Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اختتام حملة الانتخابات التشريعية في فرنسا وسط غموض سياسي تام

انقسام وشرذمة كبيرة في بلد يعتبر واحداً من ركائز الاتحاد الأوروبي بعد سبع سنوات من رئاسة ماكرون

تظاهرة ضد اليمين المتطرف في فرنسا، 10 يونيو 2024 (أ ف ب)

ملخص

الخوف من قيام حكومة برئاسة اليمين المتطرف، مما سيشكل سابقة في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، حمل بعد مفاوضات شاقة على تشكيل "جبهة جمهورية" جديدة، مع انسحاب نحو 200 مرشح من اليمين ويمين الوسط واليسار لقطع الطريق أمام مرشحي التجمع الوطني في الدورة الثانية.

اختتمت فرنسا الجمعة حملة انتخابية سادها توتر شديد، قبل يومين من انتخابات تشريعية تاريخية تخرج منها البلاد إما تحت سيطرة اليمين المتطرف وإما غارقة في حالة من البلبلة السياسية غير المسبوقة.

انتهت الحملة الانتخابية رسمياً في منتصف الليل (الجمعة الساعة 22:00 ت غ)، وسط حالة انقسام وشرذمة كبيرة في بلد يعتبر واحداً من ركائز الاتحاد الأوروبي، بعد سبع سنوات من رئاسة إيمانويل ماكرون.

وتحدث رئيس الوزراء المنتهية ولايته غابريال أتال الجمعة عن احتمال حصول عرقلة سياسية، مؤكداً أن بإمكان حكومته ضمان استمرارية الدولة "للوقت اللازم" إذا لم تنبثق غالبية واضحة عن صناديق الاقتراع.

فقد تنتهي الانتخابات وتصدر النتائج من غير أن يعرف من سيحكم فرنسا، وذلك قبل شهر من دورة باريس للألعاب الأولمبية التي تجري بين الـ26 من يوليو (تموز) والـ11 من أغسطس (آب).

مشروع كارثي

وحذر أتال مساء الجمعة، على قناة "فرنسا 2" العامة من أن "الخطر اليوم يتمثل في غالبية يهيمن عليها اليمين المتطرف، وهذا سيكون مشروعاً كارثياً".

ومنذ قرار الرئيس المفاجئ حل الجمعية الوطنية بعد فشل معسكره في الانتخابات الأوروبية في التاسع من يونيو (حزيران)، أكدت التطورات التي تعيد تشكيل المشهد السياسي الفرنسي صعود حزب التجمع الوطني الذي يأمل في الوصول إلى السلطة الأسبوع المقبل.

 

غير أن الخوف من قيام حكومة برئاسة اليمين المتطرف، مما سيشكل سابقة في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، حمل بعد مفاوضات شاقة على تشكيل "جبهة جمهورية" جديدة، مع انسحاب نحو 200 مرشح من اليمين ويمين الوسط واليسار لقطع الطريق أمام مرشحي التجمع الوطني في الدورة الثانية.

ونددت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن بتشكيل "حزب واحد" يجمع "الذين يريدون البقاء في السلطة على رغم إرادة الشعب".

عوامل مجهولة

تبقى هناك عوامل مجهولة بالدورة الثانية، وفي طليعتها نسبة المقاطعة. وأوضحت مديرة الأبحاث في مركز البحث السياسي بجامعة العلوم السياسية (سيانس بو) جانين موسوز لافو أنه "مع انسحاب (مرشحين)، خرج من السباق المرشح أو المرشحة الذي أو التي كان الناخبون ينوون التصويت له أو لها". وتابعت أن بعضهم "سيقول لا، في مثل هذه الظروف، لم يعد الأمر ممكناً".

وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "إيفوب" ونشرت نتائجه الخميس أن التجمع الوطني وحلفاءه سيحصلون الأحد على 210 إلى 240 مقعداً، بفارق كبير عن الغالبية المطلقة البالغة 289 مقعداً.

وسيحل تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" في المرتبة الثانية، يليه المعسكر الماكروني ثم اليمين الجمهوري، إنما من دون غالبية واضحة.

وأعلن رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا (28 سنة) الطامح لتولي رئاسة الحكومة مساء الخميس "إما يحصل التجمع الوطني على غالبية مطلقة ويصبح بإمكاني منذ الأحد الشروع في مشروع النهوض الذي أحمله أو تدخل البلاد في حالة شلل".

الجبهة الرافضة

وتجمع الجبهة الرافضة للتجمع الوطني أحزاباً وسياسيين من توجهات مختلفة تماماً تشمل قسماً كبيراً من العالم السياسي، وكذلك من النقابات وحتى الرياضيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد قائد المنتخب الفرنسي لكرة القدم كيليان مبابي الخميس على أنه "من الملح جداً" التصويت في الجولة الثانية بعد النتائج "الكارثية" للجولة الأولى، من دون أن يسمي صراحة التجمع الوطني.

وأضاف متحدثاً من هامبورغ عشية لقاء فرنسا مع البرتغال في الدور ربع النهائي لكأس أوروبا المقامة في ألمانيا "أعتقد أننا في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الخروج والتصويت، لا يمكننا أن نترك بلادنا في أيدي هؤلاء الناس".

لكن هل يستجيب الناخبون لهذه الدعوات؟ ترفض لويز (23 سنة) الاختيار ما بين حزب "أوريزون" الوسطي والتجمع الوطني في دائرتها في مقاطعة القنال الإنجليزي (شمال غرب)، بعد أن صوتت لصالح "لوت أوفريار" (الكفاح العمالي اليساري) في الدورة الأولى.

وقالت إنها "ندمت كثيراً" على تصويتها لماكرون ضد مارين لوبن في الانتخابات الرئاسية عام 2022، مؤكدة "لست واثقة من أنني أعرف أحداً سيصوت لصالح حزبه".

وهذا الانقسام الجوهري قاد إلى حملة انتخابية عنيفة شهدت تعديات جسدية على ناشطين وتهديدات شفهية وتصفية حسابات سياسية وخطاباً عنصرياً صريحاً. وأعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان أن "51 مرشحاً أو مساعداً أو ناشطاً" تعرضوا لـ"تعديات جسدية" خلال الأيام الأخيرة.

تهديد بحلق الرأس

وفي آخر حادثة من نوعها، قدم رئيس بلدية بلدة بشمال فرنسا شكوى بعد أن شتمه ناشطون كانوا يعلقون ملصقات، على ما أفاد مكتبه.

وأوضح المكتب أنهم "قالوا له إن عليه الاستعداد، لأنهم سيعودون لحلق رأسه"، بصفته "متعاوناً"، وبذلك كانوا يشيرون إلى النساء اللاتي تم حلق رؤوسهن بعد تحرير فرنسا عام 1945 لمعاقبتهن على إقامة علاقات مع جنود ألمان.

 

وعلى رغم الاستراتيجية التي يعتمدها منذ زمن طويل لتطبيع صورته، عانى التجمع الوطني مواقف وتصريحات عنصرية ومعادية للسامية صدرت عن عدد من مرشحيه، وحاول الحزب التقليل من شأنها متحدثاً عن "هفوات" أو بعض "الخارجين عن النهج".

وعلق غابريال أتال ساخراً "حين يتعلق الأمر بمرشح من أصل ثلاثة لا يكون هناك بعض الخارجين عن النهج فحسب، بل يكون القطيع برمته مريضاً".

وفي مؤشر إلى التوتر المخيم، أعلنت الحكومة تعبئة "30 ألف شرطي ودركي من بينهم 5 آلاف في باريس وضاحيتها" مساء الأحد.

المواقف الدولية

في المواقف الدولية، أكد الرئيس البرازيلي اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أهمية "ضمان الديمقراطية" لمواجهة اليمين المتطرف الذي يأمل الفوز بالانتخابات التشريعية في فرنسا الأحد، ورحب بموقف نجم كرة القدم كيليان مبابي.

وكتب لولا مساء الخميس على موقع "إكس"، "هل سمعتم تصريحات مبابي؟ لقد دعا الشعب الفرنسي إلى عدم السماح للفاشيين والنازيين واليمين المتطرف بحكم فرنسا، لأنه يعرف ما المشكلات عندما يصل المتطرفون إلى السلطة".

من جهته، قال رئيس الوزراء اليوناني السابق ألكسيس تسيبراس خلال مشاركته في طاولة مستديرة في فرنسا الجمعة إن اليمين المتطرف "لديه القدرة على أن يؤدي إلى زعزعة استقرار أوسع نطاقاً لكل من أوروبا ومسار التكامل الأوروبي: نحن بالتالي نواجه خطراً وجودياً".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات