ملخص
يبدو أن تنظيم القاعدة يستعد للعودة لساحة أعمال العنف بقوة بعد فترة ركود طويلة، عاش خلالها في ظل تنظيم "داعش" الذي اكتسب وهجاً أكبر في السنوات الأخيرة.
في وقت توجهت فيه أنظار العالم إلى الهجمات الدموية التي شنها "داعش خراسان" في إيران وروسيا وأفغانستان وباكستان، يستعد تنظيم "القاعدة" الذي يعتبر حليفاً لحركة طالبان للعودة للمشهد في ظل الفوضى التي خلفها تنظيم "داعش". وأظهر التقرير الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول أمن أفغانستان، أن "القاعدة" أنشأ ما لا يقل عن ثمانية مراكز تدريب ومستودعات أسلحة وقواعد عسكرية على الأراضي الأفغانية. وكتبت مجلة "ذي إنتربريتر" التابعة لمؤسسة "ليوي" البحثية، ومقرها أستراليا، التي تعمل في القضايا الدبلوماسية والأمنية، في مقالة أن "تنظيم القاعدة الإرهابي الذي يعتبر منافساً لداعش، في وضع أفضل للعودة للقيام بأعمال العنف".
بعد الظواهري والانسحاب الأميركي
قتل أيمن الظواهري الذي خلف أسامة بن لادن في زعامة تنظيم القاعدة، في غارة جوية شنتها القوات الأميركية في يوليو (تموز) 2022 على سكنه في العاصمة الأفغانية كابول. وبعد نفي حركة طالبان مقتل الظواهري، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه ليست هناك حاجة إلى الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، لأن الولايات المتحدة بإمكانها ردع أي تهديد من خلال "عمليات الأفق المفتوح". وهي عبارة عن مجموعة من العمليات التجسسية والاستطلاعية، وتحديد الهدف والسيطرة عليه من خلال الهجوم الجوي، ومع ذلك كتبت مجلة "إنتربريتر" أنه على رغم وفرة المعلومات الواسعة والواضحة عن "داعش" وقدرات هذا التنظيم على التهديد، إلا أن القراءة المتعلقة بعمليات القاعدة ضعيفة وغير متسقة.
ووفق تقييمات الاستخبارات الأميركية، يبدو أنه حتى سبتمبر (أيلول) 2023 انخفض نشاط "القاعدة" في أفغانستان بشكل كبير، بخاصة بعد وفاة أيمن الظواهري، وبقيت القاعدة من دون اتجاه معين إلى حد كبير.
ومع ذلك قال مراقبو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تقرير لهم نشر في يناير (كانون الثاني) 2024 إن "تنظيم القاعدة يتمتع بمظلة ودعم من طالبان، إذ تمكن من إنشاء قواعد تدريب عسكرية ومدارس ومستودعات أسلحة". وبناء على هذا التقرير فإن قواعد تنظيم "القاعدة" ومدارسه ومخازن الأسلحة تقع في إقليم بروان، وولايات بنجشير وفراه وكابول، وعدد من الأقاليم والمقاطعات الجنوبية في أفغانستان. وفي الفترة الأولى من حكم طالبان في أفغانستان، أنشأ بن لادن قواعد عسكرية وتدريبية في قندهار وهلمند وكابول وننكرهار.
وذكرت المجلة في تقريرها أن الأدلة والشواهد الحالية تدحض مزاعم المسؤولين الأميركيين الذين يقولون إن تنظيم القاعدة في أفغانستان بات ضعيفاً بعد مقتل الظواهري، إذ أفاد التقرير بأن تنظيم "القاعدة" أنشأ قواعد عسكرية تبدو وكأنها تشبه وجوده في أفغانستان قبل هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001.
وأظهرت المعطيات والنتائج التي توصلت إليها المجلة أنه "لم يحتو تنظيم القاعدة، ومن المرجح أن يستمر في توسيع أنشطته". وأضافت المجلة أن "الفرع الإقليمي لهذا التنظيم في جنوب آسيا الذي يعرف باسم تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية (AQIS) نفذ أنشطة مماثلة لداعش خراسان في أفغانستان".
وأطلق فرع تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية مجلة تحت اسم "نغمة غزوة الهند" (نواى غزوه هند) وخصصت صفحاتها لتصريحات وخطب وأهداف أسامة بن لادن. ويذكر أنه في العام الماضي، اعتقل عدد من الأشخاص في الهند بعد اتهامهم بالتعاون مع تنظيم "القاعدة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
دور "طالبان باكستان"
في الوقت ذاته، ومنذ سقوط النظام الجمهوري في أفغانستان، زادت حركة "طالبان باكستان" التي تعتبر حليفة لتنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية من هجماتها بشكل كبير في باكستان.
وباتت حركة "طالبان باكستان" وبعد اتساع نطاق عملياتها، بخاصة في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان، منظمة إقليمية قوية. هذا الوضع وفر مرة أخرى بيئة آمنة للجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة. وتعرف منطقة وزيرستان الباكستانية وأجزاء من المقاطعات البلوشية بأنها ملاذات آمنة لسنوات عدة، ولا يملك الجيش الباكستاني أية سيطرة على هذه المناطق.
ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليه مجلة "إنتربريتر" فإن "تنظيم القاعدة نجح في حل مشكلته إلى حد كبير، من خلال تطبيق مبدأ اللامركزية بشكل كبير وتمكين فروعه الإقليمية في العقدين الماضيين". وأضافت المجلة أنه ما بين 30 إلى 60 شخصاً من كبار المسؤولين في القاعدة و2000 من عناصر التنظيم ينشطون حالياً داخل الأراضي الأفغانية.
وقالت المجلة إن الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة "سيف العدل" موجود في إيران، بحيث إن الولايات المتحدة لا تستطيع استهدافه بهجوم بري أو جوي. من ناحية أخرى تمكن "القاعدة" من إحياء نفسه في أفريقيا، بخاصة في كينيا والصومال، والعودة للمشهد من خلال التعاون مع الميليشيات المحلية، كما حافظ التنظيم على قدراته وقواته في اليمن.
في أفغانستان وفي ظل حكم طالبان، فإن وضع "القاعدة" غير واضح، ويحاول التنظيم ألا ينشط حتى لا يلحق الضرر بنظام طالبان. وعلى رغم ذلك هناك تقارير تفيد بأن "القاعدة" اكتسب ثروة مالية هائلة من خلال سيطرته على المناجم والموارد، وقام بدعم المجموعات والميليشيات المتحالفة معه. كما تحدث تقرير مراقبي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن جماعة "أنصار الله" في طاجيكستان التي تتخذ من شمال الأراضي الأفغانية على الحدود مع طاجيكستان مقراً لها، تتلقى مساعدات مالية من تنظيم "القاعدة".
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"