Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تضاءلت أهمية باكستان في كشمير الهندية؟

يتجنب أبناء الإقليم الإشارة إلى إسلام آباد خشية "سياسة الجرافات" المطبقة من نيودلهي

لم يتمتع سكان إقليم كشمير بالهدوء والاستقرار على مدى سبعة عقود (أ ف ب)

ملخص

بدأت أزمة كشمير الحديثة فور تقسيم شبه القارة الهندية إبان رحيل المستعمر البريطاني، إذ حاولت الهند ضم الإقليم باستخدام القوة بينما وقعت باكستان في أخطاء استراتيجية، إلا أن سكان الإقليم لم يتوقفوا عن التقدم والبحث عن الأفضل.

أعاد قائد الجيش الباكستاني عاصم منير تأكيد عزم بلاده استمرار دعم حق الكشميريين في تقرير مصيرهم، معلناً تضامنه معهم خلال أدائه صلاة عيد الأضحى الماضي قبالة الحدود الهندية، لكن تلك التصريحات لم تلق ترحيباً من سكان الإقليم الخاضع لإدارة نيودلهي.

تواصلت "اندبندنت أوردو" مع مختلف طبقات المجتمع الكشميري والأحزاب السياسية لمعرفة رد فعلهم على تصريحات قائد الجيش الباكستاني، إلا أن الجميع تحاشوا التعليق عليها لأسباب عدة تتعلق بسياسة إسلام آباد والبيئة السياسية التي تعيشها كشمير الهندية.

أحد الأسباب الواضحة خلف عدم اكتراث سكان كشمير بتصريحات منير هو غضبهم حيال تعامل الجيش الباكستاني المجحف مع رئيس الوزراء السابق عمران خان الذي يتمتع بشعبية كبيرة في الإقليم في ظل مواقفه الداعمة لهم على المنابر الدولية، إلى جانب التغييرات المستمرة في سياسة إسلام آباد حيال الإقليم.

أما السبب الآخر فهو أن معظم الناس في كشمير لا يتجرأون على ذكر اسم باكستان بسبب حال الخوف السائدة في المنطقة بعد إنهاء الوضع الخاص للإقليم، إذ يخشى المدنيون من "سياسة الجرافات" (إشارة إلى سياسة هدم بيوت المعارضين) التي ينتهجها حزب بهاراتيا غاناتا الحاكم في مختلف ولايات الهند.

ففي السابق كان معظم الكشميريين ينظمون مسيرات ومواكب كبيرة من أجل استقلال الإقليم أو ضمه إلى باكستان، لكنهم اليوم يخشون من مجرد ذكر اسم البلد وبعضهم يتسابقون حتى لإثبات انتمائهم للهند.

ويتساءل معظم شرائح المجتمع الكشميري أحياناً بنبرة خافتة، ما الذي حققته باكستان من خلال وضع السلاح في أيدي الكشميريين؟ وهل تقبلت الهند أولئك الذين يحاولون إثبات انتمائهم لنيودلهي؟

يقول أحد القادة البارزين في المؤتمر الوطني (حزب محلي في كشمير الهندية) معلقاً على محاولة دمج الكشميريين أنفسهم في التيار الوطني، "لو كانت الدولة الهندية ترانا جزءاً من التيار الوطني لما اعتقل قادة جماعاتنا والوزراء السابقين للإقليم، الحقيقة أن نيودلهي لا تثق فينا بتاتاً".

ويضيف زعيم المؤتمر الوطني أن نيودلهي ليست مستعدة لقبول كشمير كولاية هندية حتى بعد مرور 70 عاماً على الاستقلال وضمها إلى الهند، موضحاً أن هناك مقياساً مختلفاً للكشميريين لإثبات انتمائهم للدولة.

كفاح مستمر

بدأت أزمة كشمير الحديثة فور تقسيم شبه القارة الهندية إبان رحيل المستعمر البريطاني، إذ حاولت الهند ضم الإقليم باستخدام القوة بينما وقعت باكستان في أخطاء استراتيجية، إلا أن سكان الإقليم لم يتوقفوا عن التقدم والبحث عن الأفضل.

يرى معظم المؤرخين وعلماء السياسة ومنهم والتر لورانس، أن الكشميريين يتمتعون بصلابة وقوة تحمل منفردة للقمع، إذ كان سكان هذا الإقليم ضحايا لوحشية المغول والأفغان والسيخ والدوغار على مدى سبعة قرون لكنهم أثبتوا أنفسهم في كل مرة واستطاعوا المضي قدماً كأمة متقدمة على رغم المصائب والعوائق.

ولعل ما حدث في السنوات الـ70 الماضية لم يكن مختلفاً، إذ نادراً ما شهدت المنطقة فترة هدوء واستقرار، بينما حولت الهند قضية كشمير في ظل مطالبات بالحرية في أربعينيات القرن الماضي إلى قضية داخلية بمنح استقلال داخلي لكشمير، ثم ألغت الوضع الخاص للإقليم بعد سبعة عقود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل تراجعت باكستان عملياً عن موقفها بأن كشمير مسألة دولية ومنطقة متنازع عليها وبدت ضعيفة أمام مناورات الهند السياسية، حتى وصل بها الحال إلى أنها لم تستطع فعل أي شيء عندما ألغت نيودلهي الوضع الخاص للإقليم قبل خمسة أعوام سوى إطلاق بيانات وتصريحات فارغة التي لم ينتبه لها المجتمع الدولي، لذا لا غرابة اليوم بأن سكان كشمير أنفسهم لا يأبهون بما يقوله قائد الجيش الباكستاني، بحسب السياسيين أنفسهم.

في هذه الخلفية استغل جزء كبير من وسائل الإعلام الهندية الفرصة للترويج بأن كشمير الهندية التي كان يحتفل أهلها بيوم الاستقلال الباكستاني وبفوز منتخبها في لعبة الكريكيت لم تعد تذكر حتى اسم باكستان، وأن الشعارات المؤيدة لإسلام آباد أصبحت جزءاً من الماضي.

ويؤكد ذلك الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الهندية أمارجيت سينغ دولات الذي يقول خلال حديثه أخيراً للإعلام إن سكان كشمير تناسوا أمر باكستان بعد إلغاء الحكم الذاتي للإقليم عام 2019، وأضاف "أمر باكستان انتهى في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية".

وعلى رغم انتشار هذه الرواية وترويجها في وسائل الإعلام التقليدية والحديثة إلا أن الناشط الاجتماعي سجاد راتهر يرى أن المشكلة ليست في ضم الكشميريين أنفسهم للهند وابتعادهم من باكستان، بل في أن الوطنيين "الهندوتفا" لا يكتفون بانضمام الكشميريين للهند، إنما يريدون منهم أن يتبنوا الفكر القومي الهندي.

البانديت والمسلمين

يدرك معظم سكان كشمير الهندية من البانديت الهندوس والمسلمين السياسات الخارجية لكل من الهند وباكستان وطرق استغلالهم قضية كشمير من أجل مصالحهم القومية، ويتهم الحزب الحاكم في الهند باستغلال قضية البانديت في الانتخابات، بينما تتهم باكستان بتسليح بعض فئات المسلمين، وربما حان الوقت بأن يتصافح البانديت والمسلمون في كشمير لمصلحة الإقليم على رغم التباينات السياسية بين الفئتين.

كان مسلمو كشمير الهندية ينقسمون بين مؤيدين للهند وداعمين لباكستان ومطالبين بالاستقلال، لكن القسم الأخير جرى تغييبه، بينما انتهت السياسة الداعمة لباكستان ولم يبق في كشمير إلا مؤيدين للاندماج في التيار الوطني الهندي.

ويكمن التحدي أمام هؤلاء في استعادة الثقة مع البانديت وفئات المجتمع الكشميري كافة، لا سيما بعد مغادرة نحو 150 ألف كشميري من البانديت الإقليم بسبب أعمال العنف في التسعينيات التي يقول عدد من المسلمين إنهم كانوا موالين للهند، وكان عليهم قتال المسلحين بدلاً من الفرار، بينما يرى البانديت أن المسلمين لم يدافعوا عنهم ضد المسلحين.

تحاول كلتا الفئتين استعادة الثقة في بعضهما بعضاً على رغم ردود الفعل العنيفة في مساحات وسائل التواصل الاجتماعي، وفي ظل حرب إعلامية شرسة يصعب خلالها التفريق بين الحقيقة والبروباغندا، وما إذا كان الكشميريون تخلوا عن فكرة الاستقلال والانضمام لباكستان حقاً أو أنها مجرد رواية تروج في بيئة مليئة بالمخاوف لمسلمي الإقليم.

نقلاً عن "اندبندنت أوردو"

المزيد من تقارير