Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل "المشتتة" بين صفقة غزة وألغام الضفة ومخطط إيران

العمليات الفلسطينية ونوعيتها وإعادة مزيد من جثث الأسرى تضاعف الضغوط على حكومة نتنياهو لتغيير موقفها

جرافة إسرائيلية تجرف شارعًا أثناء مداهمة إسرائيلية في مدينة جنين (أ ف ب)

ملخص

اشتعال الضفة وتصعيد التوتر الأمني مع انطلاق عملية "المخيمات الصيفية" التي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من الفلسطينيين إلى جانب دمار واسع من البنى التحتية، أضاف إلى جبهات حرب غزة، جبهة جديدة لا تقل خطورة وتصعيداً أمنياً عن غزة أو الجبهة الشمالية.

سجل الإسرائيليون صبيحة اليوم الأحد، ساعات هي الأكثر قلقاً وخطراً على تداعيات سياسة حكومة بنيامين نتنياهو تجاه "حماس" والفلسطينيين عموماً، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. فتفاصيل مقتل ستة محتجزين لدى الحركة الفلسطينية وإعادة جثثهم بعد انتشالها من عمق 20 متراً داخل نفق في غزة تزامناً مع مقتل ثلاثة رجال شرطة عند حاجز ترقوميا، بعملية إطلاق نار هي الثانية في أقل من 24 ساعة، وجهت النقاش الإسرائيلي سواء بين الجمهور المتمثل بقيادة الاحتجاجات على سياسة الحكومة ومنتدى عائلات الأسرى أو المعارضة في الكنيست وكذلك داخل الحكومة، المتمثلة بصورة مركزية في وزير الدفاع يوآف غالانت إلى مسارين مركزيين.

المسار الأول، متمثل في صفقة الأسرى ورفض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الانسحاب من محور فيلادلفيا مما جعل الإسرائيليين داعمي الصفقة يحملون "بيبي" مسؤولية مقتل المحتجزين في غزة ودعوا إلى خروج الجماهير والقيادات السياسية إلى الشوارع وإلزامه وحكومته التوصل إلى اتفاق، إذ يتوقع أن تشهد إسرائيل إضراباً عاماً، غداً الإثنين، دعا إليه منتدى الأسرى.

أما المسار الثاني، فيتمثل بسياسة الحكومة تجاه الفلسطينيين، بعد أن فرضت حصاراً منذ نحو السنة على سكان الضفة إلى جانب التنكيل ومضايقات المستوطنين، التي باتت تشكل حافزاً لتنفيذ العمليات، وفق تقارير إسرائيلية اعتبرت أيضاً حركة "حماس" عنصراً فاعلاً في هذه العمليات.

جبهة جديدة

اشتعال الضفة الغربية وتصعيد التوتر الأمني مع انطلاق عملية "المخيمات الصيفية" التي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من الفلسطينيين إلى جانب دمار واسع من البنى التحتية، أضاف إلى جبهات حرب غزة جبهة جديدة لا تقل خطورة وتصعيداً أمنياً عن غزة أو الجبهة الشمالية، بل تتمثل خطورتها في اختراق القتال والتوتر الأمني إلى داخل إسرائيل التي انعكست بسلسلة عمليات اتضح في العمليتين الأخيرتين، الأولى ليل الجمعة الماضي وكانت عملية مزدوجة في غوش عتصيون، باستخدام سيارتين مفخختين، ومنفذاها من الخليل، وصباح اليوم عند حاجز ترقوميا، عبر إطلاق النار وأدت إلى مقتل ثلاثة جنود، ونفذت قرب الخليل، وهي المدينة التي تدرجها تل أبيب ضمن "معاقل حماس".

منذ ليلة الجمعة، عدت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن الأوضاع تنتقل إلى مرحلة جديدة من القتال تضع الدولة العبرية وأجهزتها الأمنية أمام تحد لا يقل عن تحديات الجبهات الأخرى، إذ إن نوعية العمليات بتفجير سيارات بعد تفخيخها بكميات كبيرة من المتفجرات أو إطلاق النيران في مناطق يمكن لمنفذيها الهرب بسرعة فائقة عبر المركبة التي يصلون بها، كما حصل اليوم. وهذه العمليات تشكل في حد ذاتها قلقاً لدى الإسرائيليين، الذين اعتبروا أنها تشكل خطراً كبيراً على المدنيين، مما استدعى رفع حالة الطوارئ ونشر قوات من الشرطة وحرس الحدود في مختلف البلدات الكبرى والمجمعات التجارية وأماكن تجمع السكان. واعتبر تقرير أمني أن عودة العمليات داخل إسرائيل أو في المستوطنات، هي التحدي الأكبر في هذه المرحلة.

 

 

في جلسات التقييم للوضع الداخلي وتداعيات العمليات اختلف الإسرائيليون إذا ما كانت تنفذ في أعقاب تصريح القيادي في "حماس" خالد مشعل، بالدعوة إلى عودة العمليات الانتحارية والتجاوب معه، أم إنها نتاج السياسة التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية والجيش والمستوطنون بحق فلسطينيي الضفة.

واعتبر الأمنيون العمليات نابعة من تخطيط لـ"حماس" ومدعومة من إيران، "التي تزود الفلسطينيين بالأسلحة، خصوصاً عبر الحدود مع الأردن، واستغلال هذه المنطقة الحدودية هذه لتسلل مقاتلين لتنفيذ عمليات أو تهريب أسلحة للضفة".

وبحسب تقرير إسرائيلي، فإن هذه المنطقة التي تمتد على طول نحو 300 كيلومتر من الحدود أهملتها الدولة العبرية على مدار أعوام طويلة ولم تخصص دوريات عسكرية خاصة، كما هو الوضع في بقية الحدود، ولا يوجد فيها جدار أو عائق حقيقي أو وسائل رقابة، وهذا الوضع، بحسب التقرير "تدركه إيران تماماً وتستغله".

أما الخطر الأكبر الذي يقلق إسرائيل ما اعتبرته إيقاظ الخلايا النائمة التي يجندها "محور الشر"، كما تصفه إسرائيل، بينهم فلسطينيون من الضفة وداخل الخط الأخضر للتخطيط وتنفيذ عمليات داخل البلدات الإسرائيلية والتجمعات التجارية والحواجز العسكرية.

استراتيجية إيران والمراهنة على الضفة

في أكثر من تقرير إسرائيلي، جاء أن إيران هي العنصر المحرك للعمليات بعد أن وضعت لها استراتيجية خاصة بدأت في غزة ووصلت إلى الضفة. ويقول المحلل العسكري آفي أشكنازي، إن إيران تعمل بصورة استراتيجية منسقة بموجبه تفعل "حماس" في الخارج، إذ يوجد قادتها وعناصرها في لبنان وتركيا وقطر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالتوازي، يضيف أشكنازي، "تضخ إيران وسائل قتالية كثيرة عبر مساري تهريب أساسيين، الأول جنوبي عبر الأردن والحدود الشرقية على طول غور الأردن والثاني عبر العراق وسوريا والأردن والحدود الشرقية أو مثلث الحدود الأردن، وسوريا وإسرائيل في جنوب هضبة الجولان".

"تعمل إيران باستراتيجية مرتبة"، برأي أشكنازي، "فهي ترغب في خنق إسرائيل في كل الجبهات. صحيح أنها بدأت تبذل جهداً في الضفة قبل السابع من أكتوبر 2023، لكنها الآن بعد أن انهارت حماس غزة تفهم طهران أن عليها أن تضع رهاناتها على الضفة، هذا هو السبب الذي يجعلهم يمارسون كثيراً من الضغط في الميدان".

تقرير إسرائيلي أشار إلى أن جهاز الأمن العام "الشاباك" اعتبر إيران عنصراً مركزياً في تحريك التنظيمات الفلسطينية وتمويلها في الضفة وهو ما استدعى رئيس "الشاباك" رونين بار، إلى إقامة ما سماها "دائرة إحباط حماس في الخارج"، التي بوصف "الشاباك" لها "الذراع الإيرانية"، ويعمل الجهاز على مدار الساعة كي يحبط هذه الشبكات.

برميل متفجرات لن يصمد

منذ مطلع العام الحالي، أي بعد مرور شهرين على حرب غزة، شهدت إسرائيل نقاشاً واسعاً حول السماح للعمال الفلسطينيين بالدخول إلى أراضيها والعمل، وفي أكثر من تقرير للأجهزة الأمنية أشاروا إلى أن السبب لا يعود لحاجة اقتصاد إسرائيل لهؤلاء العمال إنما لأن سياسة الضغط الاقتصادي على الفلسطينيين في الضفة ستدفعهم نحو عمليات انتقام إلى جانب عوامل أخرى أبرزها العمليات التي لم يتوقف عنها الجيش طوال الحرب وقام من خلالها بتدمير البنى التحتية وفرض الحصار على هذه المناطق بما أدى إلى انهيار اقتصادي كبير.

بعد عملية غوش عتصيون، وفي رسالة غير مألوفة من قبل مسؤول سابق في الجيش، نشر عقيد احتياط أكرم منصور، رسالة صبيحة أمس السبت حذر فيها الجيش ومتخذي القرار من أن الضفة الغربية "برميل متفجرات لن يصمد طويلاً".

وتطرق بصورة واسعة إلى سياسة التعامل مع فلسطينيي الضفة قائلاً، "هناك أكثر من 3 ملايين فلسطيني يعيشون تحت الحصار منذ نحو السنة، في ظل الوضع الأمني. بقرارنا، نحن الجانب الإسرائيلي، دخلت الضفة في الوضع الذي نراه اليوم لأسباب عدة بينها:

- أكثر من 150 ألف عامل تم إيقاف عملهم في إسرائيل، أي 150 ألف أسرة بمعدل ستة أفراد لكل عائلة (900 ألف فلسطيني).

- عدم إخراج العمال يؤدي إلى خفض التوازن الاقتصادي للعائلة إلى نقطة منخفضة ويزيد من حجم القروض من البنوك ويضعف وحدة الأسرة الفلسطينية، كما يرفع مستوى العنف في الأسر وبين السكان ويزيد من معدل البطالة، والأخطر يزيد من الشعور بالكراهية والرغبة في دعم الإرهاب أو ما هو أسوأ، التواصل مع الإرهاب!

- إغلاق طرق العبور إلى مختلف البلدات في الضفة ووضع الحواجز عند كل مفترق وحتى الاحتكاك الشديد في نقاط الاحتكاك، كما أن الحركة غير ممكنة في كثير من الحالات، كل يوم تقريباً.

- نشاطات عسكرية عملياتية وإن أدت إلى ضبط ووقف تحرك التنظيمات إلا أنها تزيد أكثر فأكثر من مستوى الإحباط والمخاوف لدى الفلسطينيين بكل ما هو متعلق بالمستقبل المقبل.

- المستوطنون الذي ينفذون ما يريدون من مهاجمة المارة الفلسطينيين بانتظام وحرق البيوت والمركبات ومضايقات في الطرقات وغيرها الكثير.

كل هذا، بحسب المقدم احتياط، تؤدي إلى الانتقام وعليه "يجب اليوم علينا اتخاذ خطوات فورية بعد عملية غوش عتصيون المزدوجة وتنفيذ عمليات من بينها:

- تخفيف الحواجز.

- السماح للسكان الفلسطينيين بالتحرك بحرية قدر الإمكان والتخلص من الازدحام المروري.

- البدء بالتفكير في إعادة العمال لتحسين الوضع الاقتصادي، وهذا يحافظ على الهدوء الاقتصادي ومن ثم الهدوء الأمني ومن يريد أن يرد بأن كل ما فعلناه في غزة "الهدوء في المقابل الهدوء" عليه أن يفكر مرتين، الضفة ليست غزة، والطريق ليس نفسه"، قال محذراً.

- محاولة إعادة السلطة الفلسطينية إلى اللعبة، والسماح لها بمزيد من السيطرة على مناطقها، من ناحية ستردع الفلسطيني الذي يسكن هناك، قليلاً، أي نوع من الحكومة، ومن ناحية أخرى هذا سيسمح لنا بالعمل في أماكن أكثر أهمية لنا من غيرها.

إيران تستغل الوضع الاقتصادي

تقرير أمني آخر يرى أن إيران هي التي تستغل الوضع الاقتصادي الصعب لفلسطينيي الضفة، إذ إن "طهران، وبدعم مالي كبير وتنفيذ أعمال مكثفة في الميدان، بينها عبر شبكات التواصل الاجتماعي بنت (كتائب إرهاب) في جنين، في طوباس والفارعة وبلاطة ونور شمس وغيرها".

 

 

وبحسب التقرير هناك ما لا يقل عن 40 كتيبة مسلحة في الضفة وآلاف الكيلوغرامات من المتفجرات القسم الأكبر منها داخل أنفاق، يدعي التقرير أنها توجد في جنين والمنطقة لتخزين الأسلحة. هذه المتفجرات تزودها إيران كما أنها تزود التنظيمات بالأموال لصناعة أسلحة محلية ولمن ينضم إليها. وادعى التقرير الذي بثته القناة "14" أن "حماس" تدفع لكل من ينضم لها للقتال مبلغاً مالياً شهرياً.

وفي ذروة هذا النقاش يخوض الإسرائيليون نقاشاً لا يقل خطورة لسياسة الحكومة حول ضرورة التوصل إلى صفقة أسرى فورية، بعد استعادة جثث ستة محتجزين تبين أنهم قتلوا قبل فترة قليلة من الوصول إليهم. وفيما اعتبر منتدى الأسرى والمعارضة أن نتنياهو يبيع الرهائن وحياتهم مقابل البقاء على كرسي الحكومة خرجت تظاهرات واسعة للضغط عليه للتراجع عن تعنته حول بقاء الجيش في محور فيلادلفيا وتنفيذ صفقة قريبة كما دعوا إلى إضراب، غداً، كبداية خطوات تصعيدية تصل إلى "شل إسرائيل برمتها"، حتى بين الجنود ومنعهم من الامتثال لأوامر الجيش.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير