Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تؤثر أزمات الفنانين الشخصية فيهم أمام الكاميرا؟

تباين في آراء النقاد حول قدرات البعض على تجاوز مشكلاتهم بما لا يؤثر في أعمالهم الغنائية والسينمائية

اضطرت فاتن حمامة إلى مغادرة مصر بعد تعرضها لأزمة لضغوط حينها (أ ف ب)

على رغم أن بعض الفنانين ينجحون في الفصل بين حياتهم الشخصية والفنية فإن عدداً منهم يفشل في إبعاد تداعيات مشكلاتهم الخاصة من عملهم، بل وتسيطر عليهم تماماً وتفقدهم القدرة الذهنية على التركيز في أي شيء آخر مما يؤدي إلى تراجعهم إبداعياً، ويقررون الابتعاد من الساحة وتتراجع مسيرتهم الفنية، ويجدون أنفسهم مجبرين على إرجاء ارتباطاتهم لعدم شعورهم بالاستقرار النفسي.

تعرض بعض الفنانين أيضاً للانتقادات وهيمنة أخبارهم الشخصية على تلك الفنية يزعزع ثقتهم في أنفسهم ويقلل من شغفهم بالعمل ويشعرهم بالإرهاق بسبب ضغوط الحياة الشخصية والمهنية. ويتفاوت حجم الأزمات التي يمر بها الفنان فقد تتفاقم أحياناً بصورة سلبية كبيرة جداً تجعله يفقد السيطرة على نفسه ويدخل في حالة من الاكتئاب، كما حصل مع الفنانة العالمية لارا فابيان التي ابتعدت لسنوات عدة من الغناء بعد تخلي حبيبها عنها، وقد تشتد حالة الفنان النفسية وتصبح أكثر سوءاً وتصل به إلى حد وضع حد لحياته.

وربما تكون داليدا نموذجاً بعدما أنهت حياتها انتحاراً تاركة ورقة كتبت عليها "الحياة لا تحتمل... سامحوني"، بعدما عاشت تجارب مريرة مع أربعة رجال لعبوا أدواراً مهمة في حياتها المهنية، لكن نهايتهم المأسوية أثرت بصورة كبيرة في حالتها النفسية والعاطفية، بينما تمر الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب بأزمة صحية ونفسية بسبب تداعيات مشكلاتها مع حسام حبيب التي ظهرت إلى العلن منذ خمس سنوات وتحولت إلى سيناريو طويل مزدحم بالتفاصيل والخلافات والأحداث، حتى إن مشكلتها الأخيرة معه وصلت إلى أقسام الشرطة وأجبرتها على إلغاء ارتباطها الفنية بسبب تدهور وضعها الصحي والنفسي.

 

 

إذاً كيف ينظر النقاد إلى تداخل حياة الفنان الشخصية مع حياته المهنية؟ وهل يمكن لمشكلاته الخاصة أن تنعكس سلباً على عمله ومستقبله الفني؟

بين شيرين وفاتن

الناقدة حنان شومان قالت في حديثها إلى "اندبندنت عربية" إنه لا يمكن التفريق بين الفنان والشخص العادي لأن الحياة المهنية يمكن أن تتأثر بالظروف التي يمر الإنسان مهما كان المجال الذي يعمل فيه، لكن هناك أشخاصاً يملكون القدرة على الفصل بينهما. وأضافت "هناك اختلاف بين البشر وشخصياتهم، وإذا كان البعض لا يستطيعون أن يفصلوا بين حياتهم الخاصة والمهنية فإن آخرين يملكون القدرة على وضع مشكلاتهم الشخصية وأحزانهم وهمومهم جانباً من دون أن تتأثر مهنتهم. فمثلاً ياسمين عبدالعزيز تعرضت للخيانة وطلقت، ثم تزوجت وطلقت مجدداً، لكن هذا الأمر لم يؤثر في عطائها الفني، مما يعني أن الأمر يرتبط بالطريقة التي يواجه فيها الشخص حياته ويسيرها".

وتابعت "المستوى التعليمي والثقافي والخبرة الحياتية أيضاً يمكن أن يحدث فارقاً، لكن هذا لا يعني أن المثقف شديد التأثر، أو العكس، ولا يوجد خط فاصل في طباع البشر أو خرائط جينية تؤكد أن المتعلم لن يخلط بين حياته الشخصية والمهنية، فضلاً عن أن وسائل التواصل الاجتماعي قربت الحياة الشخصية للفنان من المجتمع وجعلته محاطاً بكم كبير من الدوشة (الجلبة)، ولو كان عمر الشريف المسيحي وفاتن حمامة المسلمة يعيشان في هذا الزمن وأغرما ببعضهما بعضاً لما كانت استمرت قصة حبهما بسلاسة وتكللت بالزواج لأنه في وقتهما كان يعرف بها عدد محدد من الأشخاص، ولو أنها حصلت في زمن السوشيال ميديا لكانت نهايتها مأسوية".

 

 

والاختلاف بين شخصيات الفنانين في التعامل مع أزماتهم يمكن أن يدفع بعضاً منهم إلى اليأس وإنهاء حياتهم بطريقة مأسوية كما فعلت داليدا عام 1987 بعد رحلة من النجاح والشهرة والنجومية. وهنا تعلق شومان "حتى روبن ويليامز الذي أضحكنا كانت نهايته الانتحار مع أنه كان أكثر شهرة منها. الشهرة لا توازي السعادة أو الرضا، ولا تعني الاستقرار، بل إنها تقيد الفنان، بخاصة في هذا الزمن وتجعله يدفع ثمناً باهظاً جداً".

وترى شومان أنه لا بد أن تتوفر في الفنان إلى جانب الموهبة مقومات كثيرة لكي يكون بمستوى المكانة التي يصل إليها. وعند المقارنة بين تجربتي شيرين عبدالوهاب وفاتن حمامة قالت "شيرين الموجودة على الساحة منذ 24 عاماً لم تكن مؤهلة بالفطرة للتعامل مع ما وصلت إليه من أضواء وشهرة لأنها لم تتلق أي نوع من أنواع التعليم، كما أنها لم تجد من يساندها لكي تتأهل لاحقاً، ولذلك فلت منها زمام الأمور ومحيطها كان مؤذياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت "في المقابل كان يوجد في منزل فاتن حمامة مكتبة تضم كتباً قيمة وعندما سألتها (هل قرأتها؟) أجابت أنها لم تكن تهتم بالقراءة، ولكنها كانت تحضر كل ثلاثاء الصالون الأدبي في منزل يوسف إدريس أو يوسف السباعي وبحضور أساطير الأدب والفن والصحافة والفكر وكانت تشعر وكأنها قرأت 10 كتب بعد أن كانت تكتفي بقراءة السيناريوهات، لكن تلك الأمسيات جذبتها إلى القراءة والمحيط الذي وجدت فيه دعمها وصحح مسارها حتى لو كانت بلا تعليم وخبرة، أما محيط شيرين فشارك في جرم انزلاقها في حين أن الموهبة تحتاج إلى ذكاء وثقافة ومحيط يدفعها إلى الأمام".

حالات استثنائية

تكوين الإنسان يجعله يتأثر بمشكلاته التي تنعكس على مهنته، وعلى كل مناحي الحياة، بحسب الناقد الصحافي خلدون عليا الذي يقول "لا يمكن الفصل بين حياة الفنان الخاصة والمهنية، بل إن الحالة النفسية والعاطفية تؤثر في أدائه المهني، وهكذا يقول علم النفس، وفي ظل سيطرة السوشيال ميديا تغيرت المعطيات ولم يعد بالإمكان إخفاء أي شيء، بينما في السابق كانت تنتشر أخبار الفنان الخاصة من خلال تسريبات".

 

 

وأوضح أن "الفن إحساس، والفنان يقدم إحساسه غناءً وأداءً وتمثيلاً، ولكن مشكلاته لا يمكن أن تدفعه إلى الاعتزال إلا في حالات استثنائية، وأتوقع عودة شيرين عبدالوهاب ووقوفها على المسرح خلال الفترة المقبلة". واعتبر الفنانة أكثر عرضة للتأثر بمشكلاتها من الفنان الرجل بحكم طبيعتها العاطفية والإنسانية، خصوصاً في المجتمعات الشرقية، مضيفاً "لكن في لحظة ما ربما يتساوى معها الرجل إذا كان جرحه عميقاً، وفي عصر السوشيال ميديا يشكل الجمهور عنصراً أساساً في دعم الفنان وبصورة كبيرة وحقيقية، وهذا الدعم يجعله يشعر بالرضا لأنه لا يساوي شيئاً من دون الجمهور مهما كان عظيماً".

بين الرائج والنادر

وعلى عكس عليا ترى الناقدة سهى الوعل أن الفنانين يفصلون غالباً بين حياتهم الخاصة وبين عملهم الفني، مشيرة إلى أن "الحالات التي لم يستطع فيها النجوم أن يفصلوا بينها نادرة وانتهت بغياب الفنان أو تغييبه". وتابعت "الرائج هو أن معظم الفنانين اعترضتهم مشكلات، لكننا لم نعلم بها وكانوا يكملون حياتهم الفنية بصورة طبيعية من بينهم وائل كفوري وكاظم الساهر ووائل جسار وماجدة الرومي ومنى زكي وأحمد حلمي وياسمين عبدالعزيز مع زوجها الأول محمد حلاوة وسمعنا بها في معظم الأحيان من الطرف الآخر وليس من الفنان نفسه، أما النادر فهو أن تؤثر مشكلات الفنان في حياته المهنية وتصبح الحالة واضحة للناس، كما حصل مع شيرين عبدالوهاب".

ومضت في حديثها "عادة من يعانون مشكلات نفسية هم الذين يعجزون عن الفصل بين حياتهم الخاصة والمهنية، ومن بينهم شيرين التي تعاني تراكمات نفسية انعكست على علاقتها بحسام حبيب، وفي الخليج هناك شجون الهاجري التي غابت ثلاث سنوات، لكنها طلبت المساعدة وخضعت لعلاج نفسي، ثم اعترفت بأنها اكتشفت أن بعض الأشياء التي كانت تفكر فيها وتقولها خاطئة، ثم عادت إلى الساحة الفنية بقوة، وفازت أخيراً بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان الخليج عن دورها في مسلسل ’غسيل‘".

داني بسترس وداليدا

يؤكد الناقد روبير فرنجية أن كل الفنانين يمكن أن يمروا بظروف صعبة تجبرهم على الابتعاد لفترة معينة، ثم يعودون بقوة، قائلاً "عندما انفصلت نوال الزغبي عن زوجها وحرمها من أولادها غابت لمدة أربع سنوات، ومثلها نجوى كرم عندما تزوجت بمتعهد الحفلات يوسف حرب، وأيضاً فاتن حمامة التي هربت إلى الولايات المتحدة وغابت عن الساحة الفنية لمدة سبع سنوات بسبب مشكلة مع أحد الشخصيات السياسية".

 

 

وينفي فرنجية النظرية التي تقول إن الفنان الذي يتأثر بمشكلاته الخاصة يكون حساساً أكثر من غيره، مضيفاً "هناك فنانون يعيشون استقراراً نفسياً وآخرون يعانون مشكلات نفسية لها علاقة بالبيئة والتربية والمحيط، وأعرف فنانين حساسين جداً، لكنهم أقوياء بصمتهم عندما يتعرضون للأزمات من بينهم تامر حسني". وأشار إلى أن داليدا ليست الوحيدة التي أنهت حياتها انتحاراً، بل هناك أيضاً الراقصة داني بسترس التي دخلت في حالة اكتئاب شديدة جداً وقررت إنهاء حياتها بعد وفاة وحيدها غرقاً في بركة السباحة، فكل فنان يتعامل مع مشكلاته بطريقة مختلفة عن الآخر، ويمكن أن تؤدي إلى تراجعه، كما حصل مع نادين الراسي التي كانت ضمن نادي نجمات الدراما الخمس، لكن طلاقها وخلافاتها مع جيسكار أبي نادر شغلاها عن العمل، بينما مشكلات نادين نجيم مع طليقها هادي الأسمر ظلت بعيدة من الإعلام، ولم تؤثر فيها فنياً.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون