عملي، لأنني لا أستطيع تحمل كلف الفطور أو الغداء أو العشاء. إنني أعمل 10 ساعات يومياً، وأشعر بالجوع باستمرار".

وأضاف ماثيو قائلاً: "إن إعداد وجبات الطعام يشكل تحدياً كبيراً بالنسبة إليّ، خصوصاً مع جدول دوامي الذي يمتد على ستة أيام في الأسبوع. من ثم فإنني أجد نفسي دائماً أتخطى الحد الأقصى للمبلغ المتاح للسحب من رصيدي، وبالكاد أتمكن من تلبية حاجاتي المعيشية".

وتحدث عن مواجهته صعوبات في تدبير نفقات مثل ضريبة المجلس المحلي وفواتير الخدمات (كالطاقة والماء والهاتف وغيرها) وتكاليف الغذاء. وعزا هذه التحديات إلى الأزمة المستمرة لارتفاع كلفة المعيشة. وقال "يبدو أن كل شيء آخذ في الارتفاع إلا الأجور التي نتقاضاها".

وأبدى أيضاً قلقاً على مستقبله بالقول: "أخشى أنه عندما أبلغ في نهاية المطاف سن التقاعد، قد أصبح بلا مأوى. فليست لدى أي مدخرات على الإطلاق، وهذا الأمر يقلقني حقا".

وكشف ماثيو عن أنه وزملاء له في الخدمة، يفكرون كثيراً في ترك العمل على الخطوط الأمامية بسبب الظروف الصعبة، خصوصاً أن التصرفات الأخيرة التي قام بها عناصر مارقون، لا سيما منهم الشرطي واين كوزينز الذي قام باختطاف ساره إيفرارد واغتصابها وقتلها، قد تركت آثارها على الأجهزة التي باتت في حال ارتباك.

ولفت إلى أن "الروح المعنوية تراجعت خلال العام الماضي، وسط الظهور المستمر للفضائح". وقال "نحن جميعاً ملتزمون بعملنا، ونسعى جاهدين إلى مكافحة الجريمة، لكننا نسمع كل يوم أخباراً عن سوء سلوك للشرطة، بما فيه الاغتصاب والقتل".

وأكد أنه يفكر كما كثيرين في الانتقال من أدوار على الخطوط الأمامية، إلى أقسام مختلفة في الشرطة أو استكشاف بدائل للعمل في مجال إنفاذ القانون على الخطوط الأمامية".

ورأت أنيت بيتشي وهي خبيرة مالية في مجموعة "ميت فريندلي" Metfriendly التي أجرت البحث، وهي مؤسسة متخصصة في الشؤون المالية للشرطة، أنه "من غير المقبول على الإطلاق ألا يكون لدى أفراد إنفاذ القانون ما يكفي من المال لإعالة أنفسهم وأسرهم".

وأضافت، "على الصعيد الشخصي، أعلم أنني لا أكون في أفضل حالاتي لاتخاذ القرارات عندما أشعر بالجوع، فكيف يمكننا أن نتوقع من عناصر الشرطة اتخاذ قرارات حاسمة تتعلق بالحياة أو الموت، عندما يضطرون إلى تخطي وجبات طعام بسبب صعوبات مالية؟".

وأكدت أن أجهزة الشرطة وصلت في الوقت الراهن إلى مرحلة حرجة تشكل "منعطفاً حاسماً"، قائلة إنه "ليس من المستغرب" أن يفكر كثير من عناصرها بترك العمل في السلك.

وطالبت بضرورة "بذل مزيد من الجهود لدعم خدمات الطوارئ التي تعد بمثابة العمود الفقري لمجتمعنا، والاعتراف بالدور الحيوي الذي تؤديه الشرطة".

يأتي ذلك في أعقاب تنبيه حديث أصدره "اتحاد الشرطة في إنجلترا وويلز" في وقت سابق من هذا الشهر، لفت فيه إلى أن قطاع الشرطة يواجه ما يعرف بـ"العاصفة الكاملة" Perfect Storm (وضع سيئ تلتقي فيه مجموعة من الظروف غير المواتية) في ما يتعلق بتجنيد موظفين جدد واستبقائهم، على رغم حصول عناصر إنفاذ القانون على زيادة في الأجور بنسبة سبعة في المئة العام الماضي.

ووفقاً للاتحاد، فإن رواتب الشرطة لم تواكب أجور العاملين في سائر القطاعات العامة الأخرى أو التضخم، بحيث لم ترتفع إلا بنسبة 40 في المئة في الفترة الممتدة من عام 2000 وعام 2023، مقارنة بنحو 98 في المئة في القطاعات العامة الأخرى.

ستيف هارتسهورن أحد قادة الشرطة قال لـ"اندبندنت": "إن الأفراد يشعرون بأن الانخراط في سلك الشرطة لم يعد يستحق العناء بعد الآن. وفي الواقع، لم نشهد وضعاً بمثل هذا السوء من قبل".

وفي تعليق على الأرقام المتعلقة بعدد عناصر الشرطة الذين يلجأون إلى بنوك الطعام، قال "إنها ليست بالصورة الإيجابية الجذابة عن عمل الشرطة في السنة 2024، ولا يمكن السماح لهذا الوضع بالاستمرار".

وتساءل: "كيف يمكن أن يكون لدينا أفراد شرطة ملتزمين غير قادرين على تحمل كلف إطعام أسرهم، في وقت يخاطرون فيه بحياتهم لإنقاذ أناس من مبنى محترق أو يقفون بالمرصاد للعنف؟"

وتابع هارتسهورن قائلاً: "نحن، كمجتمع، مدينون لعناصر الشرطة والموظفين لدينا ولأسرهم، بأن نبذل قصارى جهدنا لتامين ظروف أفضل لهم".

وأخيراً دعا مفوض "شرطة العاصمة البريطانية" سير مارك رولي، إلى رفع الأجور إلى مستوى أعلى من معدل التضخم، إضافة ألفي جنيه استرليني (2,520 دولاراً) على "ملحق المناطق مرتفعة الكلفة" للندن، لمساعدة المجندين على تحمل كلف السكن ورعاية الأطفال والنفقات الأخرى في العاصمة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار