ملخص
يقول خوان كارلوس أرتيغاس لـ "اندبندنت عربية" إن الذهب تاريخياً مخزن موثوق للقيمة وتحوط جيد ضد التضخم وتقلبات العملة، وهو على عكس العملات الورقية إذ لا يمكن للحكومات طباعة الذهب أو خفض قيمته، مما يسهم في استقراره على المدى الطويل.
بإمكانكم اليوم تجنيب مدخراتكم خطر تآكل القيمة، فأمام تعاظم التوترات الجيوسياسية وشيوع حال الضبابية الاقتصادية وهبوط العملات خصوصاً في الأسواق الناشئة، يبقى التحوط من خطر التضخم عبر الاحتفاظ بكميات من الذهب هو الملجأ والملاذ في الوقت الراهن، فلطالما عمل المعدن الأصفر كمخزن جيد للقيمة، لكن بأية نسبة نحتفظ بالذهب، ولماذا ارتفعت أسعاره بقوة خلال الأسابيع الأخيرة إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، ثم ما هي توقعات ما سيكون عليه سعر الأونصة الفترة المقبلة؟
أسئلة كثيرة شغلت خواطرنا بينما تحاور "اندبندنت عربية" رئيس قسم الأبحاث العالمية في مجلس الذهب العالمي خوان كارلوس أرتيغاس، وهو واحد من أكثر محللي الذهب نفوذاً في العالم اليوم، ويملك خبرة واسعة تتجاوز أعوام عمله في المجلس منذ عام 2009، إذ عمل قبلها في بنك الاستثمار الأميركي المرموق "جيه بي مورغان" كإستراتيجي للدخل الثابت في الولايات المتحدة والأسواق الناشئة، قبل أن يمضي 15 عاماً في مجلس الذهب العالمي يعيد خلالها تشكيل نهج المؤسسة في البحث من خلال التحليل المالي القوي والشامل الذي يتضمن النتائج من أسواق الذهب المادية والمشتقات وارتباطها بالديناميكيات الاقتصادية الكلية والجيوسياسية، مما ساعد في تطوير إطار تقييم ومنح المجلس فهماً أكبر لأداء المعدن النفيس عبر منهجية أكاديمية معتمدة.
الذهب ملاذ آمن ضد التضخم
وخلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" تحدث خوان كارلوس أرتيغاس حول عدد من العوامل التي تجعل من الذهب أصلاً مميزاً ذا عوائد جيدة، إذ يقول إن الذهب يعد أصلاً فريداً وقيماً بسبب عدد من الخصائص الرئيسة، فقد كان تاريخياً بمنزلة مخزن موثوق للقيمة، وتحوطاً جيداً ضد التضخم وتقلبات العملة، وهو على عكس العملات الورقية فلا يمكن للحكومات طباعة الذهب أو خفض قيمته، مما يسهم في استقراره على المدى الطويل.
كان الذهب تاريخياً بمنزلة مخزن موثوق للقيمة، وتحوطاً جيداً ضد التضخم وتقلبات العملة
ويضيف أرتيغاس أن أداء الذهب بوصفه أداة للتحوط ضد عدم اليقين الاقتصادي وتقلبات السوق جعله خياراً شائعاً بين المستثمرين، وإضافة إلى ذلك فإن القيمة الجوهرية للذهب معترف بها عالمياً مما يوفر السيولة ووسيلة دولية للتبادل، وبالنظر إلى أهميته الإستراتيجية في المحافظ الاستثمارية فإنه يعزز الطلب المتنوع من المجوهرات إلى التطبيقات الصناعية واحتياطات البنوك المركزية.
أسباب ارتفاع أسعار الذهب عالمياً
ويعزو أرتيغاس الارتفاع الأخير في أسعار الذهب على المستوى العالمي إلى عدد من العوامل، ويقول إنه اعتباراً من الربع الثاني من عام 2024 بلغ متوسط سعر الذهب في LBMA (PM) رقماً قياسياً عند 2338 دولاراً للأونصة بزيادة 18 في المئة على أساس سنوي، وزيادة 13 في المئة على أساس ربع سنوي، وكان هذا الارتفاع مدفوعاً في المقام الأول بالاستثمارات القوية خارج البورصة التي شكلت 329 طناً من الطلب، واستمرار مشتريات البنوك المركزية العالمية التي زادت ستة في المئة على أساس سنوي إلى 183 طناً خلال الربع الثاني من العام، إضافة إلى وجود طلب كبير على السبائك والعملات المعدنية الذهبية بالتجزئة في آسيا، ولا سيما في الصين والهند، إذ ارتفع الاستثمار في السبائك والعملات المعدنية 62 و46 في المئة على التوالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن ثمة عاملاً آخر لا يقل أهمية أسهم في اندفاع صعود الذهب في الآونة الأخيرة، كما يقول خوان كارلوس أرتيغاس، مشيراً إلى أن التوترات الجيوسياسية والشكوك الاقتصادية والضغوط التضخمية المستمرة كلها عوامل عززت جاذبية الذهب كأصل وملاذ آمن، في حين أدت توقعات انخفاض أسعار الفائدة الأميركية من قبل البنك المركزي الأميركي إلى خفض كلفة الفرصة البديلة، مما دفع الأسعار إلى مستويات قياسية جديدة، بما في ذلك 2480.25 دولاراً للأونصة في يوليو (تموز) الماضي.
نصيحة ذهبية مهمة للجميع
لكن إذا كان الذهب يحظى بكل تلك المكانة والقدرة على تجنيب الأموال خطر تآكل القيمة، فكم هي النسبة المثلى التي ينبغي الاحتفاظ بها من الذهب ضمن المحفظة الاستثمارية؟
يجيب أرتيغاس بأن إضافة الذهب إلى المحافظة الاستثمارية أمر مهم وحيوي بالنسبة إلى عنصر قيم، ويمنح المحفظة الاستثمارية تنوعاً أكبر، ويقول "تشير البيانات التاريخية والتحليل الإستراتيجي إلى أن تخصيص خمسة إلى 15 في المئة من المحفظة للذهب يمكن أن يساعد في تخفيف الأخطار وتعزيز العائدات، اعتماداً على مدى تحمل الأخطار الفردية والأهداف المالية والبيئة الاقتصادية الأوسع، إذ يساعد الارتباط المنخفض بين الذهب وفئات الأصول الأخرى في تقليل التقلبات الإجمالية للمحفظة ويوفر تحوطاً ضد عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي".
إضافة الذهب إلى المحافظة الاستثمارية أمر مهم وحيوي بالنسبة إلى عنصر قيم، ويمنح المحفظة الاستثمارية تنوعاً أكبر
توقعات أسعار الذهب عام 2025
وفي حديثنا إلى خوان كارلوس أرتيغاس لم نفوت فرصة السؤال عن المستقبل وما يحمله لحائزي الذهب، وكم يتوقع أن يصل سعر الأونصة من المعدن الأصفر خلال الفترة المقبلة وتحديداً عام 2025، فأجاب قائلاً "على رغم أننا لا نتوقع سعر الذهب إلا أن تحليلنا يشير إلى أن هناك عدداً من العوامل التي يمكن أن توفر دعماً إضافياً لصعود المعدن الأصفر الفترة المقبلة، وعلى سبيل المثال نتوقع أن تعمل أسعار الفائدة المنخفضة والأخطار الجيوسياسية المستمرة على جذب التدفقات الاستثمارية، بما في ذلك التدفقات المقبلة من الأسواق الغربية التي ظلت صامتة حتى الآن".
ويتابع رئيس قسم الأبحاث العالمية في مجلس الذهب العالمي أنه "إضافة إلى ذلك فإن انخفاض الضرائب على الذهب في الهند سيحفز المشترين، وعلى رغم أن هذا ليس توقعاتنا الحالية إلا أننا نراقب أي تباطؤ كبير في شراء البنوك المركزية العالمية أو جني الأرباح على نطاق واسع من قبل المستثمرين الآسيويين، مما قد يخلق رياحاً معاكسة لأداء الذهب خلال الأشهر المقبلة".
