Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرسوم الجمركية على البضائع الصينية من ضمن خيارات بايدن وترمب في الانتخابات

تركز خطط كلا المرشحين الرئاسيين الأميركيين على استخدام التعريفات على سلع التنين المستوردة

يخطط ترمب لفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المئة على جميع البضائع الصينية إلى أميركا سنوياً (أ ف ب)

الوعود الانتخابية التي تجعل السلع والخدمات أكثر كلفة في وقت يكون المستهلكون غاضبين بالفعل من الأسعار المرتفعة قد تبدو استراتيجية سياسية غير عادية.

واختار المتصارعان في الانتخابات الأميركية، سواء الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن أو منافسه الرئيس السابق دونالد ترمب تلك الخيارات الانتخابية.

واعتبر المتنافسان على فترة ولاية ثانية في البيت الأبيض أن التعريفات الجمركية على السلع الصينية المستوردة لتعزيز التصنيع المحلي والرد على الممارسات التجارية الصينية ذات المحصلة الصفرية خياراً استراتيجياً في الانتخابات المقرر إجراؤها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وجهة نظر المرشحين تتضارب قطعاً مع آراء المتخصصين في شؤون الاقتصاد، إذ إنهم يرون إن مزيداً من التعريفات الجمركية سيؤدي حتماً إلى ارتفاع الأسعار، في وقت يصر كل من بايدن وترمب على أن المستهلكين لن يتضرروا.

في غضون ذلك، توقع اقتصاديون أن "الرسوم الجمركية التي فرضها بايدن على السيارات الكهربائية والبطاريات ورقائق الكمبيوتر الصينية بقيمة إجمالية تصل إلى 18 مليار دولار الشهر الماضي، قد تكون أصغر من أن ترفع مستوى الأسعار".

لكنهم استدركوا أن "خطة ترمب التي تقضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المئة على جميع البضائع التي تشحنها الصين إلى الولايات المتحدة كل عام بقيمة 427 مليار دولار ستعيد تشكيل التجارة بطرق قد يلاحظها المستهلكون".

وعن ذلك، قالت المتخصصة الاقتصادية في معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي ماري لفلي لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن "صدمة خطة ترمب المزعومة ستكون لها تداعيات بالتأكيد".

 وأشارت إلى أنه بعد فرض ترمب رسوماً جمركية في 2018 على الواردات الصينية ظل معدل التضخم في الولايات المتحدة منخفضاً لمدة ثلاثة أعوام تقريباً، إلى أن قلب الوباء سلاسل التوريد العالمية رأساً على عقب، إذ كانت أسعار المستهلك ترتفع بمعدل سنوي 2.9 في المئة في يوليو (تموز) 2018 عندما دخلت التعريفات الجمركية الصينية الأولى حيز التنفيذ، وبعد عام واحد كان معدل التضخم أقل من اثنين في المئة (المعدل المستهدف من قبل البنك المركزي الأميركي).

من يدفع الفاتورة؟

"هذا لا يعني أن الصينيين كانوا يدفعون الفاتورة، إذ خلصت دراسات عدة إلى أن الكلف تقع على عاتق الأميركيين، فتعريفات ترمب لم يكُن لها تأثير يذكر في الأسعار التي يتلقاها المصدرون الأجانب"، وفقاً لدراسة أجراها ثلاثة اقتصاديون ماري أميتي من بنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك وستيفن ريدينغ من جامعة "برينستون" وديفيد وينشتاين من جامعة "كولومبيا" في 2018.

إلى ذلك فالأميركيون الذين دفعوا الرسوم الجمركية كانوا أشخاصاً مثل الرئيس التنفيذي لشركة النسيج الأميركية "أميركان تيكستايل" لانس روتنبرغ.

وتعدّ شركة روتنبرغ التي يبلغ عمرها 99 سنة واحدة من نحو 225 ألف مستورد أميركي يشترون سلعاً من موردين أجانب ثم يستخدمونها لصنع سلع تامة الصنع أو بيعها للمستهلكين.

ومع انتقال إنتاج المنسوجات والنسيج الأساس إلى الخارج خلال العقود الأخيرة، بدأت "أميركان تيكستايل" باستيراد نحو 3500 حاوية شحن مليئة بأغطية الوسائد والأقمشة المتخصصة كل عام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشهدت الشركة ارتفاع الكلف بملايين الدولارات كل عام مقابل المواد الصينية المستوردة التي تستخدمها في الوسائد والفراش التي تبيعها علامات تجارية مثل "سيلي" و"تيمبور-بيديك".

وجاءت تعريفات ترمب في نهاية عقد من التضخم المنخفض للغاية، مما جعل من الصعب على الشركات رفع أسعار التجزئة، وتحت ضغط من تجار التجزئة مثل "وول مارت"، استوعب المستوردون كلفة التعريفات عن طريق تقليص هوامش أرباحهم.

وعلق روتنبرغ على ذلك قائلاً "لم تكُن لدى تجار التجزئة وعملائنا الرغبة في قبول هذه الزيادة في الأسعار"، مضيفاً أن "ما يحدث هو أن الشركة المصنعة الأميركية ينتهي بها الأمر إلى استيعاب الكلفة".

وخلصت دراسة أجراها أربعة اقتصاديين عام 2021، وهم ألبرتو كافالو من كلية "هارفارد" للأعمال وغيتا غوبيناث من صندوق النقد الدولي وبرنت نيمان من جامعة "شيكاغو" وجيني تانغ من بنك الاحتياط الفيدرالي في بوسطن، إلى أن "الشركات الأميركية استوعبت كثيراً من الكلف المرتفعة المرتبطة بالتعريفات الجمركية من خلال تحقيق هوامش أقل على مبيعاتها".

ووجد تحليل بيانات الأسعار لـ90 ألف منتج أن كبار تجار التجزئة أفلتوا من العبء الأكبر للتعريفات الجمركية من خلال تقديم طلبات استيراد كبيرة بصورة غير عادية بين الإعلان عن التعريفات وتاريخ سريانها، ومن خلال التحول إلى الموردين خارج الصين.

وكانت هناك أسباب أخرى وراء رد الفعل الصامت لأسعار المستهلك، إذ ارتفع الدولار نحو 10 في المئة مقابل اليوان  الصيني في 2018، مما عوض جزءاً من تأثير الرسوم الجمركية من خلال جعل المنتجات الصينية أقل كلفة.

وانخفضت العملات الآسيوية الأخرى إلى جانب اليوان، ولذلك تراجعت أيضاً أسعار السلع من الموردين في كوريا الجنوبية وفيتنام وإندونيسيا، وسمح ذلك لبعض المشترين الأميركيين بالتحول من المنتجات الصينية الخاضعة للتعريفة الجمركية إلى بدائل أقل كلفة.

التعريفات الأميركية المناهضة للصين

إضافة إلى ذلك، فرضت التعريفات الجمركية المناهضة للصين على دفعات عدة، مما يعني أن التأثيرات الكاملة لم تكن محسوسة لأكثر من عام بعد بدء الحرب التجارية، إذ ضربت أول دفعتين من التعريفات الجمركية بنحو 25 في المئة حجماً صغيراً نسبياً من البضائع.

أما قائمة التعريفات الثالثة وهي الأكبر التي تغطي 200 مليار دولار من الواردات الصينية، ففرضت تعريفات بنسبة 10 في المئة خلال سبتمبر 2018، وأعلن عن تعريفة نهائية بنسبة 15 في المئة على واردات بقيمة 112 مليار دولار في الشهر نفسه من 2019، مما رفع القيمة الإجمالية للمنتجات المتضررة إلى نحو 360 مليار دولار.

وبعد بضعة أشهر، أدى الوباء إلى دفع الاقتصاد لحال من التجميد العميق، مما تسبب في طغيان تأثيرات التعريفات الجمركية، فيما اختفى التضخم تقريباً بحلول مايو (أيار) 2020، ولكن بعد ذلك وبينما كانت سلاسل التوريد العالمية تكافح لمواكبة الطلب الاستهلاكي على المنتجات لجعل عصر العمل من المنزل أكثر قبولاً، ارتفعت الأسعار، مما أشعل نوبة تضخمية لم تنتهِ بعد.

وفي مقابلة حديثة مع مجلة "تايم" كرر ترمب ادعاءه بأن الدول الأخرى تدفع الرسوم الجمركية الأميركية، ورفض فكرة أن الأميركيين سيعانون، قائلاً "لا أعتقد بأنه سيكون تضخماً"، وأضاف أن "تعريفاته تهدف إلى إقناع الشركات الأجنبية ببناء مصانع جديدة في الولايات المتحدة".

الأسر الأميركية ستكون المتضرر الأول

لكن الاقتصاديين يستبعدون أن تمر الحرب التجارية المتجددة مع الصين التي وعد بها ترمب، مثل نظيرتها في 2018-2019، إذ إنهم يرجحون أن تكون مؤلمة بالنسبة إلى المستهلكين، فمن شأن التعريفات الجديدة أن تكلف الأسرة النموذجية من الطبقة المتوسطة مبلغاً إضافياً قدره 1700 دولار سنوياً، وفقاً لدراسة معهد "بيترسون" التي شارك في كتابتها المتخصص في الشأن الاقتصادي كيم كلاوسينغ.

على أية حال، تضع بعض الشركات فعلياً خطط طوارئ، إذ أبلغ الرئيس التنفيذي لشركة "ستانلي بلاك أند ديكر" دونالد آلان، المحللين الشهر الماضي بأنه لا يزال يعاني اضطراب ما بعد الصدمة من كلف التعريفة السنوية البالغة 300 مليون دولار التي تكبدتها شركة تصنيع الأدوات خلال الحرب التجارية الأصلية لترمب.

وأضاف أن الشركة خفضت اعتمادها على الواردات من الموردين الصينيين من 40 في المئة إلى ما لا يزيد على 25 في المئة وستنوع بصورة أكبر إذا زادت الرسوم الجمركية، قائلاً إن "شركته ربما تضطر إلى اتخاذ بعض الإجراءات السعرية الجراحية".

وأخيراً، تغيرت الظروف منذ 2018، فلا يستطيع المستوردون الاعتماد على ارتفاع الدولار بالقدر نفسه الذي حدث في ذلك الوقت، وبعد ثلاثة أعوام من التضخم المرتفع، قد تتمكن الشركات من تمرير الكلف العالية بسرعة أكبر إلى المستهلكين.

وعن ذلك قال الاقتصادي من مجلس العلاقات الخارجية الأميركية براد سيتسر "أعتقد بأن التأثيرات ستكون أكثر وضوحاً بكثير".

وكانت شركة "أميركان تيكستايل" استجابت لتعريفات عام 2018 بتحويل 30 في المئة من سلسلة التوريد الخاصة بها من الصين إلى دول أخرى، مثل فيتنام والهند وباكستان. وحصلت في نهاية المطاف على إذن من الحكومة لمواصلة استيراد بعض العناصر التي لا يمكن الحصول عليها من الموردين الأميركيين.