Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تكون انتخابات 2024 الأكثر كلفة في تاريخ بريطانيا؟

نحو 3 ملايين جنيه استرليني أنفقتها الأحزاب على "فيسبوك" و"إنستغرام" خلال شهر واحد 

حزب المحافظين يحذر في إعلاناته من سلطة مطلقة لـ "العمال" بعد الانتخابات (وسائل التواصل) 

ملخص

أنفقت الأحزاب البريطانية مبالغ كبيرة خلال شهر واحد من الحملات للاستحقاق المقبل على الإعلانات الإلكترونية. وفيما تظهر الأرقام أن "العمال" هو الأكثر إنفاقا على هذه الإعلانات، يبدو أن "المحافظين" حولوا رسائلهم أخيرا من التبشير برؤيتهم "الواضحة" إلى التحذير من السلطة المطلقة لخصومهم بعد الانتخابات.   

أنفقت الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة أكثر من مليون جنيه استرليني على الإعلانات عبر الإنترنت خلال الأسبوع الأول بعد الإعلان عن الانتخابات البرلمانية المقررة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل. وتصدر "حزب العمال" لجهة القيمة بـ684 ألف جنيه استرليني وبعده "حزب المحافظين" بـ280 ألف جنيه، وفقاً لصحيفة "توريتس" الإلكترونية.  

ما دفعته الأحزاب للإعلانات الإلكترونية في ذلك الأسبوع يعادل أربعة أضعاف الإنفاق في الفترة نفسها خلال الانتخابات الماضية. ومع زيادة حدود الصرف الحزبي بنسبة 80 في المئة منذ 2019 إلى أكثر من 30 مليون جنيه استرليني، تتوقع صحيفة "توريتس" أن يكون استحقاق عام 2024 أغلى انتخابات تشهدها المملكة المتحدة طوال تاريخها. 

عبر منصات شركة "ميتا" وحدها أنفقت الأحزاب خلال الشهر الأول من الحملة الانتخابية نحو 3 ملايين جنيه على أكثر من 1000 صفحة وحساب، والحصة الأكبر لحزب العمال بما يزيد على 1.5 مليون جنيه، ثم يليه "المحافظون" بأكثر من 800 ألف. أما بقية الكتل السياسية فلم تتجاوز حاجز 65 ألف جنيه وأقلها حزب "شين فين" بـ3200 جنيه. 

ويستخدم "العمال" 420 صفحة على منصات "ميتا" مقابل 345 حساباً لحزب المحافظين، وتتبُّع إنفاق الحزبين على هذه المنصات منذ إعلان رئيس الوزراء ريشي سوناك في مايو (أيار) الماضي عن موعد الانتخابات العامة المقبلة، يظهر أن المعارضة كانت مستعدة إلكترونياً أكثر من الحكومة، بحسب الخبير في الشؤون الرقمية توم إدمونز.

ويقول إدمونز لصحيفة "ذا غارديان" إن حزب العمال أنفق على مرشحيه إلكترونياً في مناطق خصومه المحافظين أكثر من أقرانهم في بقية أنحاء المملكة المتحدة بنسبة 20- 30 في المئة، مما يعكس سعيه إلى حسم قرار الناخبين المتأرجحين ودفعهم نحو التصويت للمعارضة العمالية، بخاصة مع وجود أحزاب صغيرة ومستقلين ينافسون على حصة انتخابية في الأماكن التي يسودها عدم اليقين إزاء الاختيار بين الحزبين الرئيسين في الدولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الاستهداف الدقيق

وفق عالم البيانات جو وايت، لم تلجأ الأحزاب في حملاتها اليوم إلى ما يسمى "الاستهداف الدقيق" للجمهور على غرار ما كانت تعرضه شركة "كامبريدج أناليتيكا" قبل أعوام، إذ إن "فيسبوك" منع كثيراً من التقنيات التي كانت مستخدمة في هذا المجال، وبات التوجه إلى 500 ناخب تجمعهم قواسم مشتركة أكثر كلفة بكثير من العائد المتوقع.

برأي سام جيفرز، مؤسس منظمة "من يستهدفني" التي ترصد نشاط وسائل التواصل تجاه الأفراد، لم تعُد شركة "ميتا" تسمح للأحزاب بتصميم رسائلها وفق خصائص المجتمع في دائرة انتخابية محددة، لذلك اتبع "حزب العمال" سياسة الكم بدلاً من الكيف في مخاطبة الناخبين، فيما تخلى "المحافظون" تماماً عن الترويج إلكترونياً في مناطق متعددة.

ويقول جيفرز إن التوجه إلى جمهور يشترك بصفات مثل التعليم أو العمل أو الجنس أو العمر أو الأيديولوجيا أظهر تأثيراً محدوداً، في حين أن الرسائل الشاملة المكثفة كما يفعل "حزب العمال" تحمل نتيجة أفضل. ولكن المشكلة هنا أن كلفة هذا النوع من الإعلان الرقمي السياسي واسع الانتشار لا يمكن للأحزاب الصغيرة أو المستقلين تحملها.  

وتلفت المنظمة المتخصصة إلى نجاح "المحافظين" في الوصول إلكترونياً إلى جزء من الذين تأثروا بأفكار ودعوات حزب "ريفورم" اليميني المتشدد، ولكن ذلك لم يكُن على نطاق واسع وتقييمه من ناحية الفشل والنجاح لن يظهر إلا بعد أن تفتح صناديق الاقتراع الشهر المقبل، أما نشاط الحزب رقمياً فكان أقل من خصمه "العمال" بصورة عامة.

رسائل تحذيرية

في مضمون الحملات الإلكترونية تشير صحيفة "فايننشال تايمز" إلى أن المحافظين بدأوا منذ الجمعة الماضي بتحذير الناخبين عبر الإنترنت من أن "حزب العمال" قد يفوز بغالبية ساحقة في الانتخابات العامة، مما يعني منحه "شيكاً على بياض" من قبل البريطانيين لفعل ما يشاء في البلاد من دون وجود معارضة تسائله وتراقب سلوكه. 

وهذه الرسائل وصفت بـ"اعتراف ضمني" من الحزب الحاكم بخسارة الانتخابات المقبلة، ولكن تفسيراً آخر يقول إن "المحافظين" يحاولون تخويف الشارع من تداعيات إقصائهم والتصويت للأحزاب الصغيرة والمستقلين، مما يقسم أصوات المعارضين لـ"العمال" ويضعف احتمال وجود كتلة برلمانية تقف في وجه تفرد الحكومة المقبلة بالسلطة.

ومع وصول الحملة الانتخابية البريطانية إلى منتصف الطريق، يغيب رئيس الوزراء بصورة واضحة عن إعلانات الحزب الحاكم على وسائل التواصل الاجتماعي، ويظهر تحليل أجرته صحيفة "بوليتيكو" أن "حزب المحافظين" اختار التركيز على مهاجمة زعيم المعارضة وإخافة الناخبين من حصول "العمال" على أكثرية مطلقة في البرلمان.

تجربة فاشلة

فيما يخلص تحليل للإعلانات الرقمية إلى أن أقل من 10 في المئة من إعلانات "المحافظين" المدفوعة والبالغ عددها 220 إعلاناً على "فيسبوك" و"إنستغرام"، ركزت على سوناك وسياسة الحزب في حال فوزه بالانتخابات العامة المقبلة. أما الرسائل التي أنفق عليها الحزب ما يقارب 450 ألف جنيه من أصل نصف مليون، فأعدّت للهجوم على ستارمر.

لجأ المحافظون إلى هذه الاستراتيجية قبيل انتخابات 1997 عندما حاولوا التحذير من رئيس الوزراء العمالي الأسبق توني بلير ولكنه حقق انتصاراً ساحقاً حينها. والفارق بين الاستحقاقين هو أن تواصل "المحافظين" مع الناخبين قبل نحو ثلاثة عقود كان مباشراً، أما اليوم فالاعتماد هو على العالم الافتراضي والأبواب الإلكترونية لتوصيل الرسائل.

يرى عمر إسماعيل، ممثل "حزب العمال" في دائرة هيرتيفودشير، أن محاولات "المحافظين" المستميتة للتأثير في توجهات الناخبين نحو التصويت للمعارضة لن تنجح إلكترونياً ولا مباشرة، لافتاً إلى أن التجمعات الانتخابية للحزب الحاكم ضعيفة جداً وتكاد تكون معدومة في بعض الأماكن، وهذا إنما يدلل على حال من اليأس أصابت المرشحين.

ويوضح إسماعيل في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن توجه الشارع نحو "العمال" محمول على أسباب عدة من بينها رغبة البريطانيين في التغيير بعد 14 عاماً من سلطة "المحافظين"، ولكن وزير الدفاع غرانت شابس حذر في حديث إلى راديو "أل بي سي" من خطر "الانجرار" وراء تلك الرغبة إلى حدود منح المعارضة سلطة مطلقة لخمس سنوات.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير