Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحر فخ الشركات الوهمية لاصطياد العراقيين

تحصد مبالغ مالية مقابل عروض مغرية للسياحة داخل وخارج بلاد الرافدين ثم تغلق مكاتبها

يهرب العراقيون من المدن الحارة إلى السياحة الداخلية في كردستان (اندبندنت عربية)

أسهمت التحولات الاقتصادية خلال السنوات القليلة الماضية في ازدياد إقبال العراقيين على السفر، إذ انتعشت السياحة الداخلية والخارجية لبعض الدول المجاورة، لكن كثرة إقبال العراقيين على الزيارات الخارجية أسهمت في انتشار ظاهرة شركات السياحة الوهمية وغير المرخصة التي تختفي بعد عمليات نصب واحتيال على الراغبين في السفر بعد استكمالهم الإجراءات.

ويلجأ بعض العراقيين إلى شركات تسفير غير معروفة لأنها تقدم عروضاً مالية جذابة تكون زهيدة قياساً بالشركات الرصينة، بهدف استقطاب أكبر عدد من الزبائن وسط غياب العقوبات القانونية الرادعة تجاههم.

وسجلت السلطات العراقية خلال السنوات القليلة الماضية المئات من حالات الإبلاغ ضد مكاتب لشركات وهمية في البلاد، وإن اختلفت طرق النصب من شركة إلى أخرى.

حجج واهية

حسن الإبراهيمي، مواطن عراقي يقطن بغداد وقع في فخ شركات السفر والسياحة، يقول "تعرضت في وقت سابق إلى عملية نصب واحتيال من قبل شركة محلية، بعد استقطاعها مبلغاً مالياً مني لقاء تقديم خدمة سياحية في وجهتنا المقبلة، لكنهم لم يقدموا هذه الخدمة ولم يرجعوا المبلغ المالي وتحججوا بحجج واهية هدفها استغلالي".

عملية الاستغلال هذه أجبرت الإبراهيمي على اتخاذ قرار بعدم السفر مستقبلاً مع أي شركة سياحية أخرى خوفاً من التعرض إلى عمليات نصب واحتيال جديدة، مستغرباً في الوقت نفسه من غياب الرقابة على هذه الشركات وسوء الخدمات المقدمة من قبلها. ودعا الجهات المعنية في العراق إلى تشريع قوانين تنظم عمل هذه الشركات وتضمن حقوق المواطنين.

إنهاء ظاهرة النصب والاحتيال

في المقابل كشف عضو لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام بالبرلمان العراقي عارف الحمامي عن أن هيئة السياحة بالتعاون مع وزارة الثقافة والقوات الأمنية تجري بين الحين والآخر عمليات جرد للشركات غير المرخصة والمخالفة، من أجل إنهاء ظاهرة النصب والاحتيال بخاصة في مواسم الأعياد والعطل التي تشهد إقبالاً واسعاً على السفر.

الحمامي قال في تصريح صحافي إن لجنة الثقافة والسياحة حددت مواطن الخلل وأسباب انتشار هذه الشركات، وجرى مخاطبة وزارة الثقافة والجهات المعنية، كاشفاً عن أن الفترة المقبلة سيتم تشديد الإجراءات القانونية ضد المخالفين. وأوضح أن وزارة الداخلية العراقية تلتزم واجبها تجاه المخالفين، مشيراً إلى أن الخلل في تنفيذ العقوبات المخصصة لمثل هذه الجرائم، مع العلم أنها تهدد أمن البلد. وأكد أن هناك حملة كبيرة تستهدف غلق المكاتب المخالفة وغير المرخصة من قبل هيئة السياحة، كما أن هناك متابعة برلمانية للإجراءات الحكومية، إضافة إلى متابعة وتدقيق إجراءات المنح والرفض لرخصة فتح مكاتب السياحة والسفر.

ونبه البرلماني العراقي إلى أن جميع البلدان موجودة فيها هذه الظاهرة، والخير والشر أيضاً موجودان، لكن الفارق في تطبيق القوانين بين هذه الدولة وتلك.

موسم السفر

وتشهد مواسم الأعياد والعطل إقبالاً مكثفاً من قبل العراقيين للسفر سواء لشمال العراق أو دول مجاورة أو إقليمية كإيران وسوريا ولبنان وتركيا وغيرها، إذ تغري الشركات الوهمية المقبلين على السفر ببرامج سياحية منخفضة الكلف، وتستقطع المبالغ منهم وتبلغهم بموعد السفر سواء عن طريق البر أو الجو، ثم تختفي أو تقلص البرنامج السياحي بهدف الاستفادة المالية بأكبر قدر ممكن. ويحال المخالفون على القضاء لتغريمهم 500 ألف دينار عراقي (ما يقارب 350 دولاراً أميركياً) ثم يطلق سراحهم لاحقاً لمزاولة عملهم من جديد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما رئيس نقابة السياحيين العراقية، أستاذ العلوم السياحية في الجامعة المستنصرية محمد عودة العبيدي، فيقول إن الشركات السياحية لها أهمية بالغة وتضم أعداداً كبيرة من الموظفين، خصوصاً في ظل التحولات الاقتصادية التي شهدتها البلاد، مما أتاح للمواطنين التفكير في السفر الداخلي مع الشركات السياحية ضمن نطاق القطاع الخاص. وتابع "أسهمت هذه الشركات في تنظيم كثير من الرحلات الخارجية والداخلية لأبناء العراق لغرض تنشيط الحركة السياحية التي تعود بالفائدة الاقتصادية عليها والاجتماعية للسائحين، ومن باب تقنين عمل هذه الشركات أشارت المادة 12 من قانون هيئة السياحة رقم 14 لسنة 1996 إلى أنه لا يجوز فتح أي مرفق سياحي أو ممارسته نشاطه سواء كان تابعاً للقطاع الاشتراكي أو المختلط أو الخاص إلا بعد الحصول على إجازة من هيئة السياحة وتحدد بتعليمات المرافق الخاضعة للإجازة. ويقصد بالمرفق السياحي لأغراض هذا القانون المطاعم والفنادق والشقق والدور السياحية وشركات ومكاتب وكالات السفر والسياحة والمقاهي السياحية". وأكمل "المادة القانونية حددت الشروط العامة للمرافق السياحية والخاصة بكل فئة من هذه المرافق، وتجدد إجازة المرفق السياحي سنوياً بعد إعادة الكشف الموقعي عليه لضمان استمرار توافر الشروط فيه ومن ثم منحه الإجازة".

أساليب وطرق الاحتيال

يمضي رئيس نقابة السياحيين العراقيين في حديثه بالإشارة إلى أنه في الآونة الأخيرة شهد القطاع السياحي بصورة عامة وسوق الشركات السياحية تحديداً عديداً من الخروق القانونية، المتمثلة في النصب والاحتيال راح ضحيتها عديد من السياح المحليين، إذ جرى الاحتيال عليهم من قبل ضعاف النفوس الذين يدعون بأنهم أصحاب شركات سياحية موجودة على أرض الواقع وتمارس نشاطها وتقيم عديداً من السفرات لمختلف مدن العراق، خصوصاً إلى إقليم كردستان، ثم تنصب على المواطنين عبر إعلانات متعددة وممولة على مواقع التواصل الاجتماعي وبأسعار مغرية جداً تختلف عن مستوى تلك السائدة". ويضيف "تتولى هذه الشركات استئجار محال موقتة تكون مقراً لها، يراجعهم فيها المواطنون، وعند جمع الأموال من المسافرين وإعطائهم موعد ومكان انطلاق الرحلة يختفي العاملون فيها ويغادرون الموقع ويغلقون كل الهواتف والصفحات، لينتقلوا إلى مكان آخر بعيد، لممارسة نشاطهم الاحتيالي مرة أخرى، وهذه واحدة من أهم طرق النصب والاحتيال التي يستخدمها هؤلاء اللصوص".

ويروي أن من بين الطرق الأخرى "استغلال العائلات في الشوارع التجارية والمولات عبر إجراء لقاءات إعلامية معهم للمشاركة الفورية بمسابقة طرح بعض الأسئلة التي تتسم بالسهولة وتكون جائزتها رحلة داخلية منخفضة الكلفة، ويتم تسليم العائلة وصلاً بالمبلغ المتسلم بصورة مباشرة، يحوي اسم وعنوان وهاتف الشركة الوهمية، وعند التواصل معهم يماطلون في تحديد موعد الرحلة بأعذار وهمية، مثل ما زال العدد غير مكتمل أو عدم توافر الباصات حالياً، يليها أيضاً غلق الهواتف وقطع التواصل".

عروض وهمية

من جهته كشف الباحث الاقتصادي بسام رعد عن أنه مع ارتفاع درجات الحرارة في موسم الصيف فإن كثيراً من العراقيين يبحثون عن عروض سياحية بأسعار مقبولة ومتميزة، لكن - مع الأسف - يقع عديد منهم في شراك عروض وهمية لشركات مجهولة وغير مرخصة، وتمتهن عملية سلب أموال المواطنين من خلال هذه العروض الوهمية. وأضاف "من أجل قطع الطريق على هذه الشركات الوهمية ينبغي ترصين التعاون بين المواطنين وهيئة السياحة، وهي الدائرة القطاعية المسؤولة عن إدارة صناعة السياحة ومنح الرخص لشركات السياحة والسفر وإبلاغ الهيئة عن أي شركة مخالفة أو تعمل من دون ترخيص".

كما ينبغي العمل على تخصيص تطبيق إلكتروني تابع لهيئة السياحة يظهر من خلاله موقف الشركة بمجرد كتابة اسم الشركة في التطبيق الرسمي وستظهر معلوماتها وعنوانها وترخيصها.

 

 

وأكد الباحث الاقتصادي أنه يجب إدراك أن صناعة السياحة أصبحت نشاطاً مهماً في خلق فرص العمل، كما أن لها تأثيراً كبيراً في تثقيف المواطنين، وعليه أصبحت في أشد الحاجة إلى تأهيل الممارسين لها بالعلم والخبرة العلمية والتخصص المؤدي إلى ضرورة مواكبة التطورات الطارئة، حتى يكونوا مؤهلين لإدارة تلك الصناعة والمساهمة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية.

طرق المعالجة

وعن طرق المعالجة للقضاء على تلك الممارسات السلبية، كشف العبيدي عن أنه عند تأجير المحال المختلفة للشركات السياحية يجب على مالكيها إخبار الجهات الأمنية في تلك المناطق وتقديم كل المعلومات والوثائق الأصولية للمستأجر بصورة فورية، وقبل البدء بأي نشاط سياحي، وبخلاف ذلك يتعرض صاحب الملك إلى المساءلة القانونية.

وطالب ببث الوعي السياحي للسكان المحليين حول التعامل مع الشركات المعروفة في السوق وعدم التعامل مع الشركات المشبوهة التي تقدم عروضاً غير منطقية، ويكون هذا عملاً مشتركاً من كل الجهات ذات العلاقة الحكومية وغير الحكومية.

ودعا إلى حث هيئة السياحة على بذل جهود أكبر من خلال متابعة عمل جميع الشركات الموجودة في السوق السياحية، مؤكداً أهمية عمل الهيئة بصورة مستمرة على نشر قائمة بأسماء الشركات المجازة رسمياً وعمل التحديث المستمر لها، ومنح إجازات ممارسة المهنة لمن يستحقها بالصورة الفعلية، خصوصاً من أصحاب التخصص السياحي وأصحاب الخبرة في هذا القطاع.

وحث على أن يكون هناك تعاون كبير من قبل القوات الأمنية خصوصاً المتحركة على الأرض وهيئة السياحة، والتعامل السريع مع الشكاوى التي تقدم إلى الهيئة حول الشركات السياحية، فضلاً عن التعاون مع النقابات والجمعيات والروابط المتخصصة في هذا القطاع، من أجل توحيد الجهود لوضع خطط واستراتيجيات من شأنها القضاء على تلك الأعمال الاحتيالية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات