Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أصاب ماكرون في تحذيره من "حرب أهلية" بعد الانتخابات الجارية؟

مع اتجاه اليمين المتطرف إلى شغل مقاعد أكثر من أي وقت مضى منذ عام 1940، وتسجيل التوترات السياسية في البلاد أعلى مستوياتها منذ عقود، يتساءل كاتب المقالة لماذا دعا الرئيس الفرنسي إلى إجراء انتخابات في المقام الأول؟

لماذا يدعو ماكرون الشعبوية إلى طرق باب فرنسا؟ (أ ب)

ملخص

قرار ماكرون بالدعوة إلى انتخابات برلمانية باكرة لا يبدو حكيماً، لأنه يفتح الباب أمام دخول اليمين المتطرف إلى الحكم ويزيد الأخطار والتوترات في الساحة السياسية الفرنسية

هل يمارس ماكرون تعظيم الذات؟ هل يبحث باندفاع عن ضجيج في وسائل الإعلام؟ لطالما بدا أن أكثر منتقدي الرئيس الفرنسي عدوانية يصورونه على هذا النحو، على رغم خفضه معدل البطالة إلى مستويات قياسية وتمكينه قطاع الأعمال، وكونه شخصية رئيسة على المسرح العالمي في ساحة الأفكار والمبادرات.

ومع ذلك أعطى إيمانويل ماكرون الديناميكي صدقية لوجهة النظر التي تعتبره زعيماً نرجسياً في شكل غير عادي الأسبوع الماضي، عندما أثار شبح "الحرب الأهلية" إذا فاز اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف في الانتخابات البرلمانية الباكرة في فرنسا، والتي جرت الجولة الأولى منها الأحد الماضي.

في تدوين صوتي قال الرئيس الوسطي إن حلول حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف لمشكلات الجريمة والهجرة "تصنف الناس وفق دينهم أو أصولهم، وهذا هو السبب في أنها تؤدي إلى انقسام وحرب أهلية"، وفي الوقت نفسه أشار إلى أن حزب "فرنسا الأبية" اليساري المتشدد، أبرز أحزاب الجبهة الشعبية الجديدة الأربعة، يدافع عن نوع معين من سياسات الهوية "يصنف الناس فقط وفق نظرتهم الدينية أو المجتمع الذي ينتمون إليه"، ما قد يؤدي أيضاً إلى حرب أهلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تخيير الرئيس للناخبين بهذا الشكل، (صوتوا لتحالفي الوسطي أو تحصلون على الفوضى) أشبه بمفارقة، نظراً إلى أن الانتخابات هي نتيجة رهانه على حل الجمعية الوطنية بعدما تعرض تحالفه الوسطي إلى ضربة خلال انتخابات البرلمان الأوروبي في التاسع من يونيو (حزيران) الماضي.

هل كان مضطراً، كما قال آنذاك، إلى الدعوة إلى "الوضوح" [موقف شعبي واضح] في استفتاء وطني؟

لا، لم يكن كذلك، ولذلك فإذا تعرض إلى ضربة قاضية في تصويت الأحد وفي الجولة الثانية الأحد المقبل، السابع من يوليو (تموز) الجاري، فسيكون ذلك من فعله.

وإذا كانت الانتخابات حرة ونزيهة يكون الناخبون دائماً على حق (إلا في نظر دونالد ترمب)، لكن ماكرون، معاكساً الرياح، يطلب الوضوح عندما تشير المؤشرات كلها إلى أنه من الأفضل ألا يفعل ذلك، فلماذا بعد فوز اليمين المتطرف فوزاً مدوياً قبل ثلاثة أسابيع يزعزع الرئيس ماكرون الطاولة اليوم؟

تشير استطلاعات الرأي إلى أن الفرنسيين يفضلون التغيير الجذري بدلاً من التعديلات الطفيفة، وأعطت استطلاعات الرأي خلال المرحلة الأخيرة 36 في المئة من الأصوات إلى حزب "التجمع الوطني" (بما في ذلك الأحزاب الصغيرة الحليفة له)، والجبهة الشعبية الجديدة 29 في المئة، وحزب ماكرون الوسطي 19.5 في المئة.

ودينت تعليقات الرئيس حول الحرب الأهلية من داخل الطبقة السياسية ومن خارجها بشدة باعتبارها مفرطة، لكن التصريحات تعمل على تركيز العقول على حقيقة أن العناصر البغيضة لا تزال كامنة في صفوف المتطرفين السياسيين الحزبيين.

وذكّر تحقيق مطول في "لو موند" القراء بأن حزب "التجمع الوطني" رشح أو أعاد ترشيح مجموعة حقيقية من المرشحين الذين لديهم "مصالح وثيقة" بفرنسا، نظام فيشي العميل، ومن بين عدديهم المتنوع ثمة مناهضون للتلقيح ومنظّرون للمؤامرات ومدافعون عن روسيا بوتين، وسمتهم الصحيفة جميعاً.

مثلاً، قضى رجل منهم حكماً بالسجن عاماً بسبب "عنف مسلح" ارتكبه أثناء وضع ملصقات عام 2000، وكان قد أسس سابقاً مكتبة متخصصة في الأدب اليميني المتشدد، ورُشحت امرأة في صفوفهم في دائرة باريس الـ 10 "على رغم مخاوف بارزة سابقة حول استخدامها شعارات معادية للسامية"، وكذلك سُحب ترشيح رجل آخر منهم في اللحظة الأخيرة بعد اكتشاف أنه نشر رسالة على "إكس" عام 2018 (حُذفت لاحقاً) تفيد بالتالي: "الغاز حقق العدالة لضحايا المحرقة".

وقال أستاذ علم الجريمة ألان بوير إن نوعاً جديداً (أو متجدداً) من الاضطرابات لا يمكن استبعاده بسبب ما سماه "جوَّ الغضب" الذي يتصاعد تدريجياً في فرنسا، وشملت عادة أعمال الشغب الأخيرة ثلاث أو أربع ليال من العنف ثم النهب.

وإذ تظهر نظرة خاطفة في وسائل التواصل الاجتماعي أن قطاعات من اليسار الراديكالي "ستطلق مقاومة" إذا خرج حزب "التجمع الوطني" منتصراً، فيمكننا أن نبدأ في رؤية نوع العنف المستمر والمنظم الذي يحدث حالياً في إقليم كاليدونيا الجديدة الفرنسي البعيد يتكرر في فرنسا، يا للمفاجأة.

لماذا يحدث هذا كله؟ لماذا يدعو ماكرون الشعبوية لتطرق باب فرنسا بعد الفوضى (إذا اخترنا عبارة ملطفة) التي تسبب بها "بريكست"، ومع إمكان عودة ترمب مرة أخرى للبيت الأبيض، ومع استعار حرب في أوكرانيا، ومع الاقتراب السريع لموعد دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس؟

قال ماكرون إن شيئاً ما يجب القيام به بعد انتخابات الأوروبية وإلا فإنه سيتعرض للانتقاد على أنه غير مبال بنتائجها، ويتلخص هذا الشيء في انتخابات برلمانية.

لكن بأي ثمن؟ البرلمان المعلق هو النتيجة الأكثر ترجيحاً في السابع من يوليو الجاري، وسيحل محل البرلمان المعلق الحالي، لذلك بمعنى ما سيضيف برلمان كهذا ببساطة إلى الضيق السياسي الصاخب الحالي، وسيتمثل الاستثناء، الاستثناء الكبير، في وجود عدد من النواب اليمينيين المتطرفين في مجلس النواب بغالبية أو من دونها، أكبر من أي وقت مضى منذ عام 1940.

ريتشارد أوجييه، صحافي ومستشار مقيم في ستراسبورغ

© The Independent

المزيد من دوليات