ملخص
اتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات للحيلولة دون زيادة أسعار تلك العقارات، ولا سيما أن بعضها وصل إلى أرقام خيالية تخطت الـ 15 ألف دولار للمتر المربع
يبدو أن أسعار العقارات في العراق، ولا سيما العاصمة بغداد، لن توقفها مكابح الحكومة التي اتخذت سلسلة من الإجراءات للحيلولة دون زيادة أسعار تلك العقارات، حيث وصل بعضها إلى أرقام خيالية تخطت الـ 15 ألف دولار للمتر المربع.
ولعل الذي شجع على زيادة هذه الأسعار هو الطلب المتزايد على العقار والنمو السكاني الذي تشهده العاصمة مع عدم وجود متسع أراض في بغداد، فقبل 13 عاماً تعاقدت الحكومة العراقية مع شركة "هانوا" الكورية لبناء مدينة مكونة من 100 ألف وحدة سكنية في بسماية على بعد 10 كيلومترات جنوب شرقي العاصمة، ويعد أكبر مشروع لتنمية المدن في تاريخ العراق، ويهدف إلى إسكان 600 ألف عراقي ضمن 100 ألف وحدة سكنية، مع توفير الخدمات الأساس من كهرباء وماء وطرقات.
وبالفعل بني حوالى 25 في المئة من تلك الوحدات السكنية التي وزعت على المواطنين بأسعار مقبولة، بيد أن الحكومة خلال تلك المدة الطويلة لم تتعاقد على إنشاء مدن كبيرة إلا قبل أشهر بعد وضع حجر الأساس لبناء مشروع مدينة سكنية جديدة على أطراف بغداد بكلفة تصل إلى ملياري دولار، من قبل شركتين صينيتين عبر تشييد 30 ألف وحدة سكنية.
ويأتي المشروع ضمن خطة لبناء خمس مدن جديدة في أنحاء العراق، ومن المتوقع منح عقود بناء أربع مدن أخرى قريباً مع الإعلان عن 10 لاحقة خلال العام المقبل.
وتأمل الحكومة العراقية من خلال المدن الجديدة في حل أزمة السكن في العراق، ولا سيما في العاصمة التي يسكنها ما يقارب 8 ملايين مواطن، فيما يعيش 846 ألفاً من سكان العاصمة في 1000 تجمع عشوائي، بحسب إحصاءات وزارة التخطيط.
الأسعار ستنخفض
ووفق المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العراقية نبيل الصفار فإن "سوق العقارات خاضعة للعرض والطلب، وبالنظر إلى حاجة البلاد الكبيرة للسكن، وبسبب وجود رؤوس أموال كبيرة تتاجر بالعقارات، فقد أدت كلها إلى ارتفاع الأسعار بشكل ملاحظ".
وأضاف أن آثار انخفاض الأسعار ستظهر بعد أن يستكمل إنشاء المدن السكنية الجديدة التي شرعت الحكومة فيها، كما سيؤدي ضخ آلاف الوحدات السكنية في السوق إلى تراجع الأسعار بشكل تدرجي.
زيادة الطلب
ويرى علي رسول، وهو صاحب مكتب عقارات غرب بغداد، أن بناء المجمعات الجديدة سيسهم في حل جزء من أزمة السكن في العاصمة، وبالتالي انخفاض أسعار العقارات.
ويضيف، "قد نشهد انخفاضاً في أسعار العقارات إذا ما بني عدد كبير من المجمعات السكنية المدعومة من الدولة، فارتفاع الأسعار سببه زيادة الطلب وقلة المعروض".
واعتبر أن "أسعار العقارات وصلت إلى مبالغ جنونية تصل إلى 15 ألف دولار للمتر الواحد وأكثر في بعض مناطق وسط بغداد، وهناك عقارات في غرب وجنوب بغداد تتراوح أسعارها ما بين 1000 و 2500 دولار للمتر، وهي مبالغ كبيرة لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط، وهؤلاء بحاجة إلى دعم الدولة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
البناء العمودي
ويرى رسول أن هناك تقبلاً من البغداديين للبناء العمودي بعد أن كان من الصعب عليهم ذلك، بعد إنشاء المجمعات السكنية في العاصمة بغداد، وخير دليل مجمع بسمايا الذي بات يسكنه كثيرون.
لكن المتخصص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي رجح أن تقلّل الوحدات السكنية التي يجري بناؤها الطلب المتزايد على السكن، إلا أنها لن تخفض الأسعار بشكل كبير.
وأضاف قصي أن "هناك اهتماماً من حكومة محمد شياع السوداني بحل أزمة السكن، وهناك خمس مدن سكنية أُعلن عنها وبدأ تنفيذها، فضلاً عن بعض المشاريع الاستثمارية التي بُدء فيها وقاربت على الانتهاء، وبالتالي فهذه الوحدات السكنية ستلبي الطلب المتزايد على العقار المرتفعة أسعاره، وبخاصة في العاصمة".
وأشار إلى أن "هناك نمواً وطلباً متزايداً على العقار بنسبة ثلاثة في المئة سنوياً، لذلك لا أتوقع أن يكون هناك انخفاض قريب في سوق العقارات، ولكن الأسعار ستنخفض قليلاً أو ستحافظ على مستوياتها السابقة نفسها".
أطراف العاصمة
وأوضح قصي أن 60 في المئة من الشعب العراقي من الشباب ويحتاجون إلى مساكن خاصة، ومن الممكن أن تنخفض أسعار السكن في حال استثمر طريق التنمية المقرر إنشاؤه قريباً من خلال بناء مجمعات سكنية على امتداده، واستدرك قائلاً "لكن الوسيلة الأفضل في المرحلة الحالية هي توفير الخدمات في أطراف العاصمة، إذ إنه من الممكن أن يسحب جزء من الطلب من مركز العاصمة إلى الأطراف، ولكن الأسعار ستبقى متوازنة".
3 ملايين وحدة سكنية
وأكد قصي حاجة العراق إلى 3 ملايين وحدة سكنية لتلبية الطلب على السكن وإلغاء العشوائيات، مشيراً إلى أن "كل مجمع يجري إنشاؤه يتسع لـ100 ألف شخص، ولذلك نحتاج إلى توزيع أراض وتقديم خدمات في تلك المناطق".
ولفت إلى أن "سبب ارتفاع أسعار العقارات هو قلة العرض وكثرة الطلب عليها، إضافة الى الأموال التي ضخت للاستثمار في سوق العقار داخل المناطق المرموقة في بغداد"، وذلك بحسب قصي الذي أشار إلى أن "مبادرة البنك المركزي دعمت شراء العقارات على رغم إسهامها في حل أزمة السكن، ولكن ذلك لم يحد من ارتفاع الأسعار ولذلك يجب تنظيم العلاقة بالقروض وتوجيهها لتكون نحو الأطراف مع خفض كُلف المواد الإنشائية".
وخلص قصي إلى أنه "إذا ما نجحت الحكومة في تسريع وتيرة العمل في مجمع بسماية، مع تكرار العمل في بوابات شرق بغداد وغربها وشمالها، فستزاد الوحدات السكنية ويحل جزء من المشكلة".