ملخص
يرى بعض المحللين أن رأي الناخبين تغير بعد اعتقال كيجريوال بينما يصر الحزب الحاكم أن شعبيته لم تتأثر سلباً وأنه سيحصل على معظم مقاعد البرلمان، والقرار الشعبي على كل حال سيظهر عندما تفتح صناديق الاقتراع الشهر المقبل.
الانتخابات الهندية تدخل مراحلها الأخيرة والحاسمة وسط ادعاءات من الحزب الحاكم "بهاراتيا جاناتا" بالحصول على أكثر من 400 مقعد في البرلمان، بينما يسعى التحالف المعارض بقلب النتائج وإنهاء فترة حكم ناريندرا مودي الممتد منذ 10 أعوام.
في خضم ضجيج الانتخابات، تم اعتقال كبير وزراء دلهي وزعيم حزب "عام آدمي" الحاكم في دلهي وإقليم بنجاب أرفيند كيجريوال الذي قضى في السجن نحو 20 يوماً قبل أن تأمر المحكمة العليا بإطلاقه بكفالة، لكن الأسابيع التي قضاها كيجريوال خلف القضبان أثارت كثيراً من الجدل وأدت إلى رد فعل عكسية وفق بعض الخبراء.
كثر في دلهي يؤيدون ما يقوله الصحافي معروف حسن، "لو كان الحزب الحاكم في الهند يعرف رد الفعل الشعبي على اعتقال رئيس وزراء دلهي كيجريوال، لامتنع عن اتخاذ مثل هذه الخطوة، إذ إن الحزب الحاكم لا يجد نفسه في أزمة انتخابية فقط بل إنه يخسر بعض أصوات مؤيديه أيضاً".
وبدأت المعضلة عندما ألقي القبض على كيجريوال قبل أيام من قبل مديرية تنفيذ الأحكام في قضية رشوة في وقت تم احتجاز معظم كبار قادة حزبه ووزرائه قبل ذلك، ويتفاجأ كثر من الجمهور بأن الرجل الذي ادعى بتلقي رشى في قضية المشروبات الكحولية المثيرة للجدل من كيجريوال هو نفسه دفع مبلغاً ضخماً لحزب "بهاراتيا جاناتا" لدعم حملته الانتخابية.
وكان من المتوقع أن تكون هناك تغطية إعلامية كبيرة في اليوم الذي نشرت فيه المحكمة العليا قائمة السندات الانتخابية والتبرعات للأحزاب السياسية إذ يتصدر حزب "بهاراتيا جاناتا" قائمة المتلقين للتبرعات الضخمة، وتشمل الشركات التي تبرعت للحزب تلك التي دهمتها السلطات بتهمة غسل الأموال، وجاءت هذه التبرعات من هذه الشركات بعد المداهمات ما أدى إلى اتهامات من قبل أحزاب المعارضة بأن الحزب الحاكم متورط مع هذه الشركات في قضايا غسل الأموال.
ويرى بعض المحللين أن اعتقال كيجريوال كان لصرف الأنظار عن قضية السندات الانتخابية. وهناك قلق متزايد في الدوائر الشعبية والسياسية من أن الحزب الحاكم لم يقتصر على تقييد قدرة المعارضة على الوصول إلى ناخبيها من خلال السيطرة على وسائل الإعلام فحسب، بل إنه يعمل أيضاً على خنق الديمقراطية العلمانية من خلال اعتقال أو تجميد أموال الحزب والكراهية الدينية، وقد تقدمت المعارضة بشكاوى بهذا الخصوص لدى لجنة الانتخابات، لكن هناك انطباعاً عاماً بأن لجنة الانتخابات التي تم تعيين أعضائها على عجلة تميل إلى النفعية.
هل يمثل كيجريوال خطراً على مودي؟
يتمثل الدافع الرئيس وراء اعتقال كيجريوال في صعود حزبه على المستوى الوطني، بعد أن عزز موقفه في الانتخابات الإقليمية في دلهي والبنجاب وهاريانا. وربما أدرك حزب "بهاراتيا جاناتا" من خلال حملته الانتخابية ضد "حزب المؤتمر" أن المعارضة التي كان يواجهها الحزب الحاكم في شمال الهند في صورة "حزب المؤتمر" انتهت لكن صعود حزب كيجريوال في هذه المناطق لا يمثل خبراً ساراً للحزب الحاكم.
وقد يكون السبب وراء اعتقال قادة حزب كيجريوال هو تغيير المعادلة لصالح الحزب الحاكم وتمهيد الطريق أمامه لكسب الانتخابات، لكن هذه التصرفات أدت إلى رد فعل عكسية إذ اتحدت جميع أحزاب المعارضة وتحالفت ضد الحزب الحاكم على مقاعد البرلمان ما يشكل عائقاً أمام نجاحه.
ويقول الصحافي ديباك ياداف من ولاية هاريانا إن حزب "بهاراتيا جاناتا" يحاول جذب الطبقات المتخلفة إذ تغير التصور العام عن الحزب الذي يدعي أنه سيفوز بـ400 مقعد وانقلبت استراتيجية الاعتقالات وتقييد صوت المعارضة ضد الحزب. والشعب الهندي يريد تعزيز الديمقراطية، وحتى الهندوس الداعمون للحزب قد لا يكونون مستعدين لتغييرات جذرية في النظام الديمقراطي وإدخال النظام الرئيس أو نظام الحزب الواحد.
ولا شك أن رئيس الوزراء مودي يتمتع بشعبية كبيرة لكن الناخبين الهنود لا يرجحون أي تحرك ضد الديمقراطية. وخير مثال على ذلك هو هزيمة الزعيمة الشعبية أنديرا غاندي بغالبية ساحقة عندما فرضت حالة الطوارئ في رسالة شعبية مفادها بأن أي اعتداء على الديمقراطية سيفشل ولا يمكن التسامح معه.
القدرة والقوة
وهناك انطباع عالمي عن كيجريوال بأنه يمتلك القدرة والقوة لهزيمة مودي كما أن معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة أصدرت بيانات في شأن اعتقال كيجريوال أثار بعضها قلق وزارة الخارجية الهندية التي حذرت بعض الدول من إصدار البيانات.
من جانب آخر، ارتبط كيجريوال ببعض المنظمات غير الحكومية الرائدة على مستوى العالم وارتبط بها في عديد من المشاريع المتعلقة بالتعليم والصحة والنقل في دلهي، إضافة إلى ذلك، قد يشعر حزب "بهاراتيا جاناتا" أيضاً بالتهديد من قبل كيجريوال لأنه يقدم الجانب الآخر من "هندوتفا" (استخدام القومية الهندية في السياسة) التي وصفها المحللون بأنها سياسة "هندوتفا" الناعمة (مقارنة بهندوتفا التي يمارسها الحزب الحاكم).
ووفقاً للصحافي معروف حسن فإن حزب "بهاراتيا جاناتا" قد حصل على "براءة اختراع" في استخدام "هندوتفا" وقد نجحت هذه الاستراتيجية في الحصول على أصوات الهندوس حتى الآن، لذا بدأ كيجريوال باستخدامها بعد أحداث دلهي وأصبح يمثل تهديداً لحزب "بهاراتيا جاناتا".
ويرى بعض المحللين أن رأي الناخبين تغير بعد اعتقال كيجريوال بينما يصر الحزب الحاكم أن شعبيته لم تتأثر سلباً وأنه سيحصل على معظم مقاعد البرلمان، والقرار الشعبي على كل حال سيظهر عندما تفتح صناديق الاقتراع الشهر المقبل.
نقلاً عن "اندبندنت أوردو"