Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نسبة تصويت أقل من متوقعة تنذر بصعوبات لكير ستارمر

حزب العمال قلق من حصيلة أصوات في 2024 أقل من التي حققها جيريمي كوربين عام 2017

زعيم حزب العمال كير ستارمر يحضر حدث ضمن حملة الانتخابات العامة في 27 يونيو 2024 (رويترز)

ملخص

من المتوقع أن يحقق كير ستارمر غالبية كبيرة في الانتخابات المقبلة، لكن هناك مخاوف داخل حزب العمال من أن تكون حصته في التصويت أقل من التي حصل عليها جيريمي كوربين عام 2017، وما يحتاج إليه الحزب قبل يوم الاقتراع هو وضوح أكبر في مشروعه السياسي

تشير مجريات الأمور إلى أن كير ستارمر في طريقه للحصول على أكثرية ساحقة من الأصوات، مع أن عدداً من خبراء استطلاعات الرأي يرون أن حزب العمال قد يفوز بـ450 مقعداً من أصل 650 في مجلس العموم، بأقل من 40 في المئة من الأصوات. وفي هذا الصدد وجه جون كورتيس الذي يعد عميد خبراء الانتخابات تحذيراً إلى حزب العمال، قائلاً "إياكم أن تفترضوا أن هيمنتكم على مجلس العموم انعكاس لموقف الشارع والرأي العام على نطاق أوسع".

فالحال أن بعضاً من حلفاء ستارمر يتخوفون من أن يتسنى لمنتقدي هذا الأخير المنتمين إلى اليسار من الإشارة في الخامس من يوليو (تموز) المقبل، إلى أن جيريمي كوربين كان قد حصد نسبة أصوات أعلى من تلك التي نالها ستارمر (40 في المئة) عندما أطاح بأكثرية تيريزا ماي عام 2017. وفي حال حصول أمر مماثل الآن، فلا شك أن اليسار سيتذرع بأنه كان قادراً على نيل نسبة أعلى من الأصوات، فقط لو طرح برنامجاً أكثر جرأة (ونتذكر هنا أيضاً قائمة أمنيات كوربين، التي كانت بعيدة كل البعد من المنطق، والتي أطيحت وذهبت في مهب الريح خلال انتخابات 2019).

ولا ريب في أن الفوز يعد فوزاً فعلياً في ظل القواعد السارية حالياً وغرائب نظامنا المتقادم الذي يقوم على مبدأ "الفوز للأكثر أصواتاً". ومن ثم، فمن المعروف أن توني بلير كان قد فاز بأكثرية 66 مقعداً، بنسبة 35 في المئة فقط من الأصوات عام 2005، وأن مارغريت تاتشر استفادت هي الأخرى من انقسام في أصوات الوسط اليساري بين حزب العمال من جهة، وتحالف الليبراليين والحزب الديمقراطي الاجتماعي SDP من جهة أخرى (وانقلبت الآية اليوم، إذ يستفيد حزب العمال من انقسام نادر في الأوساط اليمينية، بين حزب "المحافظين" وحزب الإصلاح البريطاني).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والحال أن الناخبين عرفوا ما كانوا سيحصلون عليه مع تاتشر وبلير. فبغض النظر عما إذا كانوا يحبونهما أو يكرهونهما، عرض كل منهما رؤية واضحة وصريحة وهي تغيب للأسف عن حملات "المحافظين" و"العمال" في الانتخابات الحالية. ولا ينفك "المحافظون" يتحدثون عن الخفوضات الضريبية ولا شيء غير ذلك تقريباً، في حين أن حزب العمال يبذل جهداً جهيداً لإخبارنا بكل ما لن يفعله من أمور، رداً على هجوم "المحافظين" حول موضوع الضرائب.

وصحيح أن شعار "التغيير" الذي يرفعه حزب العمال فاعل ومؤثر إلى أقصى الحدود، في ظل تصور يفيد بأن الأمور ليست على ما يرام أبداً في "بريطانيا المحطمة"، بعد 14 عاماً من حكم "المحافظين". وهذا كله قبل الكلام عن فضيحة "بارتي غيت" وأكاذيب بوريس جونسون، و"الموازنة المصغرة" التي طرحتها ليز تراس.

وفي ترديد متعمد للكلام كان قد أورده بلير عن حزب العمال الجديد، قال ستارمر لصحيفة "ديلي ميل" اليوم السبت "لقد نظمنا حملتنا الانتخابية كحزب العمال المتغير وسنحكم كحزب العمال المتغير"، بيد أن ستارمر لم يوضح "التغيير إلى ماذا؟" فهو لا يريد أن يخيف الناخبين السابقين لحزب المحافظين ممن يحتاج إليهم حزب العمال اليوم. ومن ثم فإن بعض الشخصيات العمالية تخشى أن تؤدي مقاربة بالأمور بطريقة التأني أولاً إلى مشكلات هائلة، لأن افتقار حكومة ستارمر إلى تفويض مناسب قد يتحول إلى عبء يثقل كاهلها، وطوق يخنقها.

ومن جهته، لا يشعر جوناثان باول الذي كان مدير مكتب بلير في "داونينغ ستريت" بأي قلق من عدم حصول حزب العمال على نسبة 40 في المئة من الأصوات. لكنه يعتقد أنه في حين أن "القلة القليلة من السياسات المفصلة" التي طرحها بلير في انتخابات عام 1997 قدمت رؤية واضحة، فإن قائمة ستارمر المطولة والمؤلفة من سياسات مصغرة، لا تقدم رؤية واضحة على الإطلاق. وفي مناظرة من تنظيم "معهد أبحاث السياسات العامة"Institute for Public Policy Research - IPPR [مركز أبحاث غير ربحي يعنى بتحسين السياسات العامة في بريطانيا] ومؤسسة "إنهاوس كوميونيكيشنز" iNHouse Communications في وستمنستر، قال إن حزب العمال سيفوز "بتفويض سلبي"، إذ سيظهر الناخبون رفضهم لـ"المحافظين". ومن ثم أكد أن ما يحتاج إليه حزب العمال هو "تفويض إيجابي" يضرب به مثلاً "عندما تتردى الأوضاع" (وهي ستتردى لا محالة).

وأكد لي أحد حلفاء ستارمر أن "حصول حزب ’العمال‘ على أكثرية في مجلس العموم يساوي تفويضاً". إلا أن مصادر مطلعة أخرى داخل حزب العمال تخشى في الخفاء أن تتسبب حملة الحزب الحذرة إلى أقصى الحدود بترك حكومة ستارمر من دون "سردية" أو "قصة"، فيتعين تحويل الشعار الانتخابي الغامض حول "التغيير" و"النمو" إلى سياسات صارمة، لكن من دون أي نمو اقتصادي ومالي تمتعت به حكومة بلير.

ولا يسعنا أن نلوم حزب العمال إن استفاد في يوم الانتخابات من جراح ألحقها حزب المحافظين بنفسه، ومن فضيحة المراهنة التي هيمنت على هذه الحملة، ناهيك بقائمة لا تنتهي من استطلاعات الرأي. فبنتيجتها حظي حزب العمال بتدقيق أقل مما يستحق، لكنه لن يكترث لذلك حتى لو أنه هدر فرصه بالنجاح في اختبار [وضع] الرؤية. ولو كانت نتيجة استطلاعات الرأي متقاربة أكثر، لكان ستارمر سيتحلى بجرأة أكبر. لكن استراتيجيته ناجحة، فلماذا يغيرها؟ "علينا أن ننتصر أولاً"، هذه هي المتلازمة التي يرددها فريق ستارمر.

وبالطبع كان بإمكان حزب العمال أن يقرر "التسويق" لبيانه وبيعه باعتباره عرضاً جذرياً، من خلال تسليط الضوء على خطط إعادة تأميم السكك الحديد، وإنشاء شركة طاقة مملوكة للدولة وتعزيز حقوق العمال إلى حد كبير. بيد أنه وحتى الآن لم يسلط الضوء على هذه السياسات إلا قليلاً، مفضلاً التمسك ببر الأمان المتمثل بـ"خطواته الأولى" المحدودة في مرافق "الخدمات الصحية البريطانية" والمدارس. وهنا أكرر أنه لا ينبغي أبداً قلب الأمور رأساً على عقب.

ومن ثم فإن عدم تأييد الناخبين لمشروع ستارمر سيصبح ذا أهمية بعد الانتخابات. فقد أخبرني مرشحون عماليون بأن انخفاض مستويات التأييد لحزب العمال ملموس على مشارف اليوم الكبير. فهم يخشون ألا يستفيد ستارمر من شهر العسل الذي حظي به بلير عام 1997، وألا يصدق الناس نياته الحسنة. ذلك أن الناس سيتوقعون نتائج سريعة وتحسينات ملموسة، وقد لا يتعاطفون معه إذا ما اشتكى حزب العمال (عن وجه حق) من أسوأ ميراث اقتصادي في العصر الحديث. بالتالي فإن تذكير الناخبين بعبارة "لقد سبق أن أخبرناكم بأن الأمور ستكون صعبة" في يوم الانتخابات سيكون كلاماً فارغاً ليس إلا.

وختاماً، لا بد أن يأخذ ستارمر بنصيحة باول وأن يلقي خطاباً مهماً قبل انتخابات الأسبوع المقبل حول ما يعنيه "التغيير" فعلياً. وفي هذا الصدد توجه إليه باول قائلاً "مع أن ذلك لن يغير نتائج التصويت، لكن ما يمكنك فعله هو تغيير التفويض وتحديد معالمه بوضوح".

وبالطبع، لا يزال أمامه الوقت الكافي حتى لو كانت الفترة قصيرة.

© The Independent

المزيد من تحلیل