Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وسائل إعلام ليبرالية ترفض أن تكون ذراعا دعائيا لبايدن

يرى مساعدو الرئيس أن الديمقراطية أمام تحد مصيري وعلى الإعلام الوقوف معه ومهاجمة ترمب

علاقة جو بايدن بوسائل الإعلام ليست في أحسن أحوالها (أ.ف.ب)

يمكن أن تكون معركة الإعلام أحد العوامل الحاسمة في الانتخابات الأميركية المقبلة، في ضوء التغييرات التي تشهدها وسائل إعلام تقليدية عرفت بميلها للديمقراطيين، مثل "سي أن أن" و "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"، فعلى رغم أن دونالد ترمب لا يزال رجلاً مكروهاً لدى هذه الوسائل إلا أن علاقة خصمه جو بايدن بها ليست في أحسن أحوالها.

"نيويورك تايمز" تنتقد تهرب بايدن

كثيراً ما انتقد مساعدو بايدن تغطية "نيويورك تايمز" للرئيس ووصفوها بأنها متحاملة عليه ولا تظهر كفاية الوجه المظلم لترمب، إذ يشيرون إلى أن الديمقراطية أمام تحد مصيري خلال الانتخابات المقبلة، ولذلك فعلى وسائل الإعلام الليبرالية الوقوف مع بايدن لإنقاذ القيم الديمقراطية التي تهدد عودة ترمب بتقويضها.

وأثارت هذه اللهجة استياء قيادات الصحيفة التي يقال إنها تحدد مزاج الصحافة وأسلوبها في الولايات المتحدة، ودفع تهرب بايدن من الصحافيين إلى إصدارها بياناً في أبريل (نيسان) الماضي هاجمته فيه لتجنبه الظهور الإعلامي، مما يصعّب على الصحافيين توضيح مواقف الرئيس للأميركيين لتمكينهم من تقييم سجله ومحاسبته.

 وقالت الصحيفة إنه "يجب أن يقلق أي شخص يفهم دور الصحافة الحرة في الديمقراطية من تجنب الرئيس بايدن المستمر والناجح لأسئلة الصحافيين المستقلين خلال فترة ولايته".

ولفهم خلفية هذا البيان الحاد علينا العودة للأرقام، إذ أجرى بايدن مؤتمرات صحافية ومقابلات مع صحافيين أقل من أي رئيس أميركي، كما تجنب مقابلة "نيويورك تايمز" على رغم أنها أجرت مع كل أسلافه على مدى أكثر من قرن.

وتصاعد الخلاف بين إدارة بايدن و"نيويورك تايمز" في مارس (آذار) 2023 عندما أرسل مساعد المتحدثة باسم البيت الأبيض السابق عبدالله حسن رسالة بريدية في منتصف الليل رداً على مراسل الصحيفة، هاجم فيها "الجمهوريين" ولامهم على انسحاب مرشح بايدن لقيادة إدارة الطيران الفيدرالية، وغالباً ما يتوقع مسؤولو البيت الأبيض من الصحافيين المسجلين لتغطية شؤونه أن تنسب التعليقات إلى "مسؤول في الإدارة" من دون اسم، لكن مراسل الصحيفة مارك والكر، وهو من خارج فريقها الخاص بالبيت الأبيض، نشر التعليق باسم عبدالله حسن، مما أثار غضب مسؤولي الإدارة.

وفتحت نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض القضية مع مديرة مكتب "نيويورك تايمز" في واشنطن إليزابيث بوميلر وطالبتها بحذف الاسم، وهو ما لم يحدث لأن القصة نُشرت قبل أكثر من 12 ساعة، وأفاد موقع "بوليتيكو" بأن بوميلر كانت منفعلة وغاضبة وأغلقت الخط في وجه المسؤولة، وبعد رفض "نيويورك تايمز" تعديل القصة قرر البيت الأبيض استبعاد مراسلي الصحيفة من قائمة بريدية يشارك من خلالها معلومات خاصة لبعض الصحف والمنصات لأكثر من 11 شهراً.

ماذا يريد مسؤولو بايدن؟

تشير هذه الحادثة إلى رؤيتين مختلفتين لدور الصحافة، فمن جانب ترى إدارة بايدن أن "نيويورك تايمز" لا تعطي الرئيس حقه، خصوصاً مع قرب معركته المصيرية المقبلة مع ترمب.

ومن جانبها ترى الصحيفة أن دورها لا يتمثل في مساعدة جو بايدن على الفوز بل إيصال المعلومة إلى القارئ وتنويره، وهذه الرؤية المخالفة لرغبات إدارة بايدن عبّر عنها بوضوح المحرر التنفيذي والرجل الذي يقود غرفة أخبار "نيويورك تايمز" جو خان.

ولمعرفة طبيعة هذه الضغوط الديمقراطية فعلينا النظر إلى ما يقوله دان فايفر الذي كان يعمل لدى باراك أوباما، وكتب حديثاً عن الصحيفة قائلاً إن صحافييها "لا يرون أن وظيفتهم إنقاذ الديمقراطية أو منع المستبد من الاستيلاء على السلطة"، وتساءل عن السبب الذي يمنع الصحيفة من اعتبار وقف ترمب هدفاً لها.

ويقول خان عن تلك المطالب بمساعدة بايدن على الفوز بالانتخابات، إن جريدته "ركيزة للديمقراطية لكنها ليست أداة للسلطة"، مؤكداً أنه لن ينحني للضغوط بأن "تتحول ’نيويورك تايمز‘ إلى أداة لحملة بايدن ووكالة أنباء ’شينخوا‘ أو ’برافدا‘". 

وشدد في مقابلة مع "سيمافور" على عدم التحول إلى ذراع دعائي لأحد المرشحين، أو التخلي عن دور وسائل الإعلام كمصدر للمعلومات المحايدة التي تساعد الناس في التصويت.

ويطالب بعض الديمقراطيين بتغطية الخطر الذي يمثله ترمب للديمقراطية، لكن المحرر التنفيذي لـ"نيويورك تايمز" يرى أن مهمتهم تغطية كل القضايا وإعطاء الأولوية للقضايا الأكثر أهمية لدى الناس، مشيراً إلى أن الديمقراطية ليست الأولى بل تأتي الهجرة في المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي، وثانياً الاقتصاد والتضخم، ورفض التوقف عن تغطية هذه القضايا والتقليل من أهميتها لأنها في تبدو في مصلحة ترمب.

ويبدو أن هذا الموقف لم يسهم في حل مشكلات مراسلي الصحيفة وكتابها مع الإدارة الحالية، إذ لا يزال بعضهم يشتكون من عزلهم وحجب المعلومة عنهم بعد نشر تقارير ومقالات لم تعجب بايدن ومستشاريه، وأبدت كاتبة العمود مورين داود استياءها من توقف مسؤولي البيت الأبيض عن الحديث معها بعد مقالة عن هانتر بايدن.

من جانبها قالت بوملير التي تشغل منصب مديرة مكتب الصحيفة في واشنطن منذ تسعة أعوام "إنهم ليسوا واقعيين، فالعمل الذي نؤديه للعيش، ويمكنك أن تكون قوة من أجل الديمقراطية، لكن ليس عليك أن تكون قوة للبيت الأبيض في عهد بايدن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مسعى "سي أن أن" لتقليل الحزبية

وخلال الأعوام الماضية لوحظ تحول "سي أن أن" إلى تبني سياسة تحريرية أقرب إلى هوى اليسار، خصوصاً مع الصعود السياسي لترمب، إلا أن الشبكة بدأت بتغيير مسارها التحريري لتعزيز الحياد والابتعاد من الحزبية السياسية بعد تعيين كريس ليخت رئيساً تنفيذياً في مايو (أيار) 2022، إذ دخلت الشبكة حال تأهب قصوى للتخلص من الحزبية السياسية العلنية، ومنع مذيعي الأخبار من بث آرائهم وتجنب تقديم وجهات نظر متطرفة سواء إلى اليسار أو اليمين.

وأوضح ليخت الذي غادر منصبه في يونيو(حزيران) 2023 في مذكرة لموظفي "سي أن أن"، بأن نهج الشبكة يجب أن يكون قائماً على "نقل الحقيقة مع التركيز على إعلام المشاهدين لا تنبيههم"، ووجه المذيعين والمنتجين بالتوقف عن استخدام عبارة "الكذبة الكبيرة" لوصف محاولات قلب نتيجة انتخابات 2020، لأسباب منها أنها شعار أطلقه الحزب "الديمقراطي".

وجاءت هذه التغييرات وسط تراجع عدد المشاهدين، إذ بلغ متوسط ​​عدد المشاهدين عام 2022 نحو 178 ألف مشاهد في الفئة السكانية الرئيسة ما بين 25 إلى 54 سنة، بانخفاض 63 في المئة عن العام الذي قبله، ومع انخفاض المشاهدات انخفض صافي إيرادات الإعلانات اثنين في المئة.

وعلى رغم رحيل ليخت وحلول مارك تومسون مكانه إلا أن الرئيس التنفيذي الحالي لا يزال يؤكد على أن "سي أن أن" يجب أن تكون مصدراً محايداً وموثوقاً للأخبار لجمهور متنوع من اليمين واليسار، لكنه وعد أيضاً بأن تكثف الشبكة متابعتها لدقة تصريحات ترمب في النزال الانتخابي المقبل.

وإذا استمر نهج "سي أن أن" الساعي إلى إعادة الحياد فإنه سيسبب صداعاً لحملة بايدن، لكن تأثيره السلبي تقلصه العلاقة المتوترة بين "فوكس نيوز" وترمب، ومع ذلك وبالنظر إلى سوابق الانتخابات الماضية فإن أية تغطية إيجابية لترمب في "سي أن أن" ستكون أكثر تأثيراً مما لو ظهرت في وسيلة إعلامية محافظة مثل "نيوز ماكس".

ففي عام 2020 عنونت "فوكس نيوز" بأن أكثر من 120 من مسؤولي الأمن القومي السابقين في الحزب الجمهوري أيدوا بايدن في الانتخابات، وكشفت متابعة حملة بايدن لردود الفعل حيال الخبر عن أنه كان أكثر إقناعاً للناخبين الذين لم يقرروا بعد من الخبر في وسائل أخرى، لدرجة أن الحملة دفعت أموالاً لترويج الخبر في "فيسبوك" وغيره من المنصات، وقالت مديرة "الاستجابة السريعة الرقمية" لدى بايدن، ريبيكا رينكيفيتش، إن "العناوين في وسائل غير متوقعة كان لها التأثير الأكبر"، مثل هذا العنوان في "فوكس نيوز" الذي استوقف الناس.

"واشنطن بوست" في قبضة مسؤولي "وول ستريت جورنال"

شهدت "واشنطن بوست" تغييرات لافتة ومفاجئة مع قرب الانتخابات، إذ استقالت رئيسة تحريرها سالي بازبي وحل مكانها رئيس التحرير السابق لصحيفة "وول ستريت جورنال" المحافظة مات موراي، وسيشغل موراي هذا المنصب حتى إجراء الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، على أن يتحول لاحقاً لرئاسة منفصلة عن فريق التحرير، ومخصصة للصحافة الخدمية وصحافة شبكات التواصل الاجتماعي.

وأعلن هذا القرار الرئيس التنفيذي لـ"واشنطن بوست" وليام لويس، ويعد الأهم منذ تعيينه في يناير (كانون الثاني) الماضي. 

وشملت التغييرات تعيين روبرت وينيت ليكون مشرفاً على مجالات التغطية الأساسية، مثل السياسة والاقتصاد والمقالات، وكان وينيت أمضى قسماً كبيراً من حياته المهنية في مجموعة "تلغراف ميديا" المالكة لصحيفة "ذي ديلي تلغراف" البريطانية المحافظة.

واعترف لويس الذي كان رئيساً تنفيذياً لشركة "داو جونز" بأن الصحيفة سجلت خسائر كبيرة عام 2023 بلغت قيمتها نحو 77 مليون دولار، ومن أجل خفض التكاليف قدمت خطة للمغادرة الطوعية لمئات الموظفين نهاية عام 2023، وعمل لويس ضمن مساعيه التحولية على تعيين عدد من زملائه السابقين في "داو جونز" ضمن مناصب رئيسة.

ويعد قطب الإعلام روبرت مردوخ المساهم الأكبر في "داو جونز"، وتدير عائلته شركة "فوكس" المالكة لقناة "فوكس نيوز" المفضلة لدى المحافظين الأميركيين، ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه التحولات ستغير الخط التحريري لصحيفة "واشنطن بوست"، وكيف ستؤثر في تغطيتها للانتخابات المقبلة. 

وتعهد رئيس التحرير الجديد للصحيفة، موراي، بالتزام المعايير الصحافية مع الحفاظ على إرث الصحيفة، مشيراً إلى أن التغيير متعلق بالنمو والمستقبل والبناء على الإرث الحالي وإشراك الجيل المقبل.

صراع الـ "سوشيال ميديا"

وإضافة إلى معركة التأثير في وسائل الإعلام التقليدية فهناك معركة أخرى لا تقل أهمية في فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي، فعلى رغم أن ترمب عرف بتأثيره القوي في هذه المنصات إلا أن بايدن استطاع ردم الفجوة خلال الانتخابات الماضية عبر مبادرات رقمية ناجحة، مثل استخدام مؤثري مواقع التواصل لتأييد الرئيس والتركيز في "فيسبوك" بدلاً من "إكس" لجذب أصوات الناخبين من الأمهات، إذ بثت لهم الحملة منشورات لطيفة ومحفزة مصممة لإثارة تفاعلهم، مثل فيديو يظهر بايدن يعطي دبوساً على شكل العلم الأميركي لطفل، وفيديو آخر يروي فيه الرئيس قصة تغلبه على التأتأة لصبي يعاني المشكلة نفسها، وكلا المقطعين حققا ملايين المشاهدات.

ولمنافسة بايدن رقمياً قرر ترمب فتح حساب في "تيك توك" الأسبوع الماضي، على رغم محاولاته لحظر هذا التطبيق عندما كان رئيساً لأسباب تتعلق بالأمن القومي، ونشر المرشح الجمهوري مقطعاً مصوراً مدته 13 ثانية أثناء حضوره نزالاً في مسابقة للفنون القتالية المختلطة في نيوجيرسي.

وفي غضون ساعات من انضمامه تجاوز عدد متابعيه حاجز المليونين على المنصة التي يستخدمها نحو 170 مليون أميركي، ويعد هذا أكثر بستة أضعاف من متابعي حساب حملة بايدن الذي أطلق في فبراير (شباط) الماضي، بينما تأمل حملة ترمب في أن تساعد هذه الخطوة في جذب الناخبين الشباب الذين أسهموا في فوز بايدن بالانتخابات الماضية.

المزيد من تقارير