Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سباق "المهور" يحبط إقبال الشباب الأردني على الزواج

الأسر تتفاخر بارتفاعه ومبادرات عشائرية لتخفيضه وسط مطالبات بسن تشريعات تحدد سقفه المالي

جمعيات خيرية تعنى بالزواج والأسرة تنظم حفلات زفاف جماعي سنوياً (جمعية العفاف الأردنية)

ملخص

خلال العام الحالي سجلت الأردن أعلى مهر لفتاة بنحو 170 ألف دولار ضمن سلسلة ارتفاع مهور الزواج، ومع ذلك تطالب جمعيات نسائية بتيسيرات في قانون "الخلع".

سجلت إحدى المحاكم الشرعية في الأردن أعلى مهر لفتاة أردنية هذا العام، حيث وصل إلى نحو 170 ألف دولار بين مقدم ومؤخر، وهو رقم كبير جداً وغير مألوف بين المقبلين على الزواج، مما فتح الباب واسعاً للحديث عن ظاهرة مقلقة تتعلق بمغالاة الأهالي بالمهور ووضع بعض الاشتراطات التي لم تكن دارجة من قبل، فضلاً عن طلبات توصف بأنها تعجيزية، حيث أصبح ارتفاع أسعار متطلبات الزواج من أكثر الأسباب التي تسهم في عزوف الشباب عن الزواج.

لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها ففي العام الماضي، اشترط والد فتاة تقدم شاب لخطبتها أن يكون مهرها نحو ثلاثة ملايين دولار، كون ابنته تدرس الطب وهو تخصص يكلف الكثير من الأموال.

 يأتي ذلك وسط جدل حول ضرورة إطلاق حملات توعية وتشجيع الحوار المجتمعي بين الأجيال للوصول إلى توافق حول قضية المهور، فيما يطالب البعض بسياسات حكومية وموقف واضح للمؤسسات الدينية حيال ذلك.

مهور أعلى في المحافظات

 وفقاً لجمعية العفاف الخيرية التي تعنى بمؤسسة الزواج والأسرة وتنظم حفل زفاف جماعي سنوياً، فإن معدل المهور الذي يتم تقديمه في المحافظات أعلى منها في العاصمة عمان بصورة كبيرة وملاحظة.

ويؤكد مدير جمعية العفاف مفيد سرحان أن بعض المناطق الفقيرة تمتاز بمهور مرتفعة، كما أن تكاليف الزواج في المحافظات أكثر من العاصمة نظراً لبعض العادات والتقاليد التي تشترط تحضير الولائم وإقامة حفلات العرس لثلاثة أيام متواصلة.

ولا ترتبط قيمة المهر وحدها برفع تكاليف الزواج بحسب سرحان، فثمة متطلبات أخرى كالأثاث وحفلة الزواج والذهب تزيد من تعقيدات الزواج، كما أن ارتفاع معدلات المهور في بعض المناطق يرجع لبعض المعتقدات الاجتماعية كالحماية من الطلاق.

وتقول تقديرات إن كلفة الزواج في الأردن، تتراوح ما بين 14 و20 ألف دولار لذوي الدخل المحدود والمتوسط، بينما يبلغ متوسط المهور ما بين 5 و15 ألف دولار.

الاقتصاد متهم

وفي بلد يعاني اقتصادياً كالأردن فإن الأوضاع الاقتصادية تؤثر بشكل كبير على قرارات الزواج، حيث يواجه الشباب تحديات مالية ومعيقات كالبطالة وارتفاع التكاليف، فعلى سبيل المثال انخفض معدل الزواج خلال العامين التاليين لجائحة كورونا بنحو 20 في المئة مقارنة بالسنوات السابقة بسبب التداعيات الاقتصادية، الأمر الذي دفع للمطالبة بإنشاء صندوق حكومي للزواج مهمته دعم المقبلين على تكوين حياة أسرية.

ووفقاً لدائرة الإحصاءات العامة بلغ معدل البطالة نحو 23 في المئة وهو معدل مرتفع يؤثر بشكل مباشر في قرارات الشباب في الزواج. ويحد من قدرتهم على تأمين دخل ثابت يضمن لهم الاستقرار المادي اللازم لتأسيس أسرة.

وتشير دراسة للمجلس الوطني لشؤون الأسرة حول التمييز بين الفقراء والأغنياء في الزواج إلى أن المغالاة في المهور تخلق تمييزاً اقتصادياً، وتعمق الفجوة الاجتماعية والاقتصادية بين الأسر الأردنية.

أرقام حول الزواج

في موازاة ذلك، أظهرت نتائج دراسة صادرة عن المجلس الأعلى للسكان، حول اتجاهات الزواج حتى عام 2022، أن ثمة تراجعاً لنسب الزواج بين الأقارب إلى 28 في المئة، وارتفاع نسبة من سبق لهنّ الزواج إلى 60 في المئة. 

أما في ما يتعلق بتعدد الزوجات أظهرت الدراسة تدني انتشار تعدد الزوجات في الأردن، وبشأن حالات الزواج فإن أغلبها كان العريس فيها أعزباً أي يتزوج للمرة الأولى بنسبة 73 في المئة، والعريس المطلق بنسبة 18 في المئة، وكانت أغلب الحالات لفتيات عزباوات أي ممن تزوجنّ للمرة الأولى بنسبة 77 في المئة، والعروس المطلقة بنسبة 22 في المئة.

وارتفع متوسط سن الزواج إلى 27.3 سنة عند الذكور و22.7 سنة عند الإناث، وظلت نسبة زواج من هن دون سن 18 سنة مرتفعة بين اللاجئات السوريات، وبلغت 37.9 في المئة، فيما انخفضت إلى نحو 9.7 في المئة بين الأردنيات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبلغ عدد الفتيات والنساء في سن الزواج والإنجاب نحو 2.79 مليون في الأعمار من 15-49 سنة، وبينت الدراسة أنه بينما يتزوج نحو خمسة في المئة من الشبان كل سنة من فتيات غير أردنيات، تتزوج كل سنة نحو سبعة في المئة من الفتيات الأردنيات من رجال غير أردنيين.

وتحاول العديد من منظمات المجتمع المدني إيجاد حلول لظاهرة المغالاة في المهور وما ينتح منها من عنوسة، وصولاً إلى استقرار حالات الزواج، على اعتبار أنه نظام اجتماعي متعدد الجوانب ومتجذر في الثقافة الاجتماعية، ولا تحكمه التشريعات فقط، بل الأعراف الاجتماعية السائدة.

مكانة اجتماعية

ووفق الناشطة الاجتماعية ولاء عدنان التي تنشط في شمال المملكة كخاطبة، فإن ثمة مفهوماً دارجاً مفاده أن الكثير من الأهالي يعتقدون أن المهر يعكس مكانة الأسرة الاجتماعية والاقتصادية.

 وفيما يميل الجيل الجديد من الشباب نحو تقليل المهور وتسهيل إجراءات الزواج، تميل الأجيال الأكبر عمراً إلى المحافظة على تقاليد ترى في المهور العالية ضرورة.

لكن هذه الظاهرة السلبية بدأت تصطدم بموقف حازم للعشائر والقبائل والمجتمعات المحلية التي أصبحت تحث على تحديد سقف للمهر لتشجيع الزواج، وإطلاق حملات توعية حول أهمية تقليل المهور وتأثيرها الإيجابي في المجتمع، فضلاً عن دعم الشباب من خلال توفير قروض ميسرة للزواج.

مبادرات شعبية

وقوبلت ظاهرة ارتفاع المهور بمبادرات شعبية للتخفيف عن الشباب المقبل على الزواج، من بينها مبادرة شخصية لأحد وجهاء مدينة الكرك جنوب المملكة، الذي قرر تزويج إحدى بناته بأقل مهر ليكون قدوة لغيره.

 ولا يقتصر الأمر على ارتفاع أسعار المهور بالنسبة إلى اختصاصيين اجتماعيين حيث يرون أن ثمة مغالاة في تكاليف الزواج عموماً، كحفلات الخطبة والزواج وشراء الذهب، الذي ارتفعت أسعاره محلياً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

 بينما يقول مراقبون إنهم لاحظوا زيادة ظاهرة وضع شروط في عقد الزواج من قبل الفتيات، كطلب شراء مسكن وسيارة، بل إن بعضهن تجاوز ذلك إلى اشتراط وجود عقد تأمين على الحياة، أو صرف راتب شهري للزوجة.

المهر ضمانة للمرأة

في سياق متصل وفي ظل ارتفاع عدد حالات " الخلع" في المملكة ترى كثير من النساء أن المهر المرتفع يشكل ضمانة للنساء، بخاصة أن أغلبهن يتنازلن عنه في سبيل الخلاص من الزواج.

لكن جمعيات نسائية تطالب بسن تشريعات في قانون الأحوال الشخصية الذي يشترط على المرأة التي تطلب الخلع إعادة مهرها إلى الرجل كاملاً، بينما يسدد الرجل المهر على شكل أقساط مما يشكل تمييزاً واضحاً.

من بين هذه الجمعيات جمعية "تضامن النساء" التي ترى أن النساء الفقيرات يكن عاجزات عن المطالبة بالخلع بسبب المهر وعدم قدرتهم على الإيفاء به قياساً بالنساء المقتدرات، وبحسب الجمعية فإن عدد قضايا الخلع التي شهدت تنازل النساء عن مهورهن لدى المحاكم الشرعية في الأعوام من 2015 -2019 بلغت 4278 قضية.

يقول منير دعيبس المدير التنفيذي لجمعية "تضامن" إن 26 في المئة من الفتيات اللاتي تزوجن قبل بلوغهن 18 سنة لم يكن لدى أزواجهن قدرة الإنفاق على بيت الزوجية ودفع المهر والنفقة، وفق دراسة أعدتها الجمعية.

وأشارت بعض الفتيات اللواتي شملتهن الدراسة أن قدرة أزواجهم المالية كانت مجرد حبر على ورق.

 وتشترط المادة الرابعة من قانون الأحوال الشخصية الخاص بالزواج إثبات مقدرة الخاطب على الإنفاق ودفع المهر وتهيئة بيت الزوجية، كما تنص المادة (21) من القانون ذاته على أن يكون الزوج قادراً على المهر المعجل ونفقة الزوجة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات