Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلى فخامة الرئيس بزشكيان

كيف ينظر جيرانك بالخليج لانتخابك رئيساً للجمهورية الإسلامية في إيران؟

الرئيس الإيراني المنتخب حديثا مسعود بزشكيان (أ ف ب)

ملخص

يرى المتابعون للشأن الإيراني في منطقتنا أن الرئاسة لا تشكل السياسة الخارجية ولا مسائل الدفاع والأمن، فالقرار الأول والأخير فيها يعود للمرشد وليس لغيره.

الجمعة الماضي، انتخب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان خلفاً للرئيس إبراهيم رئيسي الذي قتل بتحطم مروحية الرئاسة مع وزير خارجيته حسين عبداللهيان وآخرين في الـ19 من مايو (أيار).

الرئيس الجديد يصنف ضمن معسكر "الإصلاح والاعتدال السياسي" في إيران، وفاز على منافسه سعيد جليلي الذي يصنف بأنه متشدد ومحافظ.

الرئيس بزشكيان طبيب وجراح قلب وأكاديمي ووزير سابق للصحة ونائب في مجلس الشورى لدورات عدة، أي إنه قريب منذ أعوام طويلة من دوائر الحكم والقرار.

بتصريحاته أثناء الحملات والمناظرات الانتخابية كان يؤكد أهمية الحوار والانفتاح على الجميع، في الداخل والخارج.

 فخامة الرئيس،

سنترك مسألة الداخل جانباً على اعتبار أنها مسألة داخلية بحتة لا شأن لغير الإيرانيين بها، ولنأخذ الجانب الخارجي، تحديداً الأقرب منه لإيران وهو الضفة الأخرى من الخليج الذي نسميه عربياً وتسمونه فارسياً. كيف يرى جيرانك الخليجيون مسألة انتخابكم رئيساً لإيران؟

هناك انطباع شبه شامل في منطقتنا ودولنا الخليجية العربية بأن انتخابكم هو مسألة شكلية "ديكورية" يحاول النظام من خلالها أن يشرعن سطوته وهيمنته الشمولية على الشعوب الإيرانية، وأن الرئيس لا يعدو كونه جزءاً من الصورة المظهرية التي يحاول النظام تسويقها للعالم الخارجي، بينما القرار الحقيقي يبقى في يد المرشد والأجهزة المهيمنة التابعة له، وهي القضاء ومجلس الشورى الإسلامي ومجلس مصلحة تشخيص النظام، والرئاسة، أي رئاستكم وما يتبع لكم من وزارات وهيئات، وأخيراً تتبع للمرشد الأجهزة الأهم وهي القوات المسلحة التي يندرج تحتها الحرس الثوري والشرطة والجيش وأجهزة الأمن والاستخبارات.

ويرى المتابعون للشأن الإيراني في منطقتنا أن الرئاسة لا تشكل السياسة الخارجية ولا مسائل الدفاع والأمن، فالقرار الأول والأخير فيها يعود للمرشد وليس لغيره. ويدللون على ذلك بما تعرض له الرئيس السابق محمد خاتمي من إذلال وتنمر وإسقاط لعمامته أثناء احتجاجات "الثورة الخضراء" عام 2009.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يذكر، يا فخامة الرئيس، أنك كنت وزيراً للصحة في عهد الرئيس خاتمي الذي حاول أن يشب عن طوق المرشد، فكان مصيره كما تعلم. ولن نعود للماضي البعيد وبدايات الثورة وما آلت إليه حال رئيس الوزراء مهدي بازركان أو الرئيس أبو الحسن بني صدر وآخرين.

بل يسوق المتشائمون بيننا مثالاً أكثر حداثة بالرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الذي منعه مجلس تشخيص مصلحة النظام من الترشح أكثر من مرة، كان آخرها الانتخابات الأخيرة التي أوصلتكم إلى الرئاسة لأنه خرج عن طاعة المرشد وانتقد الأجهزة التابعة له.

أما المثال الصارخ على ثنائية الشؤون الخارجية بين الرئاسة والحرس الثوري، فهي بالتسجيل المسرب لوزير الخارجية في عهد الرئيس حسن روحاني محمد جواد ظريف، مهندس الاتفاق النووي 5+1 وأحد مسانديك في حملتك الانتخابية الرئاسية. في ذلك التسريب يتذمر ظريف من تدخلات الحرس الثوري في مسائل الشؤون الخارجية وعرقلة جهود الدبلوماسية الإيرانية كما ترسمها وزارة الخارجية.

ويرى جيرانك الخليجيون العرب أن صلاحيات رئاستكم لا تتعدى مسائل الشؤون الداخلية عموماً مع احتفاظها بواجهة المجاملات الدبلوماسية والتصريحات التوفيقية مع الخارج، وهي تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، ويصدق فيها المثل الشعبي عندنا "حلو لسان، قليل إحسان". فالكلام المعسول لم يوقف التدخلات في منطقتنا العربية بالعراق وسوريا ولبنان واليمن، بل حتى دولنا الخليجية، ونذكّر فخامتكم بخلية العبدلي وخلية التجسس التي زرعها الحرس الثوري في بلدي الكويت.

فخامة الرئيس بزشكيان،

هذا هو الانطباع السائد لدينا في دول ساحل الخليج العربية، وكم أتمنى ألا يكون هذا الانطباع صائباً، وكل ما عليكم فعله لنفي وإزالة هذا الانطباع، إن كنتم ترونه خاطئاً، هو إظهار بوادر حسن نوايا سأدرج لفخامتكم بعضها:

- التوقف عن التدخل في الشؤون العربية وسحب الميليشيات التي تدربونها وتمولونها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

- إعلان الاستعداد لحل كافة المشكلات العالقة بينكم وجيرانكم العرب في الخليج، ومنها الجزر الإماراتية الثلاث وحقل الدرة الكويتي- السعودي المشترك.

- الإعلان والتوقف عن التدخل في الشؤون الخليجية ووقف الخطاب العدائي والطائفي تجاه دول وحكومات الخليج والتخلي عن هذيان "تصدير الثورة".

فخامة الرئيس،

كاتب هذه السطور ممن كانوا ولا يزالون يدعون إلى الحوار والتعاون والتعايش مع إيران بغض النظر عمن يحكمها، ويتمنى لو أن بيننا وإيران جسوراً من التعاون الاقتصادي والسياحي والمالي والسياسي والأمني، شرط أن يقوم هذا التعاون على أسس الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤون الآخرين.

ودمتم.

المزيد من آراء