ملخص
المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية (تقدم) أكد أنه سينظر في طلبات الانضمام التي تقدمت بها مجموعات عدة لتوسيع قاعدة المشاركة.
بعد مرور أكثر من 13 شهراً من اندلاع الحرب في السودان انطلق، اليوم الإثنين، في أديس أبابا المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية (تقدم)، بمشاركة 600 شخص من ولايات البلاد كافة، فضلاً عن 10 فئات نوعية تشمل مثقفين وإدارات أهلية ودينية وطرقاً صوفية.
مؤتمر احتضنته العاصمة الإثيوبية، وسجل مشاركة أيضاً من ممثلين للمزارعين والرعاة وأصحاب العمل والعسكريين المتقاعدين ولجان المقاومة والمغتربين في دول المهجر، علاوة على مشاركة الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو وحزب المؤتمر الشعبي والحزب الاتحادي الأصل بصفة مراقب، إذ يستمر المؤتمر حتى الـ30 من مايو (أيار) الجاري.
وحددت "تقدم" أهداف المؤتمر في الأولوية القصوى للأوضاع الإنسانية المتأزمة، إلى جانب التركيز على تحديد الرؤية السياسية لإنهاء الحرب والشكل التنظيمي للتنسيقية بما يتيح لها الشمول والاتساع. وتسعى القوى المدنية الديمقراطية وقوى دولية وإقليمية للضغط على طرفي الصراع لوقف القتال عبر الجلوس إلى طاولة التفاوض في "منبر جدة" من أجل وقف إطلاق النار وإحلال السلام في السودان.
فعاليات متعددة
استهلت الفعاليات التحضيرية للمؤتمر، باجتماع موسع للنساء استهدف دور المرأة في وقف النزاع المسلح والانتقال المدني الديمقراطي، وعقد اجتماع مماثل للشباب تناول دورهم في مواجهة الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد ومرحلة ما بعد وقف الحرب وإعادة الأعمار والبناء، إلى جانب جلسات مع قادة وصناع الرأي والإعلاميين والنازحين واللاجئين، وكذلك مع الإدارات الدينية والأهلية والقطاع الاقتصادي والمنتجين.
وجرى عرض ومناقشة توصيات ورشة (الحكم المحلي - الترتيبات الدستورية)، وورشة (الإصلاح الأمني والعسكري - العدالة الانتقالية)، وتقديم ورقة بعنوان "محاربة خطاب الكراهية والعنصرية وتجنب خطر الحرب الأهلية الشاملة"، إلى جانب طرح الرؤية السياسية لإنهاء الحرب وتأسيس الدولة السودانية.
وسيختار المشاركون في المؤتمر الأجسام الإدارية والسياسية الجديدة والدائمة لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) بعد إنهاء أعمال الأجسام الموقتة، بما في ذلك المكتب التنفيذي والهيئة القيادية برئاسة عبدالله حمدوك.
مشروع وطني
بدوره، قال رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية، عبدالله حمدوك، إن "الحرب في عامها الثاني دخلت مرحلة غير مسبوقة من تدمير للشعب السوداني ومقدراته وازدياد في كم وكيف الانتهاكات، فضلاً عن نذر المجاعة التي حال عدم تداركها ستؤدي إلى فقدان أضعاف مضاعفة من الأرواح تفوق أعداد الذين قضوا تحت نيران الرصاص".
واعتبر حمدوك أن "تنامي خطاب العنصرية والكراهية يتجاوز وقف الصراع المسلح إلى تهديد كيان الدولة السودانية، وجدد عدم انحياز "تقدم" لقوات "الدعم السريع"، لافتاً إلى أنهم "ينحازون فقط إلى أسر الضحايا واللاجئين والمشردين والمنتهكين".
وناشد رئيس التنسيقية المجتمع الإقليمي والدولي بتحمل مسؤولياته بالضغط على الأطراف المتصارعة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية من دون قيد أو شرط، وألا يتم استخدام الغذاء والدواء كسلاح لقتل مزيد من المدنيين الأبرياء، علاوة على ضرورة السعي الفوري والجاد لإيقاف الصراع المسلح بإعادة الأطراف المتقاتلة إلى طاولة التفاوض وفق رؤية متكاملة للحل تؤدي إلى الوقف الفوري بإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية، وكذلك العودة لمسار الانتقال الذي يفضي إلى التحول المدني الديمقراطي بما يحقق دولة المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح حمدوك أن "أبرز مبادئ الإعلان السياسي للمؤتمر تتمثل في وقف الحرب والحفاظ على وحدة الدولة السودانية وعملية تأسيس الديمقراطية المدنية وخلق مشروع وطني تقف فيه الدولة على مسافة واحدة من كل الأديان والثقافات وتجرم كل أشكال التمييز، ويضمن المشاركة العادلة للمرأة ويعظم من دورها ويدعم قضاياها، وكذلك يؤسس لنظام حكم يشمل مشاركة كل السودانيين في مستويات الحكم وفق نظام لا مركزي قائم على أسس فيدرالية وبناء جيش قوي مهني والتوافق على برنامج عملي للعدالة الانتقالية يضمن المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت ويتبنى سياسة خارجية متوازنة تضمن المصالح العليا للبلاد".
وواصل رئيس "تقدم" حديثه بالقول "سينظر المؤتمر التأسيسي في طلبات الانضمام التي تقدمت بها مجموعات عدة لتوسيع قاعدة المشاركة"، لافتاً إلى أنهم "لم يدعوا يوماً تمثيل كل السودان وما يجري خطوة في الاتجاه الصحيح وبداية لخلق جبهة واسعة لكي تظل قضية وقف الحرب وبقاء الدولة السودانية مقدمة على كل الخلافات السياسية والأيديولوجية".
مخرج للأزمة
فيما أشار رئيس الجبهة الثورية السودانية الهادي إدريس إلى أن "المؤتمر يمثل مخرج لأزمة البلاد عبر طرح رؤية الحل السلمي من خلال عملية سياسية تخاطب جذور وأسباب الصراع وتؤسس لترتيبات دستورية جديدة تصبح الضامن لوحدة السودان وإنقاذه من شبح التقسيم".
ونوه إدريس إلى أن "القيادة الجديدة لتنسيقية (تقدم) ستصبح لاعباً أساسياً في عملية وقف الحرب واستعادة التحول الديمقراطي والأكثر تمثيلاً للشعب السوداني".
ودعا رئيس الجبهة الثورية طرفي الصراع إلى التزام مبادئ القانون الإنساني ووقف الانتهاكات عبر وضع السلاح، مطالباً باللجوء إلى لجنة التحقيق الدولية المشكلة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لكشف الانتهاكات وتحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم".
تحالفات فاعلة
في السياق ذاته، وصف مساعد رئيس حزب الأمة القومي السوداني صديق الصادق المهدي المؤتمر التأسيسي بأنه "أكبر تجمع مدني مناهض للحرب من دون توجهات إقصائية، ويضم قوى حديثة وتقليدية، ويمثل نقلة تحول في تكوين التحالفات المدنية الأكثر فاعلية ويتبنى المشروع المدني لثورة ديسمبر (كانون الأول)".
ولفت إلى أنهم "مقبلون على تشكيل أكبر جبهة مدنية تتكون بموجبه الأجسام القيادية الدائمة بعد إجازة الهيكل القيادي، وتنهي حالة ارتهان المواطنين للصراع المسلح في كل أنحاء البلاد".
وتعهد المهدي بمواصلة الضغوط السياسية الشعبية المدنية وتوظيف الجهود الدبلوماسية مع المجتمع الإقليمي والدولي والأممي.
جبهة مدنية موسعة
من جهته قال القيادي في قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، شهاب إبراهيم، إن "المؤتمر يمثل فرصة سانحة لوضع التصورات لأسباب الحروب، وبحث قضايا إعادة تأسيس الدولة، وسيكون من أدوات إنقاذ السودان والحيلولة دون انهياره وتداعيه عبر رتق نسيجه الاجتماعي وفرصة للحفاظ على وحدته".
وأضاف، "نعمل على بذل الجهود كافة لإخراج البلاد من الأوضاع الحرجة والخطرة التي تعيشها، وكذلك للحيلولة دون تطور الصراع المسلح لواقع مستمر يؤدي إلى تقسيم السودان".
وتابع شهاب، "نسعى إلى تشكيل جبهة مدنية موسعة، تعكس التنوع السوداني، وتوظفه لصون وحدة البلاد ومواجهة ملامحها التي بدأت تظهر أثناء هذه الحرب".
جهود وقف الحرب
وتضم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية عدداً من القوى السياسية والمدنية والمكونات النقابية.
ووقعت "تقدم" في يناير الماضي اتفاقاً أطلق عليه "إعلان أديس أبابا"، مع قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي)، نص على وقف الحرب من طريق التفاوض في "منبر جدة"، ووجهت دعوة مماثلة للقاء قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، بيد أن قيادة القوات المسلحة على رغم ترحيبها بالدعوة لم تحدد زماناً أو موقعاً للاجتماع.
وكانت النيابة العامة في السودان، أصدرت في أبريل (نيسان) الماضي أوامر قبض ضد قادة "تقدم" وصحافيين ونشطاء مناوئين للحرب، بمن فيهم حمدوك، تحت اتهامات ارتكاب جرائم ضد الدولة وتقويض النظام الدستوري التي تصل عقوبتها إلى الإعدام، وهي اتهامات عدتها قطاعات إقليمية ومحلية "كيداً سياسياً".