ملخص
لدى سؤال "اندبندنت عربية" السفارة السعودية لدى موسكو عن الأسباب التي تقف خلف عدم تلبية الرياض حتى الآن دعوة مجموعة "بريكس" لم تعلق بأي شيء، في حين أوضح وزير التجارة السعودي ماجد القصيبي في وقت سابق أن بلاده لم تزل في طور درس الدعوة المقدمة من التكتل، ولم تحسم أمرها بعد، هذا على رغم تسابق دول في المنطقة للانضمام قبل أن يعلن لافروف أخيراً إغلاق باب التوسع مجدداً بقبول أي أعضاء جدد.
حرصت السعودية في آخر نشاط لمجموعة "بريكس" تشارك فيه، تأكيد أنها تقوم بذلك بوصفها "مدعوة للانضمام"، مما يعني أنها ليست عضواً حتى الآن في التكتل الذي ترأس موسكو دورته الحالية، وتدفع بإعطائه زخماً سياسياً وسط الضغوط الغربية المتفاقمة ضد روسيا، جراء غزو أوكرانيا.
وفي حينه قال بيان للخارجية السعودية في العاشر من يونيو (حزيران) الجاري إن الأمير فيصل بن فرحان آل سعود شارك في جلسة التواصل الوزارية للمنظمة، تحت عنوان "حوار بريكس مع الدول النامية" وذلك "بصفة السعودية دولة مدعوة للانضمام"، بينما برز في المحادثات على هامش اللقاء حرص كبير من الجانب الروسي على إظهار الود والترحيب بالضيف السعودي وبخاصة في جلسة المحادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.
لكن ذلك التودد وإن عكس حجم العلاقة بين البلدين فإنه لم يؤثر في موقف الرياض المعلن حتى الآن في جانب حسم أمر الانضمام إلى "بريكس"، على رغم اهتمام موسكو الذي جدد نائب الوزير سيرغي ريابكوف التعبير عنه عندما أجاب رداً على سؤال في شأن مشاركة السعودية بصورة كاملة في "بريكس" في ظل حالة عدم اليقين التي نشأت حول دورها في المنظمة، وقال "نعم بالطبع تشارك الرياض وهذه حقيقة لا جدال فيها. منذ ما يقارب ستة أشهر حينما انتقلت الرئاسة إلى روسيا، رحبنا مراراً بممثلي السعودية في فعالياتنا ذات الصلة، وقد عقدت اجتماعات وعملت مع الجميع".
ولدى سؤال "اندبندنت عربية" السفارة السعودية لدى موسكو عن الأسباب التي تقف خلف عدم تلبية الرياض حتى الآن دعوة المجموعة لم تعلق بأي شيء، في حين أوضح وزير التجارة السعودي ماجد القصيبي في وقت سابق أن بلاده لم تزل في طور درس الدعوة المقدمة من التكتل، ولم تحسم أمرها بعد، هذا على رغم تسابق دول في المنطقة للانضمام قبل أن يعلن لافروف أخيراً إغلاق باب التوسع مجدداً بقبول أي أعضاء جدد.
منبر يناوئ الغرب
ورأى المستشار الأول في مركز الخليج للأبحاث صالح الخثلان أن طبيعة التكتل الذي يقدم نفسه منبراً مناوئاً للغرب إلى جانب الواقع الدولي المعقد، يجعلان "الانضمام إلى هذا النوع من التجمعات لا يخلو من الالتزامات على رغم الإيجابيات المعروفة، مما يستدعي دراسة مستفيضة من دولة مثل السعودية، عرفت بحصافتها السياسية وتجنب الدخول في المحاور، والتروي في حسم خياراتها"، خصوصاً في ظل حالة الاستقطاب الدولي المتأججة بعد حرب أوكرانيا.
ولفت في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إلى أن مراجعة بيانات قمم المجموعة في الفترة ما بين عامي 2013 و2022 تكشف أنها لا تخرج عن محاور تكاد تكون ثابتة، وبالتالي قد تصبح استحقاقات على الأعضاء الجدد أهمها باختصار "نقد دائم لواقع المؤسسات الدولية ودعوة لإصلاحها. وتقدير المكانة الدولية للهند والبرازيل وجنوب أفريقيا والدعوة لمنحها دوراً أكبر في الأمم المتحدة يتناسب مع مكانتها، بما في ذلك عضوية دائمة في مجلس الأمن. وإدانة الإجراءات القسرية الأحادية التي تمارسها الدول الغربية مثل فرض العقوبات والتدخلات العسكرية. ودعم حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية".
ومهما اختلفت صيغ مواقف التكتل فإن الجامع بينها في تقدير الخثلان واحد وهو "مضادة الرؤية الأميركية والغربية والتناغم مع السردية الروسية والصينية الثابتة نحو النظام الدولي"، بما جعل الانطباع السائد عند كثيرين أن "بريكس معسكر تستخدمه الصين وروسيا لمواجهة المعسكر الغربي".
ولذلك رأى الباحث الذي يشغل أيضاً أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة الملك سعود أن على "الدولة الراغبة في الانضمام للتكتل النظر في مدى انسجام سياستها الخارجية مع هذه المواقف، واستعدادها لتبنيها وجعلها جزءاً من خطابها الدولي"، لافتاً في هذا الصدد إلى أن الرئيس الصيني لمح في أحد لقاءات المجموعة إلى أنه ينبغي أن تتحدث بـ"صوت واحد"، وهو ما يشير إلى ضيق هامش الاستقلال بالمواقف بين أفراد المجموعة، خارج إطار ما يتردد أنه لا يخرج عن هيمنة الروس والصينيين مما أثار أحياناً حرجاً للهند وحفيظته، وهو الذي يحاول الإبقاء على صلاته الغربية أيضاً قوية واستراتيجية.
كلمة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال قمة "#بريكس" #BRICSSummit2023 #BRICS #نكمن_في_التفاصيل pic.twitter.com/keo3HDtr6r
— Independent عربية (@IndyArabia) August 24, 2023
وفي اتصال "اندبندنت عربية" بمصدر دبلوماسي روسي فضل عدم ذكر اسمه، قال "إن حضور السعودية محادثات في بعض مجالات ’بريكس‘ لا يعني أنها انضمت رسمياً". ولماذا لا تنضم حتى الآن؟ يضيف "عليكم أن تسألوا الرياض" وهل هنالك مطالب للجانب السعودي لم تتم تلبيتها، يجيب الدبلوماسي الرفيع "قدمنا كل شيء". إذاً هل للأمر علاقة بالحرب في أوكرانيا؟ يضحك المسؤول الروسي، ثم يضيف "إنني مشغول".
الوسيط المستقل
وحافظت الرياض ومنظومتها الخليجية على الحياد الإيجابي نحو الحرب في أوكرانيا، على رغم الضغوط الغربية المكثفة أول الأمر لدرجة حاولت شيطنة السعودية وإظهارها طرفاً بسبب تحالفها في "أوبك+" مع الروس ورفضها الإخلال به، إلا أن المقاربة التي انتهجها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أثبتت إمكان الجمع بين النقيضين الغرب وروسيا، بل ذهبت أبعد إلى التوسط بين موسكو وكييف، في إطار دعم الاستقرار والأمن الدوليين.
لهذا كان بين السيناريوهات التي تردد أنها جعلت الانضمام إلى "بريكس" يتأخر محاولة الإبقاء على ذلك الحياد الصعب بين القطبين المتصارعين، لينطلق صانع القرار السعودي في وساطته بين الطرفين من أرضية أكثر مرونة ولا تمس موقعه كوسيط، يجتهد في تعزيز موقعه الجغرافي والجيوسياسي باعتباره حلقة وصل بين الشرق والغرب. إذ استُقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جدة، وبحثت معه "كل المساعي والجهود الدولية الرامية لحل الأزمة" قبيل انعقاد مؤتمر السلام حول الأزمة في سويسرا في الـ15 من يونيو، وصارح فيه وزير الخارجية السعودي الغرب بأن "أية عملية تؤدي إلى السلام في أوكرانيا ستحتاج إلى مشاركة روسيا" التي استبعدوها.
علاقة ثنائية جيدة تكفي
ويعد المحلل السياسي السعودي سعد الحامد أن تريث بلاده في أعقاب الدعوة التي وجهت إليها من "بريكس"، جاء نتيجة للمتغيرات الدولية المتلاحقة وتركيز السعودية جهودها على ملف الشرق الأوسط، وإعطاء الأولوية للحرب في غزة وإطفاء النيران الإقليمية.
ولفت إلى أن الذي ساعد على أن تبدو الرياض ليست في عجلة من أمرها "موقعها المريح، كونها تحتفظ بعلاقات ممتازة مع كل دول التكتل في الشكل الثنائي، فلديها اتفاقات وتبادل تجاري واقتصادي مع كل من الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، حسب طبيعة كل دولة في المجموعة والمجالات الحيوية والاقتصادية فيها".
وفي غضون ذلك لا تخفي المجموعة رهانها على استقطاب الرياض لثقلها الحضاري والديني والاقتصادي والسياسي، إذ يؤكد موقعها الرسمي أن توسيع المجموعة بالدول التي انضمت إليها في المنطقة وبخاصة السعودية "يزيد من النفوذ الجيوسياسي للـ’بريكس‘، ويعمل على تعزيز وجودها في هذه المناطق الحيوية، مما يسمح بمزيد من التأثير في المفاوضات الدولية وعمليات صنع القرار. ويتحدى هذا التمثيل الأوسع أيضاً هيمنة المؤسسات المالية التي يقودها الغرب ويعزز نظاماً عالمياً متعدد الأقطاب".
ويعد وزير الخارجية الروسي لافروف في أحد تصريحاته على هامش ترؤس بلاده قمة بريكس أن نشوء عالم متعدد الأقطاب، يستدعي إثراء المنظومة بالدول ذات الدور التاريخي والحضاري في العالم العربي الإسلامي، مثل السعودية ومصر.
ومن جهته يتناول المستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية حازم الغبرا تلبية السعودية لدعوة "بريكس" للانضمام من عدمه، من جهة الجدوى المحضة من دون أي اعتبارات سياسية، وأكد أنه لكي نفهم الموقف علينا تجريده من أية تكهنات والبناء على الفكرة الأصلية التي أعلنت السعودية صراحة عنها، وهي "دراسة كل الجوانب المترتبة على الانضمام بتروٍ"، وذلك بعد أن استقبلت الدعوة أساساً بإيجابية.
فكرة التكتل لم تنضج بعد!
ورأى الغبرا أنه انطلاقاً من ميزان الربح والخسارة نر ى أن "’بريكس‘ مع الوقت اتضح أنها فقاعة إعلامية أكثر من كونها تكتلاً سياسياً أو اقتصادياً"، وفسر ذلك حسب رأيه بأن "فكرة التكتل على الورق منطقية جداً لكن إذا حاولنا الذهاب بها إلى التطبيق نرى أن هناك مشكلات أساس تعانيها، أي إنها غير ناضجة فهي تهدف لفعل شيء غير مؤسس له لا تقنياً ولا سياسياً ولا عملياً".
وهكذا رجح من موقعه التحليلي أن "المنظمة محكومة بالفشل، فلماذا تدخل السعودية في فكرة قد تراها ستفشل لا محالة، فقط لأن خطابها أو صورتها الخارجية براقة أو مثيرة للاهتمام؟ لا أعتقد ذلك".
وترى "بريكس" نفسها العكس تماماً، فهي تؤمن بأنها "حققت نجاحاً جعل الدول تتسابق للانضمام إليها" إثر تعليقها على نية تايلاند وماليزيا وبنغلاديش وتركيا والجزائر نيتها السعي إلى عضويتها.
وتعد نفسها تجمعاً يتمتع بالقدرة على "دفع النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز الابتكار وتشكيل نظام عالمي أكثر توازناً ومتعدد الأقطاب. ومن خلال الاستفادة من نقاط قوتها ومواردها الجماعية، تستطيع الدول الأعضاء أن تلعب دوراً محورياً في معالجة التحديات العالمية، مثل تغير المناخ وعدم المساواة الاقتصادية والتعطيل التكنولوجي".
ماذا عن الصفقة مع واشنطن؟
وبعد استغراق السعودية وقتاً في درس دعوة المنظمة برزت تكهنات أخرى، مثل أنها أرادت التلويح بتلك الورقة إلى واشنطن التي قالت إنها والرياض تضعان "اللمسات الأخيرة" على اتفاق دفاعي وأمني هو الأول من نوعه في المنطقة، وصفه سفير أميركا لدى السعودية مايكل راتني بـ"التاريخي بالمعنى الحقيقي للوصف وليس المبتذل"، فلئن اتخذت الرياض قرارها بعدم الانضمام فينبغي أن يقابل ذلك رد التحية بأحسن منها، وإلا فإن شخصية السعودية الجديدة لا تداري كثيراً في المواقف، إذا لم تدعمها مصالح واضحة المعالم. وهو تحول في النهج أخذت الإدارة الجديدة في البيت الأبيض وقتاً حتى تستوعبه.
ومن بين الشواهد التي عززت هذا التكهن إثارة واشنطن هذا الأمر مع تركيا عندما لمحت الأخيرة إلى مغازلة "بريكس"، إذ رد السفير الأميركي لدى أنقرة جيف فليك على الخطوة في حديث إلى "رويترز" بأنه بينما يأمل ألا تنضم تركيا إلى "بريكس" فإن مثل هذه الخطوة لن تغير تحالفها مع الغرب.
وقال "أعتقد أنهم يدركون أن الاقتصاد الروسي يتحول إلى اقتصاد حرب. ولا يوجد مستقبل هناك، وبخاصة في ظل العقوبات التي يفرضها الغرب".
وقال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية ساميويل وربيرغ بدوره إلى "اندبندنت عربية" إن بلاده "تؤمن بأن الدول لديها الحق في اختيار التكتلات والتحالفات التي ترغب في الانضمام إليها"، إلا أنه استدرك بأن جميع التجمعات متعددة الأطراف بما في ذلك مجموعة "بريكس"، "يجب أن تدعم مبادئ ميثاق الأمم المتحدة مثل احترام السيادة والسلامة الإقليمية، إضافة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، بدلاً من مضاداتها.
وأبدى ثقته بأن بلداً مثل السعودية "ستسهم أية تحالفات جديدة يعقدها في تعزيز التعاون الدولي وتحقيق التنمية الاقتصادية"، وذلك في حين ينفي ضمناً ذرائع نشأة "بريكس" بالقول إن واشنطن وشركاءها "ملتزمون بتعزيز مؤسسات النظام الدولي القائمة لجعلها أكثر شمولية وفعالية في مواجهة التحديات العالمية المشتركة"، وهو ما ترى المجموعة أن غيابه دفع للحاجة إلى تكتل مواز من أجل عالم متعدد الأقطاب، لا يحدد فيه الغرب بمفرده مصير العالم أجمع.
وفي حين تهتم دول عدة في أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية بعضوية "بريكس" لم يرفضها رسمياً حتى الآن عدا الأرجنتين، أو السعودية التي لا تزال تعلق عضويتها بعدم بتها في أمر الدعوة.
مناكفة الدولار
وعلى المستوى الاستراتيجي يؤكد المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ديفيد ديسروش أن المجموعة "ليست مصدر قلق أو اهتمام حقيقي لواشنطن"، لتضغط على حليف مثل الرياض كي لا تنضم إليها، بيد أنه يرى أن ما وصفه بذكاء الرياض جعلها في اعتقاده تدرك الهدف الأساس من توجيه الدعوة إليها، وهو "استغلال حجمها الاقتصادي لضرب الدولار"، وهو ما استبعد أن تقتنع به السعودية.
وأعاد ذلك في تصريح لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "بريكس" في جوهرها لا تعدو أن تكون "مجموعة غير رسمية من الدول تساوم وتعارض النظام العالمي الليبرالي القائم على القواعد. وفي الحقيقة ليست كياناً سياسياً قابلاً للتطبيق. ويقول المروجون له إنها تقف في مواجهة الولايات المتحدة وسوف تستبدل عملتها الخاصة بالدولار وتنشئ نظام تجارة عالمياً بديلاً. ولا ترحب الولايات المتحدة بهذا الأمر، ولكن المشكلة أنه لا يوجد بديل للدولار والأسباب وراء ذلك متعددة".
وأضاف "من الأسباب كون العملات الأخرى وبخاصة العملة الصينية أو الروبل الروسي، يحدد سعرها من قبل الحكومة. لذلك إذا كان لديك استثمار فيها يمكن للحكومة أن تخفض قيمتها على الفور. ولقد رأينا هذا مع آخر شركة نقل ركاب صينية تم طرحها في بورصة نيويورك، وجمعت كثيراً من الأموال، وفي اليوم التالي اتخذت الحكومة الصينية إجراءات ضدها، وتم محو جميع تلك الاستثمارات ولم يكن هناك طرح كبير لشركة صينية في الغرب منذ ذلك الحين".
ولفت إلى أن التكتل طالما فشل في سك عملته فإنه يلجأ إلى ما يعرف بنظام المقايضة، وهو أن تدفع الدول ما تستورده من بعضها بالعملة المحلية، وهو ما رجح أنه أحد أهداف استقطاب السعوديين، خصوصاً من جانب الصين التي قال إنها "تستورد كمية كبيرة من النفط السعودي، كان يتم دفع مقابله بالدولار سابقاً وفي الوقت الحالي، إلا أن الصين تريد الدفع الآن بالعملة الصينية اليوان".
لماذا يشكل ذلك معضلة في نظره؟ يضيف "لأن السعوديين ليسوا أغبياء، لذلك ربما يسمحون فقط بالدفع بالعملة الصينية بما يعادل ما يستوردونه من الصين لا أكثر من ذلك. إذا كان لديهم أموال أكثر مما تستورده الصين منهم، فهم يعلمون أن الصين يمكن أن تخفض قيمة تلك الأموال"، حسب تقديره.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا تخفي المجموعة عبر تحليل نشره موقعها الرسمي أن "لديها منذ فترة طويلة تطلعات للحد من اعتمادها على الدولار الأميركي في المعاملات العالمية. وقد اكتسبت هذه المشاعر زخماً في الآونة الأخيرة، إذ دارت المناقشات حول بدائل النظام المالي الذي يهيمن عليه الدولار" بعد توسعها بانضمام دول مؤثرة إليها.
محلل روسي: منظمة ليست مكتملة
غير أن بعض المحسوبين على المعسكر الشرقي نفسه مثل المحلل الروسي ألكسندر نازاروف يرون تضخم أمر المنظمة مجانباً لحقيقتها، مؤكداً أنه حذر منذ فترة طويلة من المبالغة في تضخيم الآمال في شأن اعتبارها "مسماراً في نعش الولايات المتحدة. لقد دخلت المنظمة في الأزمة الثانية لنموها (إغلاق باب التوسع)، وهناك كثير من هذه الأزمات في المستقبل، وسيمضي وقت طويل قبل أن يمكننا تسمية "بريكس" منظمة مكتملة الأركان، إذا ما حدث ذلك في المطلق أساساً".
وكشف عن أن الأزمة الأولى حدثت "عندما رفض قبول الجزائر في الرابطة بسبب موقف الهند التي تخشى من التعزيز المفرط للصين، وكانت البرازيل أيضاً ضد التوسع"، في حين يجزم من موقع المطلع بأنه "لا توجد نتيجة حتى الآن ولا ثقة في ظهور نظام دفع بعملة تسوية موحدة لـ"بريكس"، على رغم مرور أعوام عديدة من الحديث عن إنشاء عملة موحدة للرابطة"، إلا أن وزير الخارجية الروسي في أحدث ظهور له في الـ 26 من يونيو يصر على "أن هناك دولاً كثيرة تعمل على تقليص الدولار في تعاملاتها".
أما في المستقبل المنظور فإن الباحث الأميركي ديسروش يرى الاختلافات الكبيرة بين البلدان الرئيسة المؤسسة للتكتل "تجعل أية فرصة للانسجام ضئيلة، فالبرازيل الكاثوليكية والهند الهندوسية والصين الشيوعية وروسيا يصعب أن تؤدي إلى نظام دولي بديل، في ظل غياب قواسم فكرية مؤثرة بينها".
ومهما تكن تفسيرات المغزى من تأخير الرياض حسم موقفها نحو "بريكس"، فإنه يبرز طرفاً من حجم تأثيرها، بما يجعل مختلف القوى الكبرى تبحث عن أية فرصة أو صيغة لتعزيز التعاون معها.