ملخص
كانت الحكومة المصرية أعلنت التزامها بمواصلة خفض دعم الطاقة "وتوجيه الموارد بصورة أفضل إلى الأسر المحتاجة إلى دعم إضافي للدخل"، بموجب اتفاق الحصول على القرض الموسع من صندوق النقد الدولي
كشفت مصادر مطلعة عن أن الحكومة المصرية تعتزم رفع أسعار الكهرباء بداية من العام المالي الجديد في يوليو (تموز) المقبل، موضحة أن نسبة الزيادة ستعتمد على فاتورة استهلاك كل أسرة أو شركة، على أن تكون "الزيادة محدودة على الشرائح الأقل استهلاكاً مقابل زيادة أوسع للشرائح الأعلى". ولكن معدل الزيادة لن يقل عن 20 في المئة في المتوسط، بينما لا تزال الدراسات والمناقشات جارية حالياً لحسم سيناريوهات الزيادة.
وأشارت المصادر إلى أن دعم الدولة للمصانع وقطاعات أخرى "لا يزال محل درس"، وقررت الحكومة المصرية رفع أسعار الخبز المدعوم بـ300 في المئة، وذلك للمرة الأولى منذ 30 عاماً.
وكانت الحكومة المصرية أعلنت التزامها بمواصلة خفض دعم الطاقة "وتوجيه الموارد بصورة أفضل إلى الأسر المحتاجة إلى دعم إضافي للدخل"، بموجب اتفاق الحصول على القرض الموسع من صندوق النقد الدولي.
وتأتي هيكلة منظومة الدعم في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة، إذ يعد خفض دعم الكهرباء أيضاً جزءاً من خطة الدولة لجذب القطاع الخاص للاستثمار في قطاع الكهرباء، تنفيذاً لوثيقة سياسة ملكية الدولة.
وخلال المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي زيادة أسعار الخبز المدعم، أشار إلى عزم الحكومة رفع أسعار الكهرباء، قائلاً إنه "كلف وزير الكهرباء المصري محمد شاكر بوضع خطة لرفع الدعم كاملاً عن الكهرباء على مدى السنوات الأربع المقبلة".
وتشير البيانات المتاحة إلى ارتفاع كلفة إنتاج الكهرباء لتصبح عبئاً أكبر على موازنة الدولة، خصوصاً بعد أن تحولت البلاد من مصدر للغاز الطبيعي المسال إلى مستورد في الأشهر الأخيرة بسبب انخفاض الإنتاج المحلي.
ومنتصف عام 2020، وضعت الحكومة المصرية خريطة طريق للتخلص التدريجي من الدعم بحلول عام 2025، مما أدى إلى تأجيل الموعد النهائي في يوليو 2022 والذي كان تمديداً للموعد النهائي عام 2019 المحدد في عام 2014.
وكانت وزارة الكهرباء رفعت أسعار شرائح الاستهلاك المنزلي والتجاري آخر مرة في يناير (كانون الثاني) 2024، مما دفع أسعار الكهرباء للأسر والشركات إلى الارتفاع بنسبة من 16 إلى 26 في المئة.
الحكومة تدرس أكثر من سيناريو لرفع أسعار الكهرباء
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر رسمية، بداية الشهر الجاري، أن وزارتي البترول والكهرباء والطاقة المتجددة في مصر، تدرسان سيناريوهات عدة لتحديد سعر الغاز الطبيعي المورد إلى محطات توليد الكهرباء خلال العام المالي 2024/2025. وأشارت المصادر إلى أن السيناريو الأول يتعلق برغبة وزارة البترول المصرية في تحريك سعر بيع الغاز الطبيعي المورد إلى شركات إنتاج الكهرباء، خصوصاً بعدما قدر مشروع الموازنة العامة للدولة سعر الدولار بنحو 45 جنيهاً خلال العام المالي المقبل.
وذكرت أن سعر بيع الغاز الطبيعي المورد إلى محطات الكهرباء في مصر حالياً يقدر بنحو ثلاثة دولارات/ مليون وحدة حرارية بريطانية، وأرجعت رغبة وزارة البترول في تعديل سعر توريد الغاز إلى اتجاهها لاستيراد شحنات من الغاز الطبيعي المسال من الخارج، إلى جانب الشحنات المستوردة من الغاز الإسرائيلي للوفاء بحاجات البلاد من مصادر الطاقة.
وبالفعل، فإن وزارة البترول لديها مستحقات متراكمة لدى وزارة الكهرباء نظير استهلاك الغاز والوقود اللازم لتشغيل محطات التوليد، وترغب وزارة البترول في فض التشابك المالي، وتعديل نهج توافر الغاز من دون تحصيل كامل مستحقاتها، تزامناً مع ارتفاع استهلاك الغاز خلال الصيف، وتوافر جزء منه عبر تعاقدات خارجية.
وقالت المصادر إن الغاز الطبيعي يدخل كمكون رئيس في توليد الكهرباء بالنسبة إلى المحطات التقليدية، إذ يستحوذ على النسبة الأكبر من كلفة توليد الكهرباء والتي تقارب 60 في المئة من الكلفة الإجمالية للطاقة في مصر.
وتطرق السيناريو الثاني إلى محددات سعر الغاز المورد للكهرباء، وتحدثت المصادر عن مقترح آخر خاص بمحاولة تثبيت سعر الغاز عند ثلاثة دولارات تجنباً لاتساع الفجوة بين كلفة إنتاج الكهرباء وسعر البيع لشرائح الاستهلاك المختلفة، ومن ثم ارتفاع فاتورة الدعم السنوية.
وذكرت أن وزارة الكهرباء المصرية تسعى إلى الحفاظ على سعر الكلفة الفعلية لتوليد الكهرباء لتجنب تراكم مديونيات أكبر عليها نتيجة استهلاك الغاز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتضمن السيناريوهات المقترحة أيضاً زيادة الاعتماد على أنواع أخرى من الوقود البديلة للغاز الطبيعي لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء، واتجاه الشركة القابضة للكهرباء لإدخال التكنولوجيا الحديثة في المحطات القائمة الحالية لخفض نسب الفقد وتقليص استهلاك الوقود.
وأشارت المصادر إلى أن التوجه للاعتماد على المصادر الجديدة والمتجددة (الشمس والرياح) يقلص بدرجة كبيرة من اعتماد محطات الكهرباء على الوقود، وأن التوجه إلى محطات الدورة المركبة يخفض استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة تقارب ثلث الاستهلاك في المحطات التقليدية.
وتجهز وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية لعرض تقرير مفصل على رئيس مجلس الوزراء يتضمن السيناريوهات والمقترحات الخاصة بتعريفة الكهرباء السارية حالياً، لبحث تحريكها أو تثبيتها في يوليو المقبل.
وسيتضمن عرض الكلفة الفعلية الحالية لإنتاج الكيلووات/ ساعة من الكهرباء والتي ارتفعت بصورة كبيرة نتيجة المتغيرات في سعر الوقود وزيادة سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وهذه العوامل تؤثر في سعر الكهرباء الذي ما زال يدعم.
ويدخل في كلفة إنتاج الكيلوواط/ ساعة من الكهرباء، قيمة الوقود والأجور والإهلاك وفوائد الديون وبنود أخرى، وجميعها محددات لكلفة إنتاج الكهرباء.
خطط لوقف تخفيف أحمال الكهرباء نهاية 2024
وقبل أيام، قال وزير الكهرباء المصري محمد شاكر إنه لا يمكن تجاهل أوضاع الكهرباء في عام 2014، إذ كان يوجد عجز يتجاوز ستة آلاف ميغاواط، مشيراً إلى أن تخفيف الأحمال اليومي حالياً يصل إلى ثلاثة غيغاواط فقط، بهدف توافر الوقود وسيكون لفترة محدودة.
وأوضح أن "تخفيف الأحمال يصل من اثنين إلى ثلاثة غيغاواط يومياً، ونحاول الالتزام بتخفيف يومي لمدة ساعتين على أقصى تقدير"، مؤكداً عمل خرائط لشركات التوزيع في قطاع الكهرباء، ومشيراً إلى أنه توجد منظومة معينة متحكمة في الأمر، وتوجد أماكن لا تنقطع عنها الكهرباء على الإطلاق. وقال إن فاتورة شراء الغاز من وزارة البترول خلال العام الحالي وصلت إلى 4.7 مليار جنيه (0.100 مليار دولار)، بسبب تحريك سعر الصرف، مضيفاً أن كلفة إنتاج الكهرباء نحو 223 قرشاً (0.047 دولار) للكيلووات في الساعة، بينما يباع للشريحة الأقل بنحو 58 قرشاً (0.012 دولار).
وأوضح أن مقدار الدعم الذي تريد وزارة الكهرباء الحصول عليه، يصل إلى 130 مليار جنيه (حوالى 2,751 مليار دولار) وهو مبلغ كبير وتحد كبير أمام الدولة المصرية، لافتاً إلى أن المتوسط العام لدعم الدولة لكل كيلووات يصل إلى 100 قرش (0.021 دولار)، وهناك مجموعة عمل في مجلس الوزراء تنظر في الأمر حتى يكون الحل في تحمل الدولة قيمة الدعم، وعدم رفع الأسعار بصورة مؤثرة في محدودي الدخل.
وفي تعليقه على أزمة تخفيف الأحمال، قال وزير البترول والثروة المعدنية في مصر المهندس طارق الملا إنه لا زيادة في ساعات تخفيف أحمال الكهرباء خلال الفترة المقبلة، وخصوصاً في فصل الصيف، وأضاف "لا يمكن تخفيف الأحمال لأقل من ساعتين يومياً حتى نتمكن من تجاوز العجز المحقق في الوقت الحالي، وتابع "نعكف على وضع حلول مستدامة وشاملة لانتهاء أزمة تخفيف أحمال الكهرباء، لمنع تكرار المشكلة مرة أخرى، جزء من الآثار الجانبية الناتجة من بعض التداعيات الاقتصادية، لذلك نحن نحاول علاج المرض وليس العرض".