Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنجح القاهرة في استعادة تأثيرها "الغائب" عن أزمة السودان؟

مؤتمر "القوى السياسية والمدنية" عكس مقاربة أكثر تطوراً للرؤية المصرية إلا أنها تصطدم بـ"الحساسيات التاريخية والمخاوف المكتومة"

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله ممثلي القوى السياسية والمدنية السودانية على هامش مؤتمر القاهرة (أ ف ب)

ملخص

أمام محاولات القاهرة الرسمية وجهودها الدبلوماسية والإنسانية لحلحلة الأزمة في السودان، تطرح الأسئلة حول أسباب "تعثر" التحرك المصري في إحداث نتائج على الأرض حتى اللحظة، أمام التبعات غير المسبوقة على المستوى الإنساني والاجتماعي والأمني الذي خلفته الحرب وتجاوز بتأثيره حدود الجغرافيا السودانية، مما يضع السودان وما يمثله من امتداد جيواستراتيجي وعمق حيوي للأمن القومي المصري "على المحك".

أعاد مؤتمر القاهرة لـ"القوى السياسية والمدنية السودانية" الذي عقد الأسبوع الماضي وهدف إلى تقديم رؤي لإنهاء الحرب المستمرة في السودان بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، الدور المصري إلى الواجهة في الأزمة المستعرة منذ أكثر من 15 شهراً ومدى قدرته على لعب "وساطة فاعلة وقوية" لحلحلة الأوضاع، نحو الوصول إلى حل "سياسي شامل" وإمكانية وضع خريطة طريق تمهد لاستعادة الأمن والاستقرار بالجارة الجنوبية.

إلا أن ما شهده المؤتمر من عدم حضور ممثلين لطرفي الصراع واختتام فعالياته قبل الموعد المقرر مسبقاً فضلاً عن رفض قوي مشاركة التوقيع على البيان الختامي، فتح النقاش مجدداً في شأن "حدود الدور المصري" وخيارات القاهرة "المعقدة" في الأزمة، التي تجاوزت بتداعياتها الإنسانية والأمنية الجغرافيا السودانية واستدعى أسئلة في شأن قدرة مصر على استعادة تأثيرها "الغائب" في السودان "الجريح" بعد أعوام من "الارتباك وتراجع للدور"، نتيجة ما بدا أنه "انحياز للمكون العسكري خصوصاً قائد الجيش عبدالفتاح البرهان والجماعات الداعمة له على حساب الأطراف المدنية منذ إطاحة نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير عام 2019"، بحسب ما يقول مراقبون.

وخلال مؤتمر القاهرة الذي حضره غالبية ممثلي القوى السياسية والمدنية السودانية الفاعلة وبمشاركة ممثلين لمنظمات إقليمية ودولية ودبلوماسيين من دول أفريقية وعربية وأوروبية، وتركز في جوهره على أن يكون "أي حل حقيقي للأزمة لا بد أن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم ومن دون إملاءات أو ضغوط خارجية"، دعت مصر إلى إجراء مشاورات حول ثلاثة ملفات لإنهاء النزاع تضمنت "وقف الحرب والإغاثة الإنسانية والرؤية السياسية للحل". وقال سياسيون سودانيون مشاركون في المؤتمر إن المناقشات "استهدفت بناء الثقة بين الأطراف السياسية" في بلد يشهد حرباً طاحنة منذ أبريل (نيسان) 2023 راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت "نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً إلى دول الجوار"، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

"استفاقة وقتية" أم "تحرك هادئ" للتأثير

وعلى مدار عمر الحرب الأهلية في السودان بين قوات الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اختارت القاهرة على المستوى الرسمي "الحياد" والدعوة المستمرة لوقف الحرب، إلا أن الاتهامات بـ"انحيازها لطرف على حساب آخر" لاحقت جهودها الدبلوماسية والسياسية للعب دور للتهدئة في الحرب.

وبحسب شرح أحد المصادر الدبلوماسية المصرية لـ"اندبندنت عربية" لتدرج موقف بلاده في الأزمة، فإن "كلمة السر في تعقد المشهد برمته كانت في التدخل المتزايد للأطراف الخارجية في الأزمة من دون دراية كافية بطبيعة الشعب السوداني ومراكز الثقل السياسي والاجتماعي في الداخل السوداني"، موضحاً "منذ بداية الأزمة وحتى قبل اندلاعها في أبريل من عام 2023 حاولت القاهرة في أكثر من مناسبة تشجيع الأطراف السودانية على الوصول على الوصول إلى حلول توافقية والدفع باتجاه أن يكون الحل سودانياً - سودانياً، لكن الانسداد السياسي والتدخلات الخارجية غير المدركة لأبعاد الحال السودانية انفجرت فجأة باتجاه حرب أهلية".

ويتابع المصدر ذاته "السودان عند منعطف خطر، وما وصل إليه يضع مستقبل الدولة ووحدة وسلامة أراضيها وبناءها الاجتماعي والسياسي على المحك، ويمثل تهديداً لأمن ومصالح القاهرة الحيوية المباشرة"، مضيفاً "تتبنى مصر موقفها تجاه السودان ارتكازاً على مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مع تأكيد ضرورة سرعة إنهاء الأعمال القتالية ووقف جميع صور التصعيد والمضي في المسارات التفاوضية بين الأطراف المحلية للتوصل إلى حل وتوافق يضمن أمن واستقرار البلاد ووحدة أراضيها"، موضحاً أن لبلاده "اتصالات واسعة ومكثفة مع كل من له تأثير في الملف سواء محلياً أو خارجياً، وتحرص دوماً في سياساتها على ألا تنجرف الجارة الجنوبية إلى دوامة الفوضى والاضطراب الأمني والتفتت، مما يرشحها دوماً للعب دور الوسيط المقبول من كل الأطراف".

 

ورداً على ما يصفه البعض بأن دور القاهرة في الأزمة السودانية على مدار الأشهر الـ15 الماضية كان "خافتاً ومتراجعاً"، أوضح المصدر ذاته أن القاهرة ومنذ اليوم الأول للأزمة "حرصت على تأكيد حيادية موقفها في إطار الشرعية السودانية من دون الانحياز لأي من الأطراف، وكثفت الاتصالات والتنسيق عبر الآليات الثنائية ومتعددة الأطراف بحثاً عن توافق لدفع طرفي الأزمة إلى تغليب لغة الحوار ومصالح الوطن، على رغم هشاشة الأوضاع في الجارة الجنوبية"، مضيفاً "تدرك القاهرة أن تصاعد العنف لن يؤدي سوى إلى مزيد من تدهور الوضع بما قد يخرج به عن السيطرة، وأن ترسيخ الأمن والاستقرار هو الركيزة الضامنة لاستكمال المسار الانتقالي السياسي وتحقيق البناء والتنمية في السودان". وأكد أن "فرصة الحوار وتجنيب البلاد الانهيار والفوضى لا تزال قائمة، إلا أن إصرار بعض الأطراف الداخلية والخارجية على عرقلة المسار يبقى التحدي الأكبر"، مشيراً إلى أن مؤتمر القاهرة الأخير ونجاحه في إشراك أوسع طيف من القوى السياسية والمدنية السودانية يعكس "قدرة القاهرة وفاعلية دورها في إشراك طوائف الشعب السوداني كافة تحت راية واحدة".

وخلال مؤتمر القاهرة أكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج بدر عبدالعاطي أن "أي حل سياسي حقيقي للأزمة في السودان لا بد أن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم، من دون إملاءات أو ضغوط خارجية"، موضحاً أن "أي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل الأطراف الوطنية الفاعلة كافة بالسودان، وفي إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية"، مشيراً إلى أن "الوضع الكارثي في السودان يتطلب الوقف الفوري والمستدام للحرب وتسهيل عمليات الاستجابة الإنسانية الجادة والسريعة من أطراف المجتمع الدولي كافة، لتخفيف معاناة السودانيين والتوصل إلى حل سياسي شامل".

وشدد عبدالعاطي على "أهمية وحدة القوات المسلحة السودانية لدورها في حماية السودان والحفاظ على سلامة مواطنيه". وأشار في الوقت نفسه إلى معاناة السودانيين الذين فروا من الحرب إلى دول الجوار، داعياً "المجتمع الدولي للوفاء بتعهداته التي أعلن عنها في مؤتمري جينيف وباريس لإغاثة السودان، لسد الفجوة التمويلية القائمة والتي تناهز 75 في المئة من إجمال الحاجات".

وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن بلاده لن تألو جهداً ولن تدخر أية محاولة في سبيل رأب الصدع بين مختلف الأطراف السودانية، ووقف الحرب وضمان عودة الأمن والاستقرار والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني. وأكد السيسي خلال استقباله وفداً سودانياً من المشاركين في مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية "ضرورة تكاتف المساعي للتوصل إلى حل سياسي شامل يحقق تطلعات شعب السودان، وينهي الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي يعيشها السودان بما تحمله من تداعيات كارثية على مختلف الصعد السياسية والاجتماعية والإنسانية".

لماذا "يتعثر" التحرك المصري؟

لكن وأمام محاولات القاهرة الرسمية وجهودها الدبلوماسية والإنسانية لحلحلة الأزمة في السودان، تطرح الأسئلة حول أسباب "تعثر" التحرك المصري في إحداث نتائج على الأرض حتى اللحظة، أمام التبعات غير المسبوقة على المستوى الإنساني والاجتماعي والأمني الذي خلفته الحرب وتجاوز بتأثيره حدود الجغرافيا السودانية، وذلك في ضوء الروابط التاريخية والثقافية والاجتماعية ووحدة المصير بين شعبي البلدين، مما يضع السودان وما يمثله من امتداد جيواستراتيجي وعمق حيوي للأمن القومي المصري "على المحك".

 

"تبقى العلاقات بين القاهرة والأطراف المحلية السودانية الفاعلة في المشهد محكومة بتعقيدات سياسية وإرث مشحون بالحساسيات والمخاوف المكتومة"، يقول مصدر سياسي سوداني في حديثه معنا موضحاً "في كثير من المحطات لمست أطراف سودانية مختلفة انحيازاً من القاهرة إلى المكون العسكري في الأزمة والجماعات الداعمة له، مما زاد من المخاوف والقلق في شأن التحركات المصرية في الأزمة السودانية".

ووفق المصدر ذاته "في وقت تدرك فيه غالبية القوي السياسية السودانية أهمية ومصيرية الدور المصري انطلاقاً من وحدة المصير وعمق العلاقات والروابط التاريخية والشعبية بين البلدين، فإن دعم مصر لأطراف على حساب أخرى عمق من الصورة السلبية عن أي دور مستقبلي للقاهرة في الأزمة". وعلى رغم ذلك عاد المصدر وقال إن "مؤتمر القاهرة الأخير للقوى المدنية والسياسية وجمعه لغالبية الأطياف السياسية وحتى جماعات وحركات لم تكن مشاركة ضمن أية مبادرة أو مسار سياسي سابق من عمر الأزمة، يعكس تفاؤلاً بعودة الدور المصري إلى طبيعته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهذه الرؤية توافق معها إلى حد بعيد الكاتب والمحلل ورئيس صحيفة التيار السودانية عثمان ميرغني في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، قائلاً إن "الدور المصري في الوساطة حول الأزمة السودانية يحتاج تطويراً"، موضحاً أن القاهرة بدأت تجتهد في "تجنب الحساسيات التقليدية التي كثيراً ما كانت تؤثر في قدرتها على التأثير".

وذكر ميرغني أن "من الحكمة أن تخرج مصر من الإطار التقليدي الذي ظل يحكم محددات العلاقة الثنائية بين البلدين طوال عقود منذ الاستقلال"، إذ إن "الأوضاع والمرحلة الراهنة من عمر الأزمة السودانية تتطلب مزيداً من الارتباط والانخراط كأمر حيوي" على حد وصفه.ووفق تقييم ميرغني فإن الفترات السابقة "شهدت تراجعاً مخيفاً لمصر في الواقع السوداني لكن أخيراً تغيرت الحال بصورة كبيرة، وعلى رغم ذلك لا تزال مصر في حاجة لتطوير منهج علاقتها مع السودان بصورة كلية". ويشير ميرغني إلى أن طول أشهر الحرب في السودان "خلق حالاً استثنائية تمثلت في لجوء مئات آلاف السودانيين إلى القاهرة من بينهم عشرات القيادات السياسية من مختلف ألوان الطيف السياسي السوداني، مما أسس لتواصل بين القاهرة والكتل السياسية وساعد في التقارب والتفاهم في السياسة المصرية تجاه السودان". ويرى أن "قدرة التأثير لمصر على السودان في أفضل درجاتها وعليها أن تستغل تلك اللحظة".

ومن جانبه، يشرح عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني كمال كرار في حديثه معنا مراحل تراجع الدور المصري في السودان خلال الأعوام الأخيرة، قائلاً "أعتقد أن ما يجري على صعيد ضعف التأثير المصري في ما يتعلق بحل أزمة السودان راجع إلى بعض المواقف السابقة، مثل الموقف من الثورة السودانية ’أبريل 2019‘ والحكومة الانتقالية وما بعدها"، موضحاً "مصر الرسمية بالنسبة إلى الشعب السوداني لم تنحاز إلى ثورته قياساً لموقفها المتماهي مع النظام السابق ودور الجامعة العربية كذلك، كذلك فان الحكومة الانتقالية وموقفها من سد النهضة ربما كان سبباً في ألا تتخذ مصر موقفاً انتقادياً من انقلاب البرهان على الحكومة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، بل سعت إلى أن يخرج من عزلته الأفريقية، تلك الأسباب مضافة إلى النزاع حول حلايب... شكلت حاجزاً نفسياً للشعب السوداني ينظر فيه بعين الشك والريبة للمساعي المتأخرة التي تبنتها مصر لحل المشكلة السياسية ووقف الحرب".

هل تنجح القاهرة في استعادة "الفاعلية"؟

وأمام صورة بدت فيها القاهرة قادرة على إشراك غالبية الأطراف والحركات السياسية والمدنية السودانية ضمن مظلة للحوار تبحث حلاً "سودانياً - سودانياً" للأزمة السودانية، تباينت آراء المراقبين ممن تحدثوا لـ"اندبندنت عربية" عن قدرة الدور المصري على استعادة "فاعليته" في الأزمة السودانية، بعد عدم وصول المسارات السياسية التي استضافتها عواصم إقليمية ودولية إلى حل بعد يضع نهاية للحرب الأهلية في السودان.

ومن جانبه، يجادل نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية السفير صلاح حليمة بأن "الدور المصري ما زال حاضراً وبقوة في المشهد السوداني"، قائلاً إن "مؤتمر القاهرة الأخير هو الوحيد من بين المسارات الإقليمية والدولية الأخرى الذي تمكن من تقديم رؤية شاملة وكاملة في تناول الأزمة السودانية".

وأوضح حليمة "هذا المؤتمر مبادرة غير مسبوقة في عمر الأزمة خصوصاً على صعيد شموله من حيث الأطراف المشاركة في الداخل السوداني والخارج، أو من حيث الموضوعات المتناولة والتي تمثل كل جوانب الأزمة الإنسانية والأمنية والسياسية، فضلاً عن تأكيده أن القضية والحل سودانيان بالأساس ويجب أن تحل الأزمة على المستوى السوداني من دون إملاءات أو تدخلات خارجية".

 

 

وبحسب حليمة فإن الحديث عن "تراجع الدور المصري أو غياب تأثيره" هو أمر "غير صحيح ومغرض"، مشيراً إلى أن الموقف المصري يتصاعد من أجل إيجاد حل للأزمة الطاحنة والمستعرة في جارتها الجنوبية. وأوضح "يمكن القول إن الحديث في الوقت الحاضر في ما يتعلق بالدور المصري لم يعد حول انحياز مصر لحساب طرف على حساب طرف آخر، والذي كان رائجاً بداية الأزمة لكنه لم يعد موجوداً الآن". وأضاف "واقع الأمر أن الموقف المصري منذ بداية الأزمة كان الوقوف إلى جانب الشعب السوداني ودعم خياراته انطلاقاً من الروابط التاريخية بين البلدين والمصالح المشتركة".

وفي المقابل، يقول مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشوبكي "عند الحديث عن الدور المصري في السودان ينبغي الالتفات إلى ملاحظتين، الأولى هي السياق الذي تمت فيه كل المحاولات لإيجاد حل للأزمة في السودان وهو سياق متعثر ولم يفض إلى نتائج على الأرض إلى الآن أو حل للأزمة، من جدة لجينيف إلى باريس وحتى مسار الاتحاد الأفريقي. وكلها على مدار الفترة الماضية لم تصل إلى شيء مما يعني أن السياق العام هو سياق أزمة وتعثر وعدم قدرة على الوصول إلى حل بما في ذلك مؤتمر القاهرة".

ويتابع الشوبكي في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "الملاحظة الثانية في ما يتعلق بتحرك القاهرة ذاته نحو استضافة القوي السياسية والمدنية السودانية في مؤتمر جامع، فهناك جانب إيجابي فيه وهو أنه تمكن من ضم كل الأطراف سواء الكتلة الديمقراطية المقربة من الجيش أو كتلة تقدم التي يعدها البعض مقربة من "الدعم السريع"، مما يعني أنها خطوة قد تكون لها ما بعدها"، إلا أنه عاد وقال إن ما يؤثر في فاعلية الدور المصري أنه تحكمه "حساسيات كثيرة"، فضلاً عن "التحدي أمامه في ضوء ما حصل في الفترات السابقة وهو أمر جعل كثيراً من الأطراف السودانية لا تنظر إلى مصر على أنها طرف محايد، وهناك مخاوف واضحة منه".

ومع إشارة الشوبكي إلى "رواسب تاريخية تحكم النظرة المتبادلة بين البلدين تظهر على السطح في وقت الأزمات"، ذكر أن "القاهرة أمام فرصة مهمة لاستعادة تأثيرها وذلك عبر تأكيد التعاطي مع السودان كوحدة واحدة بعيداً من الحسابات، وذلك عبر مراجعة التعاطي مع الجارة الجنوبية بصورة قائمة على الندية في العلاقات والمصالح المتبادلة والمشتركة، والانفتاح على التيارات والأطراف السياسية كافة والتفاعل مع المبادرات العربية والدولية وعدم النظر إليها على اعتبار أنها جزء من التاريخ المصري".

الأمر ذاته يتفق فيه عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني كمال كرار قائلاً لـ"اندبندنت عربية" إن "الوقت لم يفت بالنسبة إلى دور مصري مؤثر وفاعل في الأزمة السودانية"، موضحاً "الدور المصري حتى الآن يعد ضعيفاً لا يرقي إلى حجم العلاقات الازلية بين البلدين، ومطلوب من مصر أن تخرج من دائرة الموقف الملتبس أو الذي يؤيد ضمناً أحد الأطراف لتأخذ موقف الأخ الأكبر الذي تهمه المصلحة العامة للسودان، وبخاصة أن الحرب تهدد أمن مصر من حدودها الجنوبية وكل حدودها تشهد حروباً ونزاعات". ويتابع "في هذا الصدد أعتقد أن أولويات السياسة المصرية لوقف الحرب يمكنها أن تحدث اختراقاً إذا استطاعت أن تجمع طرفي الحرب البرهان وحميدتي، وأن تستمع مصر بعد ذاك لوجهات نظر القوى السودانية السياسية والمجتمعية من خلال مبعوث دبلوماسي محدد... ومن ثم النظر في إمكانية عقد مؤتمر أو مائدة مستديرة، وأن تنظر مصر للملف السوداني باعتباره شأناً سياسياً وليس من وجهة نظر أمنية".

المزيد من تحلیل