Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إعلان ميلوني تقليص عدد المهاجرين حقيقة أم دعاية سياسية؟

يرى مراقبون أن ليبيا وتونس تحولتا إلى "دول صد بالوكالة" ويذهب آخرون إلى أنه أمر غير مطروح

رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني  (رويترز)

ملخص

قالت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني بعد الإدلاء بصوتها في انتخابات البرلمان الأوروبي إن النتائج ستحدد معالم الأعوام الخمسة المقبلة.

أثار إعلان رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني عن تقليص عدد المهاجرين غير النظاميين نحو إيطاليا بنسبة 60 في المئة مقارنة بالعام الماضي غلياناً داخل الشارعين الليبي والتونسي اللذين اعتبرا أن ميلوني نجحت في نقل أزمة الهجرة غير النظامية من بلدها تجاه تونس وليبيا، لا سيما أن رئيسة الوزراء الإيطالية أكدت في بيان لها أن الاتفاقات الموقعة مع دول شمال أفريقيا، وبخاصة تونس وليبيا، أسهمت في تحقيق هذه النتيجة

وأشارت عبر البيان إلى أن الحكومة الإيطالية لن تسمح إلا لمن لديهم عقد عمل الدخول إلى إيطاليا، في حين يرى آخرون أنها مجرد دعاية سياسية بالتزامن مع انتخابات البرلمان الأوروبي التي تشارك فيها إيطاليا للمرة الأولى والتي تختتم اليوم الأحد.

اتفاقات

في السابع من مايو (أيار) الماضي شدت رئيسة الوزراء الإيطالية الرحال إلى ليبيا التي ساعد وضعها الأمني غير المستقر في تدفق موجات المهاجرين غير النظاميين عبر حدودها البرية المشتركة مع عدد البلدان الأفريقية الفقيرة اقتصادياً، مثل السودان والتشاد وتونس ومصر للتوجه نحو إيطاليا في مرحلة موالية عبر الجناح البحري الليبي الشرقي والغربي.

واجتمعت ميلوني في الغرب الليبي مع عدد من الشخصيات الحكومية بينهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ثم توجهت شرقاً حيث التقت قائد الجيش الليبي خليفة حفتر، وناقشت سبل الحد من تدفق موجات المهاجرين غير النظاميين إلى السواحل الأوروبية عبر ليبيا وتونس.

ووقعت ميلوني في الـ 17  من أبريل (نيسان) الماضي بتونس ثلاثة اتفاقات مشتركة بين البلدين تتعلق الأولى بـ"مذكرة تفاهم بين وزارة الجامعة والبحوث الإيطالية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي التونسية، واتفاق لدعم الموازنة العامة للدولة التونسية في قطاع الطاقة المتجددة والنجاعة الطاقية، إضافة إلى خط ائتمان جديد لمصلحة الشركات الصغيرة والمتوسطة".

وهي اتفاقات وصفتها ميلوني عقب لقاء جمعها برئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد بـ"المهمة للغاية"، مؤكدة أن "هذه الاتفاقات توضح مرة أخرى مدى أهمية التعاون مع تونس بالنسبة إلى إيطاليا من وجهات نظر عدة".

وفي الخامس من أبريل الماضي أعلنت تونس مرسوماً جديداً يهدف إلى تنظيم البحث والإنقاذ البحريين.

وفي تعليقها عن المرسوم، أوضحت ميلوني أن المرسوم الجديد بمثابة "إضفاء طابع رسمي على وجود منطقة بحرية تنص على تدخل البحرية التونسية للقيام بأعمال الإغاثة وإعادة المهاجرين إلى أقرب ميناء آمن في تونس".

 

انخفاض ملحوظ 

وفي تعليقها على كلام رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني أكدت الباحثة الإيطالية المتخصصة في الشؤون الأفريقية كلوديا قيزاني أن ميلوني تمكنت بالفعل من تقليص تدفق موجات المهاجرين غير النظاميين نحو السواحل الإيطالية بنسبة 60 في المئة.

وقالت الباحثة لـ"اندبندنت عربية"، إنه منذ بداية يناير (كانون الثاني) حتى السابع من يونيو (حزيران) 2024 وصل إلى إيطاليا نحو 21 ألف مهاجر غير شرعي، بينما عام 2023 من الفترة المذكورة نفسها سلفاً وصل  53 ألف مهاجر غير شرعي إلى إيطاليا.

وأضافت أنه بالعودة إلى نسب عام 2022 يمكن القول إنه لا يوجد فرق يذكر في نسبة تدفق المهاجرين غير النظاميين، وأوضحت أن ميلوني تمكنت من تقليص تدفق موجات الهجرة غير النظامية بفضل العمل الثنائي مع كل من تونس وليبيا.

دول صد بالوكالة 

في السياق قال المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر إن ميلوني منذ وصولها إلى سدة الحكم طرحت مخططين اثنين، الأول يسمى بـ"مخطط ماتاي" وهو يهتم بالطاقة والهجرة ويشمل جميع بلدان القارة الأفريقية بينما يركز "مخطط كايفانو" على تونس وليبيا فقط، مبيناً أن ميلوني نجحت عبره في نقل أزمة الهجرة غير النظامية من"لامبادوزا" إلى تونس بصفة خاصة وبدرجة أقل إلى ليبيا.

وتابع بن عمر، أن رئيسة الوزراء الإيطالية استطاعت تحويل كل من تونس وليبيا إلى "مصيدة للمهاجرين" وعملت بمعية المفوضية الأوروبية على تقديم كل الإمكانات خاصة على المستوى الأمني واللوجيستي للقيام بعمليات الصد بالوكالة التي تقوم بها اليوم البحرية التونسية والبحرية الليبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منطقة إنقاذ 

ويرى المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن المرحلة المقبلة مع تونس ستكون تحت عنوان الإعلان عن منطقة البحث والإنقاذ التونسية على غرار ما وقع مع ليبيا عام 2018، موضحاً أنها عبارة عن منطقة ستتيح للبحرية التونسية تنسيق عمليات إعادة المهاجرين غير النظاميين الذين تجاوزوا المياه الإقليمية التونسية إلى الأراضي التونسية، لتخلي إيطاليا مسؤوليتها من صد المهاجرين الذين نجحت ميلوني في نقل أزمتهم من بلدها نحو تونس وليبيا حتى يتحولوا إلى لاعبين رئيسين في مقاربتها للحد من الهجرة غير النظامية نحو سواحل بلدها. 

مخطط كافيانو 

وقال بن عمر إن جورجيا ميلوني طرحت منذ أشهر على مجلس وزرائها "مخطط كافيانو" الذي اعتمد للسيطرة على منطقة كافيانو في مقاطعة نابولي وهي منطقة عرفت بانتشار شبكات الجريمة التي هزت الرأي العام الإيطالي، مشيراً إلى أن الحكومة الإيطالية اعتمدت إستراتيجيتين اثنتين لتقليص عدد المهاجرين غير النظاميين، الأولى ركزت على المستوى الأمني والأخيرة على المستوى الاقتصادي، وطرحت بعدها هذا المخطط على تونس، وشجعت الوزراء الإيطاليين على زيارة تونس والبحث عن آفاق عمل مشترك على جميع الصُعد وهو ما يفسر تتالي الزيارات الرسمية الإيطالية لكل من تونس وليبيا إضافة إلى الجانب الأمني الذي يحظي بأولوية مطلقة، إذ تعتبر ميلوني تونس وليبيا امتداداً حيوياً إستراتيجياً لإيطاليا التي يمر حل أزمة وصول المهاجرين غير النظاميين إليها عبر تشجيع البلدين على مواصلة أداء دور"الصد بالوكالة".

مقاربات مختلفة 

وفي شأن مخاوف تحول كل من ليبيا وتونس إلى حراس حدود إيطاليا أوضح العميد المتقاعد من الجيش التونسي مختار بن نصر أن هذا الأمر غير مطروح نهائياً فكل بلد يحرس حدوده باعتبار أن حراسة الحدود تدخل في مهمات الدول.

وأضاف في تصريحات خاصة أن الحدود البحرية مع إيطاليا فيها مراقبة دائمة هدفها منع الهجرة غير النظامية التي تحولت إلى سوق للبشر، لأن هناك كثيراً ممن يستغلون فقراء جنوب الصحراء وعدداً من التونسيين لإيهامهم بأن هناك فرصاً للعمل مضمونة في الجانب الإيطالي ليتحولوا في ما بعد إلى عدد من الجثث.

ونبه العميد التونسي أن المسألة عميقة جداً والمقاربة التونسية مختلفة تماماً عن نظيرتها الأوروبية التي تنظر إلى المسألة من زاوية أمنية بالأساس، إذ تطالب الدول المجاورة لضفافها البحرية القيام بواجب منع المهاجرين غير النظاميين من الوصول إلى شواطئها بينما تقوم المقاربة التونسية على احترام الجانب الإنساني وتطالب بتوافر مساعدات اقتصادية وموارد رزق للمهاجرين غير النظاميين في بلدانهم، وهو ما يتطلب دعماً أوروبياً لمساعدة هؤلاء على البقاء في أوطانهم.

 

وأوضح بن نصر أن الأوروبيين لا يريدون الذهاب في هذا التمشي الذي طرحته تونس ويطلبون منها ومن ليبيا استمرار منع هؤلاء المهاجرين غير النظاميين من الوصول إلى حدودهم البحرية. وأشار إلى أنه في المقابل طالبت تونس بتنظيم "مؤتمر أفريقي أوروبي" للنظر في إشكالية الهجرة غير النظامية بعمق وجدية لكي يتم وضع خطط عمل لإيجاد حلول لهذه الظاهرة المستفحلة غير أن هذا المؤتمر لم ير النور إلى الآن.

ونوه العميد المتقاعد من الجيش التونسي أن هناك اتفاقات أمنية إيطالية مع كل من تونس وليبيا لكنها لم ولن تذهب إلى حد تكليف تونس وليبيا ليكونوا حراس حدود لإيطاليا، التي اقترحت فقط تقديم إعانات وتنمية قدرات لقوات الأمن والبحرية التونسية والليبية لتنسيق العمل معهم.

وفي شأن تأكيد ميلوني تقلص عدد المهاجرين غير النظاميين نحو إيطاليا بفضل "العلاقات الخاصة" مع كل من تونس وليبيا قال بن نصر إنها تعني بذلك الزيارات التي قامت بها مع وفود إيطالية وأوروبية لإيجاد حلول انتهت بعدد من الاتفاقات السياسية والاقتصادية والأمنية لمساعدة البلدين على  تثبيت المواطنين في بلدانهم، لكن إلى حد الآن هذه المحادثات لم تثمر أية نتيجة لتثبيت المهاجرين غير النظاميين في أوطانهم الأصلية.

دعاية سياسية 

وشاطرت المتخصصة الليبية في قضايا الهجرة والأمن ريم البركي، رأي العميد المتقاعد من الجيش التونسي مختار بن نصر، بأنه من المستبعد تحويل تونس وليبيا إلى حراس حدود لشواطئ أوروبا، باعتبار أن الأمر لا يتعلق ببلدان العبور وحسب بل يعود أساساً إلى فقر بلدان المنشأ ورغبة المهاجرين الجامحة في عبور المتوسط، مشيرة أنه بغض النظر عن أن دول العبور عامة تحاول ألا تصبح أراضي تمارس فيها تجارة البشر، لذا تسعى إلى التعاون بالقدر المتاح مع إيطاليا لمنع هذه الجريمة المنظمة.

وعلاقة بتقلص عدد المهاجرين غير النظاميين نحو إيطاليا نبهت المتخصصة الليبية في قضايا الهجرة واللجوء من أن معدلات الهجرة تتأثر بعامل الطقس، فالطقس في المتوسط حتى يونيو الماضي غير مستقر والرياح تكون فيه قوية وهو ما يتسبب في تقليص عدد المهاجرين.

وتابعت البركي أن الحديث عن انخفاض عدد المهاجرين يتطلب الانتظار لانتهاء أشهر الذروة يوليو (تموز) وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) حتى نتأكد من أن أعداد المهاجرين غير النظاميين قد تقلص بنسبة 60 في المئة.

وأوضحت أن الانتخابات الأوروبية التي بدأت الخميس وتتواصل اليوم الأحد دفعت المرشحين لضخ أخبار مثل هذه لإقناع الناخبين بالتصويت لهم، مستدركة أن هذا الأمر لا ينفي أن إيطاليا تبذل جهوداً دولية لإقناع كل من ليبيا وتونس ومصر بالتعاون معها لمنع تدفق المهاجرين غير النظاميين نحو سواحلها وأسفرت هذه الجهود عن التوقيع على اتفاقات ثنائية وحزم ضخمة من المساعدات الإيطالية والأوروبية لكل من مصر وتونس تحديداً، لكن على رغم دخولها حيز التنفيذ لم تظهر نتائجها بالسرعة التي توقعها بعض.

يذكر أن الإيطاليين أدلوا بأصواتهم أمس السبت ضمن الانتخابات الأوروبية لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي، التي ستكشف ثقل رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني المنحدرة من اليمين المتطرف من عدمه ومدى تأثيرها في الكتلة الأوروبية وبخاصة أن إيطاليا تسيطر على 76 مقعداً من أصل 720 مقعداً في البرلمان الجديد، وفي الإطار قالت ميلوني بعد الإدلاء بصوتها في روما إن "الانتخابات الأوروبية ستحدد معالم الأعوام الخمسة المقبلة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير