Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحنين لبريدجيت جونز... سحر الفتاة العزباء لا يزال حاضرا

الخوف من الوحدة والبحث عن الرومانسية الدافئة وتشابه سماتها الفوضوية مع كثيرات جعلها تحظى بالشعبية لعقود

لطالما ظهرت بريدجيت عزباء في "بريدجيت جونز بيبي" (يونيفرسال)

ملخص

تعمق باحثون في البحث عن سر تعلق الجمهور بطبيعة شخصية العزباء الشهيرة بريدجيت جونز بعد مرور نحو ربع قرن على عرض أول أفلام السلسة

مر نحو 28 عاماً على أول رواية عن شخصية بريدجيت جونز للكاتبة البريطانية هيلين فيلدينغ فيما عرض أول فيلم سينمائي مأخوذ عن القصة بعنوان "مذكرات بريدجيت جونز عام 2001، وبعد نحو تسعة أشهر سيكون المحتفلون بمناسبة عيد الحب على موعد مع جزء رابع من العمل الذي دشنت به رينيه زيلويغر فصلاً مهماً من نجوميتها، وبات اسمها مرتبطاً في الأذهان بأشهر عازبة في بريطانيا.

كانت شخصية رينيه زيلويغر معادلاً إنجليزياً لشخصية كاري برادو شو "سارة جيسيكا باركر" في مسلسل "الجنس والمدينة" نهاية التسعينيات، بأجزائه، والذي تحول إلى سلسلة أفلام أيضاً، مع الفارق أن كاري تعد رمزاً للموضة والأناقة وبريدجيت بالكاد ترتدي قطعاً شبه متناسقة تحاول أن تخفي بها عيوب قوامها، وعلى رغم أن رينيه مولودة في ولاية تكساس الأميركية عام 1969، وبذلت مجهوداً كبيراً كي تتقن اللهجة البريطانية، ولكنها كثيراً ما عدت من خلال دور بريدجيت جونز رمزاً اجتماعياً إنجليزياً منذ أوائل الألفية إذ كانت هواجسها تتماس مع كثير من النساء خلال تلك الفترة، بكل ما تحمله من سحر وخيبة وحمس وفتور في آنٍ معاً.

إنهن الفتيات الواقعات تحت ضغوط الاستقلالية وتحيق الذات من جهة وقوة الشخصية، مقابل تلبية التوقعات المجتمعية بالظهور بصورة مثالية جسدياً وتحقيق حلم الزواج والإنجاب من جهة أخرى مع محاولات مستميتة في النجاح بكل الاتجاهين خلال وقت قصير فتبدو أمانيهن شديدة التناقض والتعقيد ظاهرياً في الأقل.

وعلى رغم أن تلك البنود لم يعد ينظر إليها بالاهتمام نفسه في الوقت الحالي، بل باتت دعوات عدم الزواج واللاإنجابية تسيطر على أفكار شباب كثر من الجنسين بمختلف أنحاء العالم، فإن تركيبة شخصية بريدجيت جونز لا تزال تحظى بشعبية، بكل ما تحمله من مشاعر القلق والتوتر والشعور بعدم التحقق وبضرورة اللحاق بمنجزات الآخرين، وهي أفكار بالنسبة لفتيات اليوم اللاتي يظهرن على منصات السوشيال ميديا بعيدة كل البعد منهن، ولكن محاولات بريدجيت التخلص من تعقيداتها وسعيها لعيش الحياة بطريقة ممتعة لا تزال تحظى بتقدير كبير، لا سيما أنها تأخذ معها جمهورها الذي تعرف عليها للمرة الأولى قبل أكثر من عقدين، ولذا هناك تشوق ملحوظ يتم به استقبال أنباء الاستمرار في تصوير العمل.

هذا التشوق ترجم في آلاف التغريدات المرحبة بأية تفاصيل جديدة حول نسخة بريدجيت جونز في "بريدجيت جونز: مجنونة بالصبي" الذي يخرج للنور بعد نحو تسع سنوات من ثالث أجزاء السلسلة الذي حمل عنوان "طفل بريدجيت جونز"، وكانت قد اقتربت أرباح الثلاثة أجزاء بما فيها "بريدجيت جونز: حافة العقل" لسنة 2004 من 800 مليون دولار أميركي، فما سر هوس الجمهور بهذه البطلة التي تتعثر مراراً وتصاب بالإحباط والفشل وتتعرض للتنمر وحتى التحرش والسخرية والتقليل من شأنها، ومهما كان حولها عشاق وسيمون وناجحون إلا أنه ينتهي بها الحال في كل مرة وحيدة تكافح البدانة أو الإفراط في شرب الكحول أو أزمات العمل؟!

جاذبية الفوضى

كانت رينيه زيلويغر "55 سنة" نفسها أبدت دهشتها وسعادتها كذلك من تعلق الناس بدورها وارتباطهم بهم على مدى كل تلك السنوات، ولكنها بدأت تتفهم أن كثيرين يتقاسمون نفس الضغوط التي تعيشها البطلة، وعلقت بالقول" بريدجيت جونز تجسد كفاحنا اليومي، فنحن نتعرف على أنفسنا من خلال صراعاتها. وأشارت إلى أنها إنسانة تحاول تعلم قبول ذاتها على رغم تكرار أخطائها، فيما عدت المؤلفة هيلين فيلدينغ "66 سنة" أن بريدجيت جونز، تظهر للجمهور الفجوة بين ما يأملون في أن يكونوا عليه وبين ما هم عليه فعلاً في الواقع.

 

 

مخاوف البطلة تتبدد في عصر "تيك توك"

وفي حين تبدو مخاوف الشخصية التي انطلقت على شاشات السينما قبل ما يقارب ربع قرن، اليوم أقل وقعاً على نساء اليوم، اللاتي يجدن التعامل مع قسوة الحياة، بخاصة أن بريدجيت ضعيفة أمام التنمر وتتأثر بنظرة الآخرين حتى لو كانوا هم أنفسهم أصحاب عيوب نفسية واضحة، ولديها قلة ثقة بمظهرها وقد يصل الأمر إلى السكون أمام تعرضها لمحاولات التحرش، إضافة إلى خوفها ورعبها من الوحدة، مما يجعلها تفسد علاقاتها مع المحبين وتخوض تجارب سلبية في مواعدة الرجال، ولكن كل تلك الأمور باتت في عالم اليوم، محل نقاش بصوت عالٍ في ظل تنامي حركات مثل "أنا أيضاً" التي تكافح التحرش بالنساء، وأيضاً توجهات عدم الخجل من الوزن الزائد بعد أن باتت منصات عروض الأزياء بها مساحة ثابتة للعارضات اللاتي يصنفن على أنهن يعانين بعض السمنة، وكذلك اختيار الحياة مع الأطفال من دون شريك أصبح موجة لها قطاعات من المؤيدين.

بالتالي فكثير من المخاوف التي بنيت عليها أساسات الشخصية تتبدد ببساطة، ولم تعد مصدر إحراج أو خجل، وبحسب الرواية فإن بريدجيت باتت أقل نزقاً وتعلمت بعض الأمور التي تجعلها تتعايش مع عثراتها، وأصبحت أكثر استقراراً في عملها كمنتجة أخبار بمحطة فضائية، ولكن ماذا ستفعل حينما تعود للشاشات في عصر سيطرة "تيك توك" وتفشي تطبيقات السوشيال ميديا لتستعرض معاناتها مع طفلين، وذلك بحسب الأنباء المتداولة، كانت عاشت مع الجمهور مرحلة الحمل المربكة بهما في الموسم الثالث حينما كانت تبحث عن الأب الحقيقي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حين أنه لم يتم الكشف عن كثير من التفاصيل المتعلقة بالفيلم المنتظر فإن التساؤل الذي يشغل بال المهتمين يتعلق بمصير شخصية مارك دارسي التي جسدها كولين فيرث ببراعة خلال الثلاثة أفلام فهل سيحدث تعديل على سير الأحداث أم إنها ستختفي سينمائياً مثلما حدث في القصية الأصلية بعد أن أقدمت المؤلفة على جعله يفارق الحياة وسط إحباط وصدمة عشاق السلسلة؟

ومن المقرر أن يعود هيو جرانت في دور دانييل كليفر بعد أن غاب عن الجزء المعروض عام 2016، ومن بين الأبطال أيضاً إيما طومسون وليو وودال وشيويتل إيجيوفور ومن إخراج مايكل موريس.

القلق من العزوبية

الشخصية الودودة الباحثة عن الحب وعن مقاس خصر مثالي، الفوضوية ذات العادات السيئة طيبة القلب، المرحة التي تتميز ببراءة وتهور، التي اكتسبت قبولاً جماهيرياً كبيراً بخاصة مع أول جزأين في سلسلة الكوميديا الرومانسية واللذين عرضا في 2001 و2004، ومنحت بطلتهما الحائزة تمثالي أوسكار على ترشح للجائزة الرفيعة بفضل إتقانها لمعاناة الشخصية، التي كانت تأكل كثيراً كلما أصيبت بالتوتر والارتباك والحزن.

أصبحت الشخصية نفسها مرجعية رئيسة فيما يتعلق بالنساء العازبات على رغم نمطيتها الشديدة، لكنها في مرحلة من المراحل كانت واقعية إلى حد كبير وتعبر عن قطاع من النساء اللاتي يعشن صراعات مهنية ومجتمعية، بالتالي فهي حظيت بالبحث والدراسة، لمحاولة اكتساب أسباب رسوخها في المخيلة، وأيضاً سر جاذبيتها، وتأثيرها المتنامي، وبينها دراسة خضع لها 821 فرداً تراوح أعمارهم ما بين 18 و25 سنة، حملت عنوان "تأثير بريدجيت جونز: العلاقة بين التعرض لمحتويات الوسائط الرومانسية والخوف من العزوبية بين البالغين الناشئين" تمت مراجعتها من جمعية علم النفس الأميركية عام 2017، واشترك في تأليفها ثلاثة باحثين هم إليزابيث تيمرمانز وجان فان دن بولك ولينرت كوينين.

 

 

خلصت تلك الدراسة إلى أن النساء اللاتي يعشن بمفردهن وهن في مقتبل حياتهن يزداد خوفهن من العزوبية بعد التعرض لمحتوى رومانسي، لأن معظم الأعمال الفنية والإنتاجات الإعلامية تصور النساء العازبات على أنهن غير ناجحات وفي حاجة للحماية والاحتواء دوماً.

الحنين لكوميديا رومانسية بلا تعقيدات

النساء الآن بتن أكثر قوة، وأكثر دراية بكيفية التعامل مع المشكلات التي كانت تغرق بها بريدجيت وتجعلها ترتكب الحماقات، ولم تعد أزماتها الكبرى ذات شأن من الأساس أو محطاً للسخرية، كما أن طموح إيجاد الحب وتحقيق الأمومة والنجاح يمكن أن يحدث بوسائل كثيرة مع الطفرة الطبية الموجودة ومع التحرر من النزعات المحافظة بصورة مبالغ فيها، ومع سهولة التعرف على الشركاء نتيجة الثورة التكنولوجية في وسائل الاتصال والتواصل. كما أن الحصول على الاستشارات والدعم النفسي أمر في غاية اليسر، ويمكن أن يتم بلمسة واحد من بعد، ومع ذلك فالحنين لمشاهدة مغامرات البطلة لا يزال على أشده ويعبر عنه المغردون الباحثون عن قصة رومانسية دافئة لا تخلو من الابتسام، بعضهم يجد أن الضعف الإنساني لا يتغير بتغير الزمن، ومهما كانت هناك وسائل مساعدة للتغلب على المشكلات ولكن تبقى بعض الأمور مثلما هي، وآخرون يعتقدون أن بريدجيت جونز نموذج لا يزال موجوداً حتى لو بأعداد أقل، كما أن الخوف من الوحدة بالنسبة لهم شيء لن تحله التكنولوجيا، بل العكس يجدونها مصدراً من مصادر زيادة الشعور بالاغتراب.

كما أن كثيرات من معجبي العمل عايشن الشخصية منذ أن كانت في مثل أعمارهن ويرغبن في أن ينتقلن معها من مرحلة لأخرى بهدف استعادة شيء من الماضي أو الفضول البحت لمعرفة ماذا حدث لها وكيف ستتغلب على تحديات هذا العصر في ظل مسؤوليتها عن طفلين وهي بلا رجل، ولذا فهي شخصية تمثل كثيراً بالنسبة إلى المعجبين المخلصين.

وفيما يتعلق بالعمل المنتظر من المفترض أن تكون البطلة قد تجاوزت أزمة "وجهها الجديد" مع الجمهور، إذ كانت رينيه زيلويغر خضعت لتغيرات جمالية لافتة قلبت ملامح وجهها واختصرت أكثر من نصف وزنها قبل نحو 10 سنوات، إذ ظهرت في الجزء الثالث من الفيلم الذي عرض في 2016 وكأنها كائن مختلف واتهمت وقتها بالمبالغة في نحت وجهها وشد جبهتها، وفي حين حظي سيناريو العمل بإشادات كبيرة، لكن ظل وجه النجمة حاجزاً بينها وبين محبي السلسلة، ولكن بعد مرور كل تلك الأعوام من المفترض أن يكون تصالح المتابعون مع ملامح بطلته المفضلة التي لم تسلم من المعاناة في حياتها الواقعية منذ أن كانت ممثلة شابة فانتقدت مراراً وتعرضت للسخرية بسبب وزنها وبسبب نظرة عينيها وتلقت تعليقات شديدة القسوة تماماً مثل بريدجيت جونز.

المرأة شديدة العادية التي تتمتع بجماليات خاصة ولطف بالغ ونصيب كبير من الطفولة وحسن الظن على رغم التأخر في تحقيق الأمنيات وعلى رغم القائمة الطويلة من القرارات السيئة والمغامرات التي تقودها لمزيد من الأسى والتي لا تتعلم منها أبداً، كثيراً ما كانت صفات برعت رينيه زيلويغر في تجسيدها، فكثير من تلك الأوصاف يصلح عند الحديث عن شخصية الأم العزباء دوروثي بويد بفيلم "جيري ماغواير" والذي سبق عرض "مذكرات بريدجيت جونز" بنحو خمسة أعوام، فبدت دوروثي وكأنها مقدمة أو إرهاصة للدور الأيقوني، وهناك كثير من السمات المشتركة بينها، وها هي بريدجيت تصبح أيضاً في الجزء الرابع من الفيلم أماً عزباء كذلك، وكان الفيلم الذي عرض في عام 1996 قد شاركها به توم كروز وكتبه وأخرجه كاميرون كرو.

المزيد من فنون