Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بنار الحرب ورائحة الحنين... مطبخ السودان القاهري

أكلات أفريقية وبهارات وحلوى تستقطب ذائقة المصريين وعمال المطاعم: جميعنا هارب من الجحيم

ازداد تدريجاً عدد المطاعم السودانية في القاهرة في ظل أعداد السودانيين الكبيرة التي وصلت إلى مصر (أ ف ب)

ملخص

دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسببت بتشريد أكثر من 8.5 مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة منهم 500 ألف شخص فروا إلى مصر.

حققت السودانية جولي سمير حلمها بافتتاح مطعم للأكل السوداني، ولكن ليس في الخرطوم حيث تتواصل الحرب الضارية بل في القاهرة التي فرت إليها مع أسرتها، واليوم أصبح هدفها جذب المصريين إلى مطبخ بلادها البعيدة.

منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في الـ 15 من أبريل (نيسان) 2023، ازداد تدرجاً عدد المطاعم السودانية في القاهرة في ظل أعداد السودانيين الكبيرة التي وصلت إلى مصر.

وغادرت سمير البالغة من العمر( 42 سنة) مع أسرتها إلى مصر من مدينة بحري شمال العاصمة السودانية بعد أسبوع من اندلاع المعارك.

من أرض كوش

شرق القاهرة، جلست السيدة السودانية أمام طاولة وسط ساحة خضراء في أحد الأندية المصرية الشهيرة، على مقربة من لافتة مطعمها الذي يحمل اسم "قرية أولاد كوش" للأكلات الشرقية والسودانية والحبشية.

وقالت لـ "وكالة الصحافة الفرنسية"، "اسم المطعم من اختيار الوالد وأرض كوش في الكتاب المقدس هي مصر والسودان وإثيوبيا، ونحن نقدم أطباقاً من هذه البلدان الثلاثة". وتابعت، "لا أستهدف الزبون السوداني، بل المصري حتى يتعرف على الثقافة السودانية".

 

 

وساعد سمير على افتتاح مطعمها طاهٍ سوداني كان يعمل في هذا المجال في السودان قبل أن يفر إلى مصر.

وقالت سمير "جميع العاملين هنا من السودان، وجميعهم هربوا من الحرب"، مشيرة إلى أنهم تمكنوا من التواصل بعضهم مع بعض عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وأدت الحرب إلى مقتل آلاف بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

كما دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة وتسببت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص، بحسب الأمم المتحدة، من بينهم 500 ألف شخص فروا إلى مصر.

على نار هادئة

داخل مطبخ المطعم الذي كان يشغل صالته بعض الزبائن، وقف الطاهي فادي مفيد بمئزره الأخضر وسط الأواني يحضر الوجبات. وقال "الأغاشي هي أشهر الأكلات السودانية".

وتابع مفيد البالغ من العمر (46 سنة) أن "الأغاشي عبارة عن شرائح من اللحم أو الدجاج أو السمك تضاف إليها البهارات السودانية الحارة ويتم شواؤها على نار هادئة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الرجل الذي كان يمتلك في السودان شركة متخصصة في تقديم خدمات الطعام والفندقية قبل أن تدمرها الحرب، "المصريون لا يحبون الأكل الحار لذلك نحاول تقليل البهارات السودانية حتى يتقبلونه".

كذلك يقدم المطعم، بحسب ما قال مفيد، "الأكلات الحبشية الشائعة في السودان مثل الزغني، وهي لحم مُبهّر على الطريقة الإثيوبية مع الإنجرا"، وهو خبز إثيوبي أقرب إلى الفطائر.

ويرى مفيد أن المنافسة في مصر في مجال المطاعم ليست سهلة، فـ"هناك مطاعم سورية ومصرية ضخمة، لذا قد نأخذ بعض الوقت لننافس".

وقالت سمير إنها كانت توزع عينات من الطعام أمام المطعم بعد افتتاحه على أعضاء النادي المصريين للترويج للأطباق السودانية.

ورداً على سؤال عن رأيه في الطعام السوداني، قال المصري خالد عبدالرحمن (50 سنة) لـ"وكالة الصحافة الفرنسية"، "أحببت مذاق البهارات وطراوة اللحم وهذه الطريقة المميزة في الطهي".

وتنتشر المطاعم السودانية بصورة خاصة في حي فيصل غرب القاهرة، الذي شهد افتتاح عدد من محال الأكل باختلاف أصنافها بين الأغاشي والمشويات والفول المدمس والفلافل.

 

 

في حي الشيخ زايد غرب العاصمة المصرية افتتح حديثاً محل "جيب معاك" الذي يقدم الحلوى السودانية الشهيرة "اللقيمات"، مع المشروبات السودانية الساخنة وأبرزها "الشاي المقنن" الذي يشبه في طريقة تحضيره "شاي الكرك" بالحليب.

واللقيمات التي تشبه الزلابية المصرية، عبارة عن كرات من العجين تُقلى بالزيت ويضاف إليها السكر والشوكولاتة وعدد من النكهات.

حنين إلى السودان

وتمتلك سلسلة "جيب معاك" أكثر من فرع في العاصمة السودانية والولايات لكنها "تعطلت نظراً إلى ظروف الحرب في البلاد"، بحسب ما قال مدير فرع الشيخ زايد قصي بيرم (29 سنة). متابعاً "أحببنا فكرة مشاركة علامتنا التجارية مع المصريين وافتتحنا ثلاثة فروع".

وأكد المشرف على المحل الشاب السوداني زياد عبدالحليم أن "اللقيمات تختلف عن الزلابية المصرية في نسبة الملح في العجين. ففي السودان نحب الملح الزائد في عجائن الحلوى".

واستبعد مفيد العودة إلى السودان حتى في حال استقرار الأوضاع وقال، "أنوي استكمال تجربتي في مصر فحتى إذا استقرت الأوضاع في السودان ستكون فرص العمل صعبة للغاية".

أما سمير فلم تكن تتوقع أن تطول فترة إقامتها في القاهرة على رغم طريقة الخروج "المرعبة" من البلاد، وفق وصفها. مضيفة "وضعنا في رأسنا أننا سنقضي عطلة في مصر لمدة شهر على الأكثر وتنتهي الأمور. ولكن الحرب لم تتوقف".

على رغم ذلك، تعتزم سمير العودة إلى الخرطوم بمجرد استقرار الوضع العام في البلاد، مدفوعة بـ"الحنين إلى السودان"، على حد تعبيرها. معلقة "بلدنا حنون علينا مهما سافرنا".

وفي انتظار ذلك، تسعى إلى إضفاء الروح السودانية على مطعمها. تقول "أنوي توظيف حنّانة (سيدة ترسم بالحنة على الجسم)، فأنا أعرف مدى حب المصريين لرسوم الحنة".

المزيد من منوعات