ملخص
يسأل متابعون عن الرسالة التي أرادت طهران إيصالها من خلال زيارة وزير الخارجية بالإنابة لبيروت علي باقري كني، وتحديداً عن دور لبنان في تطورات المنطقة القائمة والتمسك الإيراني بهذه الجبهة، وكذلك على صعيد الفراغ الرئاسي المستمر منذ عام ونصف العام.
لبنان الذي أدمن الأزمات، أمنية كانت أم سياسية واقتصادية وحتى غذائية، ينشغل اليوم بزيارة رسمية لمسؤول إيراني غير عادية في التوقيت والمضمون.
فعلى وقع تصعيد ملحوظ ومتواصل في جبهة الجنوب بين إسرائيل و"حزب الله"، وسقوط عدد متزايد من القتلى في صفوف اللبنانيين وعناصر الحزب، وفيما لا تزال حرب غزة مفتوحة على كل الاحتمالات، اختارت إيران وبعد أسبوعين من وفاة رئيسها إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان في تحطم مروحية كانت تقلهما وعدداً من المسؤولين، أن يحضر وزير خارجيتها بالإنابة علي باقري كني إلى لبنان.
مدلولات وتساؤلات عدة
تحمل هذه المحطة الخارجية مدلولات وتساؤلات عدة في الوقت عينه، خصوصاً أنها الأولى له في هذا المنصب، وقد اختار أن تكون الوجهة بيروت التي تعيش راهناً مخاوف جدية من اندلاع حرب شاملة مع إسرائيل، فيما يسأل متابعون عن الرسالة التي أرادت طهران إيصالها من خلال هذه الزيارة، وتحديداً عن دور لبنان في تطورات المنطقة القائمة والتمسك الإيراني بهذه الجبهة، وكذلك على صعيد الفراغ الرئاسي المستمر منذ عام ونصف العام.
واستهل باقري زيارته إلى لبنان بعد وصوله إلى مطار رفيق الحريري الدولي بلقاء وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب الذي قال إثر اللقاء إن "هناك تطابقاً في وجهات النظر حول الأخطار الناجمة عن استمرار الحرب على غزة"، مضيفًا "باقري أكد حرص إيران على استقرار لبنان".
وأضاف بو حبيب، "أكدت موقف لبنان الرافض للحرب وشرحت تصورنا للحلول المستدامة التي تعيد الهدوء والاستقرار من خلال سلة متكاملة لتطبيق القرار (1701)".
من جانبه قال باقري إن "الهدف الرئيس للزيارة هو للتعبير عن شكري وتقديري للشعب اللبناني والحكومة على مشاركتهم في مراسم تشييع الرئيس الإيراني"، مضيفاً "نتشاور دائماً مع لبنان في شأن تطورات المنطقة، والمقاومة هي أساس الثبات والاستقرار".
هذه الزيارة التي قالت وكالة "تسنيم" إنها تهدف إلى بحث "العلاقات الثنائية بين إيران ولبنان وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية، ولا سيما آخر التطورات في فلسطين"، تضمنت أيضاً لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، ثم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فيما يرتقب أن يلتقي المسؤول الإيراني الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله وقيادات فلسطينية في لبنان.
ويصف الكاتب والصحافي إبراهيم حيدر زيارة باقري كني إلى بيروت بالـ "استكشافية" بالدرجة الأولى، خصوصاً وأن إيران في مرحلة انتقالية قبل الانتخابات الرئاسية التي ستأتي بحكومة جديدة، ويقول "هي أيضاً للتأكيد على التواصل مع قوى الممانعة من النقطة التي انتهى إليها الوزير السابق حسين أمير عبداللهيان وقد تكون بصيغة أكثر تشدداً، وهي أيضاً لتحديد توجهات جديدة من خلال توجيه رسائل إلى الدول، بخاصة أميركا، بأن إيران مستمرة في دعم المحور التابع لها ومنفتحة في الوقت ذاته على التفاوض حول الملفات المتعلقة بالمنطقة".
وعن اختيار لبنان محطة أولى لباقري في منصبه الجديد ولو بشكل موقت، يقول حيدر إنها أتت للتأكيد على أن هذا البلد خط أحمر إيراني، مضيفاً "لا شك في أن الرسائل الإيرانية من لبنان لها وظائف خاصة، انطلاقاً من الدعم المفتوح لـ ’حزب الله‘ الذي يمثل أحد الأذرع الأساس لإيران و ’الحرس الثوري‘ في المنطقة".
ويتوقف الكاتب السياسي عند دور باقري كونه المفاوض الإيراني في الملف النووي مع الأميركيين وما يتعلق بملفات المنطقة، ويعتبر أن رسائله مهمة حول جبهة الجنوب وحرب غزة، خصوصاً وأن الإيرانيين لا يريدون تصعيداً يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة، لكنهم يضغطون من خلال حلفائهم لتسوية ملفاتهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"يشكل لبنان بالنسبة إلى طهران خط مواجهة أول مع الأميركيين، وأيضاً خط ضغط وتواصل، وإذا كان هذا البلد يشكل رأس حربة إيرانية في معركتها الإقليمية إلا أنها تريد توظيفه أيضاً في التفاوض حول الملفات الإقليمية"، يقول حيدر.
ويضيف أن التصعيد الميداني جنوباً قد يكون تصعيداً إيرانياً في ذروته الأخيرة للدخول في التفاوض من موقع القوة، "والمرجح أن السياسة الإقليمية الإيرانية لن تتغير مع الوجهة الجديدة للنظام، وخصوصاً الانتخابات الرئاسية، وسيبقى لبنان خطاً أول للمواجهة ضمن الأجندة الإيرانية، بصرف النظر عما ستؤول إليه الأوضاع في غزة".
تأكيد على استمرارية النهج السابق
من جانبه يقرأ الإعلامي المتخصص في الشأن الإيراني محمد عيسى شمص في زيارة باقري كني إلى لبنان، ويقول إنها تحمل بالدلالة السياسية تأكيداً من طهران على استمرارية نهج وزارة الخارجية الإيرانية السابق، وأن الوضع لن يتغير على المستوى الإستراتيجي ولا على مستوى السياسة الخارجية الإيرانية، ولا سيما في هذه المرحلة الحساسة.
ويضيف، "تأتي الزيارة رداً على كل علامات الاستفهام عن سياسية إيران الخارجية بعد وفاة رئيسي وعبداللهيان، أما بالنسبة إلى لبنان فهذه الزيارة تهدف إلى تأكيد الثابت في ما يخص العلاقة بين الدولتين، وكذلك دعم ’حزب الله‘ والقول إن إيران لن تتخلى عن هذا الدعم، وأنها تنسق على أعلى المستويات عسكرياً وسياسياً وديبلوماسياً".