Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المدن تلعب دوراً حاسماً في التكيف مع تحديات المناخ

سجلت الأرض في يونيو 2023 إحدى أكثر الفترات سخونة على الإطلاق

تعد المدن عنصراً أساس في مكافحة تغير المناخ (إن سبلاش)

ملخص

تعد المدن عنصراً أساساً في مكافحة تغير المناخ إذ تستضيف أكثر من نصف سكان العالم أي ما مجموعه 4.4 مليار نسمة ويتوقع أن يتضاعف هذ العدد بحلول عام 2050.

بعد أن شهدت الأرض في يونيو (حزيران) 2023 واحداً من أكثر الأشهر سخونة على الإطلاق لم تنتظر درجات الحرارة هذا العام الدخول الرسمي لفصل الصيف حتى تعطينا نظرة سريعة عما ينتظرنا، فخلال الأيام الماضية بدأت موجات الحر تجتاح مناطق متعددة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا والولايات المتحدة وآسيا.

وفي حين يربط العلماء بين هذا الارتفاع والأنشطة البشرية وظاهرة النينيو، إلا أنه وبغض النظر عن المسببات، سواء كانت طبيعية أم بشرية، فدرجات الحرارة ستستمر في الارتفاع، لذا علينا التكيف دائماً مع التغيرات المناخية باستخدام الوسائل التكنولوجية المتوافرة والطبيعية أيضاً التي يغفل عنها كثر في ظل التقدم الراهن.

أهمية المدن

تعد المدن عنصراً أساساً في مكافحة تغير المناخ إذ تستضيف أكثر من نصف سكان العالم أي ما مجموعه 4.4 مليار نسمة، ومن المتوقع أن يتضاعف هذ العدد بحلول عام 2050، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهذا يعني أنه يتوقع بحلول ذلك الوقت أن يعيش ما يقارب سبعة من كل 10 أشخاص على مستوى العالم في المدن.

ونظراً لهذه الكثافة السكانية ستسهم المدن بصورة أكبر في انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، التي تعد اليوم مسؤولة عن نحو 60 في المئة منها، إذ تستهلك المدن موارد كبيرة مثل الطاقة والمياه، وتعمل كمراكز نقل رئيسة، وتنبعث منها كميات كبيرة من الكربون من خلال شبكات الطرق الواسعة وأنظمة النقل العام والمطارات.

وفي حين أن المدن تسهم بصورة كبيرة في تغير المناخ بسبب نموها السريع وانبعاثاتها العالية، إلا أنها تعمل في الوقت ذاته كمراكز للابتكار والحلول وتوفر فرصاً لتنفيذ الممارسات المستدامة والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، لذلك للمدن دور حاسم في توقع التحديات المناخية والتعامل معها.

عكس الإشعاع الشمسي

وبحسب المتخصصين يعاني سكان المدن والضواحي أكثر بكثير من نظرائهم الذين يعيشون في الريف بسبب ظاهرة تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية، ومن هنا أدرك المتخصصون أنه كلما زاد عدد المناطق المرصوفة في الحي كان تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية أقوى (تتمثل ظاهرة الجزر الحضرية في ارتفاع درجات الحرارة داخل المدن الكبيرة عنها في الضواحي والمناطق الريفية والنظم البيئية الطبيعية)، إذ تمتص الأسطح المرصوفة الحرارة أثناء النهار وتطلقها أثناء الليل ليبدو الفرق أكثر وضوحاً في الليل، إذ إن المدن والضواحي أكثر دفئاً بما يصل من 10 إلى 12 درجة مقارنة بالمناطق الريفية.

وبحسب مدير أبحاث التكيف في معهد المناخ الكندي رايان نيس، "فإن الأسطح الخرسانية والإسفلتية في المناطق الحضرية تعمل مثل الحجارة الساخنة في الساونا، فهي تمتص الأشعة الشمسية وتحولها إلى حرارة وتعيد بثها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حتى إن بعض المدن جرب استخدام الأرصفة العاكسة لأشعة الشمس في الشوارع، كما تبنى طلاء الأسطح باللون الأبيض على نطاق واسع، وهناك بلدان بدأت بالفعل في وضع خطة لمكافحة الحرارة الشديدة، كمدينة آرنم الهولندية التي تعيد تصور طرقها وتقيم الطرق غير المستغلة، لتقليل طرق المرور واستبدال بعض الأسفلت بالمساحات الخضراء.

إضافة إلى ذلك تزرع آرنم الأشجار على طول مسارات الدراجات والأرصفة لتوفير مزيد من الظل وإنشاء حدائق ومتنزهات مظللة جديدة كأماكن باردة للسكان، إذ تلعب الأشجار والنباتات والمسطحات المائية دوراً في تبريد الهواء من طريق توفير الظل والمياه الخارجة من أوراق النبات وتبخر المياه السطحية.

الاقتباس من العمارة القديمة

بينما ذهبت مدن أخرى إلى خيارات كانت تستخدم في العصور القديمة، على سبيل المثال في الصين التي تسجل فيها درجات الحرارة أرقاماً قياسية باستمرار، يستمد المهندسون المعماريون الإلهام من "آبار السماء" التي لعبت دوراً رئيساً في الحفاظ على برودة المنازل في العصور التي سبقت تكييف الهواء، وهي عبارة عن فناء مفتوح مظلل في منتصف مخطط الأرضية يصمم لجذب الهواء البارد بصورة طبيعية، إذ يوجه الهواء البارد إلى الأسفل مما يدفع بالهواء الأكثر دفئاً إلى الأعلى خارج الفتحة.

وهناك مثال آخر دمجت فيه نسخاً حديثة من أساليب التبريد القديمة، إذ زينت ناطحة أبراج البحر في أبوظبي بواجهة مستوحاة من عنصر مميز في العمارة العربية التقليدية وهو المشربية، وشكلت باستخدام جدار واق يشبه المظلة تفتح وتغلق تلقائياً اعتماداً على موقع وشدة ضوء الشمس، ويضم مثلثات مغطاة بألياف زجاجية مثقبة دقيقة ومبرمجة للاستجابة لحركة الشمس، بحيث تفتح في حال تغير الظروف الجوية، إذ تساعد الظلال القابلة للتحكم والتعديل على تقليل الحرارة الداخلية الناتجة من ضوء الشمس بنحو 50 في المئة، وتقلل من الاعتماد على الإضاءة والتبريد الاصطناعي وتوفر الطاقة.

 

 

متخصصون في الحرارة

صممت حدائق مزودة بستائر تفتح ليلاً وتطلق الحرارة المتراكمة، وحوائط موضوعة بصورة استراتيجية لتوجيه النسيم البارد، مع مناطق جلوس مظللة وأجهزة رذاذ تعمل على رش الماء لتوفير تبريد إضافي.

‎ومن جهة أخرى، يمكن أن يعكس تطبيق الطلاء الأبيض على أسطح المنازل ما يصل إلى 90 في المئة من ضوء الشمس، مما يؤدي إلى تبريد المساحات الداخلية 30 في المئة تقريباً وتقليل الاعتماد على تكييف الهواء، إذ يعكس اللون الأبيض الحرارة بدلاً من امتصاصها.

وفي السياق ذاته يوفر الطلاء الأكثر بياضاً الذي طوره باحثون من جامعة بوردو فوائد تبريد إضافية، كما تقوم بعض المدن بتغطية الطرق للمساعدة في خفض درجات الحرارة في الأحياء.

‎‎إضافة إلى ذلك يخصص عدد متزايد من المدن أدواراً جديدة للمتخصصين في الحرارة، إدراكاً لتصاعد خطر الحرارة الشديدة والحاجة الملحة إلى الحلول المرنة. ومنذ عام 2021 أصبح هناك صفة رئيس تنفيذي لشؤون الحرارة، يشرف على مبادرات مثل زراعة الأشجار وتركيب الأسطح والأرصفة الباردة وتحديث المساكن لتقليل استهلاك الطاقة للتبريد.

المزيد من بيئة