في مؤشر على الضغوط التي تواجه الشركات القطرية، لا سيما بقطاع الخدمات، أعلنت الخطوط الجوية القطرية استمرار مسلسل الخسائر لتحقق خسارة للعام الثالث على التوالي.
وحسب البيانات المالية للناقلة القطرية تضاعفت خسائرها بأكثر من 8 مرات خلال العام المالي المنتهي في الـ31 من مارس (آذار) الماضي، لتسجّل 2.33 مليار ريال (640 مليون دولار)، مقارنة مع خسائر 251.6 مليون ريال (69.55 مليون دولار) في العام المالي 2017 - 2018.
وهبطت أصول شركة الطيران الوطنية في قطر بنسبة 5.6% خلال العام المالي الماضي إلى 98.1 مليار ريال (27 مليار دولار)، مقابل 104 مليارات ريال (28.7 مليار دولار) بالعام المقارن.
وتأثرت نتائج أعمال "القطرية" من ارتفاع التكاليف التشغيلية بنسبة 18% إلى 50 مليار ريال (13.8 مليار دولار)، من 42.26 مليار ريال (11.65 مليار دولار) في العام السابق له.
وفي السياق ذاته، أوردت البيانات انخفاض دخل العمليات التشغيلية الأخرى بنسبة 20% خلال العام المالي الماضي إلى 136.39 مليون ريال (37.6 مليون دولار)، مقارنة بـ113.43 مليون ريال (31.2 مليون دولار) في العام المالي المنتهي في مارس (آذار) 2018.
كما هبطت الإيرادات الأخرى للمجموعة بنسبة 36% إلى 2.28 مليار ريال (628 مليون دولار)، مقابل 3.59 مليار ريال (990 مليون دولار) بالعام السابق له، فيما زادت خسائر قيمة الممتلكات والمنشآت والمعدات بنسبة 452% عند 152.3 مليون ريال (42 مليون دولار)، مقابل 27.55 مليون ريال (7.6 مليون دولار) في العام السابق له.
في المقابل، ارتفعت إيرادات الشركة بنسبة 14% إلى 48.02 مليار ريال (13.2 مليار دولار) بالعام الماضي، من 42.12 مليار ريال (11.6 مليار دولار) بالعام المقارن.
3 عوامل رئيسية وراء الخسائر
وتعليقاً على النتائج قال أكبر الباكر الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية، "النتائج المالية تحققت في ظل تحديات لا نظير لها تواجه قطاع الطيران العالمي، ما أدى إلى تحقيق صافي خسارة بقيمة 2.3 مليار ريال (644 مليون دولار)، وذلك بسبب خسارة وجهات كانت تحظى بإقبال كبير، وارتفاع أسعار الوقود وتقلبات أسعار الصرف"، إلا أنه يرى أن "الأساسات التي تقوم عليها أعمال الخطوط القطرية ما زالت شديدة القوة، ولم تتأثر بهذه الخسارة".
وأطلقت الناقلة الوطنية لدولة قطر 11 وجهة جديدة في عام 2019، وأضافت الناقلة 31 وجهة إلى شبكة وجهاتها العالمية منذ بدء المقاطعة العربية في يونيو (حزيران) وحتى الأول من شهر سبتمبر (أيلول) 2019، ليرتفع بذلك عدد الوجهات التي تسيّر رحلاتها إليها إلى أكثر من 160 وجهة في مختلف أنحاء العالم.
فيما أضافت الناقلة 25 طائرة جديدة إلى أسطولها من الطائرات، ليرتفع إلى 250 طائرة، فيما لديها 300 طائرة تحت الطلب، تبلغ قيمتها أكثر من 85 مليار دولار.
وفي السنة المالية الماضية، استمرت الاستراتيجية الاستثمارية للناقلة بالنمو، إذ استحوذت على 5% من إجمالي رأس المال المعلن في خطوط جنوب الصين الجوية، ولدى الناقلة استثمارات في شركات طيران عالمية، مثل طيران إيطاليا، وكاثي باسيفيك، والمجموعة الدولية لشركات الطيران وجيت سويت ولاتام.
انخفاض زوار الدوحة يضع ضغوطاً إضافية
وتأتي نتائج القطرية في ظل تراجع عدد زوار البلاد مع تجاوز المقاطعة العربية للدوحة لأكثر من عامين، وفي 5 يونيو (حزيران) من العام 2017، أعلنت 4 دول عربية (السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر) مقاطعة الدوحة إثر اتّهامات للأخيرة بدعم جماعات إرهابية والعمل على زعزعة استقرار الدول الأربع المقاطِعة، وهي التهم التي تنفيها قطر، الدولة الخليجية الصغيرة والغنية بالغاز.
فيما تردّ الدوحة بأن المقاطعة ما "هي إلا محاولة للتأثير على قرارها السياديّ". وترتّب على المقاطعة آثار سلبية اقتصاديّاً وسياسيّاً على الدوحة، إضافة إلى حظر النقل الجوي والبري مع هذه الدول.
وحسب بيانات هيئة السياحة القطرية، انخفض عدد زوار قطر بنسبة 19% خلال العام الماضي إلى 1.819 مليون زائر، من 2.256 زائر في العام 2017، في ظل تزايد الضغوط الناجمة عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع 4 دول عربية، وتراجع عدد الزوار القادمين من الخليج، وعلى الرغم من إتاحة تسهيلات جديدة غير مسبوقة بدول خليجية، جاء أبرزها في أغسطس (آب) 2017، الذي تضمن إعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول إلى البلاد.
فيما جاء ذلك التراجع السنوي لتقلص عدد الزوار والوافدين من دول مجلس التعاون الخليجي في العام الماضي بنسبة 73.4%، عند 200.12 ألف زائر، مقارنة بـ752.88 ألف زائر في 2017، فيما كان يبلغ العدد قبل المقاطعة 1.41 مليون زائر في عام 2016.
ورغم أن أعداد الزوار والوافدين إلى دولة قطر ارتفعت خلال السبعة الأشهر الأولى من العام الحالي بنسبة 10.7% إلى 1.198 مليون زائر، مقارنة بـ1.082 مليون زائر في الفترة المناظرة من 2018، فإن النمو ليس على النحو المأمول، إذ تطمح الدوحة أن تجذب نحو 5.6 مليون زائر سنوياً بحلول 2023.
"القطرية" وصراع السماوات المفتوحة
وتواجه "القطرية" مطالب شركات طيران أميركية منذ عام 2015 بفرض قيود على رحلات الخطوط القطرية في ظل المنافسة غير العادلة من خلال تلقي مساعدات حكومية "غير عادية" بمليارات الدولارات، بما لا يدعم الشفافية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأواخر 2017، وقّعت وزارة الخارجية الأميركية مذكرات تفاهم مع قطر بموجب المادة 15 من اتفاقيات السماوات المفتوحة، من أجل "البحث عن ضوابط للإعانات والشفافية والمؤسسات المملوكة للدولة".
واتفاقية السماوات المفتوحة بين الدول لشركات الطيران تسمح بتسيير رحلات جوية دون الحصول على موافقة مسبقة من الحكومة، وعددها 126 اتفاقية أبرمتها الولايات المتحدة مع البلدان التي لديها شركات طيران مملوكة للحكومة.
وتضم قائمة الشركات الأميركية الرافضة سياسية الخطوط القطرية أميركان إيرلاينز جروب، ويونايتد كونتيننتال هولدنجز، ودلتا إير لاينز.
فيما اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب موقفاً علنياً لصالح شركات الطيران، إذ أجبر الخطوط الجوية القطرية في يناير (كانون الثاني) 2018 على تبني الشفافية فيما يتعلق بالشؤون المالية لشركات الطيران التي تملكها وإعلان قوائمها المالية.
وطالبت الشركات سابقاً من إدارة باراك أوباما التدخل، كما نوّهت بقيام قطر باستخدام حصتها البالغة 49% في طيران إيطاليا، لإطلاق خطوط جديدة إلى الولايات المتحدة.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، أوضح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أن الولايات المتحدة تراقب من "كثب" استحواذ القطرية على حصة كبيرة بشركة طيران إيطاليا. كما أكد أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ تخوفهم من انتهاك الصفقة اتفاقية توصلت إليها القطرية مع الولايات المتحدة في أوائل عام 2018.