Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نائبة وزير الدفاع الأميركي السابقة: لا خيارات أمام السنوار

دانا سترول تكشف لـ "اندبندنت عربية" عما دار داخل الـ "بنتاغون" خلال اللحظات الأولى من هجمات "السابع من أكتوبر" وتقول إن إسرائيل بحاجة إلى ضمانات في شأن فيلادلفي

ملخص

 تقول سترول إنه إذا صعّدت إيران من هجماتها ضد إسرائيل فإن الولايات المتحدة ستتدخل للدفاع عن إسرائيل والأمن والاستقرار في المنطقة، وتعتبر المسؤولة الأميركية السابقة أن هذا هو أحد الأسباب التي تجعل القادة في طهران يفكرون مرتين في شأن ما هددوا بفعله منذ اغتيال هنية.

"إن دعم إدارتي لإسرائيل صلب كالصخر وراسخ"، كانت هذه هي الكلمات الأولى التي علق بها الرئيس الأميركي جو بايدن على هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 التي شنتها حركة "حماس" من قطاع غزة ضد مستوطنات إسرائيلية وقتلت خلالها أكثر من 1200 إسرائيلي واتخذت 204 رهينة، ومنها اندلعت شرارة حرب مدمرة قضت على القطاع بأكمله وخلفت مئات آلاف القتلى. 

ولم يكد الرئيس الأميركي ينهي بيانه الأول حتى أعلن وزير دفاعه لويد أوستن عن توفير معدات وموارد إضافية بصورة سريعة للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الذخائر وانطلاق أول حزمة من المساعدات الأمنية في اليوم نفسه، جنباً إلى جنب مع إجراءات استثنائية في شأن تعزيز قواته في المنطقة والتي شملت تحريك مجموعة حاملة الطائرات المقاتلة غيرالد فورد إلى شرق المتوسط بما تحويه من صواريخ موجهة، وزيادة عدد أسراب الطائرات المقاتلة التابعة لسلاح الجو الأميركي من طراز "إف-35" و"إف-15" و"إف-16" و"آي-10". 

وفي هذه الأثناء كانت مديرة الأبحاث الحالية لدى معهد واشنطن دانا سترول تشغل منصب نائب وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط حيث كانت أعلى مسؤول مدني في الـ "بنتاغون" مسؤولاً عن المنطقة. 

"اندبندنت عربية" التقت سترول في مقابلة خاصة عبر تطبيق "زووم" كشفت خلالها عما دار داخل الـ "بنتاغون" في أعقاب وقوع تلك الهجمات التي وصفها بايدن بأنها "حادثة مفصلية ستغير العالم" على مدى القرن الـ 21.

أربع أولويات

وكشفت سترول عما دار في اللحظات الأولى داخل وزارة الدفاع الأميركية، موضحة أن قادة الـ "بنتاغون" حددوا أربع أولويات للتعامل مع غزة فور وقوع الهجمات، وهى أولاً دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وضمان عدم تمكن "حماس" من تكرار هجمات السابع من أكتوبر 2023، وبناء على هذا "خصصنا دعماً يشمل الدفاع الجوي لقوات الدفاع الإسرائيلية لحماية نفسها من الصواريخ التي كانت آتية من غزة، ولكن أيضاً لدعم عمليات إسرائيل لتفكيك البنية التحتية العسكرية لـ "حماس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان الهدف الثاني هو الردع، "فبينما كانت إسرائيل تعمل على تفكيك البنية التحتية العسكرية لـ 'حماس' كان من الواضح جداً أن إيران وكثيراً من شركائها الآخرين، مثل 'حزب الله' والحوثيين، كانوا يتطلعون إلى مهاجمة إسرائيل أو بدأوا في ذلك في الوقت نفسه، لذلك أرسل الـ 'بنتاغون' حاملات طائرات إضافية ومعدات عسكرية أخرى إلى المنطقة من أجل ردع هؤلاء الخصوم، ومنعهم من مهاجمة إسرائيل". 

وكان الهدف الثالث هو دعم الجهود التي تبذلها إسرائيل لإعادة أكبر عدد ممكن من الرهائن أحياء، وتقول إنه "على رغم أن الـ 'بنتاغون' لم يرسل قوات أميركية إلى غزة في أي وقت من الأوقات، فإنه يقدم الدعم الفني مثل كيفية قيام جيشنا بعمليات استعادة الرهائن، ولذا فإننا نقدم المشورة لقوات وزارة الدفاع الإسرائيلية حول كيفية استعادة هؤلاء الرهائن بأمان".

وفيما ينشر الـ "بنتاغون" أكثر من 30 ألف جندي في المنطقة يقومون بجميع أنواع الأنشطة، وكثير من هذه القوات معرضة للخطر وتعرضت لهجمات من قبل إيران والجماعات المدعومة، لذا فإن "الأولوية الرابعة للـ 'بنتاغون' هي حماية شبابنا من العسكريين الموجودين في الشرق الأوسط لدعم الاستقرار والأمن".

وكانت الرسالة الأولى التي سمعها القادة الإسرائيليون من الـ "بنتاغون" بعد السابع من أكتوبر 2023 هي "أن أي دولة وأي شعب وأي حكومة شهدت مثل هذا الهجوم المروع الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1000 مدني، والعنف الجنسي المنهجي والتعذيب، سترغب بالطبع في الدفاع عن نفسها ضد أي نوع من الهجمات من هذا القبيل التي قد تحدث مرة أخرى، لكن يجب أن تكونوا حذرين في شأن المدنيين"، وفق المسؤولة السابقة. 

وأضافت سترول أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل في جهودها للدفاع عن نفسها، ولكن في الوقت نفسه كانت الـ "بنتاغون" وغيرها من الجهات الحكومية الأميركية واضحة للغاية في أن "هناك كثيراً من المدنيين في غزة غير المنتمين إلى 'حماس' وغير المنتمين إلى المنظمات الإرهابية في غزة، وهم في خضم عمليات قتالية نشطة وهم عالقون بين ما تقوم به قوات الدفاع الإسرائيلية وبين 'حماس' التي لديها معقل في غزة، وبنت البنية التحتية العسكرية والإرهابية في المناطق المدنية، مثل المدارس والمناطق الإنسانية والمساجد، لذا فإن إحدى الرسائل التي كانت متسقة من الـ 'بنتاغون' طوال الوقت هي أن قوات الدفاع الإسرائيلية يجب أن تكون حذرة في عملياتها، وقد كان هذا ثابتاً في اتصالاتنا منذ الثامن من أكتوبر 2023".

العدد الحقيقي لضحايا حرب غزة

وبسؤالها عما إذا كانت الولايات المتحدة تعتقد أن هزيمة "حماس" تستحق تلك الكلفة البشرية التي بلغت أكثر من 40  ألف قتيل في قطاع غزة، وقالت سترول "هذا رقم مأساوي للغاية، والحقيقة أننا لا نعرف عدد المدنيين الذين قتلوا لأن تلك التقارير عن تلك الأعداد تأتي من وسائل الإعلام التي تديرها 'حماس' ولا تميز هذه الوسائل بين المدنيين والمقاتلين، لذا فإن جزءاً من التحدي هنا يتمثل في الكم الهائل من المعلومات المضللة، وقد روجت 'حماس'وإيران لمعلومات جعلت من الصعب للغاية فهم ما يحدث على الأرض"، مستدركة "ولكنني أعتقد أنه من المهم أيضاً أن نقول هنا إنه لا يوجد قدر من الوفيات بين المدنيين يمكن قبوله، وبالتالي فإن كثيراً مما فعلته الولايات المتحدة مع إسرائيل، وبصراحة مع كثير من الحلفاء والشركاء في مناطق القتال وفي مختلف أنحاء العالم، كان يتلخص في تبادل الدروس المستفادة حول كيفية حماية المدنيين والحد من عدد الضحايا المدنيين".


وفي هذا السياق أقرت المسؤولة الأميركية السابقة بمسؤولية قوات الولايات المتحدة عن كثير من أرواح المدنيين في مناطق الحروب التي خاضتها بلادها سابقاً، وقالت "بصراحة لم يكن الجيش الأميركي على حق دائماً في هذا، فقد مررنا بتجارب أخيراً في العراق وأفغانستان، حيث كان علينا أن نتحمل المسؤولية عن خسارة أرواح المدنيين".

ورداً على تعقيب "اندبندنت عربية" بأن إسرائيل لم تلتزم بنصيحتهم مما دفع بتغير لهجة واشنطن حتى أعلن عن تعليق بعض شحنات الأسلحة الأميركية، قالت سترول إن "مشاركة الولايات المتحدة أحدثت فرقاً كبيراً ولذا فلا شك في أن الشاحنات لم تكن تدخل غزة خلال الأيام التي أعقبت السابع من أكتوبر 2023 مباشرة، ولم تكن المساعدات التجارية والإنسانية كافية، ولكن مشاركة الولايات المتحدة وتنسيقها مع إسرائيل والأمم المتحدة ومصر والأردن وغيرها من الدول أحدثت فرقاً كبيراً، والآن أصبحت المساعدات تصل إلى غزة أكثر مما كانت عليه في البداية، وكانت هناك تحذيرات من انتشار المجاعة في غزة ولكنها لم تحدث في الواقع، وكانت هناك جهود من خلال عمليات الإنزال الجوي والتسليم البحري لزيادة المساعدات.، وقد رأينا أن حكومة إسرائيل كانت تستجيب لكثير من هذه المخاوف".

الحل عسكري ليس كافياً لهزيمة منظمة إرهابية

عند انطلاق العمليات الإسرائيلية في غزة حدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ثلاثة أهداف تمثلت في القضاء على حركة "حماس" واستعادة الرهائن والتأكد من أن غزة لن تعد تشكل تهديداً لإسرائيل، لكن بعد نحو 11 شهراً من الحرب المدمرة التي قضت على البنية التحتية والمدنية للقطاع وأسفرت عن مقتل مئات آلاف الضحايا وإحداث إصابات مستديمة في الكبار والصغار، لم يحقق نتنياهو هدفيه الأولين، وتحدثت سترول في هذا الصدد عن ضرورة وجود خطة واضحة لإعادة بناء غزة وتأسيس حكومة تتولى قيادة القطاع، قائلة إن "جزءاً من التحدي هنا هو أن بعض القادة الإسرائيليين يتحدثون عن النصر المطلق أو الهزيمة المطلقة لـ 'حماس' وما نعرفه من تجارب مثل هذه البيئات هو أنه الحل العسكري، فقط ليس كاف لهزيمة منظمة إرهابية، ولذا إذا لم يكن لدى المدنيين في غزة أي شيء آخر يتطلعون إليه وقيادة تحت كيان مدني وليس 'حماس'، واليقين والطمأنينة بأنه سيكون هناك مزيد من المساعدات الإنسانية، ليس فقط المساعدات الإنسانية بل خدمات التعافي، وخطة في شأن كيف سيعود الأطفال للمدارس، وكيف ستتم استعادة الكهرباء، ومتى ستتم إزالة الأنقاض وإعادة بناء المنازل، وإذا لم تكن هناك هذه الرؤية لما سيحدث بعد ذلك في غزة فإن 'حماس' منظمة إرهابية وستجد السبل لإعادة تشكيل نفسها، وبصراحة فلقد رأينا من التاريخ أن هذا يحدث مراراً وتكراراً". 

وعلى سبيل المثال أشارت النائبة السابقة لوزير الدفاع الأميركي إلى أنه في حين لم يعد تنظيم "داعش" يسيطر على أراض في سوريا اليوم، "لكنه لا يزال منظمة نشطة ولا يزال قادراً على مهاجمة شركاء الولايات المتحدة في العراق وسوريا، وهذا ليس فقط ما يمكن للجيش حله أو معالجته، بل يجب أن تكون هناك رؤية سياسية واقتصادية على الجانب الآخر، وهذا هو المثار الأساس للقلق والخلاف بين إسرائيل وواشنطن التي تريد رؤية مزيد من التخطيط لما بعد".

غياب الدولة الفلسطينية لا يبرر العنف

منذ هجمات السابع من أكتوبر 2023 يقارن القادة في إسرائيل والولايات المتحدة بين "حماس" وتنظيم "داعش"، فرئيس الوزراء الإسرائيلي قال إن "حماس" هي "داعش"، ووزير الدفاع الأميركي قال في أول زيارة له إلى إسرائيل عقب الهجمات إن "حماس" فعلت ما هو أسوأ من "داعش"، ومع ذلك فإن "حماس" بلغت حكم غزة في انتخابات تشريعية عام 2007، وترتبط الحركة بالقضية الفلسطينية فثمة سرد يؤكد أن هجمات السابع من أكتوبر 2023 لم تكن لو كان للفلسطينيين دولة حقيقة. 

لكن سترول تعتبر أن مثل هذا السرد يبرر العنف ضد المدنيين الإسرائيليين وتقول "إن تبرير هذا المستوى من العنف بسبب غياب الدولة الفلسطينية هو رسالة مفادها إذا كان هذا ما سيقوله العالم فإن هذا النوع من العنف مقبول وأن 'حماس' هي الممثل الشرعي لما يريده الفلسطينيون من دولة آمنة خاصة بهم، فهذه مشكلة لأن جميع المنظمات الإرهابية سوف تستلهم أن هذا النوع من العنف سيكون مقبولاً".

وشددت أن "هناك مسؤولية دولية في منطقة الشرق الأوسط وفي أوروبا والولايات المتحدة لإدانة هذا النوع من العنف الذي ارتكبته 'حماس' وفضح 'حماس' لتعريض المدنيين الفلسطينيين للخطر، وهم الذين تقول إنها ستحميهم، وهناك حاجة للعمل مع إسرائيل ومع القادة الفلسطينيين الشرعيين، وعلى سبيل المثال أولئك في الضفة الغربية ورام الله، لوضع رؤية لا تقوم على العنف حيث توجد دولتان تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن".

"فيلادلفي" مكّن "حماس" من إنشاء بنية تحتية للإرهاب

منذ أشهر يجرى الوسطاء في القاهرة والدوحة وواشنطن جولات مكوكية من التفاوض مع طرفي الصراع من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وسط الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، لكن نتنياهو الذي تسيطر قواته على "ممر فيلادلفي" منذ مايو (أيار) الماضي يصر على بقاء السيطرة الإسرائيلية علي المحور الإستراتيجي الذي يقع على الحدود مع مصر بامتداد 14 كيلومتراً، وسط رفض كل من القاهرة و"حماس"، مما يشكل عقبة رئيسة في المفاوضات، وتؤكد "حماس" أنها ملتزمة بالمقترح الذي حدده الرئيس جو بايدن قبل أربعة أشهر، لكن المطالب التي أدرجها نتنياهو لاحقاً في الاقتراح أعاقت المحادثات.

 

ولم تلق سترول باللوم على نتنياهو لعرقلة المحادثات، وقالت إنه "في حين هناك حاجة إلى وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق الرهائن والمدنيين والأطفال والنساء وكبار السن الذين تحتجزهم 'حماس'، لكن في الواقع هناك مناطق في 'ممر فيلادلفي' استخدمت فيها 'حماس'أنفاقاً تحت الأرض كشفت عنها قوات الدفاع الإسرائيلية، ونحن نعلم أيضاً أنه كان هناك عمليات تهريب بري سمحت بوصول الأسلحة والعتاد إلى 'حماس' وتمكينها من إنشاء هذه البنية التحتية للإرهاب في غزة، ولذا فهناك طرق تقنية وتكنولوجية لمعالجة القضايا الأمنية على جانبي تلك الحدود، لكن الأمر لا يتعلق حقاً بمن هو المسؤول هنا، وهناك قرارات على كلا الجانبين تسهم في الطريق المسدود الذي نحن فيه".

وأضافت أنه "إذا أعطي كلا الجانبين الأولوية بالفعل للمدنيين والرهائن والفلسطينيين في غزة فسيتفقان على ما هو مطروح على الطاولة، وما رأيناه هو أن الولايات المتحدة وحكومتي قطر ومصر تعملان على مدار 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع لتقريب الجانبين حتى يتمكنوا من قول نعم".

وفي حين يؤكد المسؤولون الأميركيون على حل الدولتين لكن نتنياهو يعارض الانسحاب العسكري الكامل من غزة التي أعاد احتلالها، مما يقلص الآمال في أن يقيم الفلسطينيون دولتهم الخاصة، ورداً على ذلك قالت سترول "أعتقد أنه يجب أن تكون هناك دولة فلسطينية، وهذه منطقة كانت فيها خلافات واضحة بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو في إسرائيل، وإن هناك التزاماً واضحاً للغاية هنا في الولايات المتحدة بأن أفضل شيء بالنسبة إلى الفلسطينيين وكرامتهم وأمنهم ونموهم هو دولة خاصة بهم، وهذه الدولة مهمة أيضاً لأمن إسرائيل لأن الوضع الحالي في غزة وفي الضفة الغربية، والذي يتدهور بسرعة كبيرة ليس جيداً للفلسطينيين وحسب، ولكنه أيضاً ليس جيداً لإسرائيل". 

اتهامات نتنياهو لمصر

بلغة صريحة ومن دون غضاضة، اتهم نتنياهو مصر بغض الطرف عن تهريب الأسلحة إلى غزة عبر "ممر فيلادلفي"، وبسؤال سترول عما إذا كانت هناك معلومات مؤكدة أو أدلة تتعلق بمزاعم إسرائيل تجاه مصر، نظراً إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية النشط بين الولايات المتحدة وإسرائيل، واكتفت المسؤولة الأميركية السابقة بالإشارة إلى ما نشرته إسرائيل من صور ومقاطع فيديو لأنفاق مزعومة تمتد من سيناء إلى غزة، لكنها لم تؤيد اتهامات رئيس الوزراء الإسرائيلي تجاه مصر.

وقالت، "أولاً وقبل كل شيء كان هناك عمل مكثف بين مصر والولايات المتحدة لكشف هذه الأنفاق، ولقد رأينا في الماضي القوات المسلحة المصرية تتخذ إجراءات لهدم هذه الأنفاق، لأن مصر أيضاً ليس لديها مصلحة في أن تتمكن منظمة إرهابية من تهريب الأسلحة والأموال غير المشروعة من مصر إلى غزة، وكان هناك أيضاً كثير من العمل من جانب إسرائيل، ونظراً إلى حقيقة أن مصر وإسرائيل لديهما معاهدة سلام منذ عقود عدة، كما هو الحال الآن، والعلاقات الأمنية والاستخباراتية النشطة للغاية، فإن الأمل الآن هو أن يتمكنا جميعاً من العمل معاً بدعم من الولايات المتحدة لإيجاد طريقة تمكن إسرائيل من الثقة في أن 'حماس' لا تستطيع استخدام أنفاق التهريب هذه لإعادة إمداد نفسها". 

وأشارت إلى أن المفاوضين الأميركيين يعرضون أنواعاً مختلفة من الخبرة الفنية لكيفية الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ولهذا السبب تركت فرق التفاوض الفنية أو مجموعات مستوى العمل في القاهرة على مدى الأيام كثيرة الماضية بعد الجولة الأخيرة من المفاوضات للقيام بهذا العمل بالضبط، وهو دعم الجانبين لسد الفجوات من أجل إتمام اتفاق. 

الحوافز ليست كبيرة للسنوار

وبسؤالها في شأن الحوافز التي قد تدفع "حماس" إلى إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار وعما بيد زعيمها الحالي يحيى السنوار من أوراق، قالت المسؤولة الأميركية السابقة إن "الحوافز ليست كبيرة بالنسبة لـ 'حماس' ولهذا السبب لم توافق بعد على وقف إطلاق النار، ومن الواضح تماماً بالنسبة إلى يحيى السنوار الذي يختبئ في الأنفاق تحت غزة ويحيط نفسه بالرهائن الإسرائيليين، وأنه يفكر في ما قد بقي له إذا تخلى عن هؤلاء الرهائن". 

وأشارت إلى أن هناك ضغوطاً عسكرية على "حماس"، إذ فقدوا كثيراً من كبار قادتهم ودمرت القوات الإسرائيلية كثيراً من تلك الأنفاق، وأدت إلى انهيار كثير من كتائب "حماس".

وتابعت بالقول "السؤال الذي أفكر فيه هو ما الذي يريده السنوار هنا، وما الذي يرى نفسه يكسبه من إطلاق هؤلاء الرهائن ومنح الأولوية للفلسطينيين في غزة الذين يريدون إنهاء هذا القتال؟". 

وفي إطار مناقشة سترول في شأن تعنت نتنياهو في ما يخص "ممر فيلادلفي" والذي يمثل عقبة أمام التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، قالت "أعتقد أن هناك كثيراً من الخلافات في الرأي حول ما ينبغي أن يحدث الآن في غزة، ويمكنك أن ترى ذلك في الخطاب في وسائل الإعلام الإسرائيلية والخلافات التي ظهرت في الصحافة بين المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين والسياسيين الإسرائيليين، ومن الواضح أن هناك كثيراً من القادة الإسرائيليين الذين يعتقدون أنه على رغم أننا لم نحقق 100 في المئة من الهدف العسكري فلابد من أن نوافق على اتفاق وقف إطلاق النار المطروح الآن لإخراج الرهائن الإسرائيليين الأحياء من غزة، وهناك آخرون من أعضاء الائتلاف الحاكم الذي يترأسه نتنياهو لديهم وجهات نظر مختلفة حول هذا الأمر ويرغبون في استمرار القتال، وهناك قدر كبير من الخلاف النشط داخل إسرائيل حول ما ينبغي أن يحدث بعد ذلك".

هناك سوء فهم لنهج بايدن نحو المنطقة

منذ وصولها إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) 2021 اتخذت إدارة بايدن نهجاً يستند إلى تقليص الوجود العسكري في الشرق الأوسط مع الاعتماد بصورة أكبر على الحضور الدبلوماسي للعمل على تهدئة الصراعات، وقد كان الانسحاب الأميركي من أفغانستان في أغسطس (آب) من العام نفسه حدثاً فوضوياً أثار انتباه وانتقادات العالم، ومع ذلك يقول المراقبون في واشنطن إن نهج إدارة بايدن هو امتدادا للإدارات الأميركية الثلاث الأخيرة التي عمدت نحو نقل ثقلها واستثمار مزيد من رأسمالها الدبلوماسي ومواردها العسكرية إلى آسيا لمواجهة الطموحات الإقليمية للصين، لكن بعد اندلاع حرب غزة حيث تتعاظم التحديات الأمنية أمام المصالح الأميركية في المنطقة، فربما بات هذا النهج محل شكوك.

 

وتقول سترول "أعتقد أنه في عام 2021 كان هناك كثير من سوء الفهم حول ما فعلته إدارة بايدن، ولذا فمنذ عام 2021 وحتى الآن احتفظت إدارة بايدن بالوجود العسكري المهم للغاية في الشرق الأوسط الذي لطالما احتفظت به، وهناك خمس قواعد جوية للولايات المتحدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وكان هناك أكثر من 30 ألف جندي أميركي في الشرق الأوسط، وكانت تلك القوات والقوات الإضافية التي تأتي للتدريبات تعمل مع إسرائيل ومع الشركاء العرب طوال الوقت لأعوام". 

وتضيف، "لكن الخطاب تغير وما تحدث عنه الرئيس بايدن كان الارتقاء بالدبلوماسية واستخدام الحوار والعمليات السياسية لتهدئة الصراعات، وفي عام 2021 كانت هناك حرب أهلية نشطة في اليمن ولا تزال هناك تحديات في ليبيا وفي سوريا، والحل لكل من هذه التحديات ليس القوة العسكرية فقط وليس القوة العسكرية الأميركية".

الدفاع الجوي العربي لصد هجمات إيران

وأوضحت أن الجزء الآخر من نهج إدارة بايدن كان البناء على "اتفاقات إبراهام" وتعزيز التكامل في جميع أنحاء المنطقة، وبالتالي التعاون العسكري، و"نأمل أيضاً التكامل الاقتصادي والدبلوماسي"، وتقول سترول أن السمات المميزة لهذا النهج لا تزال قائمة اليوم، و"سأعطيك مثالاً، ففي أبريل (نيسان) 2024 شنت إيران هجوماً مباشراً على إسرائيل، بما في ذلك أكثر من 300 صاروخ باليستي وصواريخ كروز ومسيرات هجومية، وما حدث بالفعل هو أن الولايات المتحدة شكلت تحالفاً للدفاع الجوي يضم الجيوش العربية في الشرق الأوسط والجيوش الأوروبية التي تعمل جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة والجيوش العربية في الشرق الأوسط وإسرائيل، وفي المجمل أُحبط هذا الهجوم داخل المجال الجوي السيادي لكثير من البلدان في الشرق الأوسط، وهذا مثال على كيفية بقاء هذا النهج التكاملي حتى يومنا هذا، وأعتقد أن ما نتعلمه عن موقفنا بعد مرور عام تقريباً على هجمات السابع من أكتوبر 2023 هو أن هذه القيادة الأميركية والقدرة على التكامل والتنسيق على المستويين العسكري والدبلوماسي تظل أكثر أهمية من أي وقت مضى، وستستمرون في رؤية ذلك من البيت الأبيض".

الدولة الفلسطينية

منذ الأسابيع الأولى للحرب بدأ الحديث عن سيناريوهات مستقبل غزة ما بعد "حماس"، لكن في خضم صراع أخذ في التوسع وفتح جبهات أخرى مع "حزب الله" ووسط تعنت نتنياهو في شروطه لوقف إطلاق النار غابت الخطط الفعلية حول مستقبل القطاع، فما هي الترتيبات المطروحة على الطاولة؟

أجابت سترول على هذا السؤال مشيرة إلى أن هناك كثيراً من المناقشات النشطة حول ما قد يبدو عليه اليوم التالي في غزة، وقالت "لقد رأينا مسؤولين أميركيين يسافرون في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ويتشاورون في القاهرة وعمّان وأبوظبي والرياض حول هذا السؤال بالذات، ولقد سمعنا كثيراً من الشركاء الذين أبدوا انفتاحاً على دعم تقديم المساعدات الإنسانية واستقرار غزة بعد انتهاء العمليات القتالية الكبرى التي تشنها إسرائيل، ولكن لا يوجد استعداد للقيام بدور في مختلف أنحاء الشرق الأوسط إذا لم يكن هناك التزام إسرائيلي بالقيادة الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف".

وعلى الجانب الإسرائيلي أشارت إلى أن "هناك كثيراً من المناقشات حول أن إسرائيل لا تريد أن تكون قوة احتلال في غزة، وأنها تريد العمل مع جيرانها العرب لتحقيق الاستقرار في غزة، ولكن المأزق الحقيقي هنا هو رفض إسرائيل الاعتراف بمسار الدولة الفلسطينية، وهنا تتقاسم الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب الهدف نفسه المتمثل في تمكين الدولة الفلسطينية في نهاية المطاف، مما يتطلب إصلاح القيادة والحكم، ولكن أيضاً الالتزام بتمويل التعافي والاستقرار في غز، وهذا هو بالضبط الحوار الذي يجري اليوم". 

إيران و"حزب الله" يتجنبان نشوب حرب شاملة

على الحدود الجنوبية من إسرائيل تكشفت جبهة صراع أخرى يخشى كثير تحولها إلى حرب إقليمية أوسع، فالقوات الإسرائيلية ومسلحو "حزب الله" اللبناني يتبادلان منذ أشهر الضربات العسكرية وإن كانت محدودة، لكن ثمة عمليات إسرائيلية أوسع تقوم على اغتيال كبار قادة الحركة المسلحة، ففي أواخر يوليو (تموز) الماضي اغتالت إسرائيل القائد العسكري الأول للحزب فؤاد شكر، وبعدها بأيام قليلة اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية داخل مقر إقامته في طهران، مما جعل العالم يقف على أطراف أنامله خشية اندلاع حرب إقليمية واسعة، ومع ذلك اكتفى "حزب الله" برد محدود، فيما لم تقدم إيران على أي عمل انتقامي بعد.

وبسؤال سترول عما إذا كانت إيران و"حزب الله" مستعدين لحرب شاملة ضد إسرائيل، أشارت إلى أن الأحداث التي وقعت خلال الأسابيع الماضية تؤكد أن كلا الطرفين لا يريدان خوض حرب شاملة الآن، و"يمكننا أن نأخذ على سبيل المثال التصعيد الذي حدث قبل بضعة أيام فقط خلال عطلة نهاية الأسبوع، ولقد رأينا إسرائيل تتخذ إجراءات وقائية أولاً لأنها رأت الصواريخ والقذائف على منصات الإطلاق في جنوب لبنان جاهزة للهجوم، ورأينا 'حزب الله'يصعد من عملياته بإطلاق أكثر من 300 قذيفة على إسرائيل، ولكن بمجرد انتهاء هذه العملية قالت قيادة 'حزب الله' إننا انتهينا الآن وسنقيم ما حدث خلال الأيام المقبلة والشيء نفسه حدث من طهران، فبعد اغتيال زعيم 'حماس' إسماعيل هنية في طهران، وصدرت تهديدات من طهران بشن هجوم مباشر آخر على إسرائيل مثل ما رأيناه في أبريل، ولكن حتى الآن لم يحدث هذا". 

وتعتقد سترول أن "طهران سمعت بصوت عال وواضح من الزعماء في مختلف أنحاء أوروبا والشرق الأوسط ألا أحد يريد خوض حرب شاملة ضخمة الآن".

وتقول، "إن حجم التصعيد وكمية الهجمات الصاروخية وهجمات المسيرات في المنطقة تضع الجميع بالفعل على حافة حرب شاملة، والحرب التقليدية أكثر فظاعة بالنسبة إلى الجميع، وستكون هناك خسائر في أرواح المدنيين، وسيكون هناك دمار اقتصادي، ولا أحد يريد مزيداً من الحرب، والجميع يريد وقف إطلاق النار في غزة الذي يُمكننا من خفض التصعيد على كل هذه الجبهات، وكما سمعنا من 'حزب الله' أن هجماته ضد إسرائيل ستستمر حتى يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال القادة الإيرانيون إنهم سيمتنعون من شن هجوم إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهذا هو السبب الذي يجعلك ترى كثيراً من الطاقة لتقريب الأطراف من بعضها بعضاً في شأن وقف إطلاق النار في غزة"، مضيفة "لقد كان القادة الإيرانيون واضحين تماماً وعلناً في أنهم يريدون اختبار الدبلوماسية والمشاركة مع الغرب في مجموعة متنوعة من القضايا، وما رأيناه هو التزام كبير من جانب الولايات المتحدة وقطر ومصر بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار".

مقتل إسماعيل هنية

قتل هنية في الـ 31 من يوليو الماضي في طهران بعد مشاركته في تنصيب الرئيس الجديد لإيران مسعود بزشكيان، في عملية شكلت انتهاكاً للأمن القومي الإيراني، وأظهرت اختراقاً أمنياً رفيع المستوى مما أثار شكوك كثير من المراقبين بأنها تمت بتنسيق مع الاستخبارات الأميركية، وبسؤال سترول عن علم واشنطن بالعملية جاء ردها حذراً قائلة "يبدو أن التقارير الصحافية تشير إلى أن الولايات المتحدة لم يكن لديها تحذير مسبق من عملية اغتيال هنية، وانظروا إلى ما يمكننا أن نستنتجه من أنواع العمليات التي نفذتها إسرائيل في لبنان واليمن وإيران، وأنها تمتلك معلومات استخباراتية رائعة وقدرات عسكرية متطورة للغاية، وهي قادرة على القيام بعمليات متطورة للغاية بمفردها".

 

وعندما يتعلق الأمر بالحوثيين وغيرهم من وكلاء لإيران التي تهاجم القوات الأميركية في المنطقة، حظيت إدارة بايدن بكثير من الانتقادات من قبل جمهوريين في شأن ما اعتبروه التقاعس عن الرد المناسب، وقالت دانا سترول إن الحوثيين لا يهاجمون الولايات المتحدة وحسب، بل يهاجمون حرية الملاحة للعالم أجمع، وقد أغلقوا إلى حد كبير حركة المرور التجارية عبر قناة السويس وجنوب البحر الأحمر وخارجها إلى الموارد العالمية المشتركة، ولذا فإن "هذه القضية لا تتعلق بالولايات المتحدة ولا إسرائيل فقط بل تتعلق بالعالم، وهي تؤثر بصورة كبيرة على البلدان والاقتصادات في الشرق الأوسط مثل مصر والسعودية".

وأضافت، "ما رأيته هنا هو أن الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها وشركائها لتشكيل تحالفات، وأحدها تحالف بحري دفاعي لمرافقة السفن، والآخر مهمة هجومية منفصلة، ​​وقد قامت بعمل عسكري كبير جداً لتقليص قدرات الحوثيين، وللقيام بذلك، إضافة إلى الأولويات الأخرى التي تمتلكها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فقد أرسلت الآن حاملتي طائرات وسفن أصغر حجماً حول حاملة الطائرات تلك، وهذا يأتي مع طائرات 'إف-35' وطائرات مقاتلة أخرى، ولقد أرسلوا غواصة نووية موجهة بالصواريخ إلى الشرق الأوسط، وكما أرسلوا مزيداً من قدرات الدفاع الجوي ومزيداً من القوات، وقد فعلوا كل هذا في غضون أسبوعين فقط".

هنا ستتدخل القوات الأميركية

ورداً على سؤال عن اللحظة التي يمكن فيها أن تشتبك القوات الأميركية في المنطقة، وأجابت سترول "أعتقد أن الرسالة هي أنه إذا صعّدت إيران من هجماتها ضد إسرائيل فإن الولايات المتحدة ستتدخل للدفاع عن إسرائيل، ولكن أيضاً للدفاع عن الأمن والاستقرار في المنطقة، وأعتقد أن هذا هو أحد الأسباب التي تجعل القادة في طهران يفكرون مرتين في شأن ما هددوا بفعله منذ اغتيال هنية".

وبسؤالها عما إذا كان منطقياً أن نقول إن إسرائيل لا تستطيع الدفاع عن نفسها بنفسها؟ ردت سترول قائلة "حسناً إن عقيدة الأمن الإسرائيلية لا تزال قائمة على الدفاع عن نفسها بنفسها، وهنا في الولايات المتحدة عملت غالبية كبيرة من الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي معاً لتمرير تمويل طارئ لإسرائيل، وشمل ذلك أكثر من 14.3 مليار دولار في تمويل جديد، وسيستغرق الأمر أعواماً لتسليم المعدات العسكرية الأميركية إلى إسرائيل، ولذا أعتقد أن الإشارة هي أولاً أن الدعم الأميركي لإسرائيل لا يزال قوياً للغاية، وثانياً أن الولايات المتحدة ملتزمة بتزويد إسرائيل بالمعدات التي تحتاجها لمواصلة الدفاع عن نفسها بنفسها".

وترفض سترول النظريات القائلة إن الجيش الإسرائيلي مستنزف ولا يمكنه التعامل مع جبهة حرب جديدة، قائلة "عندما ننظر إلى ما فعلته القوات الجوية الإسرائيلية قبل بضعة أيام لإضعاف بعض قدرات 'حزب الله' فهذا جيش كان في حال حرب لمدة 11 شهراً تقريباً، ولا يزال قادراً على القيام بهذا النوع من العمليات، ولذا لا أعتقد أنه ينبغي التشكيك في قدرات إسرائيل، وفي الوقت نفسه أعتقد أن ما هو واضح هو أن أمن إسرائيل يتعزز من خلال التعاون الإقليمي، وكلما تمكنت إسرائيل من الاستماع إلى شركائها في الشرق الأوسط وإيجاد طرق للاستجابة لمصالحهم ومخاوفهم والعمل بصورة تعاونية فهذا ليس إيجابياً لأمن إسرائيل وحسب، بل إنه إيجابي لأمن المنطقة، ومن الأمثلة الجيدة على ذلك تحالف الدفاع الجوي الذي اجتمع بسرعة كبيرة في أبريل لاعتراض وهزيمة غالبية الصواريخ والطائرات الهجومية الإيرانية التي أرسلت عبر المنطقة باتجاه إسرائيل".

اختراق حملة ترمب

وأفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن إيران اخترقت حملة المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب الذي قادت إدارته بين عامي 2016 و2020 ما سمي حملة الضغط القصوى ضد إيران من خلال فرض العقوبات القاسية، فضلاً عن انسحابه من الاتفاق النووي الذي وقعه سلفه السابق باراك أوباما وخمس قوى دولية مع إيران لتقليص أنشطتها النووية في يوليو عام 2015. 

وبسؤالها عما إذا كانت إيران تحاول التدخل في الانتخابات لمنع ترمب من العودة البيت الأبيض، راوغت سترول في ردها وقالت إن "مكتب التحقيقات الفيدرالي ومجتمع الاستخبارات الأميركي أصدر سلسلة من التقارير حول التدخل الإيراني في العمليات الانتخابية الأميركية، وهناك آخرون يتدخلون أيضاً في العمليات الانتخابية الأميركية، وروسيا مثال جيد"، مضيفة "نعلم أن إيران وروسيا تعملان على تعميق تعاونهما، وعلى سبيل المثال تُعد إيران شريان الحياة بالنسبة إلى روسيا لاستخدام مزيد من المسيرات ضد المدنيين الأوكرانيين، والآن يتبادل الطرفان الدروس المستفادة حول كيفية تقويض العمليات الديمقراطية".

وزادت، "إذا كان بوسعهم أن يفعلوا ذلك هنا في الولايات المتحدة فسيحاولون القيام بذلك في ديمقراطيات أخرى، لأن المجتمعات المفتوحة تهدد إيران وروسيا". 

وربما يكون لإيران مصلحة مباشرة في منع ترمب من العودة للبيت الأبيض بالنظر إلى سياساته السابقة، ولذا ربما يحاول القادة الإيرانيون القيام بذلك، ومع ذلك رفضت سترول الرد بالموافقة أو النفي قائلة "لا أريد التكهن بدوافع القادة الإيرانيين في ما يتعلق بالحملة التي يرغبون في أن تفوز، ولكن من المرجح أن يعتقد القادة الإيرانيون أنهم أقوى عندما تكون الولايات المتحدة أضعف، وأنهم في وضع أفضل إذا كانت التحالفات والشراكات بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط وأوروبا وأماكن أخرى ضعيفة، وهذا يجعل إيران تشعر بالقوة، ولذا فإن إحدى الطرق التي رأيتم بها الولايات المتحدة تقاوم هذه الأنواع من الأنشطة الخبيثة هي فضحها علناً".

البرنامج النووي الإيراني

وعلى رغم عودة واشنطن في ظل إدارة بايدن إلى المفاوضات مع إيران في شأن برنامجها النووي، تواصل طهران جهودها لتخصيب اليورانيوم، ومن ثم ينبغي التساؤل عما إذا كانت الإدارة المقبلة ستبقى على النهج نفسه تجاه إيران، وتقول سترول إن "أحد أكثر التطورات المثيرة للقلق هنا في الولايات المتحدة هو تقييم استخباراتي صدر قبل بضعة أسابيع فقط، وسابقاً أصدر مجتمع الاستخبارات هنا في واشنطن تقييماً مفاده أن القادة الإيرانيين لم يتخذوا قرارات بأنهم سيواصلون السعي إلى الحصول على سلاح نووي، لكن هذا التقييم تغير بصورة كبيرة قبل بضعة أسابيع عندما قال قادتنا الاستخباريون إن إيران تقوم الآن بأنشطة تضعها في وضع أفضل لتطوير سلاح نووي إذا اتخذت القرار بذلك".

وأشارت النائبة السابقة لوزير الدفاع الأميركي إلى أنه في العام المقبل عندما تكون هناك إدارة جديدة في البيت الأبيض، "فسنكون على بعد أقل من عام واحد من انتهاء صلاحية قرار مجلس الأمن الذي أدخل الاتفاق النووي الإيراني الأصلي حيز التنفيذ، وثمة كثير من القلق في أوروبا وواشنطن من أن إيران تزحف نحو وضع العتبة النووية، وأعتقد أن هناك وجهة نظر مفادها أنه إذا أمكن حل هذه المسألة دبلوماسياً، وإذا كانت إيران راغبة في الموافقة على تعزيز الشفافية والسماح للمفتشين النوويين بالعودة لإيران، وطمأنة المجتمع الدولي بأنها لا تسعى حقاً إلى امتلاك سلاح نووي، فإن الدبلوماسية والنقاش السياسي أكثر فعالية من العمل العسكري أو غيره من الخيارات، وعلى هذا فإن ما ستفعله إيران ليس فقط بالأقوال بل وبالأفعال، وسيحدد ما إذا كانت الإدارة المقبلة منفتحة على مواصلة هذا النوع من المفاوضات أم لا".

المزيد من حوارات