Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يولد "الحوار الوطني" الجديد في سوريا ميتاً؟

اللجنة المكلفة تضع آلياته والمرجعيات لإطلاق أولى جلساته بعد عيد الأضحى

لجنة "الحوار الوطني" شكلت عبر حزب البعث الحاكم في سوريا (وكالات) 

ملخص

قرر النظام السوري أخيراً إطلاق "حوار وطني" من أجل الوصول إلى "التعافي الاقتصادي والسياسي". يذكر هذا الإعلان بما جرى خلال عام 2011 قبل أن تشتعل حرب طاحنة في البلاد لسنوات عدة. دمشق تشترط "الوطنية" للجلوس على طاولة الحوار الجديد وتعتمد "ثوابت الدستور" كمرجعية له، فيتبدد التفاؤل بمخرجاته الممكنة وفق معارضين للنظام.

مرت 13 عاماً على "الحوار الوطني" الذي احتضنته دمشق تحت إدارة فاروق الشرع نائب الرئيس السوري السابق. فشلت التجربة حينها ثم عاشت الدولة حربا أدت إلى مقتل مليون سوري وهجرة أو نزوح الملايين إضافة إلى مئات آلاف المعتقلين والمختفين، فيما يرزح غالبية من بقى في البلاد تحت خط الفقر وفق تقارير أممية.  

قبل أيام قرر رئيس النظام السوري بشار الأسد إطلاق "حوار وطني" جديد، وبمجرد سماع هذه العبارة تقفز إلى رؤوس السوريين كثير من الأسئلة من بينها لماذا اليوم بعدما خرجت الأزمة السورية من قائمة الاهتمامات الدولية؟ ومن سيدعى إلى هذا الحوار إن كان المنظمون يصنفون الشعب بين خائن ووطني وفق تعاريف غير مفهومة برأي معارضين.

الهدف من الحوار أيضاً من ضمن الأسئلة التي يمكن أن تطرح في هذا السياق، فكل المسارات الدولية والإقليمية والعربية والمحلية المشابهة فشلت في الماضي عندما بحثت مستقبل الدولة سياسياً. فإما أن الحوار الجديد لن يقارب الواقع السياسي في "الجمهورية" أو أنه "استعراض" استدعي لغاية ما في نفس منظميه.

ثوابت ومحددات

قال مستشار الحكومة السورية وعضو لجنة الحوار الدكتور عبدالقادر عزوز إن اجتماعات داخلية تعقد لوضع مرجعية الحوار وآليات عمله للانطلاق بأولى جلساته بعد عيد الأضحى، منوهاً بأن الحوار يستهدف جميع القوى الوطنية والمنظمات الأهلية والأحزاب الناشئة والفعاليات المدنية المختلفة.

في تعريفه لـ"القوى الوطنية" قال عزوز في حديث إلى "اندبندنت عربية" إن كل من لا يدعم الإرهاب أو الاحتلال أو تقسيم البلاد مدعو إلى الحوار، سواء كان داخل سوريا أو خارجها، لافتاً إلى أن الإعلان عن نتائج الحوار سيكون مباشرة بعد كل جلسة، ثم تصاغ آلية لتطبيق ما تمخضت عنه العملية بأكملها.

مرجعية "الحوار الوطني" - وفقاً لعضو اللجنة - هي الدستور بكل ثوابت وحدة واستقلال أراضي الجمهورية العربية السورية، مشدداً على أن الحديث مع المؤهلين إلى الحوار لن يتطرق إلى أية طروحات "استقلالية" أو "انفصالية"، لكنه لا يمانع دعم اللا مركزية الإدارية وخطط تحقيق "التوازن الاقتصادي في الأقاليم".

لفت مستشار الحكومة إلى أن لجنة الحوار تتبع حزب البعث العربي الاشتراكي بوصفه الحزب الحاكم، وهو "يترجم توجيهات رئيس الدولة في التواصل مع السوريين الراغبين في تعافي الدولة اقتصادياً وسياسياً من دون خطوط حمراء ترسم لطاولة الحوار المرتقب، طالما أنه لن يمس ثوابت الدستور الحالي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الحوار لأجل الحوار

"حتى لا نكرر أخطاء الماضي في رفض أية مبادرة من دون مناقشتها ومحاولة الاستفادة منها والبناء عليها، بالنسبة لي أعتبر أن الأهمية في حل المأساة السورية هي في كل وقت شأن محلي أي يخص السوريين، وضرورة السعي إليه واجب على كل سوري لكن الحوار لأجل الحوار فقط لا يفيد، والصيغة التي يقرنها النظام بطرحه وشروطه لمن يرغب الحوار معهم تقول إنه لا يصح حتى إن يحاور نفسه".

هكذا تصف الكاتبة والصحافية سميرة المسالمة مشروع "الحوار الوطني" بمحدداته المعلنة، مطالبة في حديث إلى "اندبندنت عربية" بتوضيح ثوابت النظام تجاه المتحاور معهم وشرح ما يعنيه بدعم الإرهاب أو الاحتلال؟ ذلك لأنه يعد المعارضة أو معظمها إرهاباً أو تؤيد الإرهاب وهي مدعومة من تركيا أو أميركا أو دول عربية، بينما يعتمد هو على من تعتبرهم المعارضة دولاً محتلة مثل إيران وروسيا.

شغلت مسالمة منصب رئيس تحرير صحيفة تشرين الرسمية بين 2008 و2011، وأصبحت عضواً ونائباً لرئيس الائتلاف السوري المعارض بين 2013 و2017. وتقول إن الوضع الداخلي منهار ويجب على النظام إيجاد حلول لذلك إن كان مهتماً بتطبيع العلاقات مع الدول العربية. لكن أي حوار برأيها يتطلب الاعتراف بالأزمة السياسية وضرورة التغيير السياسي في سوريا، وهذا أمر لا يريده الأسد لأنه يعد "سوريا حكراً له، أي ملك وراثي". وفي المحصلة يقبع السوريون منذ 13 عاماً بين نظام يحاور لفرض رأيه واستسلام الآخرين ومعارضة مقيدة بمصالح الداعمين لها، وفق تعبيرها.

"ليس خياراً"

تجربة الحوار مع النظام السوري لم تكن سهلة في جميع المحافل، من أستانا إلى سوتشي ثم جنيف، ناهيك بمحاولات عربية ومحلية كلها كانت تصطدم بعراقيل عدة من بينها "الثوابت" التي كان يرفعها ممثلو النظام فوق الطاولة، فتراوح اللقاءات مكانها وتدور الأزمة في حلقة مفرغة عاماً بعد عام منذ 2015 في أقل تقدير.  

لا يجد المستشار السابق للائتلاف السوري والعضو السابق في اللجنة الدستورية للحوار في جنيف الدكتور يحيى العريضي جدوى أصلاً في الحوار مع النظام السوري "فلو كان الحوار خياراً مطروحاً بالنسبة إليه لما سمح بنزوح وتهجير الملايين ومقتل مليون واعتقال مئات الآلاف وتدمير مدن وتجويع من بقي من السكان". أما أسباب إطلاق هذا الحوار فأولها برأيه محاولة الأسد إرضاء الدول العربية التي مدت له يد التطبيع، ولكنها لم تجد منه مقابلاً واحداً، والثاني قد يكون طرق أبواب "الإدارة الذاتية" في شرق الفرات والحراك المعارض له في السويداء جنوب البلاد، بحثاً عن تسوية من نوع ما.

يلفت العريضي إلى أن الأسد لا يستطيع استعادة مناطق الإدارة الذاتية بالقوة ولا يمكنه رمي السويداء بالبراميل المتفجرة، لذلك لا يمتلك إلا التسوية السلمية مع الطرفين، وهذا يعني وفق تعبيره "محاولة الالتفاف على مطالبهما وخداعمها طالما سمح له المناخان الدولي والإقليمي بذلك"، منوهاً بأن "النظام السوري ليس قابلاً للتغير أو التغيير" وما لم يقدمه في "حوار 2011" لن يضعه على الطاولة بعد كل ما حدث.

في حديث إلى "اندبندنت عربية" يتوقع العريضي الذي يتحدر من السويداء، ألا تجد الدعوة إلى "الحوار الوطني" أصداء إيجابية في المحافظة التي تعيش حراكاً معارضاً للنظام منذ 10 شهور، بدأ بمطالب اقتصادية أفرزها ضيق العيش ثم تطور إلى عناوين تمس القيادة السياسية، وعلى رغم ذلك ما زالت المحافظة تتبع بكل مؤسساتها دمشق ولم يتشكل فيها "إدارة ذاتية" كتلك التي تتولى السلطة في مناطق شرق الفرات.  

 

صيغة اللا مركزية

لعل "الإدارة الذاتية" أو الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية من أبرز المستهدفين في "الحوار الوطني" المرتقب للنظام. وبحسب قيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي أكبر أحزاب "الإدارة الذاتية" يميل غالب السوريين اليوم إلى مواقف تؤسس لحل أزمتهم وفق مسار يستند إلى القرار الدولي رقم ٢٢٥٤، وليس عبر مبادرات وتصريحات "تصنف في خانة اللا جدية أو مخصصة للاستهلاك الإعلامي فقط".

يقول الرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة في "الاتحاد الديمقراطي" سيهانوك ديبو إن الأفضلية دائماً للحوار الداخلي الواقعي، الذي ينهي الانسداد والتصادم الأجنبي على الجغرافية السورية، وإن التدخل الدولي وأجنداته المتباينة أخر حل الأزمة إلى درجة التعثر، منوهاً في حديث إلى "اندبندنت عربية" بأن "الإدارة الذاتية" تؤمن بحوار سوري وطني محمول على قناعة، مفادها "بأن صيغة النظام شديد المركزية (٢٠١١ وما قبل) لا يمكن إعادة إنتاجها بينما كل الظروف مواتية لحوارات تفضي إلى لا مركزية ديمقراطية تعددية، تتقوى عبرها المركزية ضمن صلاحياتها المعهودة".

ثمة انتقادات داخلية وخارجية كثيرة توجه "للإدارة الذاتية" فالبعض يراها مشروعاً انفصالياً كردياً، وآخرون يقولون إنها تدعم حزب العمال الكردستاني المصنف على قوائم الإرهاب في دول عدة من بينها تركيا والاتحاد الأوروبي، ولكن ديبو يرد بأن قوات سوريا الديمقراطية قدمت أكثر من ٣٥ ألف قتيل وجريح وأسير في محاربة "داعش"، وأن مليون سوري من مدن مختلفة باتوا يعيشون اليوم في مناطق الإدارة التي يقطنها أصلا نحو 5 ملايين شخص، كما أن الإدارة الذاتية تضبط "العلاقة مع التحالف الدولي والاتحاد الروسي وبلدان عربية لمصلحة السيادة السورية ومنع تفكيكها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير