Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سكان غزة يتساءلون عن سبب تفكيك "ميناء بايدن" للمرة الثالثة

قالت واشنطن إن السبب يعود لسوء الطقس وارتفاع الموج لكن سكان القطاع غير مقتنعين على اعتبار أن البحر يكون هادئاً في فترة الصيف

فككت الولايات المتحدة الميناء العائم في وقت يقترب سكان غزة من مجاعة وشيكة (أ ف ب)

ملخص

في وقت يحتاج سكان غزة إلى الغذاء، فككت الولايات المتحدة الميناء العائم ونقلته إلى إسرائيل، مما أثار التساؤلات حول مدى قدرة الميناء الذي شيد بموازنة مالية ضخمة تبلغ 320 مليون دولار، على مواجهة التقلبات الجوية

في وقت لم يجد سكان غزة أي نوع من الطعام ويقتربون من مجاعة تهتك البطون ويتوقون لأية مساعدة غذائية، أعلنت القيادة المركزية الأميركية تفكيك الميناء العائم الذي شيدته قبالة سواحل القطاع بهدف زيادة تدفق المعونات الغذائية، وبررت الخارجية الأميركية هذه الخطوة بسبب سوء الطقس وارتفاع أمواج البحر.

ميناء عجوز

وهذه هي المرة الثالثة التي تفكك فيها الإدارة الأميركية "ميناء بايدن" العائم الذي بدا للغزاويين وكأنه عجوز غير قادر على مواجهة التقلبات الجوية، على رغم أن عمره لا يتجاوز 42 يوماً، إذ جرى بدء العمل به في الـ 14 من مايو (أيار) الماضي.

ومن ضمن مواصفات الميناء الذي أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنه شيد بموازنة مالية ضخمة تبلغ 320 مليون دولار، وبني من أجود أنواع الهياكل التي يمكنها مقاومة تقلبات الطقس وإصلاحها بسهولة وسرعة كبيرة، لكنه على رغم ذلك بات غير قادر على مواجهة ارتفاع الموج.

وبحسب المراقبين فإن الميناء الأميركي بات غير قادر على القيام بمهماته التي أوكلت إليه، ومن أبرزها ما أعلنه بايدن بأنه سيحل أزمة المجاعة، وقال إن "الميناء هدفه إغراق قطاع غزة بالوجبات الغذائية الساخنة، وفي كل يوم سنقدم مليوني وجبة طعام، إضافة إلى مئات الأطنان من المعونات الغذائية".

لا وجبات ساخنة

وفي الواقع لم يقدم ميناء بايدن أية وجبات طعام، وجميع ما نقل بواسطته عبارة عن مساعدات إنسانية، وبحسب البيانات الأميركية فإنه أسهم في نقل 4100 طن فقط من المساعدات إلى قطاع غزة، أي أقل بكثير من كمية الطعام الذي وعد به بايدن.

ويقول أستاذ علم الأغذية ظافر السمري إن "الأطنان المترية المحدودة التي نقلت عبر الميناء الأميركي العائم لا يمكنها سد جوع 650 ألف فرد من سكان القطاع، وتلك المنطقة التي تشهد حرباً ومجاعة يسكنها نحو مليوني نسمة، كل فرد منهم بحاجة إلى ثلاثة كيلوغرامات من الطعام المنوع يومياً كي لا يدق الجوع بابه".

ويضيف، "عليه يمكن أن نستنتج أن الغذاء الذي ينقل عبر الميناء العائم غير كاف، هذا إذا كان يصل إلى مستحقيه بصورة منتظمة ودائمة، والطريق الوحيد لدرء المجاعة يتمثل في فك الحصار وفتح المعابر وتسهيل مرور الإمدادات البرية، وما دون ذلك مجرد إلهاء للناس".

لا مشغل للميناء

وفي الواقع ليست كميات الطعام هي المسألة الوحيدة التي عجز الميناء العائم عن تأمينها، بل أيضاً لم يجد هذا المرفأ أي مشغل له يستلم المعونات ويوزعها، ففي بداية الأمر اتفقت الولايات المتحدة مع "برنامج الأغذية العالمي" التابع للأمم المتحدة على تولي هذه المهمة، لكن الأخير علق نشاطه لأسباب أمنية.

واشتبه برنامج الأغذية العالمي بأن إسرائيل والولايات المتحدة تستخدمان هذا الرصيف المائي لتحقيق أهداف عسكرية وأنه خرج عن صفته الإنسانية، بحسب مراقبين، وذلك على خلفية افتراضات أنه كان طريقاً لتحرير الرهائن الأربع من النصيرات في وسط القطاع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى ضوء ذلك لم تقم الأمم المتحدة بتوزيع الغذاء وغيره من الإمدادات الطارئة التي تصل عبر الميناء البحري الأميركي، ويقول المتحدث باسم "برنامج الغذاء العالمي" ستيف تارافيلا، "علقنا مشاركتنا في مشروع الميناء الأميركي لأسباب ومخاوف أمنية، ويجب التأكد من توفر بيئة آمنة وظروف مستقرة قبل استئناف العمليات".

وبحسب مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة فإن "الميناء الأميركي لا يجد منظمات إغاثة توافق على استقبال شحنات الأغذية الواردة منه، وأن هذا المشروع بات عنواناً متواصلاً للمتاعب وأثبت فشله، فيما الحل في فتح المعابر البرية لا يزال متاحاً".

هل من خطوات لتفادي المشكلة؟

وفي جميع المرات الثلاث التي فككت فيها الولايات المتحدة الميناء ونقلته إلى أسدود في إسرائيل، كانت الأسباب تقف وراء ارتفاع موج البحر وسوء الطقس، وتؤكد نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية سابرينا سينغ أنهم سيواصلون تقييم حال البحر، لكن هذه المرة لا موعد لإعادة بناء الميناء العائم.

ودفع تكرار السبب ذاته وراء تفكيك الميناء العائم المفتش العام لوزارة الدفاع الأميركية إلى فتح ملف رقابة مع "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" لتقييم توزيع وإيصال المساعدات إلى قطاع غزة التي تصل من الميناء العائم.

ومن وجهة نظر أستاذ الجغرافيا السياسية رأفت المصري فإن "السبب الذي تعلنه الولايات المتحدة غير مقنع، لأن البحر في غزة خلال فترة الصيف يكون هادئاً والموج لا يزيد ارتفاعه على 3.4 متر، فيما قوة الرياح لا تزيد على 20 كيلومتراً في الساعة، وهذه الظروف لا يمكنها إعاقة وصول المساعدات الغذائية".

ويقول المصري "إذا اعتقدنا أن الظروف الجوية صعبة فإن تكرار حدوثها يفترض أن يدفع الإدارة الأميركية إلى التفكير في حلول واقعية لتجنب عوامل الطقس، كما أن هذا الأمر من المفروض ألا يعوق سفناً حربية تتعامل مع الرصيف البحري".

وسط المجاعة

ويعبر فلسطينيون عن استيائهم من تفكيك الرصيف الذي يأتي في وقت تشتد المجاعة على قطاع غزة، فبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فإن واحداً من كل ثلاثة أطفال في قطاع غزة يعانون سوء التغذية الحاد، أي المجاعة.

ويظهر مقياس التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن جميع أهالي قطاع غزة يحتاجون إلى إجراءات عاجلة لمكافحة الجوع، وأن أكثر من مليون شخص يعانون سوء التغذية الحاد، أي المجاعة، وعلى المجتمع الدولي تكثيف تقديم المعونات الغذائية.

من جانب الفلسطينيين يقول مسؤول الإعلام الحكومي إسماعيل الثوابتة إنه "فيما يخفق قادة العالم في منع تجويع أهل غزة، تقوم الولايات المتحدة بتفكيك الميناء بدلاً من إيجاد حل لإطعام أهالي القطاع".

لكن سينغ تنفي أن تكون الولايات المتحدة وقفت مكتوفة الأيدي أمام الجوع في غزة، وتؤكد أن بلادها تبحث عن حلول مع دول العالم وتضغط من أجل توفير الغذاء وإعادة فتح الممرات البرية باستمرار.

أما في إسرائيل فيؤكد منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية غسان عليان أنه يعمل عن كثب على تسهيل إمداد غزة بالمساعدات الإنسانية، وأن بلاده أقرت هدنة تكتيكية من أجل تدفق المعونات الغذائية بأمان لسكان القطاع.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير