Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لمن يصوت البريطانيون الناقمون على "المحافظين" والعمال"؟

استطلاعات تحذر من عزوف الناخبين وتوقعات بدعم شعبي للمستقلين والأحزاب الصغيرة

المرشحون المستقلون ينافسون أحزابا كبرى في الانتخابات البريطانية 2024 (غيتي) 

ملخص

ثمة فئة واسعة من البريطانيين لا يرغبون بالتصويت لمصلحة الحزبين الرئيسين "المحافظين" و"العمال" لأسباب مختلفة، أما البديل فهو إما الأحزاب الصغيرة والمرشحون المستقلون وإما العزوف عن المشاركة في الاستحقاق كما يحذر محللون وتتوقع بعض استطلاعات الرأي.

في عام 2010 عندما تولى حزب المحافظين السلطة بقيادة ديفيد كاميرون، كان العسكري السابق جيمس روسي يحدوه أمل كبير في تملّك عقار، لكن ها هو بعد 14 عاماً مفلس ومطلّق ويتشارك شقّة على رغم أنه كان لديه عمل.

يقول الرجل البالغ من العمر 46 سنة في تصريحات لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" إنه "كثيراً ما عمل بلا كلل، وما لا يستسيغه في الوضع الحالي هو أن الناس لا يفلحون حتّى لو عملوا بجد وقد قضى الوقت على أيّ أمل في التقدّم بالحياة".

قرّر روسي بالاستناد إلى تجاربه السياسية أن يخوض معتركاً مختلفاً "لأن الكيل قد طفح من حزبي العمّال والمحافظين"، فأدار حملة المرشّح عن دائرته في شمال غربي لندن من حزب "عمال بريطانيا" الذي أسّسه جورج غالاوي.

تتوقع الاستطلاعات فوزاً كاسحاً لحزب العمّال الذي تبوّأ السلطة بين 1997 و2010، لكن في نظر هذا الجندي السابق "لم يقم العمّال بأيّ إنجاز يستحقّ في تلك الفترة، أما المحافظون فهم لم يفعلوا شيئاً بتاتاً سوى مفاقمة البؤس".

الأمر سيّان بالنسبة إلى ليليان (56سنة) التي فضّلت استخدام اسم مستعار، فلا وظيفة لها ولا مساعدات عامة تستفيد منها ولا آفاق لتحسين وضعها، كانت تعمل في مجال النقل البحري في حيّ "كاناري وورف" قبل أن تنتقل إلى الخدمة البريدية وتضطر إلى التوقّف عن العمل تماماً بسبب إصابة في الظهر.

تعتبر ليليان أنها تُركت لمصيرها بسبب عجزها عن العمل، والاستفادة من المساعدات العامة صعبة المنال بفعل المتطلّبات الإدارية المعقّدة، لذلك لا تخفي نيّتها التصويت لمرشّح مستقلّ على رغم أن عائلتها أيّدت حزب العمّال المعارض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الخشية من العزوف

تساعد حال كلّ من روسي وليليان على فهم الأسباب التي تدعو بعض المحلّلين إلى الحديث عن فرضية عزوف الناخبين في الانتخابات المقررة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، ووقوع تشتّت لا مثيل له في الأصوات على حساب الأحزاب الكبرى. 

تشير استطلاعات الرأي إلى أن البريطانيين يتوقون لتغيير الحكومة بعد 14 عاماً من قيادة حزب المحافظين للدولة، إلا أنهم لا يزالون غير مقتنعين بخطط "العمال" الذين يكررون أنهم لا يملكون "عصا سحرية" لإحداث التغيير المنشود.

تبدو مشاعر الناخبين "فاترة" حيال زعيمي الحزبين الرئيسين، إذ يحمل 72 في المئة رأياً سلبياً حيال قائد "المحافظين" ريشي سوناك و51 في المئة حول رئيس "العمال" كير ستارمر، وفق ما أفاد استطلاع للرأي أجراه "يوغوف" أخيراً.

والفتور يطرح تساؤلين أساسيين حول الاستحقاق الجديد، أولهما في شأن نسبة المشاركة مقارنة مع 2019 التي تجاوزت  67%، ثم ماهية المستفيد من التصويت بين الحزبين الكبيرين أو المرشحين المستقلين والأحزاب الصغيرة والجديدة؟

بحسب هيئة الإذاعة البريطانية اختار ما يقارب ثلث المؤهلين للتصويت عدم الاقتراع خلال الانتخابات الأربعة الماضية، وسط مزاعم بأن الثقة في السياسة والنظام الانتخابي في المملكة المتحدة باتت الأسوأ من أي وقت مضى، وهناك خمسة أسباب رئيسة يمكن أن تدفع نحو العزوف عن المشاركة في الاستحقاق البرلماني الجديد.

وفق استطلاع أجرته الهيئة، فإن "القناعة بعدم تغير أي شيء مستقبلاً" هو أول أسباب نفور البريطانيين من التصويت، ثم تأتي "الوعود الانتخابية غير المحققة"، وبعدها فقدان الثقة بأي من الأحزاب المتنافسة في الاستحقاق، يليها "الجهل" بآلية الاقتراع نفسه وجدواه، ثم غياب المشاركين سابقاً في الانتخابات عن حياة فئة من اليافعين. 

المرشحون المستقلون

تجاوز حال العزوف يضع الناخبين أمام خيارين يتيمين وهما إما التصويت لحزبهم التقليدي، أو البحث عن بدائل بين المستقلين والأحزاب الصغيرة، مما يزيد من وطيس المعركة الانتخابية لاستقطاب هؤلاء الذين ضاقوا ذرعاً بحزبهم الكبير، ويبحثون عن خيار آخر بين عشرات الأحزاب ومئات المرشحين غير المنتمين سياسياً.

من وجهة نظر المرشح المستقل حلمي حراحشة ستشهد انتخابات 2024 تبدلاً غير مسبوق في مزاج الناخبين نحو دعم المستقلين والأحزاب الصغيرة، ولكنه لن يكون كافياً لقلب معادلة الحزبين الرئيسين المتناوبين على الحكومة والمعارضة.

ويقول حراحشة في حديث مع "اندبندنت عربية" إن نفور البريطانيين من "المحافظين" و"العمال" قد يصبح أكثر وضوحاً في الدورات المقبلة للبرلمان، ولكن الأمر غير قابل للتنبؤ بدقة في الوقت الحالي، ويعتمد إلى حد كبير على أداء الحكومة المقبلة.

تقدم للانتخابات العامة في العام الحالي نحو 460 مرشحاً مستقلاً، وهو رقم قياسي مقارنة بالدورات السابقة، وكنسبة لإجمال مقاعد البرلمان البالغة 650 مقعداً، فإن المستقلين ينافسون تقريباً على أكثر من 70 في المئة من مقاعد مجلس العموم.

ثمة مستقلون في الاستحقاق انشقوا أو أبعدوا عن أحزاب كانوا يمثلونها سابقاً، ولعل أبرز هؤلاء زعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربين الذي حرم تمثيل حزبه بعدما اتهم بمعاداة السامية منذ نحو عامين، مما اضطره إلى الترشح بوصفه مستقلاً عن منطقة يشغل مقعدها في مجلس العموم منذ عقود وله فيه حاضنة شعبية كبيرة.  

 

الأحزاب الصغيرة

وفق تقارير مختصة تتمتع الأحزاب الصغيرة بفرصة أكبر من المستقلين في جذب الناخبين الرافضين لدعم "المحافظين" و"العمال"، وعلى رأس هذه الأحزاب "الليبرالي الديمقراطي" الذي يقوده إيد ديفي، ويتوقع حصوله على حوالى 12 في المئة من نوايا التصويت تعادل نحو67 مقعداً في البرلمان مقارنة مع 11 مقعداً في 2019.

تقول المرشحة عن حزب الخضر منى آدم "إن الأحزاب الصغيرة تمثل التغيير المنشود في الدولة، والعضوية في حزبها تتسع كل يوم بمقدار أكثر من 100 شخص"، لافتة في حديث مع "اندبندنت عربية" إلى أن حال التململ من هيمنة "العمال" و"المحافظين" على السلطة تسمع على نحو كبير في مختلف المناطق وبخاصة بين فئة الشباب. 

أحزاب أخرى مثل "عمال بريطانيا" يحلمون أيضاً بتحقيق اختراقات في استحقاق 2024 مقارنة بسابقه، ولكن استطلاعات الرأي تقول إن نصف الناخبين يمكن أن يغيروا توجهاتهم قبل يوم واحد من فتح صناديق الاقتراع، وهذا يعني احتمال عودتهم إلى خياراتهم التقليدية في دعم مرشح الحزب الذي يصوتون له جيلاً بعد جيل.  

حزب ريفورم أو "الإصلاح" يحاول دخول البرلمان الجديد، وتتوقع له استطلاعات الرأي أن يحصد المرتبة الثالثة بعد "المحافظين" أو يتقدم عليه، إذ إن زعيمه نايجل فاراج يستعد لتزعم المعارضة أمام الفائز بأكثرية برلمانية، لكن لا يوجد ضمانات بأن ينجح السياسي اليميني هذه المرة بما فشل في تحقيقه ثماني مرات سابقة.

قائمة أكبر الأحزاب من حيث عدد المرشحين للاستحقاق الجديد، تتضمن "المحافظين" بـ 635 مرشحاً، ثم "العمال" 631 مرشحاً، وبعده "الليبراليون الديمقراطيون" 630 مرشحاً، يليه "ريفورم" 609 مرشحين، إلى "الخضر" 574 مرشحاً، أما "عمال بريطانيا" الذي يقوده غالاوي، فتقدم إلى الانتخابات بأقل من 200 مرشح. 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير