Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صناعة التبغ تدخل الأروقة السياسية في باكستان

قال وزير الدفاع إن بائعي السجائر غير الشرعيين أقوياء لدرجة أن ممثليهم وصلوا الآن إلى المجالس التشريعية ويستخدمون المناصب العامة لحماية مصالحهم التجارية

الخسائر التي تتكبدها باكستان في علاج الأمراض الناجمة عن التدخين أكبر من الضرائب التي تفرضها على صناعة السجائر (أ ف ب)

ملخص

يشير تقرير حديث إلى أن 31.6 مليون شخص في باكستان فوق سن 15 سنة يدخنون، وتخسر الدولة أكثر من 2.2 مليار دولار سنوياً على علاج الأمراض الناجمة عن التدخين

يفوق عدد المدخنين في العالم 1.3 مليار شخص، وفقاً لأرقام "منظمة الصحة العالمية"، ينتمي 80 في المئة منهم إلى الطبقة الفقيرة والمتوسطة، كما أن 7 ملايين شخص حول العالم يموتون كل عام بسبب أمراض أحد أسبابها التدخين.

وتبلغ قيمة صناعة التبغ عالمياً 867.6 مليار دولار، ويتوقع أن تتخطى التريليون دولار بحلول نهاية هذا العقد بحسب شركة Grandview Research، أما بالنسبة إلى باكستان فإن الحجم الإجمالي لصناعة التبغ سينمو إلى نحو 1000 مليار روبية (نحو 3.5 مليار دولار).

ونظراً إلى حجم هذه الصناعة والمصالح المرتبطة بها فإنها تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الباكستاني بطرق معقدة، إحداها أن جماعات الضغط تدفع لسياسات ضريبية متضاربة متعلقة بصناعة وبيع السجائر قبيل إعلان الموازنة السنوية.

وهناك لوبيات تدعو إلى رفع الضرائب على السجائر بغرض التقليل من ظاهرة التدخين، بينما ترى جماعات ضغط أخرى أن رفع الضرائب على السجائر يزيد المعروض من السجائر غير القانونية في السوق، وبالتالي فإن رفع الضرائب لا يقلل التدخين بل يزيد وفرة السجائر من دون المستوى المطلوب في السوق، مما يزيد تدهور صحة الناس ويؤدي أيضاً إلى خسارة خزينة الدولة مليارات الروبيات في تحصيل الضرائب.

تجارة السجائر غير المشروعة

أصدرت الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا تقريراً الأسبوع الماضي تقول فيه إن البيع غير القانوني للسجائر في باكستان وصل إلى 63.5 في المئة من إجمال مبيعات السجائر، كما أن حجم العلامات التجارية التي تبيع السجائر بشكل قانوني تقلص إلى 36.5 في المئة، ويمكن فهم أثر رفع الضرائب في التبغ من خلال مقارنة حصة السجائر غير القانونية في السوق قبل وبعد تغيير سياسات الضرائب، إذ يقول التقرير إن السجائر غير القانونية كانت تمثل 36.8 في المئة من حصة السوق عام 2021 مقارنة بالسجائر القانونية اليوم، لأن الضرائب شجعت تجارة السجائر غير القانونية وقلصت حجم مبيعات السجائر القانونية بشكل تدريجي.

وتشير الأرقام إلى أن البيع غير القانوني للسجائر يتسبب في خسارة 310 مليارات روبية (1.1 مليار دولار) للخزينة سنوياً، كما يتوقع أنه إذا استمر في هذا الاتجاه فإن حجم مبيعات السجائر القانونية سينخفض إلى 29.6 في المئة بحلول نهاية العام الحالي.

هناك ثلاثة أنواع من السجائر غير القانونية في باكستان، الأولى هي العلامات التجارية المحلية التي لا تدفع الضرائب، والثانية هي السجائر المهربة، والثالثة هي سجائر الماركات المزيفة، والحصة الأكبر من بين هذه الأنواع في السوق هي للعلامات التجارية المنتجة محلياً (المزيفة) والتي لا تدفع الضرائب.

ويذكر التقرير أن شركات السجائر المحلية في باكستان التي تدفع ضرائب ضئيلة أو لا تدفع الضرائب على الإطلاق، إذ تمتلك حصة سوقية تبلغ 52.3 في المئة، لكنها تدفع فقط ملياري روبية كضرائب سنوياً، بينما تدفع العلامات التجارية العالمية التي تعمل في باكستان 170 مليار روبية (611 مليون دولار) من الضرائب سنوياً على رغم أن حصتها السوقية لا تتجاوز 17.6 في المئة.

من ناحية أخرى لا يمكن إبقاء سعر أي علبة سجائر أقل من 127.44 روبية (نحو 0.46 دولار)، إذ يتم تطبيق رسوم قدرها 119.4 روبية (0.43 دولار تقريباً) بموجب قانون الضرائب الفيدرالي لعام 2005، لكن وفقاً لشركة "إيبسوس باكستان" يوجد حالياً 104 علامات تجارية تباع في السوق بسعر أقل من السعر المنصوص عليه في هذا القانون، كما أن هناك فقط 32 علامة تجارية في السوق لديها ملصقات تتبّع، بينما 165 علامة تجارية لا تملك مثل هذه الملصقات على الإطلاق.

مهربو الضرائب في البرلمان

صرح وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف أثناء خطابه في حفل إصدار تقرير الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا الأسبوع الماضي، أن بائعي السجائر غير الشرعيين في باكستان أقوياء للغاية حد أن ممثليهم وصلوا الآن إلى المجالس التشريعية، وهم يستخدمون المناصب العامة لحماية مصالحهم التجارية.

وللاستفسار اتصلت "اندبندنت أوردو" بمباشر أكرم، المشرف على Act Alliance ، وهي منصة تمثيلية لمنظمات المجتمع المدني النشطة التي تعمل على مكافحة التجارة غير المشروعة والتهرب الضريبي والتهريب والمنتجات المقلدة في باكستان منذ عام 2006.

يقول مباشر أكرم، "لا شك في أن ممثلي النخبة الباكستانية يحمون مصالحهم من خلال الوصول إلى مجلسي النواب والشيوخ حتى لو كانت على حساب المصالح الشعبية، فأصحاب مصانع السجائر ضمن هذه النخبة، إذ يشتهر إقليم خيبر بختونخوا بإنتاج التبغ في باكستان، ولذلك وصلت كثير من العائلات العاملة في تجارة السجائر في الإقليم إلى المجالس التشريعية خلال الأعوام الأخيرة، وأشهر هذه العائلات هي عائلة توركاي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لياقت خان توركاي كان عضواً في مجلس الشيوخ من عام 2015 إلى 2021، وكان شقيقه محمد علي تاركاي عضواً في المجلس الإقليمي لخيبر بختونخوا من عام 2013 إلى 2023، كما أن عثمان خان توركاي، ابن عم لياقت خان، كان أيضاً عضواً في الجمعية الوطنية مع نجله شهرام خان توركاي، وهو حالياً عضو في الجمعية الوطنية لـ "حركة الإنصاف"، وكان عضواً في جمعية "خيبر بختونخوا" خلال فترات سابقة، وشغل أيضاً منصبي وزير الزراعة والصحة الإقليمي، وهو شقيق وزير التعليم الإقليمي الحالي.

يرتبط عضو البرلمان السابق الحاج نسيم الرحمن من حزب "عوامي الوطني" أيضاً بصناعة التبغ، كما يرتبط إعجاز أكرم باشا الذي كان مساعداً خاصاً لرئيس وزراء خيبر بختونخوا في الحكومة الموقتة من مدينة صوابي، بهذه الصناعة أيضاً، وهناك اسم كبير آخر مرتبط بصناعة السجائر وهو السيناتور ديلاوار خان.

يقول مبشر أكرم، "بما أن إقليم خيبر بختونخوا ينتج التبغ، وهو الإقليم الذي يستضيف أكبر مصانع التبغ التي تدفع ضرائب قليلة أو لا تدفع على الإطلاق، فإن العائلات السياسية التي تمتلك شركات التبغ لديها كل الموارد التي تحتاجها للسياسة في باكستان، وبالتالي فإنها مهمة للأحزاب السياسية، وهؤلاء الأشخاص يحافظون على مصالحهم عندما يصلون إلى المجالس التشريعية".

من جانب آخر يقول مسؤول هيئة الضرائب السابق شبر زيدي خلال حديثه مع "اندبندنت أوردو"، إنه سعى خلال فترة رئاسته للهيئة إلى "تسجيل أفران التبغ في مدينة مردان التي تعالج التبغ قبل صنع السجائر، بغرض قياس كمية التبغ التي تنتج وعدد السجائر التي تصنع، لكن السياسيين لم يسمحوا بحدوث ذلك".

وقال زيدي إن هذه المصانع تعتبر صغيرة نسبياً، وهي تنتج سجائر مزيفة أو تصنع علامات تجارية غير مسجلة لدى الحكومة، ولا تدفع أي نوع من الضرائب.

ماذا تقول جماعات الضغط المناهضة للتبغ؟

يشير تقرير حديث صادر عن "مركز السياسة الاجتماعية والتنمية" في باكستان إلى أن 31.6 مليون شخص في باكستان فوق سن الـ 15 سنة يدخنون، ويتوقع هذا التقرير أنه في حال زيادة ضريبة الإنتاج الفيدرالية على السجائر بـ 37 في المئة، فإن الزيادة في أسعار السجائر ستؤدي إلى إقلاع 757 ألف شخص عن التدخين، كما أنها ستزيد إيرادات ضريبة السجائر بـ 12.1 في المئة، علاوة على زيادة 88 مليار روبية (نحو 316 مليون دولار) في الدخل الضريبي.

وفي الجانب الآخر ستنخفض كلفة علاج الأمراض المرتبطة بالتبغ بـ 17.8 في المئة في حال زيادة الضرائب.

وبحسب تقرير الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا فإنه يمكن الحصول على 551 مليار روبية (1.9 مليار دولار) من صناعة التبغ في باكستان على شكل ضرائب، مقارنة بالدخل المتوقع من الضرائب المحصلة في هذا الصدد بنهاية هذا العام المالي والتي تبلغ 242 مليار روبية (870 مليون دولار)، مما يعني خسارة خزينة الدولة 310 مليارات روبية (1.1 مليار دولار) سنوياً بسبب تجارة السجائر غير المشروعة في السوق.

ويرى الرئيس التنفيذي لشركة "كروماتك" شارق خان أنه حتى لو جُمعت الضرائب كاملة على السجائر فإن المبلغ المحصل لن يساوي شيئاً أمام الضرر الذي تعانيه باكستان من الأمراض المرتبطة بالتدخين.

وأضاف أن الدولة تخسر 615 مليار روبية سنوياً (2.2 مليار دولار)، وفقاً لتقرير صدر عام 2019، على علاج الأمراض الناجمة عن التدخين، كما يموت 167 ألف شخص سنوياً نتيجة الأمراض الناجمة عنه.

 نقلاً عن "اندبندنت أوردو".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير