Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العقوبات الأميركية "سؤال صعب" في اختبار صداقة الصين وروسيا

تخشى المصارف في بكين من ملاحقتها جراء التعاملات التجارية مع موسكو

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ يحضران حفل استقبال في الكرملين (أرشيفية - رويترز)

ملخص

ازدهرت التجارة بين الصين وروسيا منذ بدء الحرب الأوكرانية وبلغت 240 مليار دولار عام 2023، وفق أرقام إدارة الجمارك في بكين.

أصبحت المصارف الصينية في الأشهر الأخيرة أكثر حذراً في التعاملات التجارية مع روسيا خوفاً من فرض عقوبات أميركية صارمة جديدة على خلفية الحرب في أوكرانيا، مما يشكل اختباراً للصداقة "بلا حدود" بين البلدين.

وسجلت التجارة بين بكين وموسكو مستويات قياسية في السنوات الأخيرة، مما تسبب للصين باتهامات بأنها تسهم في إنعاش اقتصاد روسيا، في حين من المقرر أن يقوم الرئيس فلاديمير بوتين بزيارة إلى العاصمة الصينية في مايو (أيار) الجاري.

لكن توعد واشنطن الأخير بملاحقة المؤسسات المالية التي تساعد موسكو في تمويل حربها في أوكرانيا شكل اختباراً لصلابة العلاقة بين بكين وموسكو وجعل مصارف الصين تخشى التعرض للعزل.

ويتيح أمر تنفيذي أصدره الرئيس جو بايدن في ديسمبر (كانون الأول) 2023 فرض عقوبات ثانوية على المصارف الأجنبية التي تتعامل مع آلة الحرب الروسية، مما يسمح لوزارة الخزانة الأميركية باستبعادها من النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار.

ومذاك، أوقف كثير من المصارف الصينية التعاملات مع عملاء روس أو أبطأتها، وفق ما أفاد ثمانية أشخاص من البلدين.

ضوابط إضافية

وقال تاجر جملة صيني من أمام متجره الواقع في مركز تجاري كبير في وسط بكين هذا الأسبوع "في الوقت الحالي، من الصعب إدخال أموال مصدرها روسيا".

وأوضح بينما كانت مجموعة من السياح الروس تتجول بين رفوف عرضت عليها أجهزة إلكترونية وحقائب جلدية وسلع أخرى "المصارف لا تعطي سبباً، لكن قد يكون ذلك عائداً إلى التهديد (بفرض عقوبات) من أميركا".

ويقول التجار، إن المصارف تفرض ضوابط إضافية على التسديدات العابرة للحدود لتجنب التعرض لعقوبات، وهي عملية يمكن أن تستغرق أشهراً وقد أدت إلى زيادة الكلفة، مما أثار أزمات تدفق نقدي في شركات الاستيراد والتصدير الصغيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال تاجر آخر لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" طالباً عدم كشف اسمه إنهم اضطروا لوقف عملياتهم في الصين والعودة إلى روسيا لأنهم "لا يستطيعون الحصول على أي أموال من الزبائن".

ورفض التجار إعطاء أسمائهم بسبب مدى حساسية مسألة العلاقة التجارية بين بكين وموسكو.

ويتزامن ذلك مع تراجع الصادرات الصينية لروسيا خلال مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين مقارنة بالارتفاع الذي شهدته مطلع العام.

وأوضح بافيل بازانوف، وهو محام يعمل لحساب شركات روسية في الصين، "رغم من أن فرض العقوبات كان يهدف إلى عرقلة تصدير بعض السلع من الصين، كان لها بعض التأثير في التجارة العادية؟"

ضغوط غير مسبوقة

وازدهرت التجارة بين الصين وروسيا منذ بدء الحرب الأوكرانية وبلغت 240 مليار دولار عام 2023، وفق أرقام إدارة الجمارك في بكين.

لكن التقارير التي تفيد بأن الشركات الروسية تواجه صعوبة من أجل تسوية المدفوعات مع المصارف الصينية بدأت تنتشر في وسائل الإعلام الروسية مطلع العام.

وأقر الكرملين بهذا المشكلة في فبراير (شباط) الماضي، وانتقد الناطق باسمه دميتري بيسكوف لاحقاً الضغوط الأميركية "غير المسبوقة" على الصين.

من جهتها، لم تعترف بكين بوجودها، لكن وزارة خارجيتها صرحت لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" بأنها تعارض "العقوبات الأميركية الأحادية الجانب وغير القانونية".

لكن في الكواليس، تعمل المصارف الصينية على ضمان ألا تصبح مستهدفة بالعقوبات، وفق ما يقول محللون.

 

 

وقال مدير مركز "كارنيغي" روسيا وأوراسيا في برلين، ألكسندر غابويف، "معرفة ما إذا كانت المدفوعات مرتبطة بالمجمع الصناعي العسكري الروسي... يشكل تحدياً كبيراً للشركات والمصارف الصينية".

وأوضح لـ"وكالة الصحافة الفرنسية"، "أنها تعمل وفق مبدأ (الاحتراز أفضل من الندم) مما يقلل من حجم التعاملات".

وتحدث الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره فلاديمير بوتين كثيراً عن الصداقة "غير المحدودة" بين بلديهما، في ما أعلن الرئيس الروسي خلال منتدى أعمال الشهر الماضي أنه سيقوم بزيارة للصين في مايو الجاري.

وقال ويليام بوميرانز من مركز ولسون، إن تباطؤ النمو المحلي في الصين أعطى حوافز لبكين كي لا تتسبب في مزيد من الضرر لاقتصادها.

وذكر محللون آخرون، أن التدابير الجديدة للمصارف الصينية تعكس رغبة بكين في تصحيح علاقتها مع الولايات المتحدة قبل الانتخابات المقررة هذا العام.

وشهدت العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم استقراراً في الأشهر الأخيرة بعد خلافات استمرت سنوات حول التجارة والتكنولوجيا ومجالات أخرى.

وقال رئيس معهد الشؤون الدولية في جامعة رنمين الصينية وانغ ييوي، إن المسؤولين الصينيين ربما وجهوا المصارف إلى التباطؤ في التعاملات المالية الروسية للتأكد من أنها لا تثير قضية خلافية تؤثر في الانتخابات الأميركية".

وذكر الباحث في العلاقات الدولية شين دينغلي أن "الصين لن تكون غبية" لدرجة السماح لمصرف رئيسي بتمويل حرب روسيا. وأضاف "لن تمنح الولايات المتحدة خيار فرض عقوبات كاملة".

وأوضح متخصصون أن جزءاً من الحل قد يكون خطوة روجت لها دول حريصة على أن تكون بمنأى عن العقوبات الأميركية، وهي أنظمة مالية مستقلة عن الدولار الأميركي.

من جهتها، قالت ألكسندرا بروبوبنكو المستشارة السابقة في البنك المركزي الروسي، لـ"وكالة الصحافة الفرنسية"، إن انعطاف موسكو نحو آسيا في زمن الحرب أظهر "حسن سير نظام للتعاملات العابرة للحدود بالعملتين الوطنيتين (اليوان والروبل)".

وأضافت أن النظام يسمح للمصارف بتخطي الأنظمة المالية التقليدية مثل نظام سويفت، مما يحميها من تأثير العقوبات.

وأشارت إلى أن مواطن الخلل الحالية في آليات الدفع هذه تظهر أن هذا النهج "ليس الحل"، مضيفة "لكن موسكو وبكين تعرفان جيداً طريقة تكييف العمليات مع بيئة دائمة التغير".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات