Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيس حزب "المؤتمر السوداني": استعار الحرب يقود إلى تفكيك البلاد

عمر الدقير حذر من تأثيرات الصراع في استقرار المنطقة لا سيما مع هيمنة الطبائع الوحشية لطرفي النزاع على المواجهات المسلحة

رئيس حزب "المؤتمر السوداني" عمر الدقير (اندبندنت عربية)

ملخص

قال رئيس حزب "المؤتمر السوداني" عمر الدقير إن استمرار الصراع المسلح يبعث الخوف على مآلات الأوضاع في البلاد بخاصة مع كل الأثمان الباهظة التي دفعها الشعب السوداني طوال عام الخراب الأول واتساع تأثير الدمار، لا سيما أن نحو 20 في المئة من السودانيين باتوا نازحين أو لاجئين، ويقبع ثلث السكان تحت خطر المجاعة.

حذر رئيس حزب "المؤتمر السوداني" عمر الدقير من أخطار استمرار الحرب في البلاد لأن ذلك يعني الوصول إلى سيناريوهات غاية في السوء، فضلاً عن تفكيك السودان، واستعار حرب أهلية شاملة لا تقف آثارها داخل حدود البلاد بل تمتد لتؤثر في استقرار المنطقة والإقليم، خصوصاً بالنظر إلى طبيعة الصراع المسلح الذي تتطور طبائعه الوحشية يوماً تلو آخر.

وأشار الدقير في حوار إلى "اندبندنت عربية" إلى أن "ظهور كتائب الإسلاميين في القتال أثبت من كان وراء هذه الحرب، وهو دليل ناصع على أنها حرب النظام البائد ضد ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، وأنهم المسؤولون عن إشعال نار هذا الصراع، ونحن كقوى مدنية ظل موقفنا قبل الثورة وبعدها وقبل الحرب وخلالها هو رفض اختطاف الدولة لمصلحة أي تنظيم سياسي وعلى رأس مؤسساتها القوات المسلحة والمنظومة الأمنية، وأكد رفضهم حال تعدد الجيوش في السودان والهيمنة على القرارات داخل المؤسسة العسكرية من أي جهة كانت، لذا فنحن نطالب بتشكيل جيش مهني واحد لا علاقة له بالسياسة أو الاقتصاد ويظل مؤسسة وطنية تخدم السودانيين كافة من دون تحيز أو تجيير لمصلحة أي جهة سياسية".

وأضاف الدقير أن "القوات المسلحة مثلها مثل كل مؤسسات الدولة السودانية المدنية والعسكرية تعرضت بعد الـ30 من يونيو (حزيران) 1989، للتجريف والتخريب والسياسات التمكينية التي استهدفت اختراقها والمنظومة الأمنية والعسكرية واختطاف الجيش لمصلحة مشروع ’الجبهة الإسلامية‘ وحزب ’المؤتمر الوطني‘".

دمار وخراب

وحول نظرته إلى هذه الحرب بعد دخولها عامها الثاني، قال إن "استمرار الصراع المسلح يبعث الخوف على مآلات الأوضاع في البلاد، بخاصة مع كل الأثمان الباهظة التي دفعها الشعب السوداني طوال عام الخراب الأول واتساع تأثير الدمار، إذ يقيم اليوم 20 في المئة من السودانيين بين معسكرات النزوح ومدن المنافي واللجوء، ويقبع ثلث السكان تحت خطر المجاعة ونصفهم في حاجة لمساعدات إنسانية عاجلة، فضلاً عن الضحايا المدنيين وكذلك العسكريين من الطرفين".

واستبعد حسم هذا الصراع عسكرياً من واقع مسار المعارك الحربية في العام الأول، لافتاً إلى أن "الحلول العسكرية لا تجلب سوى الدمار ومعاناة المواطنين، والحرب لا تنتج سوى الخاسرين، والشعب السوداني هو من يدفع الثمن، ولا يجب مطلقاً السماح باستمرار هذا الصراع العبثي منعدم الأسباب والجدوى".

ورداً على سؤال عن فشل مساعي وقف الحرب وجهود المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو، أجاب الدقير أنه "معلوم أن هناك أسباباً عدة أدت إلى الفشل في التوصل لاتفاق بين الطرفين، منها انعدام الثقة وغياب الإرادة السياسية، ومن الواضح أيضاً أن طبيعة منهج التفاوض، بما في ذلك الأجندة وتصميم المنبر والأطراف الوسيطة فيه تحتاج إلى إعادة تصميم، بما يجعلها أشمل وأكثر قدرة على مخاطبة الواقع المعقد في السودان، لا سيما مع حال التشظي الوطني التي تزيد سوءاً يوماً تلو آخر، أما بالنسبة إلى المبعوث الأميركي، فإننا نلاحظ نشاطه ونعتقد بأنه يملك تصوراً جيداً حيال الأزمة الحالية في البلاد ويتشارك معنا جل وجهات النظر حول طبيعة الصراع وكيفية الوصول إلى حل سياسي شامل".

 

 

وأعرب عن أمله في أن "تسهم جهود المبعوث الأميركي في استئناف المفاوضات قريباً بين طرفي الصراع والتوصل العاجل إلى حل ينهي الحرب ومعاناة السودانيين، ونحن بدورنا ندعو إلى الكفر بهذه الأنساق الدموية التي لم تجلب لبلادنا إلا الخراب والشقاق والجوع والمعاناة، ونتطلع لحوار وطني شامل لا يستثني إلا ’المؤتمر الوطني‘ وواجهاته، ويضم جميع الأطراف ذات الصلة للتوصل إلى حل سلمي سياسي شامل يضمن العدالة والسلام واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي في البلاد".

تدخلات وتضليل

وحول وجود أطراف خارجية تدعم طرفي الصراع بالسلاح والمال لأطماع لديها ودورهم كقوى مدنية في الحديث مع هذه الأطراف، أوضح رئيس حزب "المؤتمر السوداني" أن "طبيعة الحرب الداخلية ترتبط ارتباطاً وثيقا بالتدخلات الخارجية لتغذيتها، والاعتراف بتلك التأثيرات الخارجية جزءٌ من فهم الصراع وطبائعه، بالنسبة إلينا كقوى مدنية فإننا نرى ضرورة صياغة العلاقات الخارجية بصورة تفك السودان من عزلته، وتدعم التحول الديمقراطي في البلاد، ومن ثم نتواصل ونعمل مع الحكومات والمؤسسات الدولية والإقليمية بإيجابية من أجل وقف الحرب وعزل أطرافها ودفعهم للانحياز إلى مسار التحول المدني الديمقراطي، ونستمر دائماً في دعوة جميع الفاعلين الدوليين والإقليمين إلى توحيد الجهود لدعم السلام في السودان".

وفي شأن الاتهامات بأن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) هي الحاضنة السياسية لقوات "الدعم السريع"، رأى الدقير أن "هذه الاتهامات لا قيمة لها ولا معنى، وهي جزء من سرديات التضليل المتعمد التي تود إغفال نظر الناس عن رؤية حقيقة موقفنا، وهو أننا لم ننحَز أبداً إلى البنادق، وظللنا نرفض هذه الحرب والانتهاكات جميعها بغض النظر عن مصدرها، وقمنا بإدانة كل الجرائم التي أقدمت عليها قوات ’الدعم السريع‘، وكذلك التي ارتكبتها القوات المسلحة. إن موقفنا من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وكرامته في السودان هو موقف مبدئي وأخلاقي وليس محلاً للتكسب السياسي، ويمتد لما بعد الإدانة إلى المطالبة بالعدالة الشاملة للضحايا، ونضع هذه القضية في قلب مشروعنا السياسي سواء في الحزب أو عبر تحالف الحرية والتغيير أو في تنسيقية ’تقدم‘، هذه هي الحقيقة التي لا يمكن تزويرها أبداً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ما يتعلق بإبعاد الإسلاميين سياسياً من فترة الانتقال وعودة الاستقرار، قال إن "العودة للاستقرار هي مسألة غير يسيرة بالضرورة، لكن مشروعنا نحو المستقبل التأسيس لوطن جديد يسع الجميع، ونحن بذلك نعني ألا نغض الطرف مطلقاً عن الجراح العميقة التي نالت من الوجدان الوطني بسبب هذه الحرب، ونرى أن مشروع أي حل سياسي يجب أن يمر بالضرورة عبر قضايا العدالة الانتقالية الشاملة التي نعتبر أنها طريقنا نحو مصالحة وطنية شاملة، أما بالنسبة إلى الإسلاميين فإننا لا نضعهم جملة في درجة واحدة، فنحن نمايز بين التيار الإسلامي السلطوي العنيف الذي يمثله ’المؤتمر الوطني‘ المحلول وواجهاته، والتيار الإسلامي الذي يتبنى العمل السياسي المدني ويرفض الحرب ويسعى إلى وقفها".

وأردف أن "موقفنا من ’المؤتمر الوطني‘ ليس موقفاً انتقامياً، لكنه حزب لا يمثل حالة سياسية طبيعية فهو حامل للسلاح ومحتكر لأجهزة الدولة ومختطف لقرارها السياسي والعسكري وقيادته السياسية ملاحقة جنائياً وفارة من العدالة الدولية والوطنية، إضافة إلى قضايا العدالة المتعلقة بالصراع المسلح، والسماح بالتماهي مع منحه فرصة للعودة يعني السماح بوجود تيار يتعارض مشروعه مع فكرة التأسيس التي نطرحها أصلاً".

جبهة وطنية عريضة

وفي ما يخص تصريحات مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق ياسر العطا حول إمكان إنشاء قواعد عسكرية لدول عدة على البحر الأحمر، قال الدقير إن "حديث العطا مؤسف، فالرجل يدعي أنه يمثل معسكراً يسمونه معسكر ’السيادة الوطنية‘، مما يتناقض بالضرورة مع فكرة رهن البلاد من أجل صناديق ذخيرة أو معدات عسكرية. لا يمكن أن نرهن مستقبل السودان وأرضه وموانئه التي هي حق لكل السودانيين وللأجيال التي لم تولد بعد، من أجل شراء أدوات قتل الشعب وتدمير البلاد، هذه مسألة مرفوضة وغير مقبولة، إننا ندعو الفريق ياسر العطا إلى اتخاذ المواقف الصحيحة من التاريخ والوقوف على الجانب الصحيح من الوجدان الوطني، والتوقف عن السير في ركاب دعاة الموت وأنبياء الخراب والانحياز إلى صوت ملايين الجائعين واللاجئين، وكذلك النازحين الذين يصرخون من فرط معاناتهم كل يوم أن أوقفوا هذه الحرب".

ورداً على سؤالنا بخصوص موقفهم من الأطراف التي تدعم انقلاب الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، في سبيل تكوين جبهة، قال "بالطبع نسعى وبصورة جادة إلى الجلوس مع جميع السودانيين والسودانيات باستثناء واحد فقط وهو ’المؤتمر الوطني‘ وواجهاته، لذا فإننا كما سبق لي التصريح بذلك نمد أيدينا مفتوحة للجميع من أجل وقف هذه الحرب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي. فصحيح أن هذه الكارثة الوطنية هي إحدى نتائج انقلاب الـ25 من أكتوبر الذي انشطرت نواته على ذاتها، لكننا وعلى رغم ذلك نسعى إلى تشكيل جبهة تضم جميع القوى المدنية الديمقراطية، والمحدد كما قلنا أن تدعم هذه القوى التغيير السلمي وترفض لغة البنادق وتفك ارتباطها عن مشروع الحرب الذي يغتال السودانيين والسودانيات صباحاً مساءً".

 

 

وفي شأن مخرجات المؤتمر التأسيسي والانتقادات التي تم تقديمها إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، قال الدقير "المؤتمر التأسيسي هو حدث رئيس ومهم، إذ اجتمع 600 سوداني وسودانية من أجل نقاش قضايا التأسيس الوطني ورفض عسكرة الحياة السياسية في البلاد والقتال والحرب، فضلاً عن إجازة الرؤية السياسية والنظام الأساسي والهيكل التنظيمي لتنسيقية ’تقدم‘ ، فضلاً عن مشاركة قوى مهمة مثل ’المؤتمر الشعبي‘ و’الحزب الاتحادي الديمقراطي‘ و’الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال‘ بصفة مراقبين، وبذلك فإننا نعتبر المؤتمر التأسيسي خطوة مهمة نحو توحيد القوى الديمقراطية في سبيل وقف الحرب، وعلى رغم ذلك فإننا منفتحون على النقد البناء الذي يسهم في تحسين وتطوير ’تقدم‘ التي لا نراها حدثاً ينتهي بنهاية المؤتمر، بل هي عملية مستمرة لا تنتهي إلا برسو زوارقنا على مرافئ النور، حيث ينتظرنا وطن لا حروب فيه ولا نزاع، وطن يسعنا جميعاً بحق".

حرب أهلية شاملة

وعن مدى إمكان احتمال حدوث حرب أهلية وتقسيم للسودان، أفاد رئيس حزب "المؤتمر السوداني" أن الصراع القائم الآن في البلاد يعد حرباً أهلية بمعنى من المعاني، إذ يدفع أطرافها المدنيين إلى حمل السلاح والقتال على جانبي الصراع، فمنذ الـ15 من أبريل (نيسان) 2023، تستنفر القوات المسلحة المدنيين في مناطق سيطرتها بصورة معلومة على آخر صوره "المقاومة الشعبية المسلحة"، كما أن قوات "الدعم السريع" بدأت في وقت مبكر عمليات الفزع، وبذلك فإن استمرار هذه الحرب سيؤدي من دون شك إلى حرب أهلية شاملة وتفكيك البلاد، مما "تحدثنا عنه محذرين قبل اندلاع الصراع المسلح حين لاحت معالم الخراب التي كان يدعو إليها أتباع النظام السابق أخبرنا الناس بأن طريق اتخاذ السلاح والرصاص والسنان لحل القضايا السياسية لن يؤدي بالبلاد إلا إلى الهلاك والحرب الأهلية، ونعمل جاهدين لمنع تحققها بصورة شاملة، ونؤمن بأن فرص إنقاذ السودان لم تمض بعد، وما زال بإمكاننا عبر استدعاء لغة الحوار بدلاً من لغة الخراب أن نتجاوز التحديات الراهنة ونحافظ على وحدته وسلامة أراضيه".

وعن رأيه حول مصير سلام جوبا الموقع بين الحركات المسلحة وحكومة الفترة الانتقالية السابقة برئاسة عبدالله حمدوك في أكتوبر 2020 وانقسامات الحركات المسلحة ومستقبلها، قال الدقير "نتابع بقلق الانقسامات في صف حركات الكفاح المسلحة التي نحت للخروج عن وضع الحياد واتخاذ طرف في هذه الحرب، مما يسهم في تعقيد الوضع السياسي في السودان، ويدفع مزيداً من الأطراف إلى نار الصراع المسلح، ويفاقم الكلفة الإنسانية لهذه الحرب. إننا نتواصل مع قيادة الحركات أسوة باتصالاتنا المتواصلة مع قادة القوات المسلحة و’الدعم السريع‘، وندعوهم إلى اتخاذ المواقف الصحيحة ووقف الصراع وعدم تمدده في البلاد، وحماية للمدنيين في مناطق سيطرتهم، أما بالنسبة إلى اتفاق سلام السودان الموقع في جوبا، فإننا نراه كوثيقة وطنية مهمة ويجب أن تكون قضاياه جزءاً من الوثائق التي ينبغي أن نضعها نصب أعيننا، ونحن نعمل على صياغة الحل السياسي الشامل لأزمة البلاد القاسية".

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات