Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العنف في ملاعب المغرب العربي "زلزال بلا موعد"

متخصصون يرون أنها ظاهرة عالمية تختلف حدتها والتطبيق الحاسم للقانون هو الحل

تعود ظاهرة عنف الملاعب في تونس إلى عقود مضت  (أ ف ب)

ملخص

 يعاني المشهد الرياضي في تونس والجزائر والمغرب ظاهرة عنف الملاعب التي تشبه الزلزال، إذ لا يمكن توقعه فيما تسعى السلطات إلى اجتثاث هذا المرض الاجتماعي عبر القانون.

تزايدت معدلات العنف داخل ملاعب كرة القدم خلال الفترة الأخيرة في كبرى مباريات المغرب العربي، وجاء أبرزها في أحداث ملعب الشهيد حملاوي بالجزائر وأحداث ملعب حمادي العقربي بالعاصمة تونس، وتزامناً مع هذه الأحداث تعالت الأصوات لمواجهة الظاهرة وتكريس ثقافة الاحترام والروح الرياضية لرفع مستوى الرياضة في هذه البلدان.

ويرى الباحث المتخصص في الشأن العام الجزائري جمال الخضيري أن ما حدث أخيراً في ملعب الشهيد حملاوي من عنف وتكسير للكراسي مؤسف، ويثبت أن العنف زلزال لا نعلم متى وأين يضرب، إذ تعانيه كرة القدم الجزائرية وجميع الفرق والأندية من دون استثناء منذ عقود، مشيراً إلى أنه وعلى رغم المحاولات فلم تنجح السلطات المتخصصة في اجتثاث هذه الآفة من جذورها.

ويضيف الخضيري، "للأسف تعاظمت مشكلة العنف بسبب الإعلام والإعلام البديل في صفحات الـ ’سوشيال ميديا" بسبب التعصب، فتجد إعلامياً مشجعاً لفريق يتخلى عن حياده وينساق وراء خطابات الكراهية".

تطبيق القانون

وأوضح الخضيري أن "تلك الفتن مثل الجمر ينفخ فيها مراهقون مجهولون يقودون صفحات مليونية من خلف الشاشة، ويتلاعبون بالرأي العام ويشجعون على العنف تارة ويبررون له أخرى، بخطابات التعاطف مع المشاغبين المخربين تحت شعارات مختلفة".

ويتابع، "ملاعبنا اليوم باتت مرتعاً للفساد والتعدي على الناس والممتلكات الخاصة والعامة، وإما إن تفرض الدولة هيبتها وتضرب بيد من حديد وتطبق القانون بكل صرامة وجرأة، أو يتواصل التساهل وسنرى أفظع من المشاهد البائسة التي باتت جزءاً من الرياضة في بلادنا والتي لن يقضي عليها سوى تطبيق القانون".

وأشار الخضيري إلى أن المشرع الجزائري اتخذ كثيراً من السبل للحد من ظاهرة العنف في الملاعب، ومنها سن قوانين منظمة للجمعيات الرياضية والـ "ألتراس"، وعدل أيضاً قانون العقوبات للقضاء على هذه الظاهرة، غير أن هذه القوانين تبدو غير فاعلة.

عودة الروح الرياضية

وفي السياق تقول المتخصصة في الشأن الرياضي عايدة عرب إن ظاهرة العنف في الملاعب قديمة في تونس وتفاقمت خلال الأعوام الأخيرة، وترى أن ثمة تقصيراً من الدولة في تأمين التجهيزات اللازمة وبخاصة كاميرات المراقبة التي تسمح بتحديد المخالفين ومن يقوم بأعمال العنف، مشيرة إلى دور الجمعيات الرياضية الموكل إليها مهمة تكوين مجموعات التشجيع، وتتمثل في تكريس ثقافة الروح الرياضية بينهم ونبذ التعصب والكراهية بين الجماهير.

وتعتقد عرب أن "ظاهرة العنف مرتبطة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه الشباب وبخاصة في الأحياء الشعبية المهمشة في تونس"، وترى أن هذا يتطلب وضع سياسة كاملة من طرف الدولة للخروج من هذا الوضع الصعب، مشيرة إلى أن الشباب المحبط يفرغ شحنة اليأس في الملاعب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذهب الباحث المغربي في علم الاجتماع مصطفى العوزي إلى أن العنف في الملاعب ظاهرة اجتماعية موجودة في مجتمعات عدة وتختلف حدته بحسب طبيعة المجتمع والفئة الاجتماعية للجماهير، وبقدر ما تكون الجماهير شعبوية بقدر ما تكون موجات الغضب أكثر عنفاً وتتجه نحو الأعمال التخريبية التي تستهدف الممتلكات العامة، ويتحول الأمر من مجرد شغب في الملاعب الرياضية إلى  إخلال بالأمن العام.

ويشير العوزي إلى أن العنف أحياناً لا يرتبط بنتائج المباريات، بل يكون الدافع إبراز نزعة العداء تجاه سياسات الدولة ومن يمثلها من رجال الأمن.

سياسة الاعتراف

من جانبه يقول الباحث التونسي في علم الاجتماع محمد الجويلي إن السعي إلى الحد من ظاهرة العنف يفرض علينا أولاً الاعتراف بها، وإلا فإننا لن نفهم العنف الذي تمارسه مجموعات الـ "ألتراس" بملاعب الكرة سوى بمنطق الشرذمة التي تعكر الصفو العام، وهو تقدير في غير موضعه.

وفي رأيه أن الاعتراف أولى خطوات الحل الجذري للظاهرة، في مسعى إلى تبني هذه السياسة للتعامل بجدية مع هذه المجموعات الشبابية التي تحمل مشروعاً لهم قد نختلف في تقييم أهميته.

يشار أن وزارة الرياضة في تونس ناقشت حزمة من المقترحات والإجراءات ذات الأولوية على المدى القريب والبعيد، وذلك للحد من ظاهرة عنف الملاعب بعد أحداث شغب مباراة الدربي في العاصمة، بينها مراجعة بعض القوانين والدعوة إلى تطبيق الأحكام القضائية بكل صرامة وعدم التسامح مع كل من تثبت إدانته ومشاركته في أحداث الشغب، وفرض عقوبات على الجمعيات التي تسبب جمهورها في أحداث العنف، مع إلزامها بدفع كل الخسائر المادية الواجبة.

كما اقترحت الوزارة تكوين لجنة وطنية مشتركة لمكافحة العنف تشمل كل الأطراف الرياضية المعنية، بمن في ذلك الإعلاميون، وحثهم على الابتعاد من كل أشكال التعصب والانتماءات، وإيجاد حلول مشتركة للتصدي لهذه الظاهرة التي تهدد الرياضة التونسية.

من جانبه أهاب وزير الشباب والرياضة كمال دقيش بكل الأطراف الرياضية احترام الأخلاق الرياضية ومبدأ التنافس الشريف، والتحلي بالروح الرياضية للمحافظة على سلامة الجماهير واللاعبين والأمنيين والممتلكات العامة والخاصة.

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة