Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تلبي الحكومة الجديدة تطلعات المصريين؟

السيسي يعين وزيراً جديداً للدفاع وحكومة مدبولي الثانية تتضمن تغيير 23 حقيبة على رأسها المجموعة الاقتصادية والخارجية والبترول وترقب لتعديل السياسات بحثاً عن تجاوز الأزمة الاقتصادية

ملخص

شهدت الحكومة الجديدة، وهي الرابعة في عهد الرئيس السيسي الذي يحكم البلاد منذ 2014، تغيرات واسعة شملت 23 حقيبة وزارية من أصل 31 حقيبة، على رأسها وزارتا الدفاع والخارجية ووزراء المجموعة الاقتصادية، إضافة إلى وزراء الكهرباء والتموين والأوقاف والعدل والإسكان والسياحة والزراعة والإنتاج الحربي فضلاً عن تعيين نائبين لرئيس الوزراء وتضمين نحو 23 نائباً للوزراء بين صفوف التشكيلة الجديدة.

بعد نحو شهر من إعادة تكليف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي تشكيل الحكومة، أدى أعضاء حكومته الجديدة اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء في يوم حمل إشارة رمزية، إذ الذكرى الـ11 لإطاحة نظام الإخوان المسلمين المصنفة "إرهابياً"، والرئيس المنتمي إليهم محمد مرسي من السلطة في اليوم نفسه من عام 2013.

وشهدت الحكومة الجديدة، وهي الرابعة في عهد الرئيس السيسي الذي يحكم البلاد منذ 2014، تغيرات واسعة شملت 23 حقيبة وزارية من أصل 31 حقيبة، على رأسها وزارتا الدفاع والخارجية ووزراء المجموعة الاقتصادية (المالية والبترول والاستثمار والتجارة الخارجية والتخطيط والتنمية الاقتصادية)، إضافة إلى وزراء الكهرباء والتموين والأوقاف والعدل والإسكان والسياحة والزراعة والإنتاج الحربي فضلاً عن تعيين نائبين لرئيس الوزراء وتضمين نحو 23 نائباً للوزراء بين صفوف التشكيلة الجديدة فيما أبقى مدبولي على وزراء الداخلية والصحة والنقل والتعليم العالي والبيئة.

ويأتي تشكيل الحكومة الجديدة الذي استبعد فيه 20 وزيراً واستمرار ثمانية وزراء، في وقت لا تزال تواجه البلاد تحديات أمنية على رأسها الحرب في قطاع غزة، إضافة إلى أزمات اقتصادية واجتماعية عير مسبوقة أسفرت عن موجات متتالية من ارتفاع الأسعار وانهيار سعر صرف العملة المحلية وتصاعد نسب التضخم وزيادة حجم الديون الخارجية والداخلية وانقطاع متواصل للكهرباء تسبب في إحباط لدى المصريين، وأدى إلى إغلاق بعض المصانع مما يؤشر إلى صعوبة التحديات أمامها.

وكان السيسي في تكليفه لرئيس الوزراء تشكيل الحكومة قد شدد على أن تكون "من ذوي الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة لتعمل على تحقيق عدد من الأهداف على رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ومواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية وتشجيع نمو القطاع الخاص".

أبرز التغييرات الجديدة

بصورة منفصلة وقبيل أداء الحكومة الجديدة لليمين الدستورية، نقلت وسائل الإعلام المصرية القريبة من الدولة بياناً للرئيس عبدالفتاح السيسي، تضمن تعيين اللواء عبدالمجيد صقر وزيراً للدفاع خلفاً للفريق أول محمد زكي مع ترقية صقر إلى رتبة فريق أول.

وشغل صقر (62 سنة) وهو ثالث وزير دفاع في عهد السيسي بعد كل من الفريق أول صدقي صبحي (2014 - 2018) والفريق أول محمد زكي (2018 - 2024)، قبل أن يتولى منصبه الجديد، منصب محافظ السويس في عام 2018 ومساعداً لوزير الدفاع، وقبلها رئيس إدارة الشرطة العسكرية.

وفي الأثناء شملت التغيرات التي تضمنتها حكومة مصطفى مدبولي الثانية، تعيين نائبين لرئيس الوزراء هما كامل الوزير وزير النقل نائباً لشؤون الصناعة، وخالد عبدالغفار وزير الصحة نائباً لشؤون التنمية البشرية.

وجاءت أبرز الأسماء المنضمة إلى الحكومة السفير بدر عبدالعاطي وزيراً للخارجية مع ضم الهجرة إليها خلفاً لسامح شكري، وذلك بعد أن كان يشغل منصب سفير مصر لدى بلجيكا وسفير القاهرة لدى الاتحاد الأوروبي وقبلها مساعد الوزير للشؤون الأوروبية.

كذلك أسندت حقيبة المالية لأحمد كوجك خلفاً لمحمد معيط وذلك بعد أن كان يشغل منصب نائب الوزير للسياسات المالية. وحقيبة التموين لشريف فاروق رئيس الهيئة القومية للبريد خلفاً لعلي المصيلحي، والإسكان لشريف الشربيني خلفاً لعاصم الجزار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بينما تولى كريم بدوي منصب وزير البترول خلفاً لطارق الملا، ومحمود عصمت وزيراً للكهرباء خلفاً لمحمد شاكر، فيما ستقود رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي في الحكومة السابقة وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.

كما تولى حسن الخطيب عضو مجلس إدارة البنك المركزي وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، وحل شريف فتحي في وزارة السياحة خلفاً لأحمد عيسى، وجاء أسامة الأزهري أيضاً في وزارة الأوقاف خلفاً لمحمد مختار جمعة، فيما أبقى مدبولي على وزراء الداخلية والبيئة والصحة والنقل والاتصالات والتعليم العالي في مناصبهم.

وعلى رغم أن الوزراء في مصر يتمتعون بصورة عامة بسلطة محدودة في اتخاذ القرار، إذ تقع السلطة الحقيقية في يد مؤسسة الرئاسة والأجهزة العسكرية والأمنية، فإن الحكومة الجديدة ينتظرها تحديات منها الحرب في قطاع غزة، والمشكلات الاقتصادية، وانقطاع متواصل للكهرباء تسبب في إحباط لدى المصريين وأدى إلى إغلاق بعض المصانع.

ولمواجهة ذلك، قال الرئيس السيسي في كلمته في ذكرى ثورة الـ30 من يونيو قبل أيام، إنه "يعلم بصورة كاملة حجم المعاناة التي يواجهها كل مصري يتحمل مشاق الحياة وارتفاع الأسعار"، وإن "تخفيف معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار سيكون الأولوية القصوى للحكومة الجديدة". مشدداً على أن "شغله الشاغل تخفيف تلك المعاناة، وإيجاد مزيد من فرص العمل، وبناء مستقبل أفضل".

هل تلبي طموحات المصريين؟

بين تفاؤل وحذر تنقسم النخبة في مصر، وحتى الرأي العام حول مدى قدرة الحكومة الجديدة على حلحلة الأزمات المعيشية الخانقة التي تفاقمت حدتها في الأعوام الأخيرة. مشيرين إلى أن التحدي الأبرز في الفترة المقبلة يكمن في الجانب الاقتصادي، بعد أن شهدت البلاد أزمة خانقة قادت إلى فقدان العملة المحلية لأكثر من نصف قيمتها، بعد أربعة تخفيضات متتالية لها من العام الماضي، فضلاً عن ارتفاع نسب التضخم إلى مستويات قياسية في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية، إضافة إلى زيادة الديون الخارجية لأكثر من ثلاثة أضعاف في العقد الأخير لتبلغ 164.7 مليار دولار، مما يستدعي حلولاً جذرية مختلفة عن تلك المتبعة على مدى أعوام الحكم الـ10 الماضية.

يقول "أحمد. ع" شاب ثلاثيني يعمل في قطاع الصيرفة، "على الحكومة الجديدة سرعة إيجاد حلول جذرية وسريعة للتحديات التي تشغل بال غالبية المواطنين". موضحاً في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "لا يمكن الحكم عليها من خلال تغيير الأسماء، يواجه الشارع المصري أزمات تؤرقه بشكل يومي وعلى رأسها الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وارتفاع أسعار السلع والخدمات، فضلاً عن تدهور خدمات الصحة والتعليم وغيرها".

ويتابع أحمد "على الحكومة الجديدة تقديم رؤيتها بصورة سريعة لكيفية معالجة التحديات والأزمات التي تؤرق الشارع المصري، مما نعانيه بصورة مستمرة مع الوزراء والحكومات بصورة عامة أن تعمل بلا رؤية واضحة وشفافة للشعب، وتترك الأزمات للتعمق من دون محاولة معالجتها في بدايتها"، مضيفاً "وجود برنامج ورؤية واضحة للحكومة يدفعنا لمحاسبتها ومراقبتها وفق وعودها وتعهداتها وكذلك الإشادة بالخطوات الجادة والناجحة التي تخطوها".

وبنبرة أكثر تشاؤماً تقول "ن. خالد"، شابة مصرية تخرجت في الجامعة قبل نحو أربعة أعوام من دون أن تجد فرصة عمل إلى الآن، "لن أطلب من الحكومة الجديدة أن تبحث لي عن فرصة عمل التي ألاحقها منذ أكثر من أربعة أعوام من دون أن أجدها بعد، لكن فقط أناشدها أن تفسح المجال للقطاع الخاص للعمل بصورة فعالة وجاد وعدم مزاحمته من أجل حل مشكلات البطالة وتوفير فرص للعمل للشباب".

وبحسب خالد، "فإن الأزمات الاقتصادية التي تعانيها مصر ضيقت الخناق على طموحات الشباب في مستقبل أفضل"، مشيرة إلى أن "علاج الأزمة الاقتصادية بصورة عاجلة وتقدم رؤى لتجاوزها بصورة مستديمة يبقى الاختبار الأهم لحكومة مدبولي الثانية".

وانطلاقاً من أولوية التحدي الاقتصادي، يجمع المراقبون ممن تحدثوا إلينا على مصيريته بالنسبة لمستقبل الحكومة الجديدة، إذ يقول مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشوبكي "رغم وجود أسماء بين المنضمين الجدد للحكومة لها تاريخ واحترام في الشارع المصري لكن يبقى التحدي الأكبر في تغيير السياسات لا الأسماء لمواجهة التحدي المتعلق بالاقتصاد".

وبحسب الشوبكي، "فإن المشكلة التي تواجهها مصر في الوقت الراهن في إدارة الملف الاقتصادي، وأن يكون هناك مجموعة من الاقتصاديين الحقيقيين قادرين على طرح بدائل للسياسات التي طبقت في الأعوام الماضية، وأن يكون هناك إقرار بأن السياسات الماضية قادت إلى الأزمات التي نعانيها الآن من غلاء للأسعار ونسب تضخم مرتفعة وهرب رأس المال الأجنبي وتراجع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني وغيرها".

ويتابع الشوبكي، "أن تتحول مصر إلى مناخ جاذب للاستثمار الأجنبي وتشجيع السوق الحرة والقطاع الخاص كلها قضايا لن تحل بتغيير الأسماء، إنما بوجود إرادة سياسية لتطبيقيها والمضي قدماً فيها"، مشيراً إلى أن معظم الاقتصاديين في مصر "يطالبون بتغيير كل السياسات التي طبقت خلال الأعوام الماضية ومراجعتها لتصحيح المسار".

بدوره يقول النائب طارق رضوان عن عضو حزب مستقبل وطن (موالي) ورئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، "التعديل الوزاري يشمل مجموعة واسعة من الأهداف التي تركز على مختلف جوانب التنمية والاستقرار الوطنيين. تشمل هذه الأهداف حماية الأمن القومي المصري، والتنمية الاقتصادية من خلال النمو الصناعي والزراعي لزيادة الصادرات، وجذب الاستثمارات الأجنبية، والتنمية المستدامة، وخلق رؤية واستراتيجية للتنمية الثقافية مع الحفاظ على الهوية المصرية، وضمان التنسيق الكامل بين السلطات لتنفيذ نتائج الحوار الوطني، وتعزيز التعاون بين السلطة التنفيذية والقطاع الخاص".

ويذكر رضوان، "التغيير الوزاري يعتمد بصورة مباشرة على مدى فعالية الحكومة في مواجهة التحديات والاستفادة من فرص النمو والتنمية. سيكون بناء مؤسسات قوية، وتعزيز الحكم الرشيد، وإشراك جميع أصحاب المصلحة في عملية صنع القرار أمر أساسي لتعزيز التنمية المستدامة والتماسك الاجتماعي في مصر". مشيراً إلى أنه "تاريخياً واجهت مصر عديداً من التحديات في تحقيق هذه الأهداف. شهدت البلاد عدم استقرار سياسي بسبب الأوضاع الأمنية والتحديات الإقليمية والعالمية، التي أثرت بالسلب على مستوى التنمية الاقتصادية. ومع ذلك، أظهرت مصر أيضاً المرونة والتصميم في التغلب على هذه التحديات والتحرك نحو تحقيق أهدافها الإنمائية".

وأوضح رضوان أن أحد الجوانب الرئيسة التي سيتطلع لها مجلس النواب في بيان رئيس الوزراء مدبولي المرتقب في شأن عرض برنامج حكومته "هي توفير وتحديد أجندة الحكومة وأولوياتها خلال الفترة المقبل مع توفير محددات ورؤية واستراتيجية السياسات الرئيسة والخطط الاقتصادية والبرامج الاجتماعية التي ستفيد المواطن وتنعكس بالإيجاب علي تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وتلبي حاجات الشعب".

وبعد أداء اليمين الدستورية من المقرر أن تتقدم حكومة مدبولي الجديدة "ببرنامج الحكومة" لمجلس النواب خلال 20 يوماً من تاريخ تشكيلها، أو في أول اجتماع لها، إذا كان غير قائم، على أن تعمل اللجان الخاصة المكلفة دراسة بيان الحكومة خلال 10 أيام، من أجل حصول الحكومة على ثقة غالبية أعضاء المجلس في غضون 30 يوماً على الأكثر من تاريخ تقديم برنامج الحكومة. ويأتي نص اللائحة مكملاً للمادة 146 من الدستور، التي تنص على "نيل الحكومة ثقة البرلمان خلال 30 يوماً على الأكثر".

وكان السيسي قد كلف مدبولي في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي، تشكيل الحكومة الجديدة. وشكل مصطفى مدبولي (58 سنة) الذي كان وزيراً للإسكان الحكومة للمرة الأولى عام 2018 خلفاً لحكومة شريف إسماعيل الذي تعرض لأزمة صحية لأعوام قبل وفاته عام 2023. ويعد مدبولي ثالث رئيس للوزراء في عهد السيسي الذي يحكم البلاد منذ 2014، بعد إبراهيم محلب وشريف إسماعيل، ومنذ توليه رئاسة الحكومة أجرى أربعة تعديلات وزارية على حكومته، كان آخرها في 2022، وشملت 13 حقيبة وزارية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي