Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خان ألغى مهمة للجنائية الدولية بغزة وأصدر مذكرات الاعتقال في ذات اليوم

قلب قرار المدعي العام الخطط التي دعمتها واشنطن ولندن لزيارته وفريقه القطاع وإسرائيل رأساً على عقب

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

ملخص

عمل كريم خان على مدى ثلاث سنوات لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وهي ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، وقالت أربعة مصادر إن خان طلب من واشنطن المساعدة في الضغط على حليفتها إسرائيل، وهي أيضاً ليست عضواً في المحكمة، للسماح لفريقه بالدخول. وأضافت المصادر أن الخطوة التي اتخذها بإصدار مذكرات الاعتقال أضرت بالتعاون العملياتي مع الولايات المتحدة، وأغضبت بريطانيا وهي من الأعضاء المؤسسين للمحكمة.

قالت ثمانية مصادر مطلعة لوكالة "رويترز" إن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان قدم طلباً مفاجئاً بإصدار مذكرات اعتقال في حق قادة من إسرائيل وحركة "حماس" تتعلق بحرب غزة في الـ20 من مايو (أيار) الماضي، في اليوم نفسه الذي ألغى فيه مهمة حساسة لجمع أدلة من المنطقة.
وقالت أربعة من المصادر إن التخطيط للزيارة كان جارياً على مدى أشهر مع مسؤولين أميركيين، وقلب قرار خان طلب إصدار مذكرات الاعتقال الخطط التي دعمتها واشنطن ولندن لزيارة المدعي العام وفريقه لغزة وإسرائيل رأساً على عقب.
وذكرت خمسة مصادر على دراية مباشرة بما جرى من تواصل وقتها لوكالة "رويترز" أن المحكمة كانت تعتزم جمع أدلة من موقع الأحداث على جرائم حرب، على أن تتيح لقادة إسرائيل الفرصة الأولى لعرض موقفهم وأي إجراء اتخذوه للرد على اتهامات جرائم الحرب.
وذكرت المصادر أن قرار خان طلب إصدار مذكرة اعتقال في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، (وهي أول محاولة من المحكمة لاعتقال زعيم دولة مدعوم من الغرب وهو في منصبه)، أطاح أيضاً بجهود قادتها الولايات المتحدة وبريطانيا لمنع المحكمة من ملاحقة قادة إسرائيليين قضائياً، وقالت الدولتان إن المحكمة ليس لها ولاية قضائية على إسرائيل، وإن السعي إلى إصدار مذكرات اعتقال لن يساعد في حل الصراع.

اتساق مع النهج المتبع

وقال مكتب خان لـ"رويترز" إن قرار طلب إصدار مذكرات اعتقال، وهو متسق مع النهج المتبع في كل القضايا، جاء بناء على تقييم من المدعي العام بوجود أدلة كافية تسمح بذلك ووجهة نظر مفادها بأن السعي إلى إصدار مذكرات اعتقال فوراً يمكن أن يمنع جرائم ترتكب بالفعل.
وعمل خان على مدى ثلاث سنوات لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، وهي ليست عضواً في المحكمة. وقالت أربعة مصادر إن خان طلب من واشنطن المساعدة في الضغط على حليفتها إسرائيل، وهي أيضاً ليست عضواً في المحكمة، للسماح لفريقه بالدخول. وأضافت المصادر أن الخطوة التي اتخذها أضرت بالتعاون العملياتي مع الولايات المتحدة، وأغضبت بريطانيا وهي من الأعضاء المؤسسين للمحكمة.

تأثير سلبي

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن واصلت العمل مع المحكمة في تحقيقاتها في أوكرانيا والسودان، لكن ثلاثة مصادر على دراية مباشرة بتعاملات الإدارة الأميركية مع المحكمة أبلغت "رويترز" أن التعاون تأثر سلباً بقرار خان المفاجئ.
وقالوا إن مشكلات بدأت في الظهور في تجهيزات في شأن لوائح اتهام جديدة لمشتبه بهم في دارفور بالسودان والقبض على هاربين، وذكر اثنان من المصادر أن عملية لاعتقال مشتبه به (أحجما عن الإفصاح عن تفاصيلها) لم تنفذ كما هو مخطط لها بسبب خسارة دعم أساس من الولايات المتحدة فيها، وعبرت كل المصادر عن قلقها من أن قرار خان يعرض التعاون في تحقيقات أخرى جارية للخطر.

تأييد غربي لخطوة خان

لكن خطوة خان المفاجئة حظيت بدعم من دول أخرى، مما سلط الضوء على خلافات سياسية بين قوى دولية والمحكمة، وأصدرت فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وسويسرا بيانات تؤيد قرار خان، بينما أقرت كندا وألمانيا ببساطة باحترامهما لاستقلال المحكمة.
والمحكمة الجنائية الدولية هي المسؤولة عن الملاحقة القضائية للأفراد لضلوعهم في جرائم حرب، لكن ليس لدى المحكمة قوة شرطة لاعتقال مشتبه بهم، وتعتمد في ذلك على 124 دولة صادقت على "معاهدة روما" التي تأسست بموجبها في عام 1998، وتتعاون دول غير أعضاء مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة وإسرائيل أحياناً مع المحكمة على أساس ظروف أو أغراض بعينها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إخطار قبل ساعات قليلة

في السياق قال اثنان من المصادر إن خان قرر شخصياً إلغاء الزيارة إلى قطاع غزة والقدس ومدينة رام الله بالضفة الغربية، إذ كان من المقرر أن تبدأ في الـ27 من مايو.
وكان يفترض أن يجتمع مسؤولون من المحكمة الجنائية الدولية مع مسؤولين إسرائيليين في الـ20 من مايو في القدس لوضع التفاصيل النهائية للمهمة، لكن خان طلب بدلاً من ذلك إصدار أوامر في ذلك اليوم باعتقال نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وثلاثة من قادة "حماس"، هم يحيى السنوار ومحمد ضيف وإسماعيل هنية.
وأكد مسؤول في الأمم المتحدة، طلب عدم الكشف عن هويته، أن مناقشات أولية جرت في شأن زيارة خان لغزة تناولت مسائل الأمن والانتقالات.
وقالت سبعة مصادر تتفاوت درجات اطلاعهم على القرار إن تذاكر الطيران والاجتماعات بين كبار المسؤولين في المحكمة والمسؤولين الإسرائيليين ألغيت بعد ساعات فحسب من الإخطار، مما صدم بعض موظفي خان.
وذكر المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية أن إلغاء زيارة مايو ينتهك الممارسة الشائعة للادعاء المتمثلة في السعي إلى التواصل مع الدول قيد التحقيق، وقالت ثلاثة مصادر أميركية، من دون تقديم تفاصيل، إنه لم يطرح تفسير واضح لدافع خان لتغيير المسار، وإن هذا التحول أضر بصدقية المحكمة في واشنطن.
ولم يرد مكتب خان على هذه النقاط بشكل مباشر، لكنه قال إنه أمضى السنوات الثلاث السابقة في محاولة تحسين الحوار مع إسرائيل ولم يتلق أية معلومات تظهر "إجراء حقيقياً" من جانب إسرائيل للتصدي للجرائم المزعومة.
وقال مكتب خان في رسالة بالبريد الإلكتروني إن خان "يواصل الترحيب بفرصة زيارة غزة، ويظل منفتحاً على التعامل مع جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة".
وقال باسم نعيم القيادي في "حماس" لـ"رويترز" إن الحركة لم يكن لديها علم مسبق باعتزام خان إرسال فريق من المحققين إلى غزة، ورفض مكتب نتنياهو ووزارة الخارجية الإسرائيلية التعليق.

صدمة أميركية

واعترفت المحكمة الجنائية الدولية "بدولة فلسطين" في عام 2015، ويقول خان إن مكتبه يتمتع بالولاية القضائية للنظر في مزاعم الجرائم الوحشية التي ارتكبها فلسطينيون في إسرائيل، وأي شخص في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
ولا تعترف الولايات المتحدة أو بريطانيا بالدولة الفلسطينية، وبالتالي تعترضان على الولاية القضائية للمحكمة في القطاع.
وقالت أربعة مصادر قريبة من الإدارتين الأميركية والبريطانية لـ"رويترز" إن واشنطن ولندن تتحدثان مع إسرائيل لمساعدة خان في ترتيب الزيارة على رغم تصريحاتهما بأن المحكمة ليس لديها اختصاص في هذا الوضع، وأضافت المصادر أنها كانت تعلم باحتمال أن يسعى خان إلى استصدار مذكرات اعتقال لنتنياهو ومسؤولين إسرائيليين كبار آخرين وأن المدعي العام أو أعضاء فريقه أبلغوا حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين منذ مارس (آذار) الماضي، في الأقل باحتمال توجيه اتهامات ضد قادة إسرائيل و"حماس".
وقال مصدر دبلوماسي في دولة غربية من دون الخوض في تفاصيل إن جهوداً دبلوماسية كانت تبذل في محاولة لإقناع المحكمة بعدم سلوك هذا المسار، وأوضح مصدر أميركي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية القضية، "عملنا جاهدين على بناء علاقة خالية من المفاجآت".
ووصف بلينكن في الـ21 من مايو قرار خان بأنه "خاطئ تماماً"، وقال إنه لا يتماشى مع العملية التي كان يتوقعها وسيعقد احتمالات التوصل إلى اتفاق في شأن إطلاق سراح الرهائن أو وقف إطلاق النار، وقال أمام لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ إنه سيعمل مع الجمهوريين على فرض عقوبات على مسؤولي المحكمة.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون للبرلمان في اليوم نفسه إن قرار خان كان خاطئاً، وجاء رد فعله غاضباً في أحاديث خاصة على تغيير الخطة، ووصف ذلك بأنه "جنون" لأن فريق خان لم يزر إسرائيل وغزة بعد، وهدد خان في اتصال هاتفي بانسحاب بريطانيا من المحكمة وقطع الدعم المالي عنها، وفقاً لثلاثة مصادر على دراية مباشرة بالمناقشة.
ورفض مسؤول بوزارة الخارجية البريطانية التعقيب على الاتصال الهاتفي أو على علاقة بريطانيا بالمحكمة، وسمحت المحكمة في يونيو (حزيران) الماضي بأن تقدم بريطانيا مذكرة مكتوبة توضح فيها حججها القانونية بأن المحكمة لا تتمتع بالاختصاص القضائي لنظر هذه القضية، وهناك انقسام بين الدول الأعضاء في المحكمة والدول غير الأعضاء على مسألة الاختصاص.
وعلاقة الولايات المتحدة بالمحكمة متوترة، وفرضت واشنطن عام 2020 في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عقوبات عليها لكن الرئيس جو بايدن ألغاها.
وقال مكتب خان إنه "بذل جهوداً كبيرة للتواصل مع الولايات المتحدة في السنوات الماضية لتعزيز التعاون بينهما، وهو ممتن للمساعدة الملموسة والمهمة التي قدمتها السلطات الأميركية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير