Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الـ"دارك ويب" مغارة العصابات ومتاهة مظلمة للفضوليين

أبرز طرق حماية الأهل لأطفالهم من أخطار الشبكة العنكبوتية هي منحهم الثقة وبناء علاقة جيدة معهم

يقول باحثون إن تأثيرات الدارك ويب سلبية على مجتمعاتنا عامة لأنه يتم عبرها بيع مخدرات ومعلومات مقرصنة من دول ومؤسسات مالية (بي إكس هير)

ملخص

يقول متخصصون إنه من الناحية التقنية لا يمكن للصغار أن يدخلوا إلى الـ"دارك ويب"، وما من رابط سهل ومباشر من الإنترنت المستخدمة عادة يوصلهم مباشرة إليها، أي إن مواقع الـ"دارك ويب" ليست مدرجة على لوائح محركات البحث عن المواقع التقليدية التي نستخدمها. فما خطورة هذا العالم الافتراضي المظلم عليهم؟

"الشبكة المظلمة" أو الـ"دارك ويب" (Dark Web) عنوان يوحي بمجرد الاطلاع عليه بالخطورة، ويثير خوفاً من النوع الذي رافق معظمنا منذ الصغر حين ينقطع النور وبعضنا لا يزال هذا الشعور مرافقاً له. إلا أن هذا العالم السري والغامض المرتبط بالدرجة الأولى بالإنترنت وتفرعاتها، كان بعيداً إلى حد ما عن المتداول على الشبكة العنكبوتية العامة (أو mainstream)، ويخص فئة ضيقة نسبياً من الناس التي تلجه وتستخدمه لأغراض عدة بعضها ذو هدف إيجابي، كإخفاء الهوية للإدلاء بمعلومات حساسة أو حفظ سرية التعاملات المصرفية، ولكن غالبها سلبي ومدمر ويصل إلى حد ارتكاب أعمال جرمية ونشر وبيع محتوى مناف للأخلاق والقيم الأساس التي تعتمدها معظم المجتمعات، ولعل في مقدمها حماية الأطفال.
وانطلاقاً من ذلك، هزت المجتمع اللبناني في الآونة الأخيرة فضيحة "عصابة التيك توك"، وهي عبارة عن مجموعة من الأفراد الموجودين داخل لبنان وخارجه، دأبوا على استدراج قصر عبر الإنترنت واغتصابهم وتصويرهم، ثم ابتزازهم وتهديدهم بالقتل، مما أثار فزع الأهالي على أولادهم الذين يتعرضون لمختلف تأثيرات التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي، وتستهوي الأمور الرائجة في كل حين (Trends) قسماً كبيراً منهم، بالتالي أثار سؤالاً مهماً وهو: كيف نحمي أولادنا في العالم الافتراضي؟
كما سرت أنباء عن استغلال بعض أفراد هذه الشبكة الإجرامية هؤلاء القاصرون للاستفادة المادية، وذلك عبر بيع الفيديوهات على الـ"دارك ويب"، وبغض النظر عن صحة ذلك من عدمه، سعت "اندبندنت عربية" إلى الولوج أكثر في عالم "الشبكة المظلمة" محاولة فك طلاسمها، واستنباط طرق الوقاية من تأثيراتها السلبية وحماية الناس، الصغار منهم خصوصاً، من الوقوع في أفخاخها.

عالم مظلم وسيف ذو حدين
وفي هذا السياق يقول المستشار في شؤون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عامر طبش إن "الـ(دارك ويب) هو مكان موجود على شبكة الإنترنت غير مراقب وغير محمي، وهويات الأشخاص الموجودين في هذا المجال المظلم غير معروفة. ويتطلب الولوج إلى تلك المنطقة المظلمة من الإنترنت توفر حزمة من الأدوات، مثل متصفح (تور) الذي يتيح الدخول إلى المواقع التي تعتمد خاصية البصلة (Onion sites)، مع أدوات حماية من عمليات القرصنة المحتملة وخدمة (في بي أن). كما أن لـ(الدارك ويب) استخدامات إيجابية وأخرى سلبية، مثلها مثل الإنترنت العادية التي يستخدمها الجميع على هواتفهم وأجهزتهم، وهي بالتالي سيف ذو حدين. ولعل الحديث هذه الأيام عن عصابة (التيكتوكرز) التي كشف عنها أخيراً في لبنان، أظهر لنا الجانب المظلم من هذه الشبكة حيث تباع الفيديوهات المنحرفة للأولاد، إضافة إلى المخدرات والبضائع المسروقة وغيرها". وأضاف، "كما أشير إلى الجانب الإيجابي، ألا وهو تداول الأخبار والمعلومات الصحافية التي تبوح بها مصادر قد تخشى على أمنها الشخصي بحال كشف هويتها".
أما بالنسبة إلى تأثير "الشبكة المظلمة" على الأطفال، فيقول طبش إنه "من الناحية التقنية لا يمكن للصغار أن يدخلوا إلى الـ(دارك ويب)، وما من رابط سهل ومباشر من الإنترنت المستخدمة عادة يوصلهم مباشرة إليها، أي إن مواقع الـ(دارك ويب) ليست مدرجة على لوائح محركات البحث عن المواقع التقليدية التي نستخدمها، مثل (غوغل) و(بينغ) و(ياهو). بالتالي، فإن الدخول إلى الـ(دارك ويب) يتطلب (عدة) مناسبة وخبرة في المجال، لا يتمتع بها السواد الأعظم من الأطفال. كما أنه لا توجد (كليكبايت/ Clickbait) أو روابط يمكنها الإيقاع بالصغار وتوجيههم نحوها بواسطة الأدوات المتوافرة بين أيديهم".

كيف نحمي أطفالنا؟
وفي وقت تثير فيه مسألة احتمال استغلال الأطفال على الإنترنت من قبل عصابة منظمة تتحين الفرص للإيقاع بهم قلقاً كبيراً في المجتمع عامة، ولدى الأهل بخاصة، أشار المستشار في شؤون تكنولوجيا المعلومات إلى أنه "من الناحية المبدئية، من يدخل إلى الـ(دارك ويب) ليس شخصاً عادياً أو تقليدي، بل إنهم من فئة الأشخاص ذوي الخبرة والذين يمتلكون الأدوات والمعرفة اللازمة التي تخولهم معرفة إلى أين يدخلون وكيف يحمون أنفسهم، وماذا يريدون أن يبيعوا أو يشتروا. بالتالي فإن الدخول الفضولي إلى الشبكة المظلمة من قبل الأشخاص العاديين، في مرحلة ما بعد فضح عصابة (التيك توك)، سيواجه بصعوبة بالغة في أمين الأدوات والتجهيزات اللازمة ويدخل ويصل إلى بعض الصفحات على الـ(دارك ويب) ويعرف طريقه فيها وأن ينجو من الأخطار التي يمكن أن يواجهها هناك".
ولفت طبش إلى أن "تأثيرات الـ(دارك ويب) سلبية على مجتمعاتنا عامة لأنه يتم عبرها كما ذكرت سابقاً بيع المخدرات، والمعلومات الشخصية والسرية، ومعلومات مقرصنة من دول ومؤسسات مالية، وكلمات سر لحسابات على مواقع التواصل، وأرقام هواتف وغيرها. ولدى شراء تلك الأشياء فإن ذلك بالتالي يؤثر في الحياة اليومية ويسبب مشكلات شخصية للآخرين. هنا يجب على الدول مكافحة تلك الظواهر عبر إنشاء أقسام تعنى بالـ(دارك ويب)، وتعمل على مكافحة وترصد وتمنع العمليات المخلة بالقانون التي تتم هناك". وزاد أنه "لا بد من وجود مؤسسات وجمعيات وحملات توعية ضد هذه الشبكات أخطار البحث عنها والدخول إليها الذي يبقى أثره إلى مدى الحياة، إذ إن الفيديوهات والصور التي بيعت على الـ(دارك ويب) ستبقى إلى حين ضبط الشخص المسؤول عن العصابة الذي يكون عادة ملماً جداً بأمور الشبكة العنكبوتية وطرق الاحتيال عبرها، وقيامه بتسليم تشفيرات المواقع للسلطات الأمنية لتتمكن من الدخول إليها وإزالة تلك المواد المخالفة". وأضاف أن "الأشخاص العاديين، كباراً وصغاراً، لا يمكنهم شراء أي شيء من الـ(دارك ويب)، لأنها تتطلب استخدام العملات المشفرة، بالتالي فإن من سيوجد على الـ(دارك ويب) يفترض أن يكون ضليعاً في تلك الأمور، وليس شخصاً عادياً قد يتعرض إلى قرصنة حاسوبه وسحب المعلومات منه أو إقفال جهازه وابتزازه عبر طلب مبالغ مالية مقابل إعادة ما تمت قرصنته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


بناء علاقة جيدة مع الأولاد
في سياق متصل، تحدث الاختصاصي في التوجيه والإرشاد العائلي والزوجي رائد محسن عن طرق حماية الأهل لأولادهم من أخطار الشبكة العنكبوتية فقال لـ"اندبندنت عربية"، إن "على الأهل أن يكونوا أولاً على علاقة جيدة بأولادهم، من ناحية ألا ينمو هذا الطفل في بيئة تلومه، أي ألا يخشى أن يلومه والده أو والدته إن واجه أي إشكال في المدرسة أو في البيت، إذ إنه في تلك الحالة لن يبوح الولد لأهله بحال تعرض لاعتداء جنسي من قبل عصابة أو متحرش ما، لعدم ثقته بأنهم سيتفهمونه بل على العكس سيلومونه على ذلك. وهناك تطبيقات هاتفية تتيح للأهالي تتبع ما يفعله أطفالهم عبر ربط ما يفعلونه على هواتفهم بهواتف أهلهم، وفي ذلك حماية لهم أكثر من مما هو تعد على خصوصيتهم". ولفت محسن إلى أهمية التثقيف الجنسي للأولاد على يد الأهل عوض أن ينالوا تلك المعلومات بطريقة مغلوطة عبر مواقع الأفلام الإباحية، وتوعيتهم إلى مسألة التحرش ووجود المتحرشين في معظم المجتمعات البشرية، وضرورة عدم تقبل الأطفال ذلك وأن يبلغوا أهلهم بذلك فوراً، لأن هناك أذى نفسياً للأطفال إضافة إلى الأذى الجسدي الذي من الممكن أن يتعرض له".


التصفح المتخفي
بالعودة إلى الشق التقني ولدى سؤال المستشار في شؤون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عامر طبش عما إذا كان هناك أي علاقة بين التصفح المتخفي (incognito mode) والـ"دارك ويب"، أجاب بأنه "لا علاقة بين الإثنين، بل إن (الإينكوغنيتو مود) هو عبارة عن خاصية تتيح للمستخدم الدخول إلى المواقع التقليدية على شبكة الإنترنت العادية من دون أن تتمكن أي جهة من تتبعه، ومتابعة نشاطه، ومعرفة موقعه، وعما بحث، وما يمكن أن يكون قد أثار اهتمامه". وأضاف أن "هذه الخاصية تسمح للمستخدم أن يجول على الشبكة العنكبوتية من دون اقتفاء أثره من قبل أي جهة، أي بالإمكان أن يمر على الموقع كأنه لم يفعل. كما لا تسجل في تاريخ المتصفح، ضمن (الإينكوغنيتو مود)، ساعة الدخول إلى موقع ما وما الصفحات التي تم تصفحها، فبالتالي هذه الخاصية تتيح لنا قدراً أكبر من الخصوصية".

طفرة في الاستخدام

يشار إلى أن فترة جائحة كورونا شهدت طفرة قوية في أعداد مستخدمي الشبكة المظلمة حول العالم، إذ ارتفع زوار هذا العالم إلى ما يقارب 45 في المئة عام 2020 مقارنة بعام 2019، وذلك وفقاً لمجلة "إنفو سيكيوريتي" المتخصصة في مجال أمن تكنولوجيا المعلومات. كما يجنح البعض إلى الخلط بين الـ"دارك ويب" والـ"ديب ويب" أو "الشبكة العميقة" المتعلقة بغالبيتها بالأنظمة التي تلجأ إليها الشركات والمؤسسات النظامية المعتادة، بخاصة التي تقدم خدمات مصرفية، لإخفاء سجلاتها وبياناتها، وكذلك المعلومات حول هوية المنتسبين إليها والمتعاملين معها، وهي خاصية يجري اللجوء إليها بصورة قانونية مشروعة.

المزيد من تقارير