بريطانيا ستكون الاقتصاد الأسوأ أداء في مجموعة السبع في العام المقبل، إذ يؤثر استمرار أسعار الفائدة المرتفعة والسياسة المالية التقييدية في النمو بعد الانتخابات العامة، وفي تقييمها السنوي للاقتصاد خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا إلى 0.4 في المئة هذا العام وواحد في المئة في عام 2025.
هذه الأرقام أقل من توقعات النمو البالغة 0.7 في المئة و1.2 في المئة على التوالي في مارس (آذار) الماضي.
وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومقرها باريس، إن بريطانيا ستكون أبطأ اقتصاد نمواً في مجموعة السبع العام المقبل وثاني أسوأ اقتصاد هذا العام، خلف النمو المقدر في ألمانيا بنسبة 0.2 في المئة لعام 2024.
وأشارت المنظمة إلى أن الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، في طريقها للنمو بنسبة 2.6 في المئة هذا العام، وسيبلغ متوسط نمو منطقة اليورو المكونة من 20 دولة 0.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024.
وتسلط هذه التوقعات البطيئة، التي هي أقل من تقديرات صندوق النقد الدولي ومكتب مسؤولية الموازنة، الضوء على الصورة المالية الصعبة التي تواجه وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت، ووزيرة الخزانة في حكومة الظل في حزب العمال راشيل ريفز في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة.
السياسة المالية التقيدية لبريطانيا
وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن السياسة المالية التقييدية التي تنتهجها بريطانيا، التي تتميز بارتفاع ضرائب الدخل الشخصي والإنفاق الحكومي المحدود، ستحد من النمو الاقتصادي على مدى العامين المقبلين.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن التعافي الاقتصادي المعتدل في عام 2023 كان مدفوعاً جزئياً بـ"تدفقات الهجرة الكبيرة بصورة استثنائية"، التي قال الطرفان إنهما يريدان تقليلها بصورة كبيرة في السنوات المقبلة.
وأضافت المنظمة أن "التحسن الأكثر اعتدالاً يعكس مزيجاً أكثر تشدداً من سياسات الاقتصاد الكلي، وتضخماً أعلى إلى حد ما في عام 2024".
وتستند التوقعات إلى تعهد الحكومة الحالية بخفض عبء الديون خلال السنوات الخمس المقبلة، وهي سياسة من شأنها أن تقلل النمو المحتمل للاقتصاد بنسبة 1.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2023-2025.
وفي حال فوز حزب العمال في الانتخابات، قالت ريفز إنها ستلتزم بالقاعدة المالية الحالية لحزب المحافظين لخفض نسبة الدين وفرض قيود إضافية لتحقيق التوازن بين الإنفاق الحكومي اليومي والإيرادات في غضون خمس سنوات.
الفائدة في بريطانيا نحو الانخفاض بنهاية 2025
وقالت المنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إنها تتوقع انخفاض أسعار الفائدة في بريطانيا 5.25 في المئة إلى 3.75 في المئة بحلول نهاية العام المقبل، مع تأجيل أول تخفيف نقدي إلى النصف الثاني من عام 2024 بسبب ارتفاع التضخم في قطاع الخدمات كثيف الأجور، مضيفة أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين لن ينخفض إلا إلى هدف بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) البالغ اثنين في المئة في عام 2026.
ورداً على هذه الأرقام، قال وزير الخزانة جيريمي هانت "هذه التوقعات ليست مفاجئة بصورة خاصة نظراً إلى أن أولويتنا للعام الماضي كانت معالجة التضخم بأسعار فائدة أعلى"، مستدركاً "لكننا الآن ننتصر في تلك الحرب، فالنمو مهم، ولهذا السبب من المهم توقع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي أن تنمو بريطانيا بصورة أسرع على مدى السنوات الست المقبلة من أية دولة أوروبية في مجموعة السبع أو اليابان، وللحفاظ على ذلك، يتعين علينا أن نلتزم بخطتنا، وسوق العمل المرنة، وإصلاح الرعاية الاجتماعية بعيد المدى".
وعلى رغم خفض وزير الخزانة التأمين الوطني بمقدار أربعة بنسات منذ بداية العام، إلا أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قالت إن العبء الضريبي في بريطانيا لا يزال في طريقه للوصول إلى مستوى قياسي بعد الحرب بنسبة 37 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت المنظمة إلى أن الخفوضات في صافي الدخل لم تكن كافية لتعويض الزيادات الضريبية الأوسع على الأسر، التي جمدت عتبات ضريبة الدخل الخاصة بها نذ عام 2021، على رغم ارتفاع التضخم، وهي عملية تعرف باسم السحب المالي، مضيفة أن "الإنفاق الحكومي الإجمالي سيكون أيضاً أعلى بنسبة ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2029، مقارنة بمستويات ما قبل الوباء، بسبب كلفة السياسات باهظة الثمن مثل الحفاظ على القفل الثلاثي للمعاشات التقاعدية وارتفاع عدد الحالات للحصول على المزايا المتعلقة بالصحة".
ووجهت المنظمة انتقادات مستترة إلى القاعدة المالية الحالية للحكومة، بعد أن اتهمتها بالتلاعب بها لدفع كلف الخفوضات الضريبية قصيرة المدى مع خفوضات كاسحة على القطاع العام بعد عام 2025، إذ قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن بريطانيا في حاجة إلى "خطط مفصلة وذات صدقية في شأن تخصيص الجهود المالية على مستوى الإدارات، بناء على مراجعات الإنفاق".
من جانبه قال حزب العمال إنه سيجري مراجعة للإنفاق في غضون أسابيع من انتخابه، وهي عملية ستخصص عشرات المليارات من الجنيهات للإدارات الحكومية على مدى السنوات الخمس المقبلة.
الاقتصاد العالمي يتحسن
وتشير التوقعات الأوسع إلى أن النمو العالمي سيكون مستقراً عند 3.1 في المئة هذا العام، كما الحال في عام 2023، ثم يتسارع بنسبة 3.2 في المئة في عام 2025.
وعن ذلك قالت كبيرة الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كلير لومبارديلي إن "الاقتصاد يتحسن الآن".
وهذه هي آخر توقعات سنوية تصدرها لومبارديلي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قبل مغادرتها منصب نائب محافظ بنك إنجلترا اعتباراً من الأول من يونيو (حزيران) المقبل.