ملخص
"قنابل البرد الثقيل كانت في صلب الخلافات مع الإدارة الأميركية. لقد منع توريدها لإسرائيل، لكن لاحقاً سمح رئيس الولايات المتحدة بإعادة تسليح تل أبيب بها"
بمئات الأطنان من المتفجرات قصفت إسرائيل منطقة المواصي الإنسانية جنوب قطاع غزة في محاولة منها لتحييد القائد العسكري لحركة "حماس" محمد الضيف وعسكريين بارزين آخرين بالفصيل، لكن هذه القنابل الضخمة تتسبب في تغيير معالم المنطقة الجغرافية بصورة كاملة.
استخدمت إسرائيل في قصف المواصي نحو ثماني قنابل أطلقت ثلاثاً منها على مركز المبنى الذي تعتقد أن قائد "حماس" العسكري يختبئ فيه، والخمسة الباقية وزعت في محيط الموقع الجغرافي، وتسببت هذه الصواريخ في مقتل وجرح ما يزيد على 390 فلسطينياً.
ثلاثة أنواع من القنابل
صنف استهداف المواصي بأنه "مجزرة إنسانية" وأبشع حادثة منذ اندلاع الحرب بين "حماس" وإسرائيل، وفي غضون ثوانٍ معدودة سقط أضخم عدد من الضحايا والدمار الذي طاول المنطقة جغرافياً، وكان كبيراً جداً، وهذا يفتح الباب للتساؤل عن نوعية القنابل الضخمة التي استخدمتها إسرائيل لمحاولة قتل محمد الضيف.
يفيد المتخصصون في الشأن العسكري بأن سلاح الجو الإسرائيلي استهدف منطقة المواصي بواسطة ثلاثة أنواع من الصواريخ، النوع الأول "أم القنابل الأميركية"، والنوع الثاني قنابل "المطرقة"، ويسمى النوع الثالث "قنابل البرد الثقيل".
ويقول المتخصص في الشأن العسكري سعيد فنونة "قام عدد من الطائرات المقاتلة بحملة قصف واسعة النطاق على منطقة المواصي أسقطت خلالها نحو 5 آلاف و70 كيلوغراماً من المتفجرات على مساحة لا تزيد على كيلومترين.
وتبرر صحيفة "معاريف" الإسرائيلية ما فعله الجيش الإسرائيلي في منطقة المواصي بأنه نتيجة معلومات استخباراتية وصلت إلى جهاز الأمن العام تفيد بأن قائد أركان "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" وصل إلى مجمع خيام في منطقة المواصي، وكان يختبئ داخل المجمع، فاضطر الجيش إلى القضاء عليه واستخدم مئات الأطنان من المتفجرات.
ثماني قنابل من طراز "جي - دام"
تفيد هيئة البث الرسمية الإسرائيلية "كان" بأن سلاح الجو ألقى ثماني قنابل من طراز "JDAM" على المواصي. ويوضح فنونة أن هذا النوع يتميز بأنه فتاك وموجه بالليزر ويعتمد على تكنولوجيا استشعار متقدمة وذكاء اصطناعي.
وتوصف قنابل "JDAM" بأنها "قنابل ضخمة"، واسمها العلمي "ذخائر الهجوم المباشر المشترك"، وهي قنابل غير موجهة، لكن تثبت عليها حزمة توجيه لتحولها إلى أسلحة ذكية متقدمة. وتتألف "JDAM" من ذيل مزود بأجنحة تحكم هوائية، إضافة إلى جسم مزود بزعانف ووحدة تحكم، وتستخدم نظام GPS المستقل ونظام التوجيه الذاتي لتوجيه القذيفة إلى الهدف المحدد.
ويوضح فنونة أن ذلك يمنحها دقة عالية وفاعلية في تدمير الأهداف واحتمال خطأ يكون ضئيلاً جداً.
"جي بي يو 31"
تعد "JDAM" منظومة قنابل تتوفر بنماذج عدة أبرزها "جي بي يو 31" ذات وزن 904 كيلوغرامات من المتفجرات، وهذا النوع الذي استخدمه الجيش الإسرائيلي لقتل محمد الضيف.
ويشير المتخصص في مجال العلوم العسكرية إلى أن هذا النوع له رأس تدميري وخارق للحصون وله دقة مذهلة، لذا يسمى "أم القنابل الأميركية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويؤكد فنونة أن سلاح الجو أطلق ثلاث قنابل من نوع "أم القنابل الأميركية" على المكان الذي يعتقد أن محمد الضيف يختبئ داخله، وأحدث هذا الصاروخ الموجه حفرة عرضها 15 متراً، وعمقها 11 متراً، وتبين أنه اخترق ثلاثة أمتار من الخرسانة. وفعلياً رصد سكان غزة وجود عدد من الضحايا مدفونين تحت الأنقاض.
ويقول فنونة "هذه الترجمة العملية لما تحدثه ’أم القنابل الأميركية‘. إنها تكاد أن تكون رأساً نووياً متناهي الصغر في الحجم، هذه القنبلة عجيبة ولها قدرات خارقة".
تدرج في استخدام القنابل
في المكان الأبعد قليلاً من المركز المستهدف قصف الجيش الإسرائيلي الموقع بواسطة ثلاث قنابل أقل تأثيراً وضرراً، لكنها من نوع "JDAM" من نموذج "MK84"، وهي صواريخ تلقى من الطائرات المقاتلة، ويبلغ وزنها نحو 894 كيلوغراماً.
وتسمى قنابل "MK84" بـ"صواريخ الموت الأميركية" أو "المطرقة" نظراً إلى لضرر الشديد الذي تلحقه إثر انفجارها، وهي مصممة بصورة رئيسة لتدمير المباني المحصنة ضد التهديدات، وتتمتع بالقدرة على المناورة والرد في الوقت الحقيقي وهي في طريقها إلى الهدف، وتستطيع اختراق المباني المتينة.
يقول المتخصص في الشأن العسكري العسكري سعيد فنونة "حجم المتفجرات التي ألقيت يشير إلى الإصرار على عدم إعطاء فرصة لمحمد الضيف. لقد تدرجت إسرائيل في استخدام القوة من أجل القضاء على أية محاولة نجاة، وهذا يفهم في العلوم العسكرية بأن الجيش يدرك احتمالية وقوع عشرات القتلى، ولذلك تدرج في نوعية القنابل المستخدمة".
بحسب فنونة فإن قنبلة "المطرقة" دمرت كل المباني الموجودة في المكان المستهدف، وتسببت في مقتل جميع النازحين الذين وجدوا قرب الموقع، لافتاً إلى أن مفعول هذه القنبلة شديد جداً، ويسبب "انصهار الجلد البشري".
"البرد الثقيل"
وفي آخر ضربتين جويتين أسقطت إسرائيل قنابل من نوع "البرد الثقيل أو الفولاذي"، وهذا النوع هو إحدى صور منظومة "JDAM"، وهي قنبلة ذكية مخصصة لضرب الأهداف تحت الأرض، واسمها العلمي "GBU-39".
يقول مدير شركة "أسغارد" الإسرائيلية للتكنولوجيا العسكرية روتيم مي تال "قنابل ’البرد الثقيل‘ كانت في صلب الخلافات مع الإدارة الأميركية. لقد منع توريدها لإسرائيل، لكن لاحقاً سمح رئيس الولايات المتحدة بإعادة تسليح تل أبيب بها".
ويضيف مي تال "منعت أميركا تزويدنا قنابل ’جدام‘ من طراز ’GBU-39‘ التي تزن الواحدة منها 2000 رطل، أي نحو 904 كيلوغرامات، لأنها تعتقد أن إسرائيل تستخدم هذه القنابل الضخمة في المناطق المكتظة بالسكان، لكن على رغم هذا المنع ما زال هناك مخزون منها لدى الجيش".
لم تعلق إسرائيل على نوعية القنابل المستخدمة في هجوم المواصي، واكتفى الجيش بنشر صورة عن المكان قبل وبعد الهجوم، وظهر في اللقطة الأولى أن المكان مكتظ بالأشجار وخيام النازحين، وفي اللقطة الأخرى تبين أن المكان تحول إلى أرض بور وكومة ردم هائلة.
ويقول عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" خليل الحية "الضربة الإسرائيلية فاشلة، ولم تقتل محمد الضيف، ولكنها قتلت الأبرياء فحسب بسلاح رهيب تسبب في تغيير جغرافية المكان وأدى إلى سقوط ضحايا أبرياء".